يتجه فريق فيراري إلى جائزة كندا الكبرى، سابع جولات موسم 2019 من بطولة العالم للفورمولا 1، بتفاؤلٍ حذر بإمكانية تحقيق نتيجة جيدة لحفظ ماء الوجه أمام مشجعيه. لكن في الواقع، فإن مهمة الحصان الجامح لن تكون سهلةً إطلاقاً…
منذ بداية الموسم الحالي، يعاني فريق فيراري من عدم القدرة على استغلال أقصى قدرات سيارته، وعدم القدرة على منافسة مرسيدس، أو حتى ريد بُل، في صدارة الترتيب.
هناك العديد من المشاكل التي أدت إلى حصول ذلك مع فيراري، والتي تم التطرق إليها في السابق في العديد من المناسبات، ولعلّ أبرزها تصميم الجناح الأمامي المبتكر الذي يحتاج لمعايير ضبط دقيقة جداً وظروفٍ معينة ليعمل كما هو متوقع وليضمن توجيه تدفق التيارات الهوائية بشكلٍ مثالي نحو بقية أقسام السيارة.
لكن في الوقت ذاته، فإن هناك نقطة قوةٍ لا يستهان بها، ويتفق عليها الجميع، في سيارة ‘أس أف 90’، ألا وهي السرعة المذهلة التي تتمتع بها السيارة عبر الخطوط المستقيمة، مع تسجيل سرعات قصوى عالية نظراً للأفضلية المريحة لوحدة طاقة فيراري.
رغم وجود العديد من نقاط الضعف في سيارة ‘أس أف 90’، والمعاناة الواضحة في المنعطفات البطيئة ومتوسطة السرعة، إلا أن تواقيت فيراري في المقاطع التي تميزت بخطوطٍ مستقيمة في الجولات الماضية كانت أفضل، على الدوام، من تواقيت مرسيدس وريد بُل.
وبالتالي، مع التوجه إلى جائزة كندا الكبرى، من المفترض أن يشعر فريق فيراري بتفاؤلٍ كبير بأن حلبة جيل فيلنوف لن تقدم تحديات كبيرة. إذ أن الحلبة لا تتميز بوجود العديد من المنعطفات، وإنما هي عبارة عن مزيج من الخطوط المستقيمة الطويلة وسلسلة من المنعطفات المزدوجة القاسية التي تتطلب استقرار السيارة عند الكبح.
ولكن رغم خصائص حلبة جيل فيلنوف، إلا أن فريق فيراري قد لا يتمكن من استغلال أفضلية محركاته بأفضل طريقة ممكنة للتفوق على مرسيدس.
كافة الخطوط المستقيمة في حلبة جيل فيلنوف تأتي بعد منعطفاتٍ بطيئة ومتوسطة السرعة، وهي منعطفات قصيرة قد لا تتسبب بخسارة فيراري لوقتٍ ثمين في حلبةٍ تعتبر من الحلبات القصيرة في روزنامة البطولة.
إلا أن هذه المنعطفات تتطلب تمتع السيارة بتماسك جيد أثناء التسارع والخروج منها، وبالتالي يجب تواجد الإطارات في مجالٍ مثالي من درجات الحرارة.
هنا تأتي المشكلة بالنسبة لـ فيراري: الإطارات. تواجد السيارة على الخطوط المستقيمة لفترةٍ طويلة سيؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الإطارات، نظراً لأن الخطوط المستقيمة لا تجهد الإطارات إطلاقاً، وبالتالي هذا الأمر سيفاقم من مشكلةٍ يعاني منها الفريق الإيطالي منذ بداية الموسم، ألا وهي عدم القدرة على رفع درجة حرارة الإطارات.
هذا الأمر سيؤدي إلى مواجهة سيباستيان فيتيل وشارل لوكلير لمشكلةٍ، أو لإزعاجٍ إن صح التعبير، مع الاستعداد للكبح. إذ أن السيارة ستصل إلى نقطة الكبح القاسية للمنعطف مع إطارات بدرجة حرارة منخفضة، وبالتالي لن يكون هناك استقرار في السيارة عند الكبح، ما سيؤدي إلى عدم القدرة على التمتع بتماسك جيد أثناء التسارع.
قد يكون هذا الأمر مكلفاً ببضعة كيلومترات في الساعة مع نهاية الخطوط المستقيمة، وقد يكون الفارق بسيطاً جداً، ولكن في نهاية المطاف هذه الفروقات البسيطة قد تلعب الدور الحاسم في تغيير موازين القوى لمصلحة فريق مرسيدس مرةً أخرى.
إذ أن سيارة ‘دبليو 10’ أثبتت على مدار الجولات الستة الأولى من الموسم على قدرتها بالتعامل مع إطارات بيريللي بأفضل طريقة ممكنة، وضمان تواجد هذه الإطارات في مجالٍ مثالي من درجات الحرارة باستمرار وبثبات. وبالتالي، فإن هذه السيارة يمكنها إجهاد الإطارات بشكلٍ صحيح عبر المنعطفات القليلة في حلبة جيل فيلنوف، لضمان تمتعها بدرجة حرارة جيدة مع التسارع من المنعطفات، لتحمل الإطارات درجة الحرارة هذه مع تواجد السيارة على الخطوط المستقيمة.
حسناً، حتى مع سيارة مرسيدس، فإن درجة حرارة الإطارات ستنخفض على الخطوط المستقيمة الطويلة. إلا أن التسارع من المنعطفات مع تواجد الإطارات في مجالٍ أفضل من فيراري سيعني تمتع السائقين بثقة أكبر وصولاً إلى المنعطفات التالية، والقدرة على الكبح واتباع المسارات المثالية.
لهذا السبب، ورغم الأفضلية المريحة لمحركات فيراري في الموسم الحالي، إلا أن هذه الأفضلية قد لا تؤتي بثمارها لمصلحة الفريق الإيطالي الذي يستمر بمطاردة فوزٍ أول طال انتظاره في موسم 2019 ليبدأ حملةً، أصبحت متأخرةً للغاية، لإنهاء سيطرة مرسيدس في الفورمولا 1.
لربما لن يتمكن فريق فيراري من استغلال أفضلية مرحاته في حبة جيل فيلنوف إذاً، ولكن هناك إمكانية لاتباع أساليب أخرى لمحاولة ضمان تواجد الإطارات في مجالٍ مثالي من درجات الحرارة.
ساعاتٌ قليلة تفصلنا عن انطلاق مجريات التجارب الأولى لجائزة كندا الكبرى. وفي حال استمرت معاناة فيراري مع عدم القدرة على ‘اكتشاف أسرار إطارات بيريللي’، لربما سيكون على فيتيل ولوكلير اتباع أساليب مبتكرة أثناء القيادة.
لن يكون من المفاجئ رؤية فيتيل ولوكلير يقومان بالضغط على دواسة الوقود في وقتٍ مبكر أثناء اجتياز المنعطفات، والمخاطرة بانزلاق القسم الخلفي من السيارة، إذ أن هذا الأمر سيؤدي إلى التفاف العجلات الخلفية أكثر من اللازم، وبالتالي رفع درجة حرارتها أثناء التسارع من المنعطفات، بالترافق مع سعي فيتيل ولوكلير إلى تصحيح انزلاق القسم الخلفي من خلال المقود وبالتالي إجهاد الإطارات الأمامية ورفعة درجة حرارتها أيضاً.
قد يكون ذلك صعباً نظراً لعدة جوانب، منها المخاطرة بارتكاب أخطاء في حلبةٍ لا تترك مجالاً للخطأ في ظل الحواجز المعدنية القريبة من جهة، إضافةً إلى أن الخروج من المنعطفات لن يكون مثالياً إطلاقاً، ولكن ربما سيحاول فريق فيراري اتباع هذه الطريقة على أمل وصول سيارة ‘أس أف 90’ لسرعاتٍ أعلى مع نهاية الخطوط المستقيمة، وبالتالي التمتع بأفضليةٍ بسيطة، ولكن حاسمة، على مرسيدس.
بكافة الأحوال، ورغم الأفضلية التي يتمتع بها فريق مرسيدس ولويس هاميلتون في ترتيب النقاط، إلا أن مثل هذه التفاصيل البسيطة هي التي تدفعنا إلى ترقّب المزيد من المنافسات الرائعة، وترقّب ما سيقوم به فريق فيراري لإثبات جدارته مجدداً.
هل سينجح فريق فيراري في مهمته؟ لا بد لهم من النجاح، وإلا فإن الموسم سيكون طويلاً جداً وعليهم انتظار ‘أعجوبة’ لاكتشاف أسرار إطارات بيريللي.