كانت هناك العديد من التفاصيل بين سيارة مرسيدس الجديدة، وبين سابقتها التي هيمنت على بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد العام الماضي. إلا أن كريغ سكاربُروه يعتقد أن هذا الأمر سيصب في مصلحة أبطال العالم.
حتّى مع نهاية موسم 2014، كانت سيارة مرسيدس ‘دبليو 05’ تملك أفضلية كبيرة مقارنةً بمنافسي الفريق في السباقات، وبالتالي لم يكن من المفاجئ أن سيارة فريق مرسيدس الجديدة ‘دبليو 06’ كانت نسخة تطويرية مشابهة لسابقتها.
باستثناء المقدمة الجديدة للسيارة وفقاً للقوانين التقنية الجديدة، من الصعب التمييز بين السيارة الجديدة وسابقتها على الفور. ولكن هناك العديد من التعديلات التي أجريت من ناحية الهيكل ووحدة الطاقة.
ففي العام الماضي، تميّزت سيارة ‘دبليو 05’ بالعديد من التفاصيل الفريدة من نوعها في الهيكل ومن الناحية الانسيابية، من مقدمة السيارة بشكل حرف ‘U’ إلى جانب الأذرع المنخفضة المُدمجة بشكلٍ ذكي في نظام التعليق الأمامي، إضافةً لجوانب السيارة الضيقة وما يُعرف بـ‘مقعد القرد’ الكبير للغاية، وهو عبارة عن الجناح الخلفي الصغير الذي يتوضع أسفل الجناح الأساسي. كما كانت وحدة الطاقة الهجينة فريدة من نوعها تلك الأخرى، مع اعتماد نظام الشاحن التوربيني المزدوج، أنظمة العوادم المعقدة، والتصميم المبتكر لعلبة التروس.
وبحلول منتصف الموسم لم تكن السيارة في عالمٍ آخر من ناحية قوة المحركات وحسب، بل من ناحية أداء الهيكل لوحده أيضاً، وذلك حتى بعد حظر استخدام أنظمة التعليق الأمامية الخلفية المتصلة داخلياً. كانت الموثوقية السيئة هي الأمر الوحيد الذي أرّق نوم الفريق، إذ أن الأعطال في مجالات المكابح، علب التروس، وأنظمة استعادة الطاقة كانت مكلفة للغاية.
ومع تمتّعه بأفضلية كبيرة، لم يكن فريق مرسيدس بالحاجة لإجراء تعديلات ثورية في سيارته الجديدة لموسم 2015، وإنما العمل على تحسين بعض التفاصيل.
وأبرز ميّزات سيارة ‘دبليو 06’ هي عبارة عن نسخ أُعيد العمل عليها من أبرز نقاط القوة التي تمتعت بها سيارة العام الماضي.
وكما شرح بادي لو: ‘‘هناك مخاطر ناجمة عن كل خطوة تطويرية، ولا يمكننا التقدم نحو الأمام دون المخاطرة بإمكانية سلوكنا اتجاهاً خاطئاً في عملية التطوير. وبالتالي كنا نأخذ بعين الاعتبار أنه سيارة العام الماضي كانت قويةً للغاية. ولم نكن نريد التخلي عن مفاهيم تصميم تلك السيارة والعمل على مفاهيم مختلفة كلياً، وإنما اتخاذ بعض الخطوات من أجل تطويرها’’.
تعديل القوانين التقنية يعني وجود اختلاف في مقدمة السيارة والهيكل، إذ أن مقدمة سيارة العام الماضي، إلى جانب انحناء الهيكل، لا تطابق القوانين التقنية الجديدة.
نتيجةً لذلك، تم تطوير مقدمة سيارة ضيقة وقصيرة للغاية، ومن دون تشكيل إبهام كما هو الحال لدى فريق ويليامز. هناك فقط نتوء صغير للغاية يُمثّل موافقة المقدمة الجديدة للقوانين التقنية المُعدّلة.
في سيارة العام الماضي، استُخدمت أعمدة الجناح الأمامي كجزءٍ من المقطع العرضي الأدنى الذي نصت عليه القوانين التقنية. ومع عدم الحاجة لهذا المقطع، أصبحت أعمدة الجناح الأمامي أبسط ومستقيمة.
أما فوق المقدمة، هناك نقاط توضّع الكاميرات التلفزيونية، والتي تُعتبر مماثلةً تماماً للتصميم المتبع العام الماضي في منطقةٍ مرتفعة وعلى دعائم متجهة نحو اليمين من أجل ضمان عدم اعتراض الكاميرات لتدفق الهواء. أما أسفل المقدمة، فإن الجناح الأمامي المستخدم هو نفسه المستخدم في المراحل الأخيرة من الموسم الماضي.
تمّ تحسين أنظمة التعليق بشكلٍ أفضل في السيارة الجديدة، من أجل ضمان الفعالية القصوى رغم غياب أنظمة التعليق الأمامية الخلفية المتصلة داخلياً. نظام التعليق الأمامي يشبه تصميم العام الماضي، مع انفصال الذراع السفلية لقسمين يندمجان ضمن مقطع واحد.
ولكن في سيارة ‘دبليو 06’ تمّ تطوير هذا المفهوم بشكلٍ أكبر. إذ أن الأقسام الضيقة الضيقة للذراع السلفية تشكّل مقطعاً وحيداً ولكن لمجرد بضعة إنشات بالقرب من نقاط التوضع الداخلية.
قام فريق مرسيدس باتباع هذا التصميم من أجل استغلال الذراع السفلية في عملية التحكّم بالاضطرابات الهوائية الناجمة عن الجناح الأمامي بحيث لا تؤثر هذه الاضطرابات على بقية مناطق السيارة. يستخدم فريق فيراري نظام التعليق الأمامي ذو أذرع السحب لنفس هذه الغاية أيضاً.
وعلى عكس العديد من الفرق المنافسة، لم يقم فريق مرسيدس باستخدام فتحات تقوم بتمرير الهواء وتوجيهه من عزقة الإطارات الأمامية من أجل تحسين انسيابية السيارة. بدلاً من ذلك، فإن هذه العزقات تتميز بوجود نهاية مدببة من أجل تسريع عملية تغيير الإطارات خلال توقفات الصيانة.
ومن أبرز التغييرات الأخرى في بنية السيارة هناك الفتحة التي تعلو مقصورة القيادة. العام الماضي، كانت هذه الفتحة تتميز بحواف حادة، ومع عمود رقيق للغاية يقوم بدعم هذه الفتحة الرئيسية. أما في السيارة الجديدة، فإن الفتحة تتميز بانحناء أكبر، وبالتالي تقليص في حدّية الحواف.
وضمن هذه البنية، يتم تقسيم الفتحة الرئيسية، كما أُزيلت الفتحات الجانبية المستخدمة في سيارة العام الماضي ‘دبليو 05’. النصف السفلي من هذه الفتحة يقوم بتغذية الصندوق الهوائي للمحرك، في حين يقوم النصف العلوي بتغذية مبرّد زيت علبة التروس.
تعتبر التحسينات في عملية التبريد من أهم مجالات التطوير. تقليص حجم الفتحة أعلى مقصورة القيادة، إلى جانب تقليص حجم الفتحات الجانبية، يُظهر بذل مجهود كبير في مجال وحدة الطاقة والمبردات دون الاعتماد على الفتحات.
قامت سيارة العام الماضي بتبريد الهواء الناجم عن الشاحن التوربيني باستخدام المبردات الداخلية التي تقوم بتبريد الهواء عن طريق المياه، وكانت هذه المبردات تتوضع خلف خزان الوقود وكانت ترتبط بشبكات تبريد المياه التي تتوضع في جوانب السيارة. هذا الأمر أدى لتقليص حجم جوانب السيارة أكثر من السابق عندما كانت تتضمن مبردات تقوم بتريد الهواء عن طريق الهواء، وبالتالي من المرجح أن هذا الأمر هو التطوير الأبرز والناجم عن تعاون قسم الهياكل في مدينة براكلي مع قسم المحركات في بروكسوورث.
وفي منطقة الفتحات الجانبية الصغيرة أيضاً، يمكن ملاحظة الصفيحات التي تتصل قمة ومقدمة جوانب السيارة. تم تعديل هذه الصفيحات مقارنةً بعام 2014 وتحظى كل صفيحة أفقية بصفيحة إضافية خاصة بها من أجل توليد الاضطرابات الهوائية العمودية.
أما تحت جسم السيارة، تمّ تحسين وحدة طاقة مرسيدس أي أم جي بشكلٍ كبير، وذلك بشكلٍ تطويري غير ثوري وفقاً لمدير قسم المحركات آندي كاول، والذي أضاف بأن هذا المحرك كان جديداً بالكامل، مع استغلال كافة مجالات التطوير المتاحة خلال الفترة الشتوية، إلى جانب إمكانية تحسين النواحي التي لم تكن موثوقيتها كبيرة العام الماضي. وبالتالي تم إجراء العديد من التغييرات البنيوية الجذرية، إلى جانب تعديلات في توضّع الأنظمة ضمن القيود الكبيرة التي تحد من عملية التطوير.
وبالنسبة لقسم المحركات، فإن التبريد نال التركيز الأهم، إلى جانب ضرورة زيادة قوة المحرك، علماً أنه تمّ التدقيق في قلّة موثوقية أنظمة استعادة الطاقة في وحدة العام الماضي.
يبدو تصميم مؤخرة السيارة مطابقاً إلى حدٍّ كبير لتصميم سيارة العام الماضي في المراحل الأخيرة من الموسم مع موزّع الهواء الخلفي، الجناح الخلفي، مقعد القرد بشكل حرف ‘Y100’. حيث تمتعت هذه العناصر بتصميم مشابه. من المرجح أن هذه المنطقة من السيارة، إلى جانب الجناح الأمامي، ستحظى بالكثير من التحديثات قبل جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحية.
تمكّن فريق مرسيدس، العام الماضي، من ضمان عمل كافة التحديثات التقنية على الحلبة كما هو متوقّع، وبالتالي من المرجح أن يصب الفريق كامل تركيزه في الفترة الشتوية على تحسين موثوقية وحدة الطاقة، مع جلب تحديثات جذرية للتصميم الانسيابي في وقتٍ لاحقٍ.