سباق جائزة إيفل الكبرى، الجولة 11 لموسم 2020 من بطولة العالم للفورمولا 1، كان مذهلاً بالفعل، ولن يُنسى لأنه كان مفصلياً بالنسبة لـ لويس هاميلتون الذي عادل رقم الأسطورة مايكل شوماخر بعدد مرات الفوز بسباقاتٍ، مع 91 فوز في مسيرته في الفئة الملكة لرياضة المحركات.
لكن، رغم الإنجاز المبهر من هاميلتون، كان هناك نجم آخر تألق في حلبة نوربرغرينغ، نجمٌ يستحق إعادة إحياء مسيرته في الفورمولا 1 السنة المقبلة…
المزيد من أخبار الفورمولا 1!
تقرير السباق: هاميلتون يعادل شوماخر ويفوز في نوربرغرينغ
هاميلتون الفخور لم يكن يتخيل إمكانية معادلة رقم شوماخر
بالتأكيد، نتحدث عن الألماني نيكو هولكنبرغ. ببساطة علينا مراجعة ما حصل مع هولكنبرغ في موسم 2020 لنُجدد على ثقتنا بأنه سائق من الطراز الرفيع، وهو يستحق التواجد كسائقٍ أساسي في الفورمولا 1 ومن غير المنطقي أن تكون مسيرته قد وصلت إلى نهايتها.
لويس هاميلتون. 91 فوز في الفورمولا 1! فوز تاريخي للبريطاني مع سعيه لتحطيم الأرقام القياسية#فورمولا1 #F1 pic.twitter.com/5TSHRqmuSs
— أوتوسبورت (@AutosportME) October 11, 2020
في موسم 2020، كان يُفترض بأن يبقى هولكنبرغ بعيداً عن شبكة الانطلاق، بعد رحيله عن فريق رينو نهاية العام الماضي، إلا أن الألماني شارك بثلاث جولاتٍ حتى الآن، جميعها مع رايسنغ بوينت، كلٌّ منها جنونية بأسلوبها الخاص، وتمكن على الدوام من لفت الأنظار وتحقيق نتائج قوية.
في جائزة بريطانيا الكُبرى، استُدعي هولكنبرغ ليشارك بديلاً عن سيرجيو بيريز الذي تأكدت إصابته بـ فيروس كورونا. كان على هولكنبرغ الانتظار عند بوابة الحلبة، حرفياً، قبل حصوله على الموافقة لدخول الحلبة والمشاركة في التجارب مع الفريق دون أية استعدادات مسبقة.
أظهر هولكنبرغ في تلك الجولة وتيرةً جيدةً، نظراً لأنه كان بعيداً عن شبكة الانطلاق، ولم يتبع برامج اللياقة البدنية العالية لسائقي الفورمولا 1 – حسناً، بالتأكيد كان بلياقةٍ بدنيةٍ جيدة، ولكنه لم يكن بقمة مستواه – ولكنه لم يشارك في السباق بسبب مشكلة في محرك السيارة قبل توجهه إلى شبكة الانطلاق.
في الأسبوع التالي، أيضاً في حلبة سيلفرستون ومع استمرار غياب بيريز، شارك هولكنبرغ مع الفريق وكان مستعداً بأسلوبٍ أفضل، وتألق في الحصة التأهيلية مع تسجيله لثالث أسرع توقيتٍ، وأظهر وتيرةً قويةً في السباق الذي أنهاه بالمركز السابع، وكان ذلك أول سباقٍ يكمله هولكنبرغ في 2020.
كان يُفترض بأن ينتهي دور هولكنبرغ مع رايسنغ بوينت عند ذلك الحد في 2020، ولكن في حلبة نوربرغرينغ، أُلغيت تجارب الجمعة مع عدم إمكانية مشاركة أي سائقٍ بسبب الظروف المناخية السيئة.
أصبحت الحكاية شهيرة الآن، هولكنبرغ كان يحتسي القهوة مع صديقه في مدينة كولون البعيدة ساعة كاملة عن الحلبة صباح السبت، وكان يتجه نحو زيارة الحلبة بعد ظهر ذلك اليوم لإكمال بعض المهام الإعلامية للتلفزيون الألماني قبل أن يتصل معه مدير فريق رايسنغ بوينت أوتمار سزافناور ويطلب منه القدوم إلى الحلبة بسرعة.
هولكنبرغ وصل إلى الحلبة أثناء مجريات حصة التجارب الثالثة (وهي حصة التجارب الوحيدة في تلك الجولة)، أجرى الفحوصات اللازمة، وتوجه إلى الفريق ليشارك بديلاً عن لانس سترول المريض والمُتعب.
الحصة التأهيلية شهدت عدم قدرة هولكنبرغ سوى على تسجيل أبطأ توقيت، والانطلاق من المركز الأخير، وكان ذلك متوقعاً بصراحة. هذا السائق، قبل بضعة ساعاتٍ فقط، لم يكن يفكر حتى بإمكانية الجلوس داخل مقصورة القيادة، ناهيك عن الضغط إلى أقصى الحدود في الحصة التأهيلية والتأقلم مع السيارة مجدداً وإيجاد نهج منتظم.
اقرأ أيضاً: عودة هولكنبرغ في إيفل جنونية أكثر من سيلفرستون
لم يكن أمام هولكنبرغ سوى أربع لفات سريعة. أربع لفات سريعة فقط أكملها في الحصة التأهيلية ليتجه بعد ذلك إلى السباق ولينطلق من المركز الأخير.
لربما كان أبرز المتفائلين يتوقعون أن يتمكن هولكنبرغ من اجتياز خط النهاية على أعتاب النقاط، وربما خطف نقطة يتيمة في حال كانت هناك ظروف استثنائية.
ولكن ما قدمه هولكنبرغ في سباق حلبة نوربرغرينغ، كان مذهلاً، وكان أداءً من الطراز الرفيع، والأمر الملفت للنظر هو أن حتى مشجعي الفورمولا 1 أدركوا ما قام به هولكنبرغ، وجودة الأداء الذي قدمه، حيث فاز بتصويت الجماهير كأفضل سائق في السباق مع تقدمه 12مركز ليجتاز خط النهاية بالمركز الثامن.
اقرأ أيضاً: هولكنبرغ لم يتوقع تحقيق نتيجة قوية في نوربرغرينغ
قدرة هولكنبرغ على القيام بذلك، قدرة هولكنبرغ على التأقلم – أثناء السباق – مع متطلبات قيادة السيارة، والضغط إلى أقصى الحدود، والمنافسة والتقدم في الترتيب، تُظهر أنه سائق من الطراز الرفيع، وهي تعطي لمحةً عن ما بإمكان الألماني القيام به في حال مشاركته بموسمٍ كاملٍ، مع استعداداتٍ لائقة، ومع التمتع بأفضل مستوى من اللياقة البدنية.
فبدون أية استعدادات تُذكر، سواءً داخل السيارة أم خارجها، تمكن هولكنبرغ من تحقيق تلك النتيجة المبهرة، وأثبت مجدداً أحقيته بالتواجد في الفورمولا 1، وتعطشه للنجاح في الفئة الملكة من رياضة المحركات.
الأداء الذي يقدمه هولكنبرغ يُعزز من سمعته في مفاوضاته للعودة إلى الفورمولا 1 السنة المقبلة، علماً أن تلك المفاوضات تسير على قدمٍ وساق بغض النظر عن مشاركة الألماني في أي سباقٍ في 2020.
لكن، ما يقوم به هولكنبرغ يثبت مجدداً أنه لا يستحق فرصةً اعتيادية فقط، وإنما يستحق التواجد مع فريقٍ ينافس في الصدارة، لأنه سيتمكن من تحقيق نتائج قوية في حال حصل ذلك، وفي حال استعد بالأسلوب اللائق.
هنا، تتجه الأنظار إلى فريق ريد بُل الذي يعاني بشكلٍ ملحوظ مع أليكساندر ألبون. حسناً، قد لا يتمكن هولكنبرغ من التغلب على ماكس فيرشتابن باستمرار، ولكن على الأقل سيكون قريباً منه وليس متأخراً كما هو الحال في الوقت الحالي مع ألبون.
تواجد هولكنبرغ مع فريق ريد بُل سيعني أنه سيكون ضمن دائرة المنافسة في مراكز المقدمة، سيشكل تحالفاً مع فيرشتابن للضغط على ثنائي مرسيدس وإجبارهم على اتباع استراتيجيات مختلفة، بدلاً من أن يكون فيرشتابن وحيداً في منافسة الأسهم الفضية دون سائقٍ يساعده ودون أي تنوع استراتيجي.
بالتأكيد، هذا مجرد كلام نري في الوقت الحالي. الجميع يعلم سياسة ريد بُل بالاعتماد على سائقين من أكاديميته. ولكن، مرةً أخرى، حان الوقت لـ ريد بُل للتخلي عن تلك السياسة، وتقييم الخيارات المتاحة والتي يتمثل أبرزها بضم هولكنبرغ إلى صفوف الفريق لمزاملة فيرشتابن.
طوال مسيرته في الفورمولا 1، ترك هولكنبرغ لنفسه سمعةً بأنه سائق من الأسرع، والأكثر موهبةً، ولكنه لم يتواجد في المكان الصحيح في التوقيت الصحيح. لكن الآن، وبعد إثبات ذلك في سباقاته الثلاثة في 2020 (حتى الآن!)، على الجميع إدراك أنه قد حان الوقت لتواجد هولكنبرغ مع فريق يسمح له بإظهار قدراته وبتحقيق أفضل نتائج ممكنة لإشباع تعطشه للمنافسة على أفضل المراكز.
هل يحصل ذلك؟ الوقت كفيلٌ بالإجابة عن هذا السؤال…