العام الماضي، فريق إيطالي يلبس اللون الأحمر سيطر على مفاصل سوق الانتقالات في بطولة العالم للفورمولا 1. واحد من مقاعده كان ربما أفضل ما قد يكون متاح، وتم ربط أسامٍ من شتى أنحاء الحظائر به.
وعُلقت قرارات كثيرة على مصير رجل واحد، هل سيبقى أم سيرحل؟ في النهاية، قررت فيراري الاحتفاظ بخدمات كيمي رايكونن لموسم 2016 وكانت تلك نهاية تداول الأسامي في سوق الانتقالات تقريباً.
هذه السنة، سيسيطر فريق إيطالي يلبس اللون الأحمر على تداولات سوق الانتقالات في بطولة العالم للدراجات النارية “موتو جي بي”. الحصول على مكان فيه يبدو واعداً بقدرات كبيرة، أية موهبة من شتى أنحاء الحظائر قد ترغب بالتواجد هناك، والدراجان المتواجدان هناك يرغبان حتماً بالاحتفاظ بمقاعدهما.
الكثير مُعلق على قرار يتخذه شخص واحد. هل سيبقى أم سيرحل؟ بمعنى آخر، كم سيكون صعباً موسم الانتقالات في الـ “موتو جي بي” هذه السنة ورهن بما إذا ستتمكن دوكاتي من سحب خورخي لورينزو من ياماها.
تنتهي عقود جميع دراجي فرق المصانع نهاية الموسم الحالي، لكن لا أحد منهم ركب الطائرة متوجهاً إلى قطر متوقعاً بدء تداولات “2017” قبل السباق الأول للموسم الحالي.
بدأ برادلي سميث بدحرجة كرة الثلج، وأعلن يوم الجمعة مع انطلاق الجولة الافتتاحية أنه أُبلغ بأنه لن يكون دراج فريق تك 3 ياماها بعد هذا الموسم. وأثار ذلك حيرة رئيس فريق تك 3 هيرفي بونشارال، الذي أوضح، في الواقع، أن باب الخروج فُتح لسميث.
وقال، مساء السبت: “العالم مجنون، لم نبدأ بعد 2016 والجميع يتحدث عن 2017”.
وأضاف: “لم يخرج أحد، قد يكون لدينا الدراجين نفسهما. ليس الأمر مرجحاً لأننا نوعاً ما الفريق الأصغر لياماها. لا يزال لدى برادلي فرصة عظيمة للبقاء معنا. لم ينكسر أي شيء، لم ينتهِ شيء”.
وأُعلن بعد 24 ساعة. بضعة ساعات قبل انطلاق السباق. أن سميث فعلياً وقّع عقداً مع “كايه تي أم”، محققاً حلمه بأن يصبح دراج أحد فرق المصانع في 2017 و2018 مع الصانع النمساوي.
إنها فرصة جيدة لسميث، الذي تصدر دراجي الفرق الخاصة في السنوات الأخيرة، واعترف أنه “منذهل” بتوقيع عقد مع أحد فرق المصانع لموسم 2017 قبل أن يبدأ موسم 2016 فعلياً.
عادةً، توقيع عقد مع فريق مصنع يكون حدث نهاية الأسبوع، لكن في قطر، كان لدينا اثنين.
ومع الاحترام الفائق لشميث و”كايه تي أم”، كانت السمكة أكبر هي وبكل تأكيد فالنتينو روسي، الذي فاجأ الجميع صباح السبت بالإعلان عن توقيع عقد مع ياماها لسنتين إضافيتين.
حتى سن روسي. يبلغ 37 الآن. كان دائماً هو من يُرجح خروجه، لكن رغم أن روسي كان يتحدث عن الانتظار خمسة أو ستة سباقات، أو حتى حزيران / يونيو، لرؤية مدى قدرته التنافسية وما إذا كان لا يزال مستمتعاً قبل أن يقرر الاستمرار من عدمه.
في النهاية، قراره، خاصةً، ‘لم لا؟‘ ولديه زميل في الفريق لورينزو ليشكره لأنه قد يأخذ شهراً أو اثنين أو ثلاثة من التفكير الملي بما هو مطروح على طاولته.
وكان لورينزو قد أعرب في الفترة الشتوية عن رغبته بإبرام عقد مع ياماها قبل انطلاق الموسم. أجبر ياماها على التصرف. وبعد المحادثات الاعتيادية، حضّرت عقوداً لكلا الدراجين وقدمتها لهما مطلع نهاية الأسبوع.
وقال المدير التنفيذي في ياماها لين جارفيس لوسائل الإعلام يوم السبت: “السبب وراء تقديم عقد لكلا الدراجين في الوقت نفسه، بطلب من خورخي، أراد أن تكون الأمور واضحة قبل انطلاق الموسم”.
وأكمل: “نحترم جميعاً هذا الطلب، حضّرنا الاقتراح لخورخي قبل بداية الموسم. لكن الطريقة التي ندير فيها فريقنا هي بمعاملة متعادلة. في الوقت نقسه، حضّرنا عقد فالنتينو، لأنه لن يكون من الصائب تحضير واحد دون الآخر، هذا برأينا”.
روسي وقّع الورقة في قطر، لورينزو لم يفعل.
ليس للمرة الأولى، توقيع عقد فوراً في هذه الحالة. جذب انتباه وسائل الإعلام. الأعين كلها الآن على بطل العالم ثلاث مرات لورينزو، الذي سيكون الجزء الأكبر من أحجية سوق الانتقالات هذا الموسم.
تأمل ياماها بأن يبقى لورينزو، وقدّمت له “أفضل عقد ممكن” مرفقاً بموعد نهائي. لكن لورينزو ليس دون من يرغب بع، ومن يرغبون به يلبسون الأحمر.
ومن المعروف أن دوكاتي من أشد الراغبين بلورينزو وتريد ضم اسم كبير إلى تشكيلة دراجيها، ربما على الأرجح إلى جانب ايانوني. وبالتأكد لن تفضل أي شيء أكثر من قرار متأخر بعودة كايسي ستونر، لكن الأخير استبعد العودة إلى المشاركة بمواسم كاملة مجدداً. سينصب تركيزه على التجارب، واختبر ركوب دراجة 2016 يوم الاثنين.
وعند سؤاله عما قد يكون سبب تريث لورينز لتوقيع العقد الجديد برأيه، أجاب جارفيس: “تخميني هو أن دوكاتي، لأن هوندا لديها أصلاً دراج من النخبة”.
وتابع: “لدي دوكاتي دراجين منافسين جداً، لكن بحسب ما أعلم أن عينهم على واحد من النخبة، واحد من الأربعة الكبار، بهدف الانتقال ببرنامجهم إلى المستوى التالي. لذا أتوقع دوكاتي”.
لماذا لم تصرف دوكاتي نظرها عن لورينزو؟
تعافى لورينزو من بداية بطيئة ليحرز اللقب العام الماضي، وكان الدراج الأسرع، وحقق فوزه رقم 41 في الفئة الأولى نهاية الأسبوع الماضي في قطر. بدأ الموسم كما لو أنه لم ينزل عن الدراجة منذ الجولة الختامية للموسم الماضي في فالنسيا، قبل أن تبدأ التغييرات الجذرية في وحدة التحكم الإلكترونية والانتقال لاستخدام إطارات ميشلان.
من غير قد يخرج من صفوف الفرق الكبيرة غير لورينزو؟
حاول روسي. لم ينجح الأمر معه وعاد إلى ياماها بعد موسمين غاب الفوز فيهما عنه.
مارك ماركيز وهوندا يشكلان الزواج المثالي، لذا توقعوا أن يتجدد هذا العقد خلال فترة ليست بالطويلة. في قطر وبما أن هوندا لا تزال تحاول التأقلم مع الإلكترونيات الجديدة، وصل إلى منصة التتويج، وأمضى طيلة نهاية الأسبوع أمام زميله في الفريق داني بيدروسا، الذي يشارك في موسمه الـ 11 مع فريق مصنع هوندا، ويحتاج بيدروسا لوجود ذلك “الشعور” الذي يقول إنه بنقصه لضمان موسم الـ 12، ولن يكون على الأرجح على رادار دوكاتي.
هؤلاء هم أفضل أربعة دراجين في البطولة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. أما بعد ذلك، فقد نتطلع إلى الاحتمالات. ونعترف أن نجاح وجود ايانوني في دوكاتي باهر. اثنين… دراج سوزوكي مافريك فينياليس.
لكن لتخيل أن لورينزو قفز إلى الدوكاتي وجعل هذه الأمور تحدث. ودوكاتي تعرف جيداً أنها إذا ما أرادت أن ترى الدراج الإسباني في حظائرها عليها أن تقدم شيئاً يستحق ذلك. ما الذي قد تخسره؟
ليس لورينزو ذلك الشخص الذي يبدو أنه قد ينجذب إلى المال، لكن مجموعة فولكسفاغن أودي يمكنها وبكل تأكيد تقديم عرض مغرٍ على الطاولة، للحرص على وجود دراج قادر على الفوز بالسباقات والبطولات معها. لنقلها، وكما قال جارفيس، إلى المستوى التالي.
لا يبدو أن هناك شوائب كبيرة في دراجة دوكاتي 2016، ومع اقترابنا من ذكرى الخمس سنوات ونصف السنة من الفوز الأخير للفريق الإيطالي. في الواقع، كان يجب أن يتغيّر ذلك الأحد الفائت في قطر.
وبعد أن تخطى ايانوني ودوفيسيوزو دراجة لورينزو في المرور الأول بالخط المستقيم الطويل، كان السباق أمامهم لخطف الفوز به. لكنهما كادا يصطدمان ببعضهما البعض في المنعطف الأول من اللفة السادسة بينما كانا يتنافسان على الصدارة، قبل أن يسقط ايانوني عن دراجته بعد 13 منعطفاً. الدراجون عرضةً للحوادث، وبمن فيهم لورينزو، لكن من الصعب تخيل سيناريو للسباق. ولو كانت الأدوار مقلوبة. لكانت على الأرجح دراجة حمراء هي من فازت في قطر.
ليس هذا بالانتقاد لدوفيسيوزو أو ايانوني، بل تعليق على لورينزو. إذا كان عليك جلب أحدهم ليركب دراجة “موتو جي بي” واستخراج الأفضل منها لإنقاذ حياتك، من ستجلب؟ وفي حقبة أودي / جيجي دالينيا (رئيس فريق دوكاتي)، لم تعد دوكاتي تلك الوحش الذي لا يمكن ترويضه وأبرع عليه ستونر فقط وخيّب آمال روسي.
ولا يبدو أن إعلان روسي الباكر قد أثار إعجاب لورينزو. وخلال نهاية الأسبوع، كان هناك نقطة انحدار أخرى في علاقة روسي ولورينزو، بعيد حادثة في حصة التجارب الرابعة.
ستعمل ياماها على إدارة الوضع لتفادي عودة الجدار الفاصل في مرآبها، لكن جزءاً من لورينزو، ورغم قوله مؤخراً إنه يريد إمضاء مسيرته كاملةً مع ياماها، يفكر بشيء في الحياة اسمه “فريقه”. عوضاً عن الحياة في إلى جانب أكبر وأكثر الشخصيات نجاحاً في الـ “موتو جي بي” في القسم الثاني من المرآب.
وقال جارفيس: “من خبرتي مع خورخي على مر السنين، إنه دائماً شخص يريد فهم وتقييم جميع فرصه قبل أي التزام”.
وتابع: “هو يريد دائماً التجربة ويقف بنسبة 100 بالمئة خلق القرار النهائي الذي يتخذه”.
وأضاف: “لذا أعتقد أنه يريد التقييم، ‘حسنا… أنا أعرف وبوضوح ماذا لدي في ياماها، لدي خبرة جيدة هنا، لدي طاقم عمل جيد، لدي دراجة سريعة‘. وفي هذه المرحلة الهامة من مسيرته، ‘هل أستمر مع ياماها في المستقبل أم حان وقت التغيير؟”
وأكمل: “هذا تقييم هام ليقوم به. عليه معرفة كل شيء، يجب أن يطرح كل شيء على الطاولة، التقييم بالزيادة أو بالنقصان ومن ثم يتخذ قراره”.
كما صبّ روسي الزيت على النار خلال نهاية الأسبوع، معتبراً أن لورينزو “ليس رجلاً” لينتقل إلى دوكاتي. إثبات أنه مخطئ، الذهاب إلى دوكاتي والفوز، يمكن أن يكون العلامة الفارقة للورينزو في الـ “موتو جي بي”. ربما يكون جذاباً أكثر من أي شيء أو رقم مكتوب على شك مصرفي.
[poll id=”31″]
وفيما يبدأ لورينزو موسمه التاسع في الـ “موتو جي بي” مع ياماها، إنه في قِمة قوته. يبلغ سن الـ 30 في أيار / مايو، لذا توقيع عقد لسنتين من ياماها ينتهي مع بلوغه سن الـ 32، ويبدو أن هذا القرار في مسيرة لورينزو قد يكون “الآن أو أبداً”.
قد يوقّع عقده مع ياماها في الجولة المقبلة في الأرجنتين. لكن لنأمل ألا يفعل ذلك، وتثبت دوكاتي نفسها كلاعب كبير في الـ “موتو جي بي”. كما فعلت عندما تسلحت بستونر وروسي. وعلى الأقل تعطي لورينزو شيئاً ليفكر به خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.