يمكن القول إن فريق تورو روسو يملك أدنى الامكانات في عالم الفورمولا واحد. لكن، كما يشرح لنا إد سترو، إن الفريق يقدم عمل رائع في ظروف صعبة للغاية.
فريق تورو روسو بعيد كل ابعد عن الأناقة. إنه واحد من أصغر فرق الفورمولا واحد، ويضم قرابة 300 عامل في صفوفه، لكن شراكته مع ريد بُل لا تعني بالضرورة تأثيراً إيجابياً بالحجم الذي يعتقده المتابعون.
لقد كان أداء تورو روسو متواضعاً في موسم 2014 حتى الآن. حاله حال الفرق الثلاثة الأخرى المزودة بمحركات رينو، أنهى تجارب ما قبل الموسم متجهاً إلى أستراليا من دون أن يُكمل مسافة سباق كامل.
لم يتمكن جان-إريك فيرن ودانييل كفيان من اكمال مسافة السباق فقط في أستراليا، بل عبرا خط النهاية في المركزين الثامن والتاسع تباعاً. يملك فريق تورو روسو ثماني نقاط في رصيده حتى الآن. على الورق، نرى أنها نتيجة متواضعة، لكن حسابياً هذه البداية الأقوى للفريق منذ انضمامه إلى الفورمولا واحد.
في حين كانت السباقات الأربعة الأولى من موسم 2009، حيث كان يُعتمد النظام القديم للنقاط (نقاط لأصحاب المراكز الثمانية الأولى) هي الأفضل على صعيد النتائج، تبدو هذه السنة أنها ستكون أفضل. تأثرت جميع الفرق المزوّدة بمحركات رينو سلباً في بداية الموسم، لكن معاناة تورو روسو بدت أقل، كما أن الفريق بنى أسس قوية.
من بين الفرق المزوّدة بمحركات رينو، كانت سرعة سيارات تورو روسو الأقل تراجعاً مقارنة بالموسم الماضي (إذ بلغ معدل تراجع سرعة سيارة الفريق في اللفة الواحدة 0.308 بالمئة مقارنة بمعدل موسم 2013.
ليست مقارنة عادلة، وكان الفريق الوحيد من بين الفرق المزوّدة بمحركات رينو الذي ينتقل لاستخدام محرك جديد (بعد أن كان يستخدم محركات فيراري)، لكن ما زالت النتائج مثيرة للاهتمام، وبحسب ما قال المدير التقني في الفريق جايمس كي، لقد أمضى الفريق اللفات الأولى وهو “يكافح الحرائق”.
وقال كي: “نحن محبطون بعض الشيء إذ نعتقد أنه كان بامكاننا تحقيق نتائج أفضل. لكن لا يمكننا أن نكون خائبو الأمل إذ تمكنا من تسجيل النقاط مباشرة”.
“بالرغم من أننا اجتزنا أول مسافة سباق كامل في ملبورن، شعرنا براحة أكبر مما بدا الوضع عليه من الخارج إذ علمنا أن المشاكل كانت لا تزال موجودة في حينها”.
“لم يكن معظمها متعلقاً بالهيكل وعلمنا أنه أمامنا الكثير من العمل لنقوم به من وجهة النظر هذه، لكننا عملنا بجهد كبير مع رينو. وكانت هناك الكثير من الأمور المجهولة آتية خلال الموسم”.
حتى في القوت الذي كان فيه فريق تورو روسو مرتبكاً ويحاول في شتى الوسائل اخراج سيارته إلى الحلبة في تجارب خيريز، كان السائقان متفائلان من ناحية الانسيابية والأداء.
ظهرت حقيقة هذا التفاؤل بتأهل السيارة إلى القسم الثالث من الحصة التأهيلية، إضافة إلى إنهاء السباق في المراكز العشرة الأولى بنسة 50 بالمئة من المناسبات حتى الآن.
وأضاف كي: “لسنا بمستوى مرسيدس وريد بُل [من الناحية الانسيابية]، لكننا في موقع جيد مثل باقي الفرق”.
“سرعتنا القصوى و المتوسطة تنافسية جداً. لكن لدينا بضعة نقاط ضعف في المنعطفات البطيئة، الأمر الذي نعمل على تحسينه”.
“نسبة الجر لدينا جيدة، الأمر الذي يعتبر مقياساً عليك أن تفكر كيف تتعامل معه بوجود قوانين موسم 2014. كما أن سرعتنا في المنعطفات ليست بطيئة. علينا المحافظة على الحد الأدنى إذ إن القوانين الانسيابية ما زالت جديدة”.
حقيقة أن السيارة جيدة من الناحية الانسيابية، خير دليل على تقدم الفريق. واحدة من الاسباب التي أدت إلى اقالة سلف كي، جيورجيو أسكانيلي، هي الشعور أنه لم يكن يستخرج الأفضل من الموارد الانسيابية المتاحة.
في حين أن كي ليس مصصماً انسيابياً في الأساس، أتياً بخلفية مهندس سباقات، برهن من الخلال النتائج المحققة على الحلبة أنه تمكن من استخراج الأفضل من فريق متوسط.
لكن الناحية التي حدّت من امكاناته، كانت محركات رينو. في الوقت الذي يعمل الفريق على استخراج الافضل من المحرك، الأمر رهن بمصنّع المحركات الفرنسي كي تتمكن الفرق المزوّدة بمحركات رينو من سد الفجوة عن الفرق الزوّدة بمحركات مرسيدس.
ويضيف كي: “وحدة الطاقة الاساسية قوية، إذاً في الواقع يمكنها أن تكون أكثر تنافسية. لكن، وبعد تجميد تطوير تركيبة المحرك، هناك القليل الذي يمكننا أن نفعله بما يتعلق بأجزاء المحرك. هناك البرامج الالكترونية، وهذه ناحية حيث يمكنك تطوير الأداء بشكل كبير”.
“هناك أماكن غير مجمّدة ويُسمح تطويرها، يمكن أن تحسّن الأداء، منها العمل على الهيكل وهناك أجزاء غير مجمّدة متعلقة بوحدة الطاقة بشكل مباشر”.
“ما زال أمامنا مجال واسع لتحقيق خطوات كبير إلى الامام. أعتقد أن الفكرة هي أننا نرى مرسيدس متقدمة جداً في عملية التطوير؛ يبدو الأمر أنهم يقومون بهذه الدورة من التطوير منذ عدة سنوات ولا زلنا نحاول اللحاق بهم”,.
من الصعب أن نقول ما إذا كنا سنتمكن من اللحاق بهم في الموسم الحالي أم لا. آمل أن نتمكن من تحقيق هذه الخطوة، لكن مع اعتماد نهج منفتح بشكل أكبر نوعاً ما للسنة المقبلة، أنا واثق أننا سنكون في حلة أفضل”.
كما كان السائقان إيجابيان. لقد كان كفيات السائق المبتدئ النجم، منهياً ثلاثة سباقات من ألأصل أربعة في مراكز النقاط (كما احتل المركز الحادي عشر في السباق الرابع).
أوتوسبورت + نجم السائقين المبتدئين في موسم 2014 للفورمولا واحد
كانت هناك علامات استفهام كبيرة حول جهوزية السائق الروسي [كفيات] للفورمولا واحد، لكنه أثار اعجاب الفريق بشكل كبير.
وأضاف كي: “من السهل لنا أن ننسى أنه ما زال في مرحلة التعلم. إذاً يمكنك أن تتخيل ما سيأتي في هذا الخصوص. التوقعات هائلة”.
“كانت فترة التجارب الشتوية التي خاضها قصيرة جداً؛ خططنا لاجراء برنامج مكثّف من اكمال مسافات السباقات، لنمنحه القدرة على الشعور بالسيارة، وبالنسبة لنا كي نفهم سوية كيف ندير الأمور التي لم نصل إليها بعد”.
“وصل إلى ملبورن دون أن يتمكن من اتمام ذلك، والتسابق بالطريقة التي قدمها، أمر خيالي. إنه طبيعي، فتى رائع لنعمل معه وذهانيته قوية جداً”.
حصل كفيات على تصفيق الاستحسان، لكن زميله في الفريق جان-إريك فيرن أحرز بداية ممتازة للموسم. كانت هناك بضعة لحظات في الموسم الماضي، حيث تغلبت عليه فكرة قيادة سيارة ريد بُل إضافة إلى سوء الحظ، لكن يبدو أن الفرنسي قام بعمل جبار خلال الفترة الشتوية لتخطي نقطة الضعف الذهانية هذه.
في حين كانت هناك بعض السنوات التي عانى خلالها من سوء الحظ، لكن حقيقة أنه تمكن من التأهل ثلاث مرات إلى القسم الثالث من الحصة التاهيلية (ومن المؤكد أنه كان بامكانه تحقيق ذلك في البحرين لو لم تجبر التغيرات في قراءات نظام قياس نسبة تدفق الوقود الفريق على اطفاء المحرك) تُظهر أنه خرج من أكبر خيبة أمل في مسيرته الاحترافية كسائق أقوى.
وقال كي: “ربما هو في أكثر مرحلة تركيز سبق لي أن رأيته فيها، لقد قام بعمل شاق خلال الفترة الشتوية، بالرغم من صعوبة الأمر، لقد اتبع نهج إيجابي. إنه يؤدي بالطريقة المثلى التي يمكن أن نتوقع أن يقدمها سائق في سنته الثالثة”.
مع طاقم سائقين فعّال جداً وسلسلة من التحديثات المقررة للسباقات الأربعة القادمة، ينصب تركيز تورو روسو على انهاء سيارتي الفريق جميع السباقات في مراكز النقاط. وفي حال تمكنوا من القيام بذلك، إذاً يملكون الفرصة للتقدم إلى المركز السادس في ترتيب بطولة الصانعين، هدف أمِل الفريق أن يحققه لكن فشل في ذلك العام الماضي.
في الوقت الذي لا يبدو ذلك مهماً كثيراً، بالنسبة لفريق مثل تورو روسو (الذي يبقى في النهاية نسخة مستحدثة من فريق ميناردي) سيكون ذلك انجازاً مثيراً للاعجاب.
ولّت الأيام حيث كان بإمكان تورو روسو الفوز في السباقات. لكن في الوقت الذي تبقى فيه طموحاتهم متواضعة، جنيه مقابل الجنيه، يستحق الفريق التنويه على الجهود الرائعة التي قدمها في موسم 2014 في ظروف صعبة للغاية.