يرحل الدراج الإسباني خورخي لورينزو عن ياماها، فريقه الوحيد خلال مسيرته في بطولة العالم للدراجات النارية “موتو جي بي”، بعد تسعة مواسم وثلاث بطولات عالم، متجهاً إلى دوكاتي فور نهاية الجولة الختامية لهذا الموسم في فالنسيا نهاية الأسبوع المقبل.
يلقي خورخي لورينزو، في عمود خاص بموقع أوتوسبورت، نظرةً على أبرز ما مرَّ به خلال هذه الأعوام الطويلة مع الصانع الياباني،
الرحيل عن ياماها أمرٌ محزن قليلاً، لأنني أمضيتُ مع الفريق أعواماً كثيرة، ودخلتُ إلى منافسات الفئة العُليا معهم، عندما كان عمري 20 عاماً فقط، سأرحل عنهم بعد تسعة أعوام، مع الكثير من النجاحات سواءٌ على الصعيد الشخصي أو على صعيد الفريق.
لكن هذه هي الحياة، اتخذت القرار بقبول هذا التحدي والانتقال إلى دوكاتي، وأرغب بإنهاء مسيرتي مع ياماها بالطريقة الأفضل نهاية الأسبوع المقبل.
بالعودة إلى عام 2006، عندما وقّعت مع ياماها عقداً يبدأ من عام 2008، أردنا أن يكون دخولي إلى الـ “موتو جي بي” عبر بوابة فريق مصنّع، وقررنا البقاء موسماً إضافياً في فئة الـ “250 سي سي”، على أمل احراز لقبي الثاني في هذه الفئة، لكي أكون أكثر جاهزية، على الصعيدَين البدَني والذهني.
في الحقيقة، كان هذا القرار لأصبح أقوى، ربما كان من المبكر الصعود إلى الـ “موتو جي بي” وانا في الـ 19 من عمري، ورغم احرازي للقب فئة “250 سي سي” عام 2006، إلا أننا لم نكن نعلم أنني أصبح بطلاً حينها، حيث كنت ما زلت أنافس في تلك الفئة حتى النهاية.
منذ تلك اللحظة، حافظنا على سريّة هذا الأمر، واستمر ذلك لعدة أشهر، لكن كان ذلك مستحيلاً في النهاية، وعَلِم الجميع عام 2007 بهذا لأمر، لأننا شاركنا في تجارب خاصة مع ياماها على حلبة ألميريا، وانتشرت الإشاعة على الفور.
كانت دراجة الـ “موتو جي بي” سريعة للغاية في تجربتي الأولى لها، فالأمر مشابهٌ قليلاً للانتقال من فئة الـ “125 سي سي” إلى الـ “250 سي سي”، حيث كنت متأثراً للغاية في اللفتين أو الخمس لفات الأولى، لكن سرعان ما تأقلم جسدي مع الدراجة، وكان الأمر على ما يرام بعد عشر لفات.
كلفتني دراجة الـ “موتو جي بي” وقتاً أطول، ربما نصف يومٍ لكي اعتاد على السرعة، القوة والتسارع وأيضاً الكبح. كانت الدراجة ثقيلة جداً، ولا تُقارن مع دراجة الـ “250 سي سي”، وأخذت مني فترة أطول لكي اتأقلم معها.
عندما دخلت الفئة العُليا عام 2008، حققت النجاح بسرعة، كنتُ متفاجئاً جداً، وكان كل من حولي مندهشاً عندما وصلنا إلى قطر، حيث أنني خطفتُ مركز الانطلاق الأول وأنهيتُ السباق آنذاك في المركز الثاني.
بعد ذلك، حققت مركز الانطلاق الأول ثلاث مرات على التوالي، وفزتُ بالسباق الثالث، كان ذلك سهلاً جداً، قلنا لأنفسنا ‘حسناً، أنا جيد جداً، أو أن الآخرين لم يكونوا سريعين أو جيدين كفاية’. لكن أخيراً وفي السباق الرابع، تعرضتُّ لحادث كبير.
وجدتُ أن هذه الدراجات خطيرة جداً، لذا عليك أن تكون حذراً للغاية، والوصول إلى أقصى قدراتك، لكن دون تجاوز الحد المسموح، فمع هذه الدراجات قد تؤذي نفسك بشدة.
تعلمت ذلك بطريقة قاسية، عندما تتعرض لحادث في الـ “موتو جي بي”، فالإسفلت يكون أقسى وستشعر بألم أشدّ، والدراجة أطول وأثقل، وأنتَ أسرع عند المنعطفات، وبالتالي عند سقوطك على الأرض، ستتأذى كثيراً، أدركت ذلك في عامي الأول، وحاولت التقليل من الحوادث قدر الإمكان.
لقبي الأول عام 2010 هو المميز لدي. دائماً في الحياة، ما تفعله في المرة الأول، هو الأكثر عاطفيةً ووضوحاً.
لكن بالنسبة لي، اللقب الأخير عام 2015، هو الأكثر متعة والأفضل، كنتُ دائماً متأخراُ في ترتيب البطولة، ودائماً أنافس مع الحظ السيئ ومع النتائج غير الجيدة، ومن ثم أتحسّن من جديد، لكن بعد ذلك أخسر مرة أخرى. أكسب نقاطاً من فالنتينو روسي، ومن ثم أخسرها مرة ثانية.
اختبرت هذا لأمر ثلاث مرات، لكن أخيراُ، في السباق الأخير، في اللحظة الأخيرة، وعند المنعطف الأخير من اللفة الأخيرة، بعد عدم تصدري أي سباق خلال البطولة، فزت بهذا السباق. عندما يكون حصولك على أمر ما صعب جداً، وتحصل عليه في النهاية، تكون طعمته جميلة جداً.
كنتُ تحت ضغط كبير في تلك الجولة [جولة فالنسيا الختامية] العام الماضي، كنتُ مدركاً أنه عليّ الفوز بهذا السباق لأتوّج باللقب، خاصة يوم السبت، أتذكر أنني قلت لنفسي ” حسناً، أنتَ في عمر الـ 28 عاماٌ الآن، أنت أكثر خبرة من أي وقتٍ آخر، وكنتَ سريعاً أكثر من أي وقتٍ مضى، الآن هذا يومكَ، عليك أن تقوم باللفة المثالية، في هذه الدقيقة والنصف”.
وفعلتُها، أدركتُ أن عليّ فعلها، وقدّمت الأداء الأفضل لي حتى الآن، كنت فخوراً جداً بهذه اللفة، أكثر من السباق.
كان عام 2015 الموسم الأكمل بالنسبة لي، لكن طالما أنك في وضع بدني سليم، يكون بإمكانك دوماً تعلّم أمرٍ ما، وكل سنة تتقدم أكثر وتصبح أفضل.
بعد ذلك، عندما تكون في الـ 32، 35 أو 37 من عمرك، مع حالتك البدنية أو خوفك من الحوادث، أو أن تصبح مدركاُ جداً للمخاطر، ربما هنا سيتراجع أداؤك، لكن عليك حتى تلك اللحظة، الاستمرار بتعلم الأشياء الجديدة، وتقديم الأفضل.
إذا ألقيتُ نظرةً على عام 2013، عندما أنهيت ذلك الموسم في المركز الثاني، كنتُ ذلك العام أكثر خبرة من مارك ماركيز [دراج هوندا]، وتعرضتُ لحوادث أقل منه، ربما ماركيز سقط من على دراجته حوالي 15 مرة، لكنني كنتُ غير محظوظاً، حيث تعرضت لإصابات خطيرة في مناسبتَين من أصل ثلاث مرات سقطت فيها من على دراجتي.
لذا كنت غير محظوظ على الاطلاق مع إصاباتي، بدون هذه الإصابات والانسحابات من سباقات كثيرة، كنتُ لأحرز لقب ذلك الموسم، لأنني كنت الدراج الأكثر كمالاً على شبكة الانطلاق في ذلك الموسم خاصة، لكن كما تعلمون، سقطت من على دراجتي في العديد من المرات، وداني بيدروسا [زميل ماركيز] كذلك الأمر، وكان ماركيز مبتدئاً حينها وخطف لقب البطولة.
بالنظر إلى هذه الأعوام التسعة، ياماها لم تتغير كثيراً، من عامٍ إلى آخر، هنالك تفاصيل بسيطة، وأجزاء صغيرة، لطالما حاول المصنع تحسين الدراجة، لكي لا يتراجع مستوى الأداء. هم دائماً ينظرون في شروط السلامة، وكانت القطع التي يقدموها أفضل بكل تأكيد.
لا يجرون تغييرات ثورية على الدراجة، وهذا يعطي تفسيراً لمَ مستوى دراجتنا ثابتٌ جداً، وتنافسية جداً خلال الموسم، لكن أيضاً منحى التطوير ليس سريعاً جداً، تتغير الدراجة تدريجياُ، وتحافظ على سلاسة ركوبها وهيكلها ثابت.
عليك أن تكون دقيقاً وسلساً لتستخرج أقصى قدرات هذه الدراجة. الدراجات الأخريات، مثل هوندا، تحتاج ربما الطريقة المعاكسة قليلاً، أن تكون هجومياً كثيراً تحت الكبح، ومناوراً أثناء التسارع، بينما درجاتنا على النقيض قليلاً في هذا الأمر.
سيكون التسابق مع الفريق للمرة الأخيرة في جولة فالنسيا نهاية الأسبوع المقبل لحظة عاطفية جداً، لأن الفريق قدّم لي الكثير، أنا متحفزٌ جداً للعمل بأقصى جهدي والفوز بسباق آخر لـ ياماها.