هناك عددٌ محدود من السيارات التي شاركت في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد والتي يمكن اعتبارها عظيمة. ولكن ما هي الأفضل؟ قامت مجلّة ‘أف 1 رايسينغ’ الشقيقة لـ أوتوسبورت بوضع لجنة تحكيم لانتقاء أعظم سيارة فورمولا واحد في التاريخ.
سيارات الفورمولا واحد تمثّل دوماً قمة ما توصّل إليه العلم من ابتكاراتٍ تقنية.
وبشكلٍ أساسي، فإن هذه السيارات صممت من أجل غايةٍ وحيدة. إلا أن أفضل سيارات الفورمولا واحد تصبح أشبه بآلات ميكانيكية لها شخصيتها الخاصة المميزة بها التي تزيد من رونق سباقات الجوائز الكبرى.
هذه السيارات نادرة. ولمعرفة ما هي أكثر السيارات تميزاً، قمنا بسؤال الأشخاص الأكثر خبرةً في هذا المجال: المصممين والتقنيين، من الماضي والحاضر، والذين كرّسوا حياتهم من أجل العمل على إنتاج أفضل سيارات فورمولا واحد على الدوام.
إليكم نتائج التصويت.
لجنة التحكيم: جايمس أليسون، نيك تشيستر، أندي كاول، فرانك ديرني، أندرو غرين، روبين هيرد، دومينيك هارلو، بول هيمبري، بادي لو، ستيفي نيكولز، جو راميريز، نيل أواتلي، سيرجيو رينلاند، إنريكيه سكالابروني، غونثر شتاينر، أندي ستيفنسون، بات سيموندز، أوتمار سزافناور، ويليم تويت، جوناثان ويليامز، بيتر رايت.
السيارة التي تمكّنت من تغيير قواعد اللعبة: لوتس 49
منذ اللحظة التي خرجت فيها سيارة لوتس 49 الجديدة، والمتأخرة بعض الشيء، إلى حلبة زاندفورت في شهر حزيران/ يونيو من عام 1967، أصبح التغيير حتمياً في بطولة الفورمولا واحد. كان كولين تشابمان كسر القواعد التقليدية مع هيكل سيارة عام 1962، مع هيكل لوتس 25، لكنّه تمكّن في 1967 من اعتماد مفهومٍ في التصميم كان اختبره لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي ليضمن تقدّمه على منافسيه بفارقٍ كبير.
لعلّ أبرز أهداف المشاريع الهندسية تكمن بجعل أداة واحدة تقوم بعدّة مهمّات في الوقت ذاته. ومع استخدامه جسم سيارة 25 كجزءٍ يتحمل الإجهادات في الهيكل، إلى جانب خزانات وقود مدمجة تتوضع على جانبَي السائق وفي بنية من الفولاذ، تمكّن تشابمان من إلغاء تأثير الفراغ الفولاذي الضائع في هذا المفهوم الجديد.
كان هذا الأمر ممتازاً في حقبةٍ كانت سعة محركات الفورمولا واحد فيها 1.5 ليتر، وعندما لم تكن المحركات قويةً للغاية كما أنها كانت خفيفة الوزن، حيث كانت الفعالية الانسيابية هي العامل الأبرز في تحديد الترتيب التنافسي. وبعد اعتماد محركات بسعة 3 ليتر في عام 1966، فإن سيارة 49، التي قام بتصميمها كل من تشابمان وموريس فيليب، حققت قفزةً نوعيةً في هذه الفعالية، وذلك عن طريق استخدام محرك صُمم خصيصاً كجزءٍ بنيوي من السيارة.
فريق لوتس، كسائر الفرق البريطانية، تفاجأ باعتماد محركات جديدة في البداية: مُصنّعي المحركات مثل كلايماكس أمضوا وقتاً طويلاً في التذمّر من هذه التغييرات بدلاً من تطوير محركات جديدة تلائم هذه القوانين التقنية الجديدة.
هذا الأمر دفع بفريق لوتس ليكون مُجبراً على تصميم سيارة عام 1966 للتأقلم مع محرك ‘بي أر أم’ من طراز ‘أتش 16’ والذي كان غريباً للغاية: إذ كان المحرك عبارة عن مُحرّكين مسطحين بسعة 1.5 ليتر لكلٍّ منهما، ويتألفان من 8 اسطوانات بشكل حرف V، دُمجا عند العمود المرفقي. الأفضلية الوحيدة التي تمتع بها هذا المحرك الضخم هي قوته. حيث كان بإمكان هذا المحرك امتصاص إجهادات أنظمة التعليق.
كان من الممكن أن تكون سيارة 43 لعام 1966 أكثر نجاحاً لولا هذا الوزن الزائد لهذا المحرك إلى جانب عدم وثوقيته، ما أدى لفوز سائق الفريق جيم كلارك بفوزٍ واحدٍ في ذلك العام، الأمر الذي لم يرق لتشابمان على الإطلاق.
احتاج لمحرّكٍ أفضل. وبعد فوزه بسباق 500 ميل في إنديانابوليس باستخدام محرك فورد، استخدم تشابمان سحره الخاص من أجل ضمان موافقة مدير فورد، والتر هايس، على تكاليف تصنيع محرك مؤلف من ثمان اسطوانات بشكل حرف V ومُصنّع من الألمنيوم عن طريق شركة كوزوورث (التابعة لفورد).
لعل العام الأول في الحقبة الحديثة في تاريخ الفورمولا واحد جاء عام 1967. تمكّن غراهام هيل من تحقيق مركز الانطلاق الأول عندما استخدم سيارة 49 لأول مرة في جولة زاندفورت، وبعد انسحابه من السباق أثناء تصدّره، تمكّن زميله في الفريق جيم كلارك من الفوز.
هذا الأمر أدى لسعي منافسي لوتس للتزود بمحركات كوزوورث هم الآخرون. ضعف الموثوقية كلّفت فريق لوتس الفوز بلقب عام 1967، ولكن منذ ذلك الحين، فإن كل لقب بطولة عالم جاء عن طريق سيارة تستخدم المحرك كجزءٍ بنيوي من تصميم الهيكل.
كيف جرت عملية التصويت:
المركز الأول: لوتس 49
المركز الثاني: لوتس 78
المركز الثالث: ماكلارين أم بي 4-1
المركز الرابع: كوبر كلايماكس تي 43
المركز الخامس: لوتس 25
المصمم: كولين تشابمان
الهيكل: مصنّع من الألمنيوم
المحرك: محرك فورد كوزوورث ‘دي أف في’ مؤلف من ثمان اسطوانات بشكل حرف V وبسعة 3 ليتر
القوة: 409 حصان
النقل: هيولاند ‘أف جي 400’
قاعدة العجلات: 241.3 سم
الوزن: 510 كلغ
الإطارات: فايرستون
الأكثر جمالاً: جوردان فورد 191
عندما يجب عليك تصميم سيارة فورمولا واحد مع عددٍ قليلٍ من الأشخاص إلى جانب إمكانية محدودة لاستخدام نفق الهواء، يجب أن تكون الحلول فعالةً وبسيطةً للغاية.
كان غاري أندرسون الشاب يعمل كميكانيكي تحت إشراف غوردون موري في فريق برابهام في سبعينيات القرن الماضي، لكنه كان يرغب دوماً تصميم سيارات التسابق الخاصة به. وبعد شراكةٍ شاملةٍ مع ميكانيكي فريق تيريل السابق بوب سيمبسون، قام أندرسون بتصميم سيارات ‘أنسون’ في بطولة الفورمولا 3 والتي كانت متوسطة النجاح.
التسابق في مؤخرة الترتيب لم يناسبه، ولهذا السبب توجه إلى الولايات المتحدة الأميركية ليعمل كمهندس سباقات لصالح روبيرتو مورينو في سلسلة إندي كار (ليتنافس ضد سيارات بوبي رحال المصممة من قِبل أدريان نيوي إلى جانب العديد من المنافسين) ومن ثمّ تمكّن من الحصول على منصب مُصمم مع شركة رينيارد المصنعة للهياكل.
وبعد فوز جان أليزي ببطولة فورمولا 3000 لعام 1989 باستخدام سيارة من تصميم أندرسون خاصة بفريق ‘إيدي جوردان رايسينغ’، تلقّى أندرسون مكالمةً هاتفيةً من إيدي جوردان، والذي زعم أنه تمكّن من تأمين ميزانية كافية، من أجل تصنيع سيارة ليدخل بها معترك الفورمولا واحد. وافق أندرسون على عرض جوردان في نهاية المطاف.
شهد شهر شباط/ فبراير من عام 1990 بداية مشروع جوردان من أجل دخول عالم الفورمولا واحد. وواجه أندرسون، وطاقمه المؤلف من شخصين هما أندرو غرين ومارك سميث، تحدياً صعباً للغاية.
كانت الأموال محدودةً للغاية من أجل استخدام نفق الهواء، وبما أن أعداد الفرق المشاركة في الفورمولا واحد كانت كبيرةً للغاية في تلك الحقبة الزمنية، كان يجب على كل فريق أن يضمن إمكانية المشاركة في الحصة التأهيلية عن طريق وجود حصّة صباحية تشارك فيها السيارات الأقل تسجيلاً للنقاط في ترتيب بطولة الصانعين، وبحيث تتمكن أربع سيارات فقط من ضمان مركزها للمشاركة في الحصة التأهيلية ومن ثم السباق.
ولذلك كان من الضروري أن تتمتع سيارة 191 بالفعالية. ومع فترة زمنية صغيرة لاختبارها، وُجب على السيارة أن تكون سريعة منذ البداية، يمكن استيعاب آلية عملها بسهولة، إلى جانب سرعة إصلاحها وتعديلها. هذا الأمر ساهم بشكلها الأنيق والتوضع الممتاز لأنظمة التعليق.
كان دخول جوردان إلى الفورمولا واحد صعباً للغاية. تمكّن الفريق من ضمان التزود بمحركات فورد بدلاً من محركات جود المؤلفة من عشر اسطوانات التي كان من المفترض أن تُزوّد السيارة، ما دفع بأندرسون لإعادة تصميم غطاء المحرك مع تحدّب صغير، قبل أن تتمكن شركة فورد من سحب الممول الرئيسي لفريق جوردان، كامل، ونقله إلى فريق فورد المصنعي آنذاك متمثلاً بـ‘بينيتون’.
رغم ذلك كانت السيارة جميلةً للغاية مع لونها الأخضر الخاص بـ‘7 أب’، حيث تمكّن جوردان من توقيع صفقة تمويل مع شركة المشروبات الغازية في اللحظات الأخيرة.
وبحلول منتصف عام 1991، خرجت سيارة 191 من الحصة ما قبل التأهيلية لتترك بصمةً مميزةً في تاريخ الفورمولا واحد: إذ أن مايكل شوماخر شارك في أول جولةٍ له على حلبة سبا فرانكورشان خلف مقود هذه السيارة.
كيف جرت عملية التصويت:
المركز الأول: جوردان فورد 191
المركز الثاني: إيغل ويسلايك أم كيه 1
المركز الثالث: برابهام بي أم دبليو ‘بي تي 55’
المركز الرابع: مازيراتي 250 أف
المركز الخامس: فيراري 312 تي 2
المصمم: غاري أندرسون
الهيكل: مصنع من الألياف الكربونية
المحرك: محرك فورد ‘أتش بي 4’ مؤلف من ثمان اسطوانات بشكل حرف V وبسعة 3.5 ليتر
القوة: 730 حصان
النقل: جوردان ترانسفيرس
قاعدة العجلات: 289.5 سم
الوزن: 505 كلغ
الإطارات: غوديير
السيارة الأفضل تقنياً: ويليامز ‘أف دبليو 14 بي’
في حال كان تصنيف هذه الفئة لأكثر سيارة فورمولا واحد متطورة تقنياً، لكانت سيارة فريق مرسيدس لعام 2014 فازت. وفي الواقع، كانت هذه السيارة ‘دبليو 05 الهجينة’ قريبةً للغاية من الفوز. إلا أننا طلبنا من لجنة التحكيم أن يدرسوا مدى تطوّر كل سيارة تقنياً مع أخذ الحقبة التي شاركت فيها هذه السيارة بعين الاعتبار. هذا الأمر أدى لفوز سيارة ويليامز ‘أف دبليو 14 بي’ بفارقٍ ضئيل، وهي أول سيارة شهدت براعة تصميم أنظمة التعليق الفعالة مع بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت السيارة تتمتع بالعديد من وسائل مساعدة السائق أثناء القيادة.
كانت هذه السيارة نسخة تطويرية لسيارة ‘أف دبيلو 14’، والتي دمجت بين الإبداع الانسيابي لأدريان نيوي مع البراعة الهندسية لباتريك هيد. ونظراً لقوة محرك رينو المؤلف من عشر اسطوانات بشكل حرف V وبسعة 3.5 ليتر، إلى جانب علبة التروس النصف أوتوماتيكية، كانت هذه السيارة هي الأسرع مع نهاية موسم 1991.
إلا أن مشاكل قلة الموثوقية في بداية الموسم، والتي كانت تتعلق بعلبة التروس في معظم الأحيان، تركت المجال مفتوحاً أمام أيرتون سينا ليتمكن من نيل لقبه الأخير لصالح فريق ماكلارين.
في عام 1992، قام نيوي وهيد بتطوير سيارة 1991 من أجل تصميم سيارة ‘أف دبليو 14 بي’، والتي تم تحسين هيكلها عن طريق نظام التعليق الفعال الذي قام بتطويره المدير التقني الحالي في فريق مرسيدس، بادي لو. هذا الأمر أدى لتعديل أنظمة التعليق بشكلٍ أوتوماتيكي من منعطفٍ لآخر من أجل ضمان ارتفاع قيادة مثالي وثابت، وبالتالي زيادة سرعة السيارة عبر المنعطفات بشكلٍ ملحوظ. كانت سيطرة فريق ويليامز في ذلك العام كبيرةً للغاية لدرجة أن نايجل مانسيل وريكياردو باتريزي كانا يتأهلان على الخط الأول في الحصص التأهيلية ومتقدمان بعدة ثواني عن المنافسين.
ورغم استخدام بقية الفرق لنسخهم من أنظمة التعليق الفعالة، لم تكن أي من هذه الأنظمة قادرة على مماثلة تأدية النظام الخاص بفريق ويليامز، كما استمرت سيطرة فريق ويليامز في العام التالي مع سيارة ‘أف دبليو 15 سي’، والتي تحتل المركز الثالث في فئتنا أيضاً.
ولكن في عام 1994، قرر الاتحاد الدولي للسيارات حظر استخدام أنظمة التعليق الفعالة، نظام التقليل من قوة الجر، إلى جانب العديد من وسائل مساعدة السائقين. وتوجب علينا الانتظار حتى عام 2014، مع محركات الفورمولا واحد الهجينة، من أجل رؤية تقنيات في الفورمولا واحد يمكن استخدامها في السيارات التجارية.
فسّر الاتحاد الدولي حظره لوسائل مساعدة السائقين في عام 1994 من أجل جعل السائق هو الذي يتمكن من صنع فارق في السباقات، نظراً للفكرة السائدة بأن السيارات التي تتمتع بأنظمة تعليق فعالة أصبحت سهلة القيادة. ولكن لسخرية القدر، فإن المواصفات المطلوبة من أجل استخلاص أقصى طاقات وقدرات سيارة ‘أف دبليو 14 بي’ كانت بشريةً للغاية: القوة المفرطة والثقة بالنفس.
قال نايجل مانسيل، والذي تمتع بقوةٍ كبيرة، دقة، وثقة بنفسه، ما ساعده بالسيطرة على مجريات موسم 1992 لصالح فريق ويليامز: ‘‘كان الالتزام أثناء القيادة ضرورياً للغاية، إذ في حال لم تبقَ السيارة على مسارها، كنا سنتعرض لحادثٍ كبيرٍ’’.
‘‘توجّب علينا فرض سيطرتنا على السيارة. في حال اضطررنا لتعديل المقود خلال المنعطف، لم يكن من الممكن إحكام السيطرة على السيارة من أجل ضمان عدم انزلاقها. كان أمراً مرعباً للغاية. ولكن عندما كنا نقوم به بشكلٍ صائب، كان هناك شعورٌ كبيرٌ بالرضا – كما أن السيارة كانت سريعةً للغاية’’.
كيف جرت عملية التصويت:
المركز الأول: ويليامز أف دبليو 14 بي
المركز الثاني: مرسيدس دبليو 05 الهجينة
المركز الثالث: ويليامز أف دبليو 15 سي
المركز الرابع: ماكلارين أم بي 4-1
المركز الخامس: مرسيدس دبليو 196
المصممون: باتريك هيد وأدريان نيوي
الهيكل: مصنع من الألياف الكربونية
المحرك: رينو ‘أر أس 4’ مؤلف من عشر اسطوانات بشكل حرف V وبسعة 3.5 ليتر
القوة: 750 حصان
النقل: ويليامز بست سرعات
عجلة القيادة: 292.1 سم
الوزن: 505 كلغ
الإطارات: غوديير
السيارة الأروع: مرسيدس-بنز دبليو 196
من الصعب تحديد معنى مصطلح ‘رائع’، ففي نهاية المطاف، هذا أمرٌ شخصي للغاية. وبالتالي، ما الذي يجعل سيارة فورمولا واحد ‘رائعة’؟ سألنا لجنة التحكيم ما هي أفضل سيارة شعروا تجاهها بصلةٍ وطيدة، ما هي أكثر سيارة مثيرة للاهتمام بنظرهم، وما هي أكثر سيارة كانوا يتمنون تصميمها. وبالتالي من غير المفاجئ وجود عدد كبير من الإجابات على هذا السؤال.
إلا أن سيارة مرسيدس بنز دبليو 196 تستحق الفوز عن جدارة. إذ أن هذه السيارة تمكنت من الفوز بتسعة سباقاتٍ من أصل 12 جولة شاركت بها بين عامي 1954 و1955، إلى جانب نيل لقبي بطولة عالم عن طريق خوان مانويل فانجيو. وما مدى روعة هذه السيارة التي انسحبت من الفورمولا واحد قبل أن يتمكن أن فريق آخر من التغلب عليها؟ وما مدى روعة هذه السيارة التي تميزت بنموذجين لجسم السيارة، إلى جانب تقنية تصنيع محركات مستوحاة من الطائرات المقاتلة؟
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قامت شركة مرسيدس بنز بإعادة بناء قسم التسابق الخاص بها، مع استثمار عدد كبير من الموارد إلى جانب وجود فريق يتألف من أكثر من 200 شخص لتصميم سيارات لمختلف فئات التسابق.
شاركت سيارة ‘دبليو 196’ لأول مرة في جائزة فرنسا الكبرى عام 1954 وتمكّنت من الفوز في هذا السباق عن طريق خوان مانويل فانجيوز في ذلك السباق، تميزت السيارة بجسمٍ منسابٍ يغلق العجلات من أجل ضمان أقصى فعالية. كما استخدم هذا الجسم على حلبات مونزا وسيلفرستون، ولهذا السبب يُطلق عليه اسم ‘جسم مونزا’، ولكن على بقية الحلبات تميزت السيارة بجسم أبسط ولا ينغلق على العجلات.
أما بالنسبة للجهد الذي بذله فريق مرسيدس بذله فريق مرسيدس على تطوير المحرك، فإن سيارة دبليو 196 تميزت بوجود محرك منقطع الحواف مؤلف من ثمان اسطوانات بشكلٍ مسطح وبسعة 2.5 ليتر (ويتميز بتقنية الحقن المباشر للوقود من شركة تصنيع الطائرات المقاتلة ميسيرشميت)، وازدادت قوة السيارة من 257 حصان لتصل إلى 290 حصان بعد عامَين من التسابق.
ومن النقاط المميزة الأخرى نجد أقراص المكابح الداخلية الكبيرة، إلى جانب ذراع يسمح للسائق بتغيير ضغط الزيت في ممتص الصدمات على مدار السباق، ما يعني تعديل قساوة نظام التعليق من أجل تحسين استجابة السيارة ضمن المنعطفات من انخفاض كمية الوقود. هذا النوع من التفاصيل لم يكن ليتوفر إلا عن طريق مُصنّع يملك استثماراتٍ كبيرة في الفورمولا واحد حتى في ذلك الوقت.
السيطرة المطلقة لسيارة دبليو 196 على مدار عامين من التسابق انتهت بطريقةٍ مزعجة عندما انسحبت مرسيدس، وبشكلٍ مفاجئ، من كافة نشاطات رياضة المحركات، وذلك بعد الحادث المريع في سباق 24 ساعة في لومان لعام 1955 عندما توفي سائق مرسيدس، بيير لوفيه، في حادثٍ شهد مصرع 82 مشجعاً وإصابة 120 آخرين.
هذه النهاية المأساوية لمسيرة السيارة التنافسية تترك العديد من الأسئلة دون إجابات حول الإمكانيات التي كان بإمكانها تحقيقها بعد عدة أعوامٍ.
كيف جرت عملية التصويت:
المركز الأول: مرسيدس بنز ‘دبليو 196’
المركز الثاني: ماكلارين هوندا أم بي 4-4
المركز الثالث: لوتس 79
المركز الرابع: فيراري 126 سي
المركز الخامس: بينيتون بي أم دبليو ‘بي 186’
المصمم: رودولف أولينهاوت
الهيكل: توبولار
المحرك: مؤلف من ثمان اسطوانات بشكل مسطح وبسعة 2.5 ليتر
القوة: 290 حصان
النقل: علبة تروس يدوية مؤلفة من خمس سرعات
عجلة القيادة: 235 سم
الوزن: 720 كلغ
الإطارات كونتينينتال
أعظم سيارة في تاريخ الفورمولا واحد على الإطلاق: ماكلارين هوندا ‘أم بي 4-4’
في حين أن عملية اختيار السيارة الأعظم في تاريخ الفورمولا واحد تتضمن العديد من العوامل المهمة بالنسبة للجنة التحكيم، مثل الجمال، الابتكار، التفكير المميز، السرعة، إلا أن هناك معيارٌ وحيدٌ كان مفصلياً عند اختيار هذه السيارة: الفوز.
أحد المصممين، والذي اختار سيارة ماكلارين هوندا أم بي 4-4 للفوز بهذه الفئة، وصفها بأنها ‘‘كنسبةٍ مئوية، السيارة الأكثر نجاحاً على مدار موسم واحدٍ في تاريخ البطولة’’. وأضاف آخر: ‘‘نجاحٌ لم نشهد له مثيل، حيث فازت هذه السيارة بـ15 سباقاً من أصل 16 جولة’’. هذا الأمر يفسر أسباب فوز هذه السيارة بفارقٍ كبير في هذه الفئة الأكثر أهمية، رغم عدم تصدرها لأي فئاتٍ أخرى. لم تكن سيارة ماكلارين ‘أم بي 4-4’ ثورية، راديكالية، أو حتى غير معتادة: كانت ببساطة مُهيمنة.
منذ اللحظة التي اختبرا فيها سيارة ‘أم بي 4-4’ في التجارب، كان كل من ألان بروست وأيرتون سينا يدركان تماماً أن لديهما سيارة قادرة على الفوز في السباقات. ولكن لم يكن من الممكن الاعتقاد بأن هذه السيارة ستنطلق من المركز الأول 15 مرة، والفوز بـ15 سباقٍ وتحقيق عشر منصات تتويج إضافية في موسمٍ شهد 16 جائزة كبرى فقط، أو أن فريق ماكلارين سيتمكن من تسجيل نقاط أكثر بثلاثة أضعاف من فريق فيراري في المركز الثاني في ترتيب بطولة الصانعين.
قام بتطوير سيارة ‘أم بي 4-4’ كل من ستيف نيكولز وغوردون موري. كان موري انضم لفريق ماكلارين حديثاً قادماً من برابهام، وبالتالي تبنّت سيارة ‘أم بي 4-4’ العديد من أفكاره التي شوهدت في سيارة ‘بي تي 55’ الطموحة، والتي تتضمن المظهر الأنيق والمنخفض الارتفاع. توضّع محرك هوندا في مكانٍ أكثر انخفاضاً مقارنةً بسيارات ماكلارين السابقة من أجل تخفيض مركز الجاذبية للسيارة وتحسين الانسيابية، في حين أن نظام التعليق الخلفي المعقد جعل السيارة مستقرةً عند الكبح وسريعةً للغاية عند التسارع من المنعطفات البطيئة.
كما أن المحرك لعب دوراً أساسياً في نجاحات هذه السيارة، إذ انتقل فريق ماكلارين من محركات تاغ المصنعة بإشراف بورشه ليستخدم محرك هوندا المزود بشاحن توربيني والمؤلف من ست اسطوانات بشكل حرف V. ذهبت شركة هوندا لأقصى الحدود من أجل تصنيع محرك بإمكانه توليد 700 حصان. وعلاوةً على ذلك، تمتعت السيارة بموثوقيةٍ ممتازة إلى جانب توفر أفضل سائقَين، وبالتالي كانت النتيجة هي السيطرة المطلقة. ولولا اصطدام سينا بسيارة جان لوي شيلسر في مونزا، كانت سيارة ‘أم بي 4-4’ لتفوز في كافة سباقات عام 1988.
كانت هذه السيطرة مذهلة نظراً لأنها لم تأتِ نتيجة اكتشاف فريق ماكلارين لثغرةٍ في القوانين، أو نتيجة تغيير في القوانين التقنية: بكل بساطة، كانت سيارة ‘أم بي 4-4’ أفضل من كافة سيارات عام 1988. في الواقع، جاءت هذه السيطرة رغم المحاولات المستمرة من صنّاع القرار: ففي العام الأخير من حقبة الشواحن التوربينية، كانت هناك العديد من القيود المفروضة على الفرق التي تتزود بهذه المحركات، مثل تخفيض القوة وتخفيض كمية الوقود المسموحة إلى جانب أفضلية الوزن التي تمتعت بها السيارات المزودة بمحركات احتراق دون شاحن توربيني.
تمكّن فريق مرسيدس، العام الماضي، من التغلب على سجل سيارة ‘أم بي 4-4’، إذ تمكّنت سيارة ‘دبليو 05’ من الفوز بـ16 سباقاً عام 2014. علماً أن انتصارات سيارة فريق مرسيدس جاءت من 19 جولة، وبالتالي فإن نسبة نجاح سيارة ‘أم بي 4-4’ تبقى هي الأفضل، 93.75%.
هذه الأرقام مذهلة من دون شك، ولكن لا يجب علينا أن نحصر سيارة ‘أم بي 4-4’ بالإحصائيات فقط: هذه هي السيارة التي شهدت انطلاق المنافسة الملحمية بين سينا وبروست، عندما بدأت منافسة أسطورتين في الفورمولا واحد تتزايد على صعيدٍ شخصي.
هل كان مسار المنافسة بين سينا وبروست ليختلف عام 1988 في حال لم تكن سيارة ‘أم بي 4-4’ تنافسيةً لهذه الدرجة؟ في حال واجه فريق ماكلارين تهديداً من أحد منافسيه، هل كان سيقوم بإخماد التوتر بين سائقيه من أجل مواجهة التهديد الخارجي؟
ستبقى هذه النقطة موضع نقاشٍ لفترةٍ طويلة. ولكن الأمر المسلّم به هو أن سيارة ماكلارين هوندا ‘أم بي 4-4’ من أعظم السيارات، إن لم تكن الأعظم، وبالتالي فهي تستحق الفوز بهذه الفئة عن جدارة.
كيف جرت عملية التصويت:
المركز الأول: ماكلارين هوندا ‘أم بي 4-4’
المركز الثاني: ويليامز رينو ‘أف دبليو 14 بي’
المركز الثالث: لوتس 25
المركز الرابع: مرسيدس بنز ‘دبليو 196’
=المركز الخامس: لوتس 78
=المركز الخامس: مرسيدس ‘دبليو 05’ الهجينة
المصممون: ستيف نيكولز وغوردون موري
الهيكل: مصنع من الألياف الكربونية
المحرك: محرك هوندا ‘أر أيه 168 – إي’ مؤلف من ست اسطوانات بشكل حرف V بسعة 1.5 ليتر مزود بشاحن توربيني
القوة: 650 حصان
النقل: علبة تروس ماكلارين بست سرعات
قاعدة العجلات: 287.5 سم
الوزن: 540 كلغ
الإطارات: غوديير
وجهة نظر مصمم السيارة:
يقول ستيف نيكولز، أحد مصممي هذه السيارة: ‘‘كنا نعمل وفقاً لمجموعةٍ من القوانين التقنية الموضوعة من أجل ضمان فوز المحركات غير المزودة بشاحن توربيني في السباقات. إذ أن تلك السيارات كانت تمتلك سعةً أكبر للمحرك: 3.5 ليتر. كان لدينا 150 ليتراً من الوقود فقط، ومحرك بسعة 1.5 ليتر، إضافةً لوضع حدود على القوة القصوى. وبالتالي، على مدار سباقٍ كاملٍ، كان لدينا حوالي 600 حصان فقط من المحرك. رغم ذلك، تمكّنا من التغلب بشكلٍ مستمر على منافسينا كما تمكّنا في عدّةِ مناسباتٍ من تجاوز سيارة لوتس، التي تزودت بنفس المحرك، بفارق لفة كاملة’’.
‘‘جاءت سيارة ‘أم بي 4-4’ ثمرة جهود وخبرات فريق ماكلارين في تلك الفترة إلى جانب التعاون والتقدير المطلق لمعنى العمل الجماعي. هذه السيارة تثبت العمل الرائع الذي بذله أعضاء فريق ماكلارين الذين قاموا بتصميم والتسابق باستخدام هذه السيارة المذهلة’’.
الفائزون الآخرون:
الأكثر راديكالية: برابهام ‘بي تي 46 بي’
أكثر سيارة غير مألوفة: تيريل بي 34
السيارة التي قضت على أفضل الفرق: برون ‘بي جي بي 001’