عندما يخلع السائق البرازيلي فيليبي ماسا (على الأرجح) يوم الأحد القادم في آخر سباقٍ لهذا الموسم على حلبة بلاده في إنتِرلاجوس رداء فيراري للمرة الأخيرة في مسيرته، فإنه سيخلع الرداء من دون ندمٍ على الإطلاق حول مسيرة حياته التي قضاها في رحاب الفريق في مارانيللو.
ربما جانب الحظ هذا السائق عندما لم يُحقق طموحه لأن يكون بطلاً للعالم لأكثر من 30 ثانية في البرازيل قبل خمسة سنوات – وهو الآن يبدو ظلاً للرجل الذي ناضل وصارع وبقوة زميليه السابقين مع السكوديريا الألماني مايكِل شوماخر والفنلندي كيمي رايكونن – ولكنه يشعر بالقليل حول ما كان عليه فعله وما توجب عليه أن يفعله بطريقةٍ مُختلفة.
يقول فيليبي ماسا ’’لقد قضيت بعض الأوقات الرائعة، وأيضًا بعض الأوقات الصعبة، ولكن يُمكنني القول بأنني كُنتُ سعيدًا‘‘، واصفًا مشاعره والأحاسيس التي مر بها طيلة فترة 139 سباقًا من مسيرته والتي قضاها لدى أكثر فرق الفورمولا واحد شُهرةً.
ويُضيف فيليبي ماسا بالقول ’’من الصعب عليك تغيير ما حدث، وبالتأكيد يُفضل الشخص تحقيق نتائج مُمتازة وأشياء عظيمة أكثر من الأمور الصعبة، ولكن هذا الأمر جُزء من حياتنا‘‘.
يستدرك فيليبي ماسا بالقول ’’إلا أنني تعلمت الكثير مع كل ما فعلته مع فريق فيراري وما يُمكنني قوله الآن هو أنني رجل سعيدٌ جدًّا، لا أشعر بأي إحباط تجاه مسيرتي، لدي مسيرة عمل رائعة لم أعتقد أبدًا بأنني كُنت سأحقق مثلها‘‘.
يُتابع فيليبي ماسا الحديث ’’أنا أتطلعُ قُدمًا لتحقيق المزيد من النتائج الجيدة وأن أستمر في النضال لتحقيق الانتصارات ولقب البُطولة، وإلا فإن ذلك يعني بأن عليَّ التوقف‘‘.
ويقول فيليبي ماسا عن موضوع الاعتزال ’’لا أعتقد بأن الوقت حان للتوقف – أنا أثق بنفسي وأعتقد بأنه يُمكنني تقديم المزيد من العمل والتنافس وهذا ما أتطلع إلى تحقيقه‘‘.
ويُمكننا وصف أن مسيرة فيليبي ماسا مع فريق فيراري بأنها مرت بمرحلتين مُنفصلتين – حيث يُمكننا تحديد الفاصل بين هاتي المرحلتين بالحادث الرهيب الذي تعرض له فيليبي ماسا خلال فترة التجارب التأهيلية في سباق جائزة المجر الكُبرى عام 2009.
وهو الحادث الذي أجبر البرازيلي على الخُروج من المُنافسات لبقية الموسم بعد أن أصيب في وجهه بنابضٍ خرج من مكانه، وكانت مقدرة فيليبي ماسا على العودة إلى الصف الأول من المُنافسات إنجازًا بحد ذاته.
ومع ذلك، ومُنذ عودته إلى ساحة الفورمولا واحد بعد الحادث، استمرت الأسئلة تُحاصره حول ما إذا كان بحالةٍ جيدةٍ كما كان قبل الحادث، وبينما لم يُحقق توقيت أسرع لفة لغاية الآن سوى مرةٍ واحدة كانت على تلك الحلبة التي شهدت الحادث – حيث يُمكنكم إلقاء نظرةٍ على سجلات التأهل في ذلك الموسم مُقابل زميله في الفريق الإسباني فرناندو ألونسو للتأكد من ذلك – إذ بدا بأن ثباته في السباق قد خفت شُعلته مُقارنةً بالفترة التي سبقت الحادث.
وبينما يُشير المُراقبون إلى أن التأثير الكبير للحادث قد أثرَّ سلبًا على العديد من السباقات التي خاضها، إلا أن فيليبي ماسا يُعاند بأنه لا يوجد دليل على أن أداؤه قد ضعف بالإجمال نتيجةً للحادث في المجر.
يقول فيليبي ماسا حول هذا الأمر ’’لا أظن ذلك‘‘، واستكمل الحديث بالقول ’’فكرت بذلك عدة مرات، لقد خُضت الكثير من الاختبارات، وذهبت إلى العديد من المُستشفيات المُختلفة، وقُمتُ بكل شيء‘‘.
وأضاف فيليبي ماسا بالقول ’’لقد قال لي جميع الأطباء بأني بخير 100%، ولا أعاني من أية مشاكل على الإطلاق، يُمكنني أن أقول بأن ما حصل ليس مُجرد حادث، بل أن الحقيقة هي بأن العديد من الأمور تغيرت، إذ كُنتُ أعاني الكثير من المشاكل مع الإطارات – إطارات بريدجستون، والتي كانت إطارات قاسية جدًّا، أقصد بأني كُنت أعاني الكثير معها‘‘.
يُضيف فيليبي ماسا ’’لقد حصلت العديد من الأمور ولنكُن صريحين لا أعتقد بأنها كانت نتيجةً للحادث‘‘.
لقد كان هُنالك العديد من العوامل التي أزعجته، لعلَّ من أكثرها تأثيرًا تلكم الأيام سيئة السُمعة مثل ما حصل في سباق جائزة ألمانيا الكُبرى عام 2010، وسباق جائزة الولايات المُتحدة الأمريكية العام الماضي عندما كان عليه التضحية بطموحاته المشروعة لصالح زميله في الفريق.
بالنسبة لرجل لديه الكثير من المشاعر كفيليبي ماسا، يُقر بأن أحداثًا مثل تلك التي حصلت قد آذت مشاعره حتى لو أنه كان في ذلك الوقت يعض على شفتيه ويقبل بأن هُنالك أوقات في الفورمولا واحد تُحتم على السائق أن يُطيع أوامر فريقه.
يقول فيليبي ماسا شارحًا الأمر ’’بالتأكيد كان ذلك صعبًا‘‘، وأضاف: ’’هنالك مواقف لا يُحب السائق أن يكون فيها، شيء تشعر به حقًا – لست أنا فقط من يشعر به بل الفريق أيضًا‘‘.
يُضيف فيليبي ماسا ’’هذا جزء من الحياة، لا يُكننا العودة إلى الوراء؛ لقد حصلت هذه الأمور وحسب. لقد فعلت الكثير من الأمور الأخرى لمساعدة الفريق، ولكن الأمر كان مُختلفًا قليلاً في ذلك السباق‘‘.
وعلى الرغم من ذلك، كان هُنالك ما هو أسوأ من خسارة النتائج التي عمل بجدٍّ على تحقيقها والتنازل عن الموقع الذي حققه، ألا وهو أنه كان يتعرض في كل مرةٍ يتنازل فيها عن مركزه لانتقاداتٍ من مُشجعيه ووسائل الإعلام كما لو أنه تنازل عنها بسهولة.
يشرح فيليبي ماسا الأمر بالقول ’’إنه أمر صعب إذا ليس من الجيد قراءة شيء ما يأتي من شعبك من البرازيل عندما ينتقدوني‘‘، ويُضيف بالقول ’’ولكن من السهل عليك ان تقول وانت جالسٌ في منزلك: أنت لا تعمل لصالح شركة بل لصالح مجموعة‘‘.
وأردف بالقول ’’وهُنالك العديد ممن ينتقدوني يفعلون نفس الشيء في شركاتهم، لكنهم لا يرون ذلك!‘‘.
ويصف فيليبي ماسا شعوره حول ذلك بالقول ’’لا أشعر بالأسف لما فعلته لأني شخصٌ مُحترفٌ جدًّا، وأنا دائمًا أقوم بكل شيءٍ بأكثر الطرق احترافية لصالح الشركة التي أعمل لصالحها، من الأفضل لك أن تقوم بذلك بدلاً من أن تدخل في صراعٍ مع الشركة التي وثقت بك‘‘.
عندما ينظر الناس إلى مسيرة فيليبي ماسا، فإن اللحظة الوحيدة التي تبرز وأيضًا والتي قد تكون حددت صفته بأنه كان رجلاً وسائقًا للسباقات، هي الطريقة التي تعامل بها مع الجولة النهائية لموسم 2008 على حلبة إنتِرلاجوس.
وفي ذلك اليوم وقف فيليبي ماسا على منصة التتويج، حيث قاد من صميم قلبه ووجدانه ليستحق الفوز الذي احتاجه ليكون بطلاً للعالم – فقط ليرى أحلامه تتلاشى عند المُنعطف الأخير عندما تجاوز البريطاني لويس هاميلتون بسيارة ماكلارين الألماني تيمو جلوك على سيارة تويوتا – حيث بهرت الروح الرياضية في فيليبي ماسا كل من رآه.
يشرح فيليبي ماسا مشاعره عمَّا حصل بالقول ’’لقد كان أمرًا تلقائيًا، لقد كان ذلك ما أردت فعله هناك، وما شعرت به أيضًا‘‘.
وأضاف بالقول ’’لم أفكر أبدًا بما كنت سأقوله، كان الأمر طبيعيًا، لقد كنت أنظر بنفسي إلى جماعتي، وحاولت أن أكون على طبيعتي‘‘.
ورغم ذلك، وبالعودة إلى ما مضى، يعتقد ماسا بأنه لم يكن من الصعب عليه فعل ما فعله ذلك اليوم، ومن المُثير للاهتمام أن جُزءًا من ذلك يعود لأنه لم يُفكر بأنها كانت اللحظة التي فقد فيها اللقب.
يقول فيليبي ماسا حول هذا ’’لقد كان أمرًا جيدًّا، أفضل بكثير مما توقعته‘‘، ويُضيف بالقول ’’لم يكن بإمكاني فعل أفضل مما فعلته، لم افقد البُطولة في البرازيل، بالتأكيد لو أنني فقدت البطولة بسببي، فإن ذلك سيكون أكثر صعوبة‘‘.
وأردفَ فيليبي ماسا بالقول ’’لنكون صريحين، ما فعلته في السباق الأخير من موسم 2008 هو أنني أعطيت ما نسبته 120% من أدائي. حيث بدأت من المركز الأول على شبكة الانطلاق، وحققت الفوز بالسباق وأيضًا حققت اسرع لفة في السباق – لقد فعلت كل شيءٍ وأنا تحت ضغطٍ كبيرٍ جدًّا‘‘.
يصف فيليبي ماسا الأمر بالقول ’’كنت أعرف بأن الوضع يتجه نحو الأصعب ومع ذلك بذلت أفضل ما لدي، لذا فانا سعيدٌ جدًّا لما فعلته في السباق الأخير من موسم 2008، لقد خسرت البُطولة في السباقات الأخرى‘‘.
ويستطرد فيليبي ماسا بالقول ’’قد أقول ربما كان ذلك السباق الذي خفت فيه من خسارة البطولة هو سباق سنغافورة، لقد كنت أقود الطليعة في سباق المجر عندما تعرضت لمُشكلة في المُحرك، ولكن أمر حصل‘‘.
ويصفُ فيليبي ماسا الأمر بالقول ’’ما حصل في سباق سنغافورا كان غير مقبول، لسوء الحظ خسرت البطولة هُناك، ولكن الأمر حصل، لذا يُمكنني القول باني سعيدٌ لما فعلته، وآمل أن أكون أكثر سعادة لما سأفعله من الآن لغاية نهاية مسيرتي‘‘.
لقد قيل الكثير حول الطريقة التي مارس فيها فريق رينو الغشّ في سباق جائزة سنغافورة الكُبرى في بطولة موسم 2008، من أجل أن يمنحوا لفرناندو ألونسو انتصارًا مُفاجئًا من خلال جعل البرازيلي نيلسون بيكيه يتعمد حادث الاصطدام.
وما يتجاوز تأثير هذه الأحداث على الرياضة، يعرف فيليبي ماسا النقاط المُهمة التي أهدرها ذلك اليوم، حيث كان يقود خلف سيارة الأمان – التي دخلت بعد حادث نيلسون بيكيه – كما وجرت وقفة التزود بالوقود في وقفة الصيانة بطريقةٍ سيئةٍ جدًّا.
لم يُلقِ فيليبي ماسا باللوم حول حالة عدم سعادته على الحوادث، ويقول بأن على (إدارة) الفورمولا واحد أن تفعل شيئًا مُختلفًا على ضوء أعمال الغش التي تظهر.
ويقول فيليبي ماسا عن ذلك ’’ما حصل هُنالك يُشبه موقفًا في كرة القدم حيث يكون هُنالك مُباراة ويدفعون فيها (رشوة) للحكم – إنه نفس الموقف‘‘.
ويُضيف قوله ’’لقد رأينا العديد من بطولات كرة القدم حيث دُفع فيها (رشاوى) للحُكام والفريق الذي يخسر يخرج من البطولة، ولكن ذلك لا يحصل في الفورمولا واحد‘‘.
واستكمل بالقول ’’لكني لم أبكِ أبدًا على ما حصل، لقد حصل الأمر وشعرت بالحُزن، ولكن علينا التفكير في المُستقبل‘‘.
ولكن كيف شعر فيليبي ماسا عندما أصبح الشخص الذي حقق أكبر استفادة مما حصل في جائزة سنغافورة الكُبرى في موسم 2008 زميلاً له في نفس الفريق، ألا وهو الإسباني فرناندو ألونسو؟
يُجيب فيليبي ما بالقول ’’لسنا هُنا للحديث عن ذلك!، ليست لدي مُشكلة مع فرناندو، والذي قد يكون أقوى زميل تسابقت معه حتى الآن‘‘.
ويُضيف بالقول ’’لقد استمتعت بما فعلناه سويةً في فريق فيراري، ربما كُنتُ أفضل أن أفعل شيئًا مُختلفًا قليلاً عما فعلته، إلا أننا تمتعنا بعلاقةٍ جيدة‘‘.
وأضاف فيليبي ماسا بالقول ’’كما قُلتُ سابقًا، أنا لستُ رجلٌ مُحبط، بل أنا رجل سعيد، ويأمل أن يتمتع [ألونسو] بمُستقبلٍ كبير، ليس فقط له بل لرايكونن و(فريق) فيراري، ولي أيضًا‘‘.
بالعودة إلى البداية حيث كانت إجابته تعليق مُثير: إنّ ألونسو قد يكون “أقوى” زميل لي في نفس الفريق، إذًا فهو يقول بأن الإسباني أفضل من الألماني مايكل شوماخر؟.
يرد فيليبي ماسا بالقول ’’أظن بأن فرناندو سريع جدًّا وقادر على أن يستخرج الأفضل من السيارة طوال الوقت، وعلى أغلب الحلبات‘‘، ويُضيف بالقول ’’إنه ذكي جدًّا، إنه يفهم الكثير عن السيارة، أنه قويُّ جدًّا ذهنيًا ويعمل جيدًا تحت الضغط‘‘.
ويستطرد فيليبي ماسا بالقول عن زميله الإسباني ’’أعتقد بأنه سائقٌ كاملٌ جدًّا، وأود القول بأن مايكل شوماخر يُشبهه أيضًا، بالتأكيد كان مايكل شوماخر سائقًا كاملاً، ولكن ما أود قوله هُنا هو بأن فرناندو قد يكون أذكى قليلاً، ربما ذلك هو الفارق الوحيد‘‘.
كما واعترف فيليبي ماسا بأن العمل مع مايكل شوماخِر في بداية مسيرته مع فريق فيراري كان بمثابة دفعةٍ كبيرةٍ في جعله أن يُقدِّر بالضبط ما يحتاج له لتحقيق النجاح في الفورمولا واحد.
يقول فيليبي ماسا عن ذلك ’’كان ذلك مُهمًا جدًّا لي، ليس فقط العمل مع مايكل شوماخر بل العمل كسائق اختبارات مع فريق فيراري في عام 2003، والعمل مع مايكل شوماخر وروبينز [باريكيللو] ومُحاولة فهم الطريقة التي يعملان بها مع المُهندسين والأشخاص الآخرين في الفريق‘‘.
ويُتابع فيليبي ماسا بالقول ’’ومن ثم عملت مع مايكل شوماخر في نفس السيارة، حيث كان مدرسةً عظيمة، وكان مُهمًا جدًا‘‘.
وعلى الرغم من أن من أن مُغادرته لفريق فيراري تُعتبر فرصةً مثالية له للتفكير في السنوات الحالية، فإنه كأي رياضي، يفكر فقط بما هُو آتٍ، تم التأكيد مُؤخرًا على انتقاله إلى فريق ويليامز مُؤخرًا بعد إجراء هذه المُقابلة، ولكن في الوقت الذي يتطلع فيه قُدمًا لأن يكون مُختلفًا في مكانٍ آخر.
يقول فيليبي ماسا ’’أشعر بالسعادة نحو التغيير، للبدء مُجددًا من الصفر، لا أشعر بالإحباط على الإطلاق تجاه الوضع الذي أنا فيه الآن‘‘.
ويُضيف فيليبي ماسا بالقول مُستذكرًا فريقه ’’لكنني سأفتقد بالطبع للجانب الإنساني من فريق فيراري، إنهم عائلة حقيقية، وسيكون من الصعب علي أن أرى فريقًا آخر مثلهم‘‘.
يصف ماسا الفريق بالقول ’’كل شيء يُشبه العائلة داخل الفريق – لدي الكثير من الأصدقاء هُنا، وأشعر بشعورٍ جيدٍ بالعمل مع هذا الفريق وهؤلاء الأشخاص، وأنا سعيد من الجانب المهني، بينما سأفتقد الجانب الإنساني من الفريق‘‘.
وبغض النظر عن ما سيُحققه في حياته، إلا أنه يعلم بأن الناس لن تنسى أبدًا السنوات التي قضاها مع فيراري – حتى لو كانت هذه الذكرى مُجرد تذكر ظهيرة ذلك اليوم المُثير في البرازيل موسم 2008.
يقول فيليبي ماسا ’’كنت أفضل أن أكون بطلاً للعالم إلى الأبد، وليس فقط لمدة 30 ثانية‘‘ ويبتسم، ويختتم قائلاً: ’’ولكن ربما أديتُ أكثر السباقات النهائية إثارةً في البُطولة – أنا متأكد من أن الناس سيتذكروني!‘‘.