فشلت فكرة وضع سقف لميزانيات الفرق المشاركة في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد لعدة مراتٍ في السابق، ولكن لا يجب على الفورمولا واحد التخلي عن هذه الفكرة رغم ذلك.
وبعد مضي حوالي ستة أعوامٍ منذ بيان الاتحاد الدولي للسيارات الذي نصّ على أنّ تحكّم كل فريق بميزانياته هو الطريق الأمثل للتقدم في الفورمولا واحد بشكلٍ مستمر، عاد هذا الموضوع ليتصدّر عناوين الأنباء مرةً أخرى.
ولكن في حين أن اقتراحات الرئيس السابق للاتحاد الدولي ماكس موزلي من أجل تقديم مكاسب تنافسية مقابل التزام فرق بوضع حدود كبيرة على النفقات ليست جديدة على الإطلاق، من المثير للاهتمام أن الفرق المشاركة في الفورمولا واحد لم تتمكن من نسيان هذا المفهوم نهائياً.
إذ جاء في تصريحٍ للاتحاد الدولي للسيارات في 30 من شهر نيسان/ أبريل عام 2009: ‘‘أصبحت لدينا فلسفتان أساسيتان للعمل: إما الحد من النشاطات التقنية عن طريق وضع مجموعة صارمة من القوانين، إلى جانب ضرورة وضع معايير لكافة الفرق. أو التحكّم بالحد الأعلى لميزانيات الفرق’’.
‘‘يعتقد الاتحاد الدولي أن المنافسة التقنية غير المشروطة من أبرز عوامل نجاح بطولة الفورمولا واحد على مر التاريخ، وسيكون من المثير للاهتمام إعادة إنعاش هذا الجانب، شريطة حصول ذلك في بيئةٍ قوية ومسؤولة ومليئة بالابتكارات، وليس عن طريق إنفاق أموال طائلة من أجل تحقيق تقدم في السباق التطويري بين الفرق’’.
‘‘ولهذه الأسباب، نُفضّل وضع سقف لميزانيات الفرق المشاركة في الفورمولا واحد على الحل الآخر’’.
ما زالت أصداء هذه الكلمات تتردد إلى يومنا هذا. برأيكم، لن يرغب مشجعو الفورمولا واحد بعودة هذه الحرية التقنية على الحلبة مقابل موافقتهم بوضعِ حدودٍ على ميزانياتهم؟
لسوء الحظ تمّ التخلي عن مخططات عام 2009 بعد تهديدات كل من فيراري وريد بُل بمغادرة الفورمولا واحد على الفور.
كما فشلت عدّة محاولات أخرى لوضع سقف لميزانيات الفرق، لعلّ أبرزها مؤخراً عندما اعترضت الفرق الكبيرة في المجموعة الاستراتيجية لبطولة الفورمولا واحد على هذه الفكرة بسبب اعتقادهم بعدم إمكانية تنفيذ إجراءات صارمة للمراقبة.
ورغم هذه الإحباطات، ما زالت فكرة وضع سقف على ميزانيات الفرق تعود لأجندة عمل الفورمولا واحد مرةً تلو الأخرى، إذ من المرجح أن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان انخفاض النفقات إلى جانب تحقيق مكاسب عديدة.
حيث أدت التغييرات الطفيفة في قوانين تقليص النفقات لتحقيق مكاسب صغيرة وقصيرة الأمد على مدار الأعوام الماضية، لكنّها تؤدي في الوقت ذاته لوضع قيود صارمة على الابتكار في الفورمولا واحد في حين تتمكّن الفرق، بطريقةٍ أو بأخرى، من إيجاد ثغرات لإنفاق المزيد من الأموال – حيث أن ميزانيات الفرق في وقتنا الحالي أصبحت أعلى مما سبق.
العام الماضي، وفي مقابلةٍ مطوّلةٍ معه في منزله في مدينة لندن، أخبرني موزلي أنه نادمٌ للغاية لعدم إجباره الفرق على الالتزام بفكرة وضع سقف أعلى للنفقات عام 2009 عندما سنحت له فرصة تحقيق ذلك.
إذ اقتنع في ذلك الوقت، كما هو الحال في يومنا هذا، أن هذا الحل هو الأمثل من أجل إيجاد الدواء لعلل الفورمولا واحد العديدة.
قال في ذلك الوقت: ‘‘في نهاية المطاف أدركت أن تعديل القوانين لن يؤدي لنتائج ملموسة’’.
‘‘أظهرنا عدم القدرة على التحكم بنفقات الفرق عن طريق تغيير القوانين. يجب علينا فرض سقف للميزانيات’’.
لعلّ إمكانية القبول بهذا الحل تغيّرت في الوقت الحالي، وذلك في ظل تزايد المخاوف الناجمة عن النفقات الباهظة إلى جانب انخفاض نسبة متابعة الفورمولا واحد التلفزيونية وعلى الحلبات.
الأمر المذهل أن الانتقادات التي انهالت على هذه الفكرة عام 2009 – والتي أكدت أنها ستؤدي لخلق بطولتين متوازيتين في الفورمولا واحد – تبدو هزيلةً في يومنا الحالي بعد الإعجاب بفكرة استخدام محركات V8 إلى جانب محركات V6.
الآن، تعتمد الأمور كافةً على إمكانية وجود رغبة من قِبل الفرق من أجل وضع سقف للنفقات بشكلٍ تطوعي لكي يتم مناقشة هذا الموضوع في اجتماع المجموعة الاستراتيجية في 14 أيار/ مايو المقبل.
من شبه المؤكد أن الفرق الكبيرة ستعارض هذه الفكرة بالكامل، في ظل مخاوفهم بأن يكلّفهم ذلك العديد من الأفضلية التنافسية التي يتمتعون بها.
ولكن نظراً لعدم وجود أية حلول أخرى في الأعوام الستة الماضية، أصبح بإمكاننا معرفة ما هو الحل الأكثر عقلانية في بطولة الفورمولا واحد من أجل ضمان التقدم بشكلٍ صحيح.