يُجادل إيان باركس رئيس مُراسلي الفورموﻻ واحد الجديد في أوتوسبورت بأنه على الرغم من أن الفورموﻻ واحد تحتاج لعلاجات جذرية لمشاكلها، إلا أن التوقعات بتوقفها لم تحن بعد بالمقارنة مع كرة القدم والاستعراضات التجارية الكبيرة.
خلال حديثي مع صديق سألته سؤاﻻً يجوز تساؤله: هل الفورموﻻ واحد في طريقها للزوال؟
الصديق في هذه الحالة، لم يكن مُجرد مُراقبٍ عادي، بل شخصية مُحنكة معروفة في أروقة الفورموﻻ واحد.
يُشير وضعهم إلى حقيقة أنه يُمكن ﻷحدهم مع سنوات الخبرة العديدة التي يتمتعون بها البحث حول مُستقبل الرياضة واﻷمر ليس كما يرونه.
وفي رأيي المُتواضع فإن الجواب على تساؤله، هو بالتأكيد “ﻻ”، الفورموﻻ واحد ليس في طريقها للزوال، بل إنها ليست في حالة عجز.
إنها كما أقترح، في حالةٍ مقبولة، رغم إدراكنا بأن هنالك بعض المجاﻻت التي تحتاج لبعض العلاجات الجذرية.
ولكن لا يوجد رياضة كاملة، وبالتأكيد ليس واحدة تعمل على نطاق عالمي مثل الفورموﻻ واحد.
خذوا مثالاً كرة القدم، كموضوع نقاش، حيث هنالك الهيئة الحاكمة للرياضة مُمثلةً بالفيفا التي يُديرها سيب بلاتر، وهو شخصٌ غير محبوب بالنسبة لمُعظم اﻷطراف.
تستمر مُنظمة بلاتر في الدفاع عن نفسها ضد اتهامات بوجود فسادٍ يضرب بجذوره عميقًا في المُنظمة، ولعل من أبرزها مُؤخرًا تلك التي تتعلق بإسناد تنظيم كأس العالم عام 2022 إلى دولة قطر التي لا تملك تُراثًا رياضيًا في كرة القدم للحديث عنه.
يُمكنك أن ترى من أعلى القمة أعماق القاع وهنالك مخاوف كبيرة حول الطبيعة الشعبية للرياضة، وذلك المبلغ الصغير الثمين من العائدات الذي تبلغ قيمته بضعة بلايين من الجُنيهات والتي تأخذ طريقها نحو القاع حيث الحاجة الماسة لها.
وهذه هي كرة القدم، أكبر الرياضات شعبيةً على وجه البسيطة.
وبالنسبة للعديدين، تبدأ مشاكل الفورموﻻ واحد أيضًا من القمة، وفعليًا من ذلك الكيان الغامض الذي يُدعى “سي في سي” كابيتال بارتنِرز ورئيسه دونالد ماكينزي.
ولم يمضِ وقتٌ طويل مُنذ أن وجد بوب فيرنلي نائب مُدير فريق فورس إنديا نفسه في موقفٍ صعب بعد أن اتهم ذلك الكيان “باغتصاب الرياضة”، حيث جاهر بآرائه هذه بشجاعة فيما لا يجرؤ البعض إﻻ باﻹعجاب بهذه الجُرأة في السر.
وبينما تُعتبر “سي في سي” مشروعًا تجاريًا رأسماليًا هدفه الوحيد هو تحقيق اﻷرباح – ولماذا تُريد أية رياضة في أن تجد نفسها في حوزة مثل هذه الشركة؟ – يُمكن لماكينزي اﻹشارة عن صواب إلى حقيقة أن عائدات الفريق قد تضاعفت 4 مرات مُنذ أن اشترت الشركة الفورموﻻ واحد.
لدى فرق الفورموﻻ واحد العشرة ما يُقارب بليون جُنيه إسترليني في تصرفهم، وفيما لا يُعتبر هذا المبلغ كافيًا مع إشارة البعض إلى التكاليف المُتزايدة بحدة طوال اﻷعوام.
تعالت الصيحات في الموسم الماضي من فرق لوتُس، وفورس إنديا وساوبر للمزيد من العدالة حيث لا يلقون آذانًا صاغيةً عندما يتعلق اﻷمر بنسبة العائدات، والسبب الرئيسي خلف ذلك ارتباط جميع اﻷطراف مع السوبريمو بريني إكليستون الرئيس التنفيذي للفورموﻻ واحد بعقود لا يُمكن فسخها.
وباعترافه، سيُسر إيكليستون بتمزيق وإلغاء هذه التعاقدات والبدء بعملية المُفاوضات من الصفر إذا ما تركوه يُفكر بالحلول لمرة واحدة.
هنالك أيضًا من يرون بأن إكليستون نفسه هو أكبر مُشكلة للفورموﻻ واحد، حيث يبلغ عُمر السوبريمو 84 عامًّا ولم يعد له إطلاع كامل على الرياضة التي رأسها خلال أفضل حقبها لمدة 40 عامًّا.
كما يُشير آخرون إلى أن إكليستون قد فقد التواصل مع جماهير الفورموﻻ واحد، ومع أنه قد يكون بإمكانه التفاوض حول اتفاقيات مع كبار مسؤولي منطقة الخليج العربي ورجال اﻷعمال اﻷثرياء، إﻻ أنه لا يعرف كيف يُرسل تغريدة من تطبيق فاين.
فضلاً عن ذلك مَثُلَ إكليستون أما المحاكم في العديد من القضايا التي رُفعت ضده مما استهلك الكثير من وقته الخاص طوال أعوام، إضافةً لمُقاومته موضوع تجهيز خليفةٍ له، مما يترك الناس يُشككون بحقه في العمل كـ “زعيم” الرياضة.
وبعد ذلك ننتقل للفرنسي جان تود [الذي يرأس اﻻتحاد الدولي للسيارات – فيا]، الرجل الذي يقف على طرف النقيض من سلفه البريطاني ماكس موسلي.
ومع أنه رجل المُواجهات والتحديات كما كان موسلي، إﻻ أن تود اعتمد على أسلوب أقل شعبية، على الرغم من مُلاحظة أنه دفن رأسه في الرمال عندما تطلبت الفورموﻻ واحد قيادةً قوية من الهيئة التي تحكمها.
وفي الحقيقة تتمتع الفرق، من خلال المجموعة اﻻستراتيجية، بحق طرح رأيها في إدارة الفورموﻻ واحد ناهيكم عن تناولها جوهر الموضوع – ولعل النُقطة اﻷبرز حول هذا جائت العام الماضي عندما رُفِضَ اقتراح قدمه تود من أجل وضع حدٍّ للنفقات.
وﻻ يوجد رياضة رئيسية أخرى تُتيح للفرق إبداء رأيها حول سياسة الرياضة ووضع قواعدها.
إذًا نعم، لدى الفورموﻻ واحد مجاﻻت رئيسية من اﻻهتمامات ذات الصلة بأعلى المُستويات بخلاف السباقات، تمامًا مثل الفيفا، ولنكن صريحين مثل العديد من اﻷعمال الكبيرة اﻷخرى.
وكم عدد اﻷشخاص بيننا الذين سيقولون بصراحة بأنهم لم يتأثروا أو يهتموا باتخاذ القرار من الإدارة العليا داخل الشركات التي نعمل بها؟
هكذا هي الفورموﻻ واحد تمامًا، وبشكلٍ طبيعي هي ذات مُستوى أعلى بكثير ومكشوفة للعلن، ولذلك يتم نقاش هذه القرارات، والسُخرية منها في أحوالٍ كثيرة، وبعلانية أكبر.
أما في ما يتعلق بالمسار، مُنذ متى لم نسمع عن مشاكل تتعلق باﻻستعراض؟
طوال عصور الرياضة كان هنالك تحسينات مُستمرة على كل شيء – السيارات، ونظام التجارب التأهيلية، والسباقات، ونظام جدول النقاط، وكل شيء يخطر على بالك – كل هذا من أجل إرضاء الطلب المُستمر من الجماهير التي تتوق للكمال.
لم يكن هذا المفهوم موجودًا في الفورموﻻ واحد إطلاقًا ﻷنه لا يُمكن جعل جميع الناس سُعداء طوال الوقت “وإرضاء الناس غايةٌ لا تُدرك” – واﻷمر لا يتعلق فقط بالمُتنافسين، بل بالمُشجعين أيضًا.
مع ذلك هنالك الكثير من اﻷمور الصحيحة حول هذه الرياضة، وللأسف بدأت تخسر جاذبيتها من خلال الجوانب السلبية التي تزداد باستمرار.
والشاهد هنا هو التسابق، من الصفوف اﻷمامية إلى الخلفية، التي لم تعُد في كثيرٍ من اﻷحيان جذابةً في نظر المُشاهدين.
قد يكون لدينا فرق المُقدمة، وفرق الوسط وفرق المُؤخرة، ولكن مُجددًّا كيف يبدو هذا اﻻختلاف من مُنتج يُعتبر على نطاقٍ واسع حول العالم على أنه واحد من أفضل اﻷشياء في العالم أﻻ وهو الدوري اﻹنجليزي المُمتاز لكرة القدم “بريميير ليج”؟
لديكم في بداية كل موسم أربع فرق، ورُبما خمس فرق تعرف بأنهم سيتنافسون فيما بينهم على اللقب، ومن قد تُراهن على ثمانية أو أكثر من الفرق اﻷخرى لتُنهي الموسم في وسط الترتيب، ومن ثم تليها سبعة أو ثماتية فرق أخرى ستُنافس لكي لا تهبط من الدوري المُمتاز.
وهنالك أيضًا التقنية في الفورموﻻ واحد التي لا يفهمها الكثير من المُشجعين في بعض اﻷحيان، ولكن لا يُمكن للرياضة من دونها أن تدعي بأنها اﻷكثر تقدمًا على وجه اﻷرض.
يُعتبر أولئك المُهندسين المجهولين في كل فريق عباقرة ﻷنهم يُفسرون مجموعة مُعقدة من اﻷنظمة ويُترجمونها إلى تلك السيارات الجذابة واﻵسرة.
ولدينا السائقون أنفسهم، وبالتأكيد، هنالك بعض اﻷوقات التي لا يُمكننا رؤية ما يكفي من شخصياتهم الحقيقية.
رُبما نرغب جميعنا في أن نراهم أكثر قوة في تعليقاتهم، كما كان اﻷمر في اﻷيام الخوالي للرياضة.
ولكن علينا أن نتذكر بأننا نعيش في عالم سريع اﻹيقاع تُحركه وسائل التواصل اﻻجتماعي حيث حيث يتم تحليل كل كلمة وإيماءة وجه، ويتلقى فيه السائقون تدريبات مُكثفة حول كيفية التعامل مع وسائل اﻹعلام النهمة والتشبث بمُلاحظاتهم.
وفي النهاية، لدينا الحلبات، ومُجددًّا وبينما أنتج لنا مُصمم الحلبات الشهير الألماني هيرمان تيلكه بعض الحلبات المُملة طوال الأعوام مُنذ أصبح المُصمم الرئيسي للرياضة، فإن غالبية الحلبات – القديمة منها والجديدة – هي ذات تصاميم رائعة.
خسرنا فرصة التسابق على بعض الحلبات التاريخية – كياﻻمي في جنوب إفريقيا، وإيموﻻ في إيطاليا، وزاندفورت الهولندية، وإستوريل البُرتغالية وماني كور الفرنسية على سبيل المثال ﻻ الحصر، وحلبات أخرى على غرار نوربورغرينغ الألمانية ومونزا اﻹيطالية على شفير هاوية الخُروج من البُطولة.
قد ننتقد دخول بعض الحلبات مثل حلبة أبو ظبي ذات التصميم الباذخ، وتقديم سباق أذربيجان، ولكن في نهاية المطاف تُعتبر الفورموﻻ واحد عملاً تجاريًا وغالبًا ما تتحكم قوى السوق في اتجاه الرياضة.
وخُلاصة هذا الكلام هو بأن هنالك الكثير في الفورموﻻ واحد لنستمتع به، وعلينا اﻻحتفال بها بدلاً من انتقادها، كما هي الحال في معظم اﻷحيان.