بعد خيبة أمل جائزة موناكو الكبرى، احتاج سائق فريق مرسيدس لويس هاميلتون لجولةٍ نظيفة في كندا، سابع جولات موسم 2017 من بطولة العالم للفورمولا 1، وهذا ما حصل عليه. في الواقع، كانت جولته سهلةً ودون جهد، لدرجة أن فوزه السادس في كندا، وهو سجلٌ مذهل في 10 أعوامٍ فقط، ألقى بظلاله على الأحداث الدرامية خلفه.
من الصحيح أن مهمة هاميلون أصبحت أسهل بعد ثواني من الانطلاقة عندما تضررت سيارة فيراري الخاصة بمنافسه الأبرز، سيباستيان فيتيل، إثر احتكاك سيارة سائق ريد بُل ماكس فيرشتابن بها بعد انطلاقته السريعة. ومن ثم، فإن حصول حادث في منطقة متوسط الترتيب أدى إلى دخول سيارة الأمان، ما يعني أن فيتيل لم يتمكن من تقييم الضرر الحاصل في جناحه الأمامي وأرضية السيارة.
مع عدم قدرته على رؤية الجناح الأمامي، اعتقد فيتيل بأن ‘الاستجابة الغريبة’ لسيارته كانت ناجمةً عن مزيجٍ من الرياح وعدم ارتفاع درجة حرارة الإطارات. إن أدرك فيتيل وجود ضرر كبير، لكان استغل تواجد سيارة الأمان ليتوجه إلى منطقة الصيانة وليخسر وقتاً أقل مما حصل معه عندما توجه في نهاية المطاف لإجراء توقفه، ما أدى إلى تراجعه إلى مؤخرة الترتيب.
كان المشجعون والمتابعون على شاشات التلفاز أبرز من استفاد مما حصل مع فيتيل في اللفة الأولى، مع تمهيد الطريق أمام عودة الألماني ليشق طريقه، إذ أظهرت تجاوزاته على سيارتي فورس إنديا المتنافستين سيرجيو بيريز وإستيبان أوكون جودته كبطل عالم رباعي.
كان المركز الرابع بمثابة مكافأة جيدة لـ فيتيل بعد تأخره الكبير في بداية السباق، ولكنه كان محبطاً بشكلٍ عام نظراً لأن تلك النتيجة سمحت لـ هاميلتون تقليص الفارق إليه ليصل إلى 12 نقطة فقط في ترتيب بطولة العالم للسائقين.
هذا الأمر يجب ألا يقلل من أهمية الأداء القوي الذي قدمه هاميلتون. إذ فرض سيطرته بالكامل، منذ حصوله على مركز الانطلاق الأول. إذ كانت لفته السريعة الأولى في القسم الأخير من الحصة كافيةً للتغلب على فيتيل، ومن ثم عزز البريطاني من صدارته بلفةٍ أخرى كانت مذهلة.
تحليل لفة هاميلتون من الكاميرا المثبتة على متن سيارته يظهر أنه تأخر في الكبح من سرعة 328 كلم/ الساع عند المنعطف المزدوج، ومن ثم ضغط بأقصى ما لديه على دواسة الوقود فور اجتيازه لذورة القسم الأول من المنعطف المزدوج، ولم يخفف الضغط طول اجتيازه لبقية المنعطف مع انزلاق سيارته نحو حائط الأبطال الشهير عند المخرج. أظهر ذلك العزيمة والإصرار والتزام هاميلتون داخل مقصورة القيادة.
فريق مرسيدس كان سعيداً جداً. إذ أنه بذل مجهوداً متواصلاً دون انقطاع، منذ جولة موناكو وحتى كندا، في محاولة البحث عن حلول لكافة تفاصيل السيارة واستجابتها مع الإطارات للتغلب على المشاكل التي أدت إلى تراجع هاميلتون في موناكو. ونجحوا في ذلك بالفعل.
كانت هناك العديد من الإحصاءات المثيرة للاهتمام في كندا. هاميلتون كان قد حصل على مركز الانطلاق الأول للمرة الأولى له، ومن ثم فوزه الأول، في كندا منذ 10 أعوامٍ. ولكن في موسم 2017، حصل هاميلتون على مركز الانطلاق الأول للمرة 65 في مسيرته، معادلاً رقم الأسطورة أيرتون سينا. البرازيلي الساحر كان ليوافق على أسلوب تحقيق هاميلتون لهذا الإنجاز مع لفةٍ رائعة، بأسلوبٍ مماثلٍ لما كان سينا يقوم به مع الضغط بأقصى الحدود مع سيارة ماكلارين الخاصة به منذ 25 عاماً.
كما سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما هي وجهة نظر سينا بخصوص المعركة بين ثنائي فورس إنديا، مع رفض بيريز طلباً، لا أمراً، بالسماح لـ أوكون بتجاوزه مع إطاراتٍ أفضل. لن نعلم إن كان بإمكان أوكون تحقيق نتيجة أفضل والنجاح بتجاوز سائق ريد بُل دانيال ريكياردو في نهاية المطاف، خصوصاً وأن الأخير لم يرتكب أي خطأ رغم تعرضه لضغوطاتٍ كبيرة.
فريق فورس إنديا يسمح لسائقيه بالتسابق دوماً دون قيود. أراهن على أن سينا كان ليوافق على ذلك في الواقع، ولكن في حال كان سينا مكان أوكون، لطالب فريقه على الفور بالسماح بالمرور والتقدم!
كان سباقاً رائعاً بالفعل، والآن، ينتقل سيرك الفورمولا 1 إلى أذربيجان.