لا تزال بطولة العالم للفورمولا 1 تلتقط أنفاسها بعد واحد من أعظم سباقاتها ترايخياً على حلبة هوكنهايم، الجولة 11 لموسم 2019، والذي كان حسب ما يعتقد عشاق رياضة السيارات حول العالم أسطورياً بكل ما للكلمة من معنى.
مرة أخرى، كل ما عليك فعله لتزيد من حماسة السباقات والمنافسات في البطولة أن نتتظر هطول الأمطار على مسار الحلبة، ليتكفل سائقو البطولة بمنحنا معارك بطولية، وهذا بالضبط ما حدث في سباق جائزة ألمانيا الكبرى، والذي شهد خروج سيارة الأمان أربع مرات وتطبيق نظام سيارة الأمان الافتراضية في مناسبتين وخلط أوراق قلّ ما شاهدناه في المواسم الأخيرة.
ما زاد من حرارة المنافسة في هذا السباق، كان بلا شك ظهور مرسيدس بحلة غير تنافسية على الاطلاق، إذ عانى سائقها وحامل لقب البطولة لويس هاميلتون كثيراً لينهي السباق في المركز التاسع، بينما عجز زميله فالتيري بوتاس عن تجاوز سائق فريق ‘رايسينغ بوينت‘ لانس سترول قبل تعرضه لحادث وانسحابه من السباق.
هذا الأمر، مهّد الطريق للسائق الموهوب، والذي يرى كثيرون أن مسألة فوزه ببطولة العالم متعلقة بالوقت فقط لا غير، ماكس فيرشتابن لتحقيق فوزه الثاني على التالي، في حين حقق سائق فيراري سيباستيان فيتيل نتيجة بطعم الفوز، بإنهائه السباق في المركز الثاني بعد انطلاقه من المركز 20 على شبكة الانطلاق.
منصة تتويج سباق جائزة ألمانيا الكبرى، شهدت عنصراً جديداً، لم نكن نتوقع أن نراه مجدداً تحت الأضواء، وهو سائق فريق تورو روسو الروسي دانييل كفيات، وهي منصة التتويج الثالثة على صعيد فرق متوسط الترتيب منذ بداية موسم 2017.
مع كل هذه الدراما والنتائج غير المتوقعة، أنتجت الحلبة الألمانية سباقاً لن ينساه عشاق البطولة في المستقبل، لكن فوضى الأحداث في هذه الجولة جعلتنا ننسى أنه ربما ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي نرى فيها سباقاً على حلبة هوكنهايم في المستقبل المنظور.
كان اتفاق رعاية وحيد من مرسيدس للحلبة هو ما ضمن وجودها على روزنامة موسم 2019، لكن مديري الحلبة التاريخية أشاروا في وقت سابق إلى أن الحلبة لن تكون على جدول السنة المقبلة مبدأياً .
لكن الأمل بالحفاظ على تواجد الحلبة في المستقبل لا يزال قائماً بناء على نهج المدير التنفيذي لبطولة العالم للفورمولا 1 تشايس كيري، الذي شدد في مناسبات عدة على أهمية الحفاظ على الأساسات التاريخية للفورمولا 1 والإبقاء على الحلبات التي تحمل طابعاً خاصاً بها، بغض النظر عن كمية الأموال التي يمكن أن تُجنى منها.
هذه المقاربة ظهرت بشكل جليّ مع توقيع اتفاقيات جديدة مع حلبة سيلفرستون البريطانية وحلبة مونزا الإيطالية، رغم أن الأخير لم تُؤكد بعد، وبالتالي، وكما يرى فيتيل، أن ألمانيا يجب أن تعامل المعاملة نفسها.
إذ قال فيتيل: “آمل ألا نخسر السباق، وهذا الأمر ليس بسبب تواجدي أنا أو نيكو هولكنبرغ [سائق فريق رينو]، بل أيضاً بسبب الجماهير الألمانية الشغوفة بالبطولة”.
وتابع فيتيل: “إذ بيعت جميع تذاكر السباق رغم الأحوال الجوية، أعتقد أنه كان سباقاً رائعاً، وعار أن نخسر هذه الحلبة”.
بالطبع، حلبة هوكنهايم ومروجو السباق كانوا قد عانوا كثيراً في الماضي لدى بيع تذاكر الجائزة الكبرى، لكن ذلك تغير جذرياً مع تواجد “الجيس البرتقالي”، الذي يذحف خلف فيرشتابن في كل الحلبات الأوروبية.
حالة فيرشتابن في البطولة، تدفعنا للتفكير على الفور بالسائق الألماني ميك شوماخر، والذي بلا شك بأنه يشق طريقه نحو منافسات الفئة الملكة لرياضة السيارات، وبالتالي وكما لجأت البطولة إلى منح حلبة زاندفورت الهولندية فرصة التواجد على روزنامة الموسم المقيل نتيجة تألق فيرشتابن، على البطولة النظر بكمية الجماهير الألمانية التي ستأتي لمشاهدة نجل الأسطورة الألمانية مايكل شوماخر ينافس على الحلبة.
حالياً، هوكنهايم هي واحدة من ثلاث حلبات يُعتقد بوجود مفاوضات حيالها لحجز المكان الأخيرة في روزنامة الموسم المقيل من البطولة إلى جانب حلبتي إسبانيا والمكسيك.
لكن حتى وإن غابت الحلبة عن روزنامة الموسم المقبل، فإنه من المرجح أن تعود بحلول موسم 2021 مع زيادة عدد الجولات، وبالتالي من غير المنطقي ألا يكون هنالك أي تواجد ألماني.
وهذا ما لخصه فيتيل بحديثه، إذ قال: “من العار أن نخسر هذه السباقات، وعوضاً عن ذلك نذهب إلى أماكن يُدفه فيها الملايين، لكن لا نرى أحداً على المدرجات”.