بداية موسم 2016 من بطولة العالم للفورمولا 1 كانت حافلةً بالأحداث داخل الحلبة وخارجها، ابتداءً من الفشل الذريع لنمط الإقصاء في الحصص التأهيلية، إلى السباق المثير بعد ظهر الأحد والذي تميز بتنوّعٍ استراتيجي ندُر وجوده في الأعوام الماضية. يأخذنا أُبي الزكار إلى خلف كواليس جائزة أستراليا الكبرى.
كان انطلاق موسم 2016 من بطولة العالم للفورمولا 1 مثيراً!
فمنذ بداية الموسم، هيمنت السياسة على مجريات جائزة أستراليا الكبرى، خصوصاً بعد فشل نمط الإقصاء الجديد للحصص التأهيلية الذي كان له تداعيات كبيرة وحظي بردود أفعال عنيفة من أوساط ‘بادوك’ حلبة ألبرت بارك في مدينة أستراليا. كما أن سباق الأحد عوّض لنا خيبة أمل الحصة التأهيلية، إذ كان مثيراً مع تنوّع الاستراتيجيات، ما يشير إلى أن الفورمولا 1 اتخذت قرارا صائباً في ما يتعلق بقوانين الإطارات الجديدة لموسم 2016.
ولكن لنتطرق سويةً لأبرز ما تداولته شخصيات الفورمولا 1 أثناء مجريات جائزة أستراليا الكبرى.
خيبة الحصة التأهيلية تُعوّض عبر سباقٍ مثير
في البداية لا بد لنا من التحدث عن الحصص التأهيلية، والتي أصبحت الموضوع الأخير الذي يتيح لمدراء الفورمولا 1 إجراء مناوراتٍ سياسية من أجل استعراض قوتهم في عملية اتخاذ القرارات.
فرغم التسرّع واعتماد نمط الإقصاء، أثبت هذا النمط فشله خصوصاً في القسم الثالث من الحصة التأهيلية لسباق أستراليا.
هذا الأمر دفع مدراء الفرق إلى توجيه انتقادات لاذعة لهذا النظام، فيما أشار سائق فيراري سيباستيان فيتيل إلى أن السائقين كانوا يدركون عواقب هذا النمط منذ البداية.
نتيجةً لذلك، هناك مباحثات ومفاوضات مستمرة من أجل تفادي تكرار ما حصل في الجولة المقبلة في البحرين. وبعد أن كانت الدلائل الأولى تشير إلى إمكانية العودة إلى النمط المتبع بين أعوام 2006 و2015 بالكامل، يبدو أن الفورمولا 1 تتجه نحو نمطٍ هجين للحصص التأهيلية.
ولكن الفورمولا 1 كانت بأمس الحاجة لسباقٍ مثير في أستراليا من أجل تعويض خيبة أمل نمط الإقصاء، وهذا ما تحقق تماماً. إذ أن التنوّع الاستراتيجي، وفشل استراتيجية فيراري، أدى إلى فوز نيكو روزبرغ بالسباق.
هذا التنوع الاستراتيجي دفع المدير الرياضي في بيريللي بول هيمبري إلى الإشادة بقوانين الإطارات الجديدة، إذ قال: ‘‘هذا الأمر يثبت كيف تمكنت القوانين الجديدة من إتاحة خيارات مختلفة في ما يتعلق بالقرارات الاستراتيجية’’.
‘‘فمن أصل السائقين الـ16 الذين عبروا خط النهاية كان هناك 9 سائقين استغلوا كافة نوعيات الإطارات الثلاث المتاحة، كما اتبع 5 سائقين في المراكز الـ6 الأولى استراتيجيات مختلفة كلياً’’.
ولكن يبقى علينا الآن الانتظار لمعرفة ما ستتفق عليه الفرق بالنسبة لنمط الحصص التأهيلية لجائزة البحرين الكبرى المقبلة، إضافةً إلى انتظار الخطوات المقبلة من رابطة سائقي الجوائز الكبرى بعد البيان شديد اللهجة في ما يتعلق بأسلوب إدارة الفورمولا 1 كبطولة.
فيرشتابن الغاضب ينتقد فريقه
يبدو أن موسم 2016 سيكون طويلاً بالنسبة لفريق تورو روسو. فقبل بداية الموسم، كان المستشار الرياضي في ريد بُل هيلموت ماركو صريحاً، إذ أكد بأن ريد بُل ستتخلى عن كل سائق لا يقدم نتائج ملفتة للنظر في موسم 2016.
وبالتالي، من الطبيعي أن تتجه الأنظار نحو ثنائي تورو روسو ماكس فيرشتابن وكارلوس ساينز. وبعد أن حقق الأول نتيجةً قويةً في الحصة التأهيلية، إذ انطلق من المركز الخامس، إلا أن السباق كان مختلفاً بالكامل.
إذ أن خطأً استراتيجياً من تورو روسو أدى إلى إجراء فيرشتابن لتوقف صيانة دون استعداد فريقه، ما أثار غضب الهولندي الذي طلب من فريقه السماح لساينز بتجاوزه من أجل محاولة تجاوز سائق رينو جوليون بالمر.
نتيجةً لذلك سمعنا العديد من الرسائل الغاضبة عبر الراديو، والتي كان إحباط فيرشتابن واضحاً فيها، ما أدى إلى ارتكابه لخطأ في مرحلةٍ من مراحل السباق.
وبعد نهاية السباق قال فيرشتابن: ‘‘كنت أسرع من ساينز في كافة مراحل السباق ولكن الفريق لم يتخذ أية إجراءات. أنا غاضبٌ جداً، لدينا سيارة سريعة وكان بإمكاني تحقيق نتيجة أفضل من المركز العاشر’’.
كما كانت تصريحات فيرشتابن مثيرةً للجدل عندما سئل إذا كان سيسمح لساينز بأن يتجاوزه في حال عُكست الأدوار، إذ أجاب: ‘‘بصراحة، لا أعلم ولا أكترث. عادةً أكون أمامه بمسافاتٍ كبيرة’’.
ولاقت تصرفات فيرشتابن ردود فعلٍ متفاوتة في أوساط الفورمولا 1، إذ أن والده سائق الفورمولا 1 السابق يوش دافع عنه حيث قال: ‘‘أعتقد أن هذه العدائية جيدة. إنه ليس من طينة السائقين الذين يوافقون على قرارات فرقهم ببساطة، بل لديه رغبة دائمة للفوز وهذا أمرٌ إيجابي’’.
فيما صرح بطل العالم لعام 1996 البريطاني دايمون هيل بأنه يعتقد بأن فيرشتابن أظهر أثناء سباق أستراليا أنه سائق غير ناضج، وإن كان موهوباً، إذ قال: ‘‘هذه أولى الدلائل التي تشير إلى أن ماكس فيرشتابن سائق غير ناضج’’.
وتحدث ماركو بعد نهاية السباق بأن القيود الصارمة المفروضة على تبادل المعلومات بين الفرق والسائقين عبر الراديو أثناء السباقات هي التي أثارت غضب فيرشتابن، حيث قال: ‘‘علينا ضمان عدم تكرار ما حصل مرةً أخرى. ولكن دفاعاً عن الفريق، يجب الإشارة إلى أن قوانين التواصل عبر الراديو تغيرت مرتين أو ثلاث مراتٍ خلال مجريات الجائزة الكبرى’’.
حادث ألونسو يعيد طرح التساؤلات حول معايير الأمان
تابعنا جميعاً ذلك الحادث المريع الذي تعرض له سائق ماكلارين هوندا فرناندو ألونسو عندما اصطدمت سيارته بسيارة هاس الخاصة بإستيبان غوتييرز أثناء سباق أستراليا.
ومع المباحثات المستمرة على مدار الأسابيع الماضية حول ضرورة حماية مقصورة القيادة، واختبار تصميم ‘هالو’ مع إمكانية اعتماده في سنة 2017، كان من الطبيعي أن تزداد وتيرة المباحثات بعد حادث ألونسو.
إذ تفاوتت وجهات النظر بين مؤيدٍ ومعارضٍ لهذا التصميم، الذي كان من شأنه إعاقة خروج ألونسو من سيارته بعد تعرضه لهذا الحادث. وبالتالي كانت هناك تأكيدات بضرورة تقييم مخاطر تصميم ‘هالو’ بشكلٍ أفضل قبل اعتماده بصورةٍ نهائية.
ولكن زميل ألونسو في ماكلارين جنسون باتون أكد بأن حادث الإسباني يجب ألا يستخدم كذريعة لتجنب اعتماد تصميم هالو. إذ أكد باتون بأن ألونسو لم يتعرض لأي إصابات في جسده، بسبب الحماية الكبيرة لمقصورة القيادة، مشيراً إلى أهمية زيادة حماية خوذة السائق والمنطقة المحيطة بها، إذ يعتقد باتون أن إطالة زمن استخراج ألونسو من سيارته في مثل هذا الحادث لم يكن ليشكّل فرقاً كبيراً، لأنه سيبقى على ما يرام ولن يتعرض لإصابات.
بداية قوية ومبكّرة لموسم الانتقالات!
كما هو متوقع في كل سنة، فإن موسم الانتقالات يهيمن على كافة الأحاديث في بطولة الفورمولا 1. وحتى بعد إكمال جائزة كبرى وحيدة فقط من هذا الموسم الذي يتألف من 21 جائزة كبرى، بدأت الشائعات منذ الآن حول مصير السائقين في الموسم المقبل من البطولة.
وبالتأكيد، فإن كافة الأنظار تتجه نحو مقدمة الترتيب، فبالنسبة لفريقي مرسيدس وفيراري، لديهما شواغر السنة المقبلة مع انتهاء عقد كل من نيكو روزبرغ وكيمي رايكونن على الترتيب.
ومن أبرز الأسماء التي تداولتها وسائل الإعلام سائق ريد بُل دانيال ريكياردو، إذ أشار هيلموت ماركو إلى اهتمام كل من فيراري ومرسيدس بالسائق الأسترالي، حيث قال ماركو: ‘‘أعتقد أن فيراري مهتمة بريكياردو أكثر من فيرشتابن. ولكن في الواقع، الفرق الفضية والحمراء تطرق بابنا من أجل الاستفسار عنه’’.
ورغم ذلك أكد ماركو بأن ريكياردو لديه عقد طويل الأمد مع ريد بُل، ولكن علينا ألا ننسى في الوقت ذاته أن سيباستيان فيتيل كان يمتلك عقداً مشابهاً مع ريد بُل قبل انتقاله إلى فيراري مطلع العام الماضي.
ولكن بالنسبة لفريق مرسيدس، ورغم انتهاء عقد روزبرغ مع الأسهم الفضية نهاية الموسم الحالي، هل نشهد اعتزال هاميلتون الذي يمتلك عقداً مع مرسيدس حتى نهاية سنة 2018؟
إذ قال بطل العالم السابق جاكي ستيوارت لشبكة قنوات سكاي الألمانية على هامش جائزة أستراليا الكبرى: ‘‘سيفوز هاميلتون بأكثر من 3 ألقاب عالمية. لربّما يتوّج بأربعة أو خمسة ألقاب’’.
‘‘ولكن ربّما مع نمط حياته سيقول هاميلتون بأنه يريد الاعتزال والتوجه إلى عالم الموسيقا. لديه ثروة باهظة كما أنه حقق نجاحاً كبيراً. هو يبلغ من العمر 31 عاماً الآن، وأنا اعتزلت عندما كنت أبلغ من العمر 34 عاماً’’.