تفادى جان تود مواجهة الآخرين منذ توليه منصب رئاسة الاتحاد الدولي للسيارات، إلا أن جوناثان نوبل يعتقد أن دعمه لقوانين الحد من مساعدة السائقين في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد يُظهر تغيّراً في أسلوب تعامله.
يعتبر قرار رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، جان تود، بدعم حظر مساعدة فرق الفورمولا واحد لسائقيهم باستخدام راديو الاتصال جريئاً للغاية، ولعلها الحركة الأكثر جرأة من الاتحاد الدولي للسيارات منذ تنحّي رئيسه السابق ماكس موسلي.
فخلال فترة رئاسة تتميز باتباع الإجراءات الروتينية وتفادي المواجهة، من المذهل رؤية استعداد جان تود، في الوقت الحالي، على إعطاء الموافقة على تغييرات يؤمن بأنها تصب في مصلحة الرياضة، وإن كانت ستؤدي لزعزعة استقرار الفرق.
يعي تود تماماً أن حظر وسائل المساعدة سيؤدي لتعريضه لوابل من الانتقادات، إلى جانب حصول بعض المواقف المثيرة للجدل خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ولكنّه يتفق مع بيرني إكليستون على ضرورة التقليص من هذا الاعتماد الكبير على الفرق من قِبل السائقين ويدرك ضرورة اتخاذ إجراءات لجعل السائقين نجوماً من جديد.
لا يقضي منصبه بتفادي الانتقادات، وإنما بمساعدة الرياضة بمجملها.
وبغض النظر عن تأثيرات هذه القوانين الأخيرة، هناك رأي سائد بأن تود ضاق ذرعاً بسياسته السابقة الغير عدوانية تجاه الفرق التي قامت باستغلال هذه السياسة لرفض تغييرات قد تصب بمصلحة البطولة ككل.
نحن لا نتحدث عن عناوين رئيسية مثل النفقات، السيارات، المحركات وما إلى ذلك، بل يمتد ذلك ليصل لتفاصيل بسيطة أيضاً.
على سبيل المثال لننظر إلى أرقام السيارات. أذكر أنني أجريت محادثةً مع منظّمي ومروجي جائزة كوريا الجنوبية عام 2011 الذين أكدوا أن أكبر الانتقادات من قِبل المشجعين تكمن بعدم قدرتهم تمييز السائقين في السيارات لأن الأرقام كانت صغيرة وغير واضحة.
بالنسبة للمتابعين الأوروبيين، حيث يوجد تاريخ للفورمولا واحد، قد لا يكون حجم هذه الأرقام مهماً. ولكن بالنسبة لجمهورٍ آسيوي يكتشف الفورمولا واحد، علماً أن البطولة كانت متحمسة لجذب هذا الجمهور، كان حجم الأرقام مهماً للغاية.
لم يكن الجمهور الكوري يتابع الفورمولا واحد منذ زمنٍ طويل، ومع عدم إمكانية تمييز السائقين من تصميم الخوذ، لم يتمكن المتابعون المتواجدون في الحلبات من تمييز السيارات والسائقين الذين يحلقون بجانبهم. وبالتالي، ساهم ذلك من تقليل جاذبية الرياضة.
يدرك تود هذه المشكلة منذ زمنٍ طويل وقام بوضعها على أجندة اجتماعاته مع الفرق عدة مرات منذ تسلمه رئاسة الاتحاد. كان رغبته بسيطةً للغاية: لنجعل أرقام السيارات أكبر بحيث يتمكن المتابعون من تمييز السائق على الفور.
إضافةً إلى ذلك، ومع الموافقة على اقتراح تود بمنح السائقين أرقاماً ثابتة طوال مسيرتهم في الفورمولا واحد، كان يبدو أن جعل هذه الأرقام أكبر سيكون أمراً بديهياً من ناحية الفرص التسويقية. ما الذي كان يُمكن خسارته؟
بالنسبة للفرق، يبدو أنه كان سيتم خسارة الكثير. ففي كل مرة كان تود يقترح فيها جعل الأرقام أكبر على السيارات، كان الجواب بأن هذا أمرٌ مستحيل، لأن الأرقام الأكبر ستستغل مساحة أكبر من السيارات، وهذه المساحة ستكون قيمة لجلب الممولين والرعاة. وعدم وجود اتفاق إجماعي بين الفرق يعني عدم إمكانية تغيير القوانين.
يبدو أن قضية أرقام السيارات لم ينجم عنها تأثيرات كبيرة، ولكنها تُظهر أن الأمور التي سيكون اعتمادها سهلاً في حال فُرضت من قِبل الاتحاد الدولي للسيارات تصبح شبه مستحيلة في حال اتباع سياسة عدم المواجهة وفي حال اتخاذ العديد من الإجراءات.
وفي حال قانون بسيط مثل زيادة حجم أرقام السيارات لا يُمكن فرضه بهذه السهولة، فإذاً ما هي فرص إيجاد حلول للمشاكل الأكبر مثل التحكم بالنفقات، تصميم سيارات الأجيال المقبلة، قوانين الإطارات والقيود الموضوعة على المحركات؟
تخوض بطولة الفورمولا واحد مرحلة إجراء تحليلات ذاتية عميقة نظراً لانخفاض نسب المتابعة والشعبية. وفي حين يتفق الجميع على ضرورة إجراء تغييرات لضمان احتضان سباقات الجوائز الكبرى للمستقبل بتفاؤل، لم يقم أي شخص حتى الآن بتقديم مقترحات أو حتّى إبداء رغبة لسلوك طريق جديد.
يبدو أن هذا قد تغير الآن. ربّما حظر الاتحاد الدولي للسيارات المفروض على مساعدة الفرق للسائقين يأتي بمثابة إشارة أنه حان وقت اتباع أسلوب جديد في التعامل، وأن الأمور لن تبقى على ما هي عليه. ولّى زمن الجلوس وعدم القيام بأي أفعال.