‘‘غير مُحتملة’’ هي الكلمة التي استخدمها مدير سباقات بطولة الفورمولا 1 تشارلي وايتينغ لوصف التواصل بين الفرق والسائقين أثناء الجوائز الكبرى في الأعوام الماضية.
وبالتأكيد يمتلك وايتينغ وجهة نظر محقة. تنص المادة 27.1 من القوانين الرياضية للاتحاد الدولي للسيارات على ضرورة قيادة السائق لسيارته دون مساعدة خارجية. ورغم أن العديد من المساعدات كانت اختفت مؤخراً، إلا أن مساعدة السائقين وصلت مؤخراً إلى مرحلة تدريب السائقين على القيادة داخل مقصورة السيارة.
ازداد تعقيد سيارات الفورمولا 1 مؤخراً نظراً للتقدم التقني، خصوصاً مع التحكم بقوة المحرك وأنظمة استعادة الطاقة، وبالتالي من الصعب إلمام السائقين بكافة هذه الأمور.
وشعر وايتينغ بأن تدريب السائقين يزداد بشكلٍ متواصل، ما استدعى فرض قيود صارمة من أجل تنفيذ المادة 27.1 بحذافيرها.
إذ أن وايتينغ ضاق ذرعاً بإعلام الفرق لسائقيها حول قوة المحرك، مختلف معايير الضبط، وأوامر المحافظة والانتباه على كمية استهلاك الوقود.
ونتيجةً لذلك، أعلن وايتينغ في شهر آب/ أغسطس من العام الماضي عن لائحة من 31 نقطة يُسمح بها، وهو الخيار الأسهل نظراً للعدد الكبير من الرسائل التي تعتبر مخالفة.
في ذلك الوقت، صرح سائقون مثل بطل العالم الثنائي فرناندو ألونسو بأن هذه التغييرات لن تحدث فرقاً كبيراً.
كما أشار ألونسو إلى أن كل سائق يستحق مقعده سيعتمد على غريزته وإحساسه بالسيارة بدلاً عن الاعتماد على مساعدة الفريق.
وحتى ماكس فيرشتابن، بعد خمسة أشهرٍ من بداية مسيرته في الفورمولا 1، رحّب بهذا الحظر إذ يعتقد بأنه سيؤدي إلى عدم التحدث على الراديو لفترةٍ طويلة.
لنسرّع الأحداث إلى جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحية لموسم 2016، ويا للمفاجأة! كان هناك اختلاف في وجهات النظر حول تطبيق الحظر بين مدير ريد بُل كريستيان هورنر ونظيره في مرسيدس توتو وولف.
إذ شكك هورنر بأن هذه القيود تجاوزت الحدود، وأنها تحرمنا من المحادثات بين المهندسين والسائقين والتي كانت ممتعة بالنسبة للمتابعين حسب تعبيره.
أما بالنسبة لوولف، زعم بأن التركيز الأكبر أصبح الآن على السائقين الذين لن يخضعون لتحكم الفرق بعد الآن، ما من شأنه زيادة إمكانية ارتكاب الأخطاء.
وقدّم فرناندو ألونسو رأيه مرةً أخرى، إذ اعتقد بأن الاتجاه الذي تسلكه الفورمولا 1 غريب خصوصاً في الحقبة الحالية من التقدم التقني وتقدّم الاتصالات.
فيما أشار زميل ألونسو في فريق ماكلارين جنسون باتون بأن مراقبة تطبيق الحظر سيكون شبه مستحيل بالنسبة للاتحاد الدولي وأن إدارة السباق لن تتمكن من الاستماع إلى كافة الرسائل.
واختلف وايتينغ مع وجهة نظر باتون، إذ صرح أثناء مؤتمر صحفي في أستراليا بأن إدارة السباق لديها أربعة أشخاص يستمع كل منهم إلى ثلاثة سائقين، إضافةً إلى وجود 4 إلى 5 مهندسين برمجيين من أجل مراقبة بقية السائقين.
وأضاف وايتينغ: ‘‘إنه أمرٌ صريح وبسيط. بصراحة، لا توجد رسائل كثيرة يتبادلها السائقون’’.
كان ذلك واضحاً بعد الهدوء النسبي في تجارب الجمعة. إذ كانت هناك 12 رسالة فقط على مدار 3 ساعات من التجارب، علماً أن الأحوال الجوية لعبت دورها نتيجة عدم تواجد عدد كبير من السيارات.
ولكن مع موعد السباق، وبعد تعديلاتٍ في اللحظة الأخيرة من وايتينغ تسمح للسائقين بتبادل المعلومات الاستراتيجية مع فرقهم، كانت هناك 87 رسالة متبادلة بشكلٍ إجمالي.
ولكن الأهم من ذلك، تحقق وعد وايتينغ إذ حصلنا على لحظاتٍ مثيرة أثناء السباق.
إذ أن ماكس فيرشتابن، على وجه الخصوص، لعب دوراً أساسياً في حصولنا على تلك الرسائل المثيرة، إذ تلفّظ بألفاظٍ نابية 3 مرات أثناء إعرابه عن إحباطه.
كان ذلك نتيجة إجراء زميله في تورو روسو كارلوس ساينز لتوقف الصيانة أولاً، ورغم تواجده خلف زميله في تلك المرحلة في السباق، وليخرج الهولندي الشاب من منطقة الصيانة خلف زميله بعد إجرائه لتوقف الصيانة.
وبالنسبة لفريق مرسيدس، ومع أخذ تصريحات وولف السابقة بالحسبان، فإن القيود على وسائل التواصل عبر الراديو كادت تكلف نيكو روزبرغ فرصة الفوز بالسباق، إذ لم يكن بإمكان الفريق إعلامه بزيادة ارتفاع درجة حرارة المكابح إضافةً إلى تآكل الإطار الخلفي الأيسر.
في نهاية المطاف عبر نيكو روزبرغ خط النهاية ولم ينسحب، ولكن في يومٍ آخر قد لا يكون محظوظاً.
ورغم وجود بعض المشاكل في ذلك اليوم، والتي شعر وايتينغ بأنها أعاقت الفرق بعض الشيء، إلا أنه يعتقد بأنه تمكن من الوصول إلى التوازن الصحيح.
من أجل هذه الأسباب بالتحديد نجحت قيود التواصل عبر الراديو، وبالتأكيد ستكتسب الفرق دروساً من ذلك مع مضي الموسم.