تعني بداية التجارب الشتوية لموسم 2016 من بطولة العالم للفورمولا 1 اقتراب موعد الجائزة الكبرى الأولى. ومع انتهاء الفترة الشتوية الأولى، يتطرق سائق السباقات ومحلل شبكة قنوات “بي إن سبورتس” خليل بشير لأبرز ما يمكن توقعه قبل بداية السباق الأول في أستراليا.
فإذاً عادت الفورمولا 1 أخيراً. ووصلنا إلى الأسابيع التي انتظرناها جميعاً في تلك الأشهر الثلاثة الماضية.
قد تجدون الفورمولا 1 في الآونة الأخيرة مملةً، وليست جيدة كما كانت الحال سابقاً وما إلى ذلك، ولكن إن كنتم من مشجعي الفورمولا 1 الحقيقيين ستعشقون هذه الرياضة على الدوام وستأملون الأفضل لها.
أتفق معكم بأن العام الماضي لم يكن مثيراً، إذ تمتع فريق مرسيدس بأفضليةٍ ملحوظة مرةً أخرى فيما تأخرت صحوة روزبرغ للمنافسة على لقب البطولة ولكن الجميع يثق بأن تحالف فيراري/ سيباستيان فيتيل بدأ يثمر مباشرةً منذ بداية 2015 و جعلنا ننتظر موسم 2016 بفارغ الصبر.
السؤال الأبرز: هل تمكنت فيراري من اللحاق بمرسيدس؟
لا أعتقد أننا سنحصل على جوابٍ صريحٍ على هذا السؤال إلا في أستراليا. ولكن التجارب الشتوية تتيح العديد من المؤشرات التي يمكننا التعرف عليها.
يبدو أن موثوقية سيارة مرسيدس الجديدة ممتازة، كما يبدو من الآن بأن الفريق يتمتع بأفضلية على منافسيه. ولكن من السهل دوماً تطوير السيارة الأفضل وإضافة قطع جديدة فعالة، وهذا ما حصل مع مرسيدس الذي تتمتع بأفضل سيارة منذ العام الماضي، ومع عدم تغيير القوانين التقنية تبقى المهمة أسهل.
لم يستخدم فريق مرسيدس أية نوعية من نوعيات الإطارات اللينة طوال مجريات التجارب، بل اكتفت الاسهم الفضية باستخدام إطارات بيريللي متوسطة القساوة. كما أن التوقيت الأسرع الذي سجله نيكو روزبرغ جاء في اللفة الأولى من أصل 17 لفة متواصلة ما يعني امتلاكه لكمية من الوقود أكبر من تلك التي حملتها سيارة سيباستيان فيتيل أثناء تسجيله لتوقيته الأسرع في اللفة الأولى من أصل ثلاث لفات فقط على إطارات ‘ألترا سوفت’.
كما تشير بيريللي إلى أن إطارات ‘ألترا سوفت’ ستكون أسرع من متوسطة القساوة بحوالي ثانيتين إلى 2.3 ثانية حسب الحلبة، وبالتالي نظرياً يتمتع فريق مرسيدس بأفضلية 0.5 ثانية كان تمتع بها مع نهاية العام الماضي.
لا يمكننا مقارنةً تأدية مرسيدس بفيراري بشكلٍ مباشر، إذ أن الأخيرة لم تكمل عدداً كبيراً من اللفات المتواصلة بسبب بعض المشاكل التقنية، ولكننا أكملنا أربعة أيام فقط من التجارب مع سيارات جديدة بالكامل (لأغلبية الفرق)، والعديد من الأمور ستتغير.
أعتقد أن التجارب المقبلة ستكشف العديد من التفاصيل الجديدة، إضافةً إلى جلب الفرق لتحديثاتٍ أكبر في جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحية. فعلى سبيل المثال، تجلب فيراري نسخة مطورة عن المحرك في أستراليا، فيما اختبرت مرسيدس العديد من القطع خلال أيام التجارب التي لا نعلم جودتها حتى الآن.
حسناً، هناك تحليلات تقنية حول جودة هذه القطع الجديدة وفعاليتها، ولكن لحين بدء الموسم لن نعلم على أرض الواقع أفضلية هذه القطع و تتمتع به من نتائج انسيابية و ايجابيات. هذه المعلومات يحتفظ بها المهندسون والسائقون وأعضاء الفرق.
ولكن سيارة فيراري الجديدة أفضل بالتأكيد من سيارة العام الماضي، ولكن علينا ألا ننسى أن الفرق الأخرى لم تقف مكتوفة الأيدي والكل يعمل على تصميم سيارات أفضل.
للمرة الأولى منذ عدة مواسم تمكن فريق فيراري من تصميم سيارة لا تلائم أسلوب قيادة سائقه السابق الإسباني فرناندو ألونسو، حيث أصبحت مقدمة السيارة مستقرة. إذ كان الإسباني يفضل انزلاقها من الأمام في دخول المنعطفات . وهذا ما يكرهه الفنلندي كيمي رايكونن.
الآن، تخلص فريق فيراري من أذرع السحب في نظام التعليق الأمامي إضافةً إلى إجراء تغييرات إضافية تلائم أسلوب قيادة كل من رايكونن وفيتيل.
لم يتخذ فريق فيراري هذه الإجراءات العام الماضي لأن الفريق عمل على تصميم السيارة وهو وثق تماماً بأن ألونسو سيستمر ضمن صفوفه في موسم 2015، لحين استلام ماركو ماتياتشي مهمة إدارة الفريق وتغيير مجريات الأمور بالكامل.
لننتظر الأسبوع المقبل لمعرفة ما بإمكان فيراري القيام به، أعتقد أننا سنحصل على المزيد من المعطيات التي من شأنها إجراء مقارنات أكثر عقلانية. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن فريق مرسيدس يتمتع بأفضلية أمام المصنع الإيطالي، علماً أنني لا أعتقد أن الحصان الجامح كشف عن كافة أوراقه حتى الآن.
فورس إنديا
ستقدم سيارة فورس إنديا الجديدة بعض المفاجآت في بداية الموسم على الأقل. ونتذكر جميعاً المشاكل التي واجهها الفريق بداية موسم 2015، ومن ثم الكشف عن السيارة المعدلة بالكامل في جائزة بريطانيا الكبرى وتحقيق قفزة نوعية في الأداء.
لهذا الفريق ميزانية محدودة جداً، ولكن في الوقت ذاته لديه مهندسين ممتازين وسائقيه لديهم شغف لتحقيق نتائج قوية.
ومنذ شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي، يخبرني نيكو هولكنبرغ أن سيارتهم ستكون جيدة في 2016، وكما لاحظنا في التجارب نرى أنه كان محقاً. وأظهرت السيارة حتى الآن إمكانيات رائعة إذ أن توقيت هولكنبرغ باستخدام الإطارات فائقة الليونة ‘سوبر سوفت’ كان أبطأ بـ 0.3 ثانية فقط من توقيت فيتيل الأسرع باستخدام إطارات ‘ألترا سوفت’.
كما أن كل من هولكنبرغ وسيرجيو بيريز تمكنا من قيادة السيارة ليومٍ واحدٍ فقط لكل منهما، نظراً لمشاركة سائق التجارب الجديد في الفريق المكسيكي ألفونسو سيليس الذي يجلب معه أموالاً جيدة للفريق، ما أتاح له القياد ليومين وقام بعمل رائع أيضاً بالنسبة لمبتدئ (علينا أن نعترف بأن قيادة سيارات الفورمولا 1 حالياً أصبحت أسهل مما كان الحال عليه سابقاً). كما أن موثوقية السيارة كانت جيدة.
ولكن بشكلٍ مشابهٍ لفريق ويليامز، أعتقد أن المشكلة التي تواجه فورس إنديا عدم إمكانية تطوير السيارة بشكلٍ كبير خلال الموسم في ظل عدم توفر ميزانيات ضخمة، ولكن بالتأكيد ستكون بداية فورس إنديا قوية سنة 2016.
ريد بُل وتورو روسو
صرح مدير فريق ريد بُل كريستيان هورنر وسائقيه مراراً وتكراراً أن فريق تورو روسو سيكون هو الأقوى مع بداية الموسم، وأعتقد أن هذا صحيح.
سيما وأن وحدة طاقة فيراري بمواصفات عام 2015 أفضل من وحدة طاقة رينو الحالية، والتي يستخدمها فريق ريد بُل تحت علامة تاغ هوير التجارية.
وتجدر الإشارة إلى أن فريق تورو روسو بذل مجهوداً ممتازاً لتصميم مؤخرة السيارة في غضون شهرين فقط، منذ تأكيد استخدام وحدة طاقة فيراري في شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
لا بد لنا من الإشادة بهيكل سيارة ريد بُل الرائع، ولكن مشكلتهم الأساسية تبقى المحركات. وعليهم أن يتأملوا توفر محركات أفضل على مدار الموسم خصوصاً مع مساهمة رينو الأكبر في الفورمولا 1 للتغلب على تورو روسو وتقليص الفارق عن فيراري ومرسيدس.
وإذا كان بإمكان فريق واحد الخروج من مثل هذا المأزق، يجب أن يكون هذا الفريق هو ريد بُل مع العبقري أدريان نيوي.
ماكلارين هوندا
من المحزن ملاحظة استمرار معاناة هذا الفريق الذي بدأ التجارب الشتوية بصورة جيدة في أول يومين، حيث أكمل جنسون باتون وألونسو عدداً جيداً من اللفات، إلا أن كافة ذكريات عام 2015 الكارثي عاودت الظهور في اليومين الأخيرين.
يبدو أن وحدة طاقة هوندا الجديدة أفضل، ولكن السرعة القصوى ما زالت أبطأ بحوالي 10 كلم / الساعة.
ولكن الأمر الجيد هو أن تصميم هيكل السيارة رائع، وتبدو السيارة مستقرةً في المنعطفات السريعة ومتوازنة، ولكن في الحقبة الحالية من الفورمولا 1 من الضروري التمتع بمحركٍ قوي يترافق مع هذا الهيكل، إضافةً إلى ضرورة توفر أنظمة استعادة طاقة فعالة، ونأمل أن تتيح هوندا هذه المكونات أمام ماكلارين بأقرب فرصة ممكنة.
سيكون فريق ماكلارين أفضل في الموسم الجديد، إلا أن المعجزات لا تتحقق بسهولة في الفورمولا 1 وبالتالي من المستبعد المنافسة على مراكز منصة التتويج حتى مع تشكيلة السائقين الممتازة.
السؤال المطروح هو متى سينفذ صبر ألونسو؟
ويليامز
يواجه فريق ويليامز تحدياً كبيراً للمحافظة على مركزه الثالث في الترتيب العام لبطولة الصانعين، الذي أحرزه في الموسمين الماضيين، حيث لاحظنا تراجع تأدية الفريق في النصف الثاني من موسم 2015 وهذا إنذار كبير للفريق.
ركَزوا طوال مجريات الفترة الشتوية على برنامجهم الخاص بعيداً عن الأضواء، كما هو معتاد، ولديهم منظمة جيدة الآن مع استلام بات سيموندز للفريق التقني.
لم نكتسب العديد من المعلومات حول تأدية ويليامز في أيام التجارب الأربعة، ولكن تبقى المشكلة الأساسية إمكانية تطوير السيارة بوتيرة مرتفعة خلال إذا ما أرادوا الدفاع عن المركز الثالث خصوصاً مع تهديد العديد من الفرق مثل ريد بُل، فورس إنديا، وتورو روسو.
هاس
أدرك الجميع القرار الذكي الذي اتخذه فريق هاس بتأجيل مشاركته في الفورمولا 1 لموسمٍ إضافي.
إذ انتظر الفريق الأميركي عاماً كاملاً، ليبذل مجهوداً كبيراً مع الفريق التقني في فيراري، وكما لاحظنا كانت بداية هاس مثالية نظراً لكونه فريق جديد.
حسناً، واجهوا بعض المشاكل مع الجناح الأمامي إضافةً إلى تصريحات مدير الفريق غانثر ستاينر بوجود العديد من النقاط التي يجب إصلاحها، ولكن فريق هاس لن يكون مشابهاً لفرق هيسبانيا، ماروسيا وكاترهام.
إنه فريق تسابق حقيقي وبإمكانه المنافسة على تسجيل النقاط نظراً للشراكة التقنية المتينة التي تربطه بفيراري، إضافةً إلى استقدام سائق ممتاز مثل رومان غروجان.
رينو
بالنسبة لأي شخصٍ كان يدرك وضع فريق لوتس العام الماضي، كانت هناك دلائل شبه مؤكدة حول غياب الفريق عن شبكة الانطلاق في 2016.
إلا أن رينو أنقذت هذا الفريق لحسن الحظ. إذ يملك هذا الفريق المتمركز في إنستون إمكانيات كبيرة، ويذكر الجميع ألقاب مايكل شوماخر مع بينيتون وألقاب فرناندو ألونسو مع رينو وانتصارات كيمي رايكونن مع لوتس.
كانت الأوضاع المادية صعبةً للغاية بالنسبة لهذا الفريق العام الماضي ما أدى إلى إيقاف تطوير السيارة بالكامل.
ومع إنقاذ رينو لهذا الفريق، ورغم أن السيارة الجديدة لن تكون جيدة، إلا أن التزام رينو يعني وجود مشروع طويل الأمد لأربع سنواتٍ على الأقل من أجل العودة إلى المنافسة على مقدمة الترتيب.
كما استخدم فريق لوتس محركات مرسيدس العام الماضي، وتوجب إعادة تصميم السيارة لضمان تموضع مثالي لوحدة طاقة رينو في وقتٍ متأخر نسبياً. وكما قال المدير التنفيذي لرينو كارلوس غصن إنه علينا أن نحكم على رينو بعد عدة سنواتٍ من الآن، وليس في موسم 2016، مع اعترافه بأن المحركات الفرنسية ليست الأفضل في الفورمولا 1 حالياً.
ومن الجيد أيضاً أن رينو أعادت إحياء مسيرة كيفن ماغنوسن الذي يبدو متعطشاً خصوصاً بعد الطريقة التي عامله بها فريق ماكلارين العام الماضي.
ويمتلك فريق رينو سائقاً آخراً جيداً هو جوليون بالمر الفائز بلقب سلسلة “جي بي 2” عام 2014، ولا أعتقد أنه بمستوى تأدية هاميلتون وهولكنبرغ وفاندورن، الذين فازوا بلقب السلسلة عن جدارة، ولكن بإمكانه تسجيل عدد جيد من النقاط و لن يتسبب بحوادث كبيرة مثل ما حصل مع باستور مالدونادو سابقاً…
أما بالنسبة للفرق الأخرى، ننتظر سيارة ساوبر الجديدة الأسبوع المقبل، كما أن فريق مانور تقدم بالتأكيد بوجود إدارة جديدة واستخدام وحدة طاقة مرسيدس بأحدث المواصفات.
ولكن هل سيتمكن فريق مانور من تسجيل النقاط؟ سيكون ذلك صعباً في أجواء عادية، ولكن بإمكان هذا الفريق أن يصبح فريقاً ثانوياً لمرسيدس إذا قرر المدير الرياضي للصانع الألماني توتو وولف دراسة هذا الخيار مع مجلس الإدارة في شتوتغارت.
لننتظر ما سنتوصل إليه الأسبوع المقبل لمعرفة المزيد من المعلومات، وأنا أتطلع قدماً إلى الحصة التأهيلية لسباق جائزة أستراليا الكبرى التي ستكشف عن كافة الخفايا!
أسرع التواقيت الإجمالية المسجلة في تجارب برشلونة الأولى 2016