لا يوجد شك أن أعمار سائقي بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد انخفضت بشكلٍ كبير خلال الأعوام القليلة الماضية. يقوم إد سترو بمراجعة الأرقام بين عامي 1950 و2014.
فيما مضى لم يكن من الغريب مشاهدة سائق يبلغ من العمر 50 عاماً يصطف خلف مقود سيارته على خط انطلاق إحدى السباقات. ذلك الزمن الذي شهد إحراز سائقين يبلغون من العمر 30 عاماً، أو حتى 40 عاماً، للألقاب العالمية.
في يومنا هذا، أي سائق تخطّى عمره الثلاثين عاماً يُعتبر في نهاية مسيرته الاحترافية وعلى وشك الاعتزال. هذا يعكس الصيحة التي اتبعتها عدة أنواع من الرياضة بانخفاض أعمار أفضل اللاعبين.
سائقي بطولة العالم للفورمولا واحد، في موسم 2014، هم الأصغر، حرفياً، في تاريخ البطولة. إذ أن سباق جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحي من البطولة كان الحدث الوحيد في تاريخ بطولة العالم للفورمولا واحد الذي شهد معدلاً لأعمار السائقين ينخفض عن عمر ‘27’ عاماً.
ساهم في ذلك، بشكلٍ جزئي، مشاركة سائق فريق تورو روسو دانييل كفيات. وبالتالي كان معدّل أعمار السائقين في السباق يبلغ 26 عاماً و358 يوماً.
في الواقع، السباقات الستة الأولى من موسم 2014 تعتبر ‘الأصغر’ في تاريخ البطولة، إذ احتلت سباقات الموسم الحالي، إضافةً للسباقات الأولى من العام الماضي، المراكز العشرة الأولى من حيث ترتيب السباقات الأصغر.
على نقيض ذلك، المراكز العشرة الأولى من حيث ترتيب السباقات الأكبر تعود لأعوام 1950 و1951.
المخطط التالي يبين معدل أعمار السائقين في كل موسم من مواسم البطولة. قمنا بحساب هذا المعدّل عن طريق حساب معدّل الأعمار في كل سباق، ومن ثم حساب معدل الأعمار لكل موسم.
من أجل إجراء مقارنة دقيقة، افترضنا أن السائقين الـ22 الحاليين المشاركين في الموسم الحالي من البطولة سيكملون الموسم حتى نهايته.
معدّل أعمار سائقي بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بين عامي 1950-2014:
لعلّ الأمر الملفت للانتباه هو انخفاض المعدل بشكلٍ كبير خلال العقد الفاصل بين 1950 و1961. يعود سبب ذلك، بشكلٍ جزئي، نتيجة انقطاع فترة رياضة المحركات بسبب الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي عنى أن معظم السائقين كانوا متسابقين كبار في العمر في الفترة التي تلت الحرب.
منذ ذلك الحين، انخفض معدل السائقين بشكلٍ أقل دراماتيكية. على مدار 63 عاماً، انخفض معدّل الأعمار بمعدل أربع سنوات ليصل لأدنى مستوى له في العام الحالي، ليبدأ بتراجعه بعد أعلى معدّل منذ 13 عاماً في موسم 2012، إذ كان المعدل مرتفعاً نسبياً في ذلك العام بسبب مشاركة مايكل شوماخر، بيدرو دولا روزا، وروبنز باريكيللو.
في الموسم الحالي، بلغ معدّل أعمار السائقين 27 عاماً و26 يوماً. ولكن من أجل إجراء مقارنة عادلة في المخطط البياني، قمت بافتراض أن السائقين الحاليين سيتمكنون من إكمال الموسم، وبالتالي من المتوقع أن يكون معدل أعمار السائقين مع نهاية الموسم الحالي 27 عاماً و120 يوماً.
من السائقين الحاليين، يعتبر سيباستيان فيتيل هو الأقرب لمعدّل الأعمار. اليوم (الأربعاء) يبلغ من العمر 27 عاماً و41 يوماً. وبالتالي يمكن أن يدفع ذلك للاعتقاد بأن فيتيل يحظى بالعمر المثالي الذي يختلط فيه الشباب والصغر في السن، مع الخبرة، وإن كانت نتائج فيتيل في الموسم الحالي تدل على غير ذلك.
إلا أن فيتيل يعتبر أيضاً من أبرز رموز هذا الطريق المؤسس جيداً للنجوم الصغار في السن الصاعدين. إذ أنه واحد من ثمانية سائقين، حتى الآن، الذين شاركوا في إحدى سباقات البطولة قبل بلوغهم عشرين عاماً من العمر (آخر سائق يتمكن من تحقيق ذلك هو دانييل كفيات، الذي يخضع لتدريب ريد بُل أيضاً) وبالتالي هو يعلم إمكانية الوصول لذروة عطاء السائقين بشكلٍ سريع في حال امتلاك الزخم اللازم لتحقيق ذلك.
من أبطال العالم المشاركين في الموسم الحالي، بدأ فيتيل وألونسو مسيراتهم عندما كانوا يبلغون من العمر 19 عاماً، جنسن باتون 20 عاماً، كيمي رايكونن 21 عاماً، ولويس هاميلتون 22 عاماً. في ذلك الأمر دليل واضح على أن التدريب والتعليم الذي يتلقاه السائقون الممتازون في بطولات الكارتينغ، ربّما عندما كانوا يبلغون من العمر ثمانية أعوام فقط، إضافةً للبطولات الصغيرة، يجعلهم قادرين على تقديم أفضل أداء ممكن في سنٍّ لم يكن فيه أمثال دايمون هيل قد شاركوا في سباقات سيارات على الإطلاق.
ينعكس ذلك على طريقة انخفاض معدّل أعمار السائقين عبر العقود، رغم استقرار المعدل في الأعوام الماضية، خصوصاً وأن مشاركة سائقين مخضرمين، أعمارهم تتراوح في الأربعينيات، أدت لرفع المعدل عام 2010.
معدّل أعمار السائقين المشاركين في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد عبر العقود:
يبدو أن ذلك كان أمراً استثنائياً وسط الانخفاض الشائع ومن الممكن أن ينخفض المعدل أكثر من ذلك. في يومنا هذا هناك خمسة سائقين فقط يبلغون من العمر أكثر من 30 عاماً. يبلغ رايكونن وباتون 34 عاماً من العمر، فيليبي ماسا وفرناندو ألونسو 33 عاماً، وأدريان سوتيل 31 عاماً.
من الممكن أن تخسر بطولة الفورمولا واحد إحدى هذه الأسماء سنة 2015، وبالتالي من الممكن أن نشهد معدلاً أصغر لأعمار السائقين في الجولة الافتتاحية من الموسم المقبل.
في الوقت ذاته، من المرجح أن أسماء مثل ألونسو، فيتيل، وهاميلتون، ستستمر بالتسابق حتى نهايات الثلاثينيات من أعمارهم، وبالتالي من المرجح أن يبقى معدّل الأعمار ثابتاً نسبياً.
هناك عامل إضافي يكمن بحاجة جلب عدد أكبر من السائقين لميزانيات ضخمة لقاء انضمامهم لإحدى الفرق مقارنةً بالأعوام الماضية. ففي حقبة المصنعين، لم تكن برامج تطوير السائقين الشباب مشهورةً وفعالة كما هو الحال عليه في الوقت الحالي، وبالتالي كان من الأسهل للنجوم الصاعدين، الذين يملكون الموهبة الحقيقية، لإثبات أنفسهم أمام السائقين الأكثر خبرة.
وبالنظر للمناخ الاقتصادي الحالي، من الممكن أن يتمكن السائقون الكبار في السن، والذين بإمكانهم جلب أموال الرعاة، من فرض مشاركتهم مع إحدى الفرق، أو الاستمرار بالمشاركة في البطولة لفترة أطول مما يستحقون دون امتلاكهم لأموال الرعاة.
وبشكلٍ مماثل، ستزيد الأوضاع المادية من صعوبة وصول السائقين الشباب، والذين يملكون إمكانيات رائعة، إلى بطولة الفورمولا واحد على الإطلاق، وبالتالي من الممكن أن تنتهي ظاهرة ‘السائقين الشباب الخارقين’ التي اعتدنا عليها في السنوات القليلة المقبلة.
من الصعب أن نشهد كسر الرقم القياسي لأصغر منصة تتويج في الفورمولا واحد في أي وقتٍ قريب. تمّ تحقيق هذا الرقم القياسي بعد سباق جائزة إيطاليا الكبرى، عندما فاز فيتيل أمام هايكي كوفالاينن وروبرت كوبيتسا، إذ بلغ معدل الأعمار على منصة التتويج أقل من 24 عاماً.
أصغر منصات التتويج سناً في عالم الفورمولا واحد
1 إيطاليا 2008: 23 عاماً، 356 يوماً
1 سيباستيان فيتيل 2 هايكي كوفالاينن 3 روبرت كوبيتسا
2 ألمانيا 2008: 24 عاماً، 220 يوماً
1 لويس هاميلتون 2 نلسون بيكيه الابن 3 فيليبي ماسا
3 المجر 2003: 24 عاماًن 231 يوماً
1 فرناندو ألونسو 2 كيمي رايكونن 3 خوان بابلو مونتويا
أكبر منصات التتويج سناً في عالم الفورمولا واحد
1 سويسرا 1950: 46 عاماً، 274 يوماً
1 جوسيبي فارينا 2 لويجي فاجيولي 3 لوي روزيه
2 بلجيكا 1950: 45 عاماً، 87 يوماً
1 خوان مانويل فانجيو 2 لويجي فاجيولي 3 لوي روزيه
3 بريطانيا 1950: 44 عاماً، 294 يوماً
1 جوسيبي فارينا 2 لويجي فاجيولي 3 ريغ بارنيل
الأمر الملفت للنظر في أصغر منصات تتويج هو أنها جاءت في وقتٍ شهد تدفقاً كبيراً للمواهب الشابة.
وفي حين لم يتمكّن سائقون مثل كوفالاينن وبيكيه من إثبات أحقيتهم في نهاية المطاف، إلا أنهم جاؤوا ضمن نفس جيل السائقين الذي قدّم لنا ألمع نجوم القرن الحادي والعشرين.
من المرجح أن معدّل أعمار السائقين لن ينخفض بشكل كبير مقارنةً بما هو عليه في الوقت الحالي، ولكن يجب علينا الانتباه للسائقين الشباب الذين يحتلون مقدمة الترتيب، إذ أنهم يمثلون الجيل الذهبي الصاعد من السائقين.
في الوقت الحالي، يدل كل ما سبق أنه لا يجب علينا استبعاد فيتيل. حسناً، كان موسمه صعباً حتى الآن، ولكن مع امتلاكه لأربع بطولات عالم، وتأخره بضعة أسابيع عن معدّل أعمار السائقين، يُذكّرنا ذلك بأن العاصفة ما زالت في بدايتها بالنسبة لفيتيل، وما زال أمامه الوقت الكافي لحصد المزيد من الألقاب.
إذا توجّب علينا أن نطلق تعريفاً لوضع فيتيل الحالي، لا يسعنا القول سوى أنه في أوج عطائه.