يبدو أن بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد تقوم باتخاذ عدة إجراءات لزيادة شعبيتها. إلا أن جوناثان نوبل يعتقد أنها تبحث عن الأجوبة عن طريق طرح أسئلة للأشخاص الخاطئين.
يبدو أن بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بدأت تقتبس من أقوال أينشتاين. للأسف، لا أتحدث عن محاولة ابتكار أفكار مبدعة للمساعدة في إيجاد حلول لزيادة شعبية البطولة المتناقصة، بل أقصد إحدى أشهر أقوال أينشتاين: ‘‘يكمن الجنون بتكرار نفس الأمر مرةً تلو الأخرى وتوقّع ظهور نتائج مختلفة في كل مرة’’.
هذا ما يحصل مع بطولة الفورمولا واحد، وذلك عن طريق إنشاء مجموعة عمل جديدة مع بعض الفرق، بيرني إكليستون، وفلافيو برياتوري لمحاولة جعل البطولة أكثر شعبيةً وشهرة. لا يجب أن نتمتع بذكاء كبير لكي ندرك أن طلب المساعدة من مدراء نفس الفرق الذين ابتكروا قانون منح النقاط المضاعفة لإيجاد حلول لوضع الفورمولا واحد الحالي، لن يؤدي لأي نتائج مثمرة.
في حال كانت البطولة تستعين بالأشخاص الصائبين للإجابة عن الأسئلة العالقة، لماذا لم يفعلوا ذلك عن طريق مجموعة الفورمولا واحد الاستراتيجية؟
لماذا يتوجب على إكليستون إيجاد الحلول على الدوام؟ لطالما انتقد وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تُعتبر من أفضل الطرق وأضخمها لإيجاد وسائل جديدة للتواصل مع جمهور أصغر سناً، وأوسع.
إضافةً إلى ذلك، هناك مساهمة برياتوري المثيرة للجدل. ففي حين هناك نقاط إيجابية تكمن بالاستعانة بشخص لا يرتبط بأي فريق من الفرق الحالية، هل يجب على الفورمولا واحد الترويج لشخص تمّ طرده من البطولة بسبب تلاعبه بنتيجة سباق جائزة سنغافورة الكبرى لعام 2008؟
فإذاً، لا يمكننا الاستعانة بالفرق، إكليستون، أو برياتوري للإجابة عن أسباب تراجع شعبية الفورمولا واحد. إلى من يجب أن نتوجه؟ حسناً، الإجابة تكمن بكل شخص يجلس أمام منصات منطقة الصيانة في كل يوم من أيام الجوائز الكبرى، ألا وهم المشجعين.
فهم الزبائن يلعب دوراً أساسياً في نجاح أي عمل في مختلف أنحاء العالم، في حال كنا نعلم ما يريدون، سيصبح من السهل للغاية تقديم ذلك لهم. تعتبر بطولة الفورمولا واحد مذنبة للغاية ليس بسبب عدم تلبية رغبات المشجعين وحسب، بل بسبب عدم معرفتهم لما يسعى المشجعون لوجوده. من المذهل أن الفورمولا واحد فشلت بإجراء أبحاث إزاء ما يجب فعله على كامل نطاق المشجعين، سواءً كانوا متواجدين في المنصات الرئيسية في الحلبات أم يتابعون السباقات على شاشات التلفاز.
تكلمت مؤخراً مع الرئيس السابق للاتحاد الدولي للسيارات ماكس موسلي، الذي أكد أنه كان محبط للغاية لأن الفورمولا واحد تجهل ما يريده متابعيها كلياً. إذ قال: ‘‘ما يزعجني بشكلٍ كبير من الناحية التجارية في الفورمولا واحد أن الجميع ينتقد أصوات السيارات الجديدة، مثل بيرني إكليستون ولوكا دي مونتيزيملو، ولكن لا أحد يقوم بإجراء أي أبحاث’’.
‘‘يبدو أن هذه البطولة هي المكان الوحيد الذي لا يستوعب فيه أي أحد كيفية القيام بأبحاث تسويقية. على سبيل المثال، في حال كنت قلقاً إزاء عدم إعجاب المتابعين بالأصوات الجديدة، أول ما يجب عليك القيام به هو سؤالهم عن ذلك. لن يكون ذلك مكلفاً، في حال كانت 98% من آراء الأشخاص الذين ذهبوا إلى حلبة سيلفرستون تقول بأن السباق كان هادئاً للغاية، يجب إعادة النظر في مثل هذه الأمور’’.
‘‘بعد ذلك يجب عليك العمل على تحسين أصوات السيارات. ولكن لا أحد يعلم ما حقيقة الوضع فعلياً، لأنه لم يتم توجيه أي أسئلة للمشجعين. لا يجب أن تكون أصوات المحركات عالية لمجرد اعتقاد بيرني ولوكا بذلك، إضافةً لبعض الأشخاص المخضرمين في الرياضة’’.
‘‘يجب إثارة اهتمام المتابعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً، وليس أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 80 و90 عاماً’’.
أمضت بطولة الفورمولا واحد فترةً زائدة عن حدها في الأشهر القليلة الماضية في محاولة إيجاد الحلول لمشاكل غير موجودة، لكي يتم اعتماد قانون منح النقاط المضاعفة وقانون إعادة الانطلاق من الثبات بعد عودة سيارة الأمان، دون إجراء أي تغييرات في النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار: مثل اتباع سياسة جديدة في عالم مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للبطولة لجمهور جديد.
في نهاية المطاف، تكمن المشاكل بما يحصل في عالم الفورمولا واحد ككل، وليس على السباقات، إذ أن ما يحصل بين انطلاقة السباق ورفع علم المربعات لا يُعتبر جزءً من المشكلة على الإطلاق. كيف لا يُمكن أن يتحمس المشجعون لما حصل على حلبة هنغارورينغ في سباق جائزة المجر الكبرى الأحد الماضي؟
الفشل الذي تواجهه بطولة الفورمولا واحد يعود لعدم وجود استراتيجية تسويق فعالة من أجل الترويج للرياضة. يجب العمل على زيادة تفاعل المشجعين، وجعل السائقين نجوماً من جديد، وإزالة الشخصيات التي تؤدي لافتعال قضايا مثيرة للجدل، وجعل كل شاب أو فتاة يحلمون بالعمل في هذه الرياضة التي يتابعونها بكافة جوارحهم.
ولكن لحين استيقاظ الفورمولا واحد، وإدراكها بضرورة توجيه الأسئلة للمتابعين، أو غير المتابعين على حد سواء، عن آرائهم إزاء ما يرغبون بوجوده، لا يوجد أي أمل لإيجاد الحلول التي تحتاجها البطولة بالفعل.
اعتقاد غير ذلك سيكون ضرباً من الجنون.