سيُغادر السائق الأسترالي المُخضرم مارك ويبر عالم الفورمولا واحد مرفوع الرأس بعد أن قضى 12 موسمًا من الجوائز الكُبرى بين جنباتها، حيث أنهى مسيرته في الفئة الملكة بتحقيقه للمركز الثاني في سباق جائزة البرازيل الكُبرى الشهر الماضي.
ومع أن السائق الأسترالي أخفق في تحقيق لقب بُطولة السائقين، إلا أنه حقق انتصاراتٍ رائعةٍ وخاض بعض السباقات المُميزة خلال مهنته. نورد لكم ها هُنا بعضًا منها.
10- سباق جائزة أوستراليا الكُبرى عام 2002:
على الرغم من أنه لم يكن واحدًا من أفضل سباقاته العشرة من ناحية النوعية العالية، إلا أنَّ المركز الخامس الهام الذي حققه في سباقه الأول في عالم الفورمولا واحد جعل من المُستحيل تجاهل هذا الإنجاز.
كما أن فريق ميناردي (الذي قاد له في ذلك الموسم) لم يُحقق نقاطًا في البُطولة مُنذ سباق جائزة أوروبا الكُبرى عام 1999، لذا كان تحقيق مارك ويبر لهاتين النُقطتين أمرًا غير مُتوقع، إذ ساعدته الظروف كثيرًا ووقف الحظ لجانبه، مع انسحاب ثماني سيارات من السباق عند اللفة الأولى، في ما انسحبت سيارات فريق آروز برفع العلم الأسود بوجه سائقيها، ناهيكم عن انسحاب أربع سائقين آخرين خلال السباق.
كما أن الإسباني بيدرو دي لاروسا انسحب قبل 5 لفات من نهاية السباق بعد مُعاناته من مشاكل في المُحرك، بينما كانت سيارة الفريق الثانية التي كان يقودها الماليزي آليكس يوونج قليلة الحظ بانسحابها في ظل ظروفٍ صعبةٍ وتحضيرٍ غير جيد، وفي كل الأحوال لم يكن السائق الماليزي ميؤوسًا منه كما ساد في عالم الفورمولا واحد إذ أنَّ انتصاراته في بطولة (أي وان جي بي) أثبتت قُدراته.
في الواقع كان مارك ويبر قد ضمن نُقطة واحدةً فقط مع قُرب نهاية السباق، إلا أن أنه حصل على النُقطة الأخرى عندما التفت سيارة فريق تويوتا التي كان يقودها الفنلندي ميكا سالو حول نفسها أثناء مُحاولته مُطاردة السائق الأسترالي.
عندما وقع الأسترالي عقدًا لمدة ثلاث سباقات بدت توقعاته بأن يكون مُستقبله طويلاً في عالم الفورمولا واحد ضئيلةً جدًّا، إلا أنَّ تحقيقه للمركز الخامس مهدَّ الطريق أمامه لاستكمال مشواره.
9- سباق جائزة هنجاريا الكُبرى عام 2010:
انطلق الأسترالي في هذا السباق من المركز الثاني خلف زميله في الفريق الألماني سيباستيان فيتيل، إلا أنه تراجع لمركز الثالث بعد أن تجاوزه الإسباني فرناندو ألونسو في بداية السباق، حيث بدت حُظوظه ضئيلةً بإحراز الانتصار.
وبينما كان سيباستيان فيتيل يُوسع الفراق في الصدارة، كان مارك ويبر يُطارد فرناندو ألونسو، وبدا بأن الألماني قد ضمن تحقيق الانتصار في السباق، لتدخل سيارة الأمان وتُخفف من وتيرة السباق ريثما يتم إزالة الجناح الأمامي لسيارة الإيطالي فيتآنتونيو لويزي الذي سقط على المسار.
في هذه الأثناء دخل المُتصدر سيباستيان فيتيل إلى منصات الصيانة لإجراء توقفه، كما فعل غالبية السائقين، إلا أن مارك ويبر اختار البقاء على المسار، وعندما خرجت سيارة الأمان من المسار وانطلق السباق مُجددًا، كان سيباستيان فيتيل في المركز الثاني، ولكنه ومن خلال مُحاولاته لمنح مارك ويبر فارقٍ زمني كبير عن فرناندو ألونسو في المركز الثالث، قام بأداء مهمته لبناء فارقٍ زمنيٍّ يُمكنه من إجراء توقفٍ في مركز الصيانة ومن ثم العودة إلى المركز الثاني أمام الإسباني فرناندو الونسو سائق فريق فيراري، إلا أنه تأخر كثيرًا خلف سيارة الأمان، مما أوقع عليه عقوبة المُرور بمنصات الصيانة من دون توقف.
لقد كان السباق بين مارك ويبر وفرناندو ألونسو، فهل سيتمكن السائق الأسترالي من بناء فارقٍ يمنحه أفضلية؟.
بعد مُرور 42 لفة من السباق حقق مارك ويبر هامشٍ زمنيٍّ – أكثر من23 ثانية – من أجل أن يتمكن من التوقف في مركز الصيانة والعودة مُجددًا أمام فرناندو ألونسو، إلا أنه رفض التراجع في المرحلة الأخيرة مُنهيًا السباق في المُقدمة بفارق 17 ثانية.
كانت سيارة ريد بُل هي السيارة الأفضل في ذلك اليوم، ولكنه كان ما يزال سائقًا مُذهلاً ومحظوظًا.
8- جائزة سباق اليابان الكُبرى عام 2010:
خلال المُنافسة الحامية على لقب البُطولة التي كانت جاريةً طوال موسم 2010، خاض كل من سيباستيان فيتيل ومارك ويبر صراعًا قويًّا، حيث خاضا على حلبة سوزوكا في اليابان أقوى تنافسٍ بينهما على الإطلاق، إذ كانا مُلتصقان ببعضهما البعض طيلة السباق.
وعلى الرغم من أنه حلَّ ثانيًا بفارق ثانية تقريبًا، إلا أن زخمه في كلٍّ من التجارب التأهيلية والسباق قد كانا قويان ولا هوادة فيهما، حيث يُمكننا أن نعتبره حقًّا أحد أفضل السباقات وإشارةً لإمكانية تحقيقه للفوز إلا أنه دفع ثمن استراتيجية فريقه أثناء السباق.
حيث قال عن ذلك ’’لقد كان ذلك تنافسًا حتى الرمق الأخير‘‘، وأضاف قائلاً ’’رغم أنني أنهيت السباق في المركز الثاني إلا أنني خُضتُ سباقًا قويًّا جدًّا، لم يكن (سيباستيان فيتيل) هينًّا حيث أنهيت السباق في المركز الثاني بفارق سبعة أجزاء من الثانية، لقد كان سباقًا قويًّا جدًّا – وفي ما بين المُحادثات عبر اللاسلكي من هُنا وهُناك، من جهتي خُضتُ سباقًا جميلاً جدًّا‘‘.
7- سباق جائزة موناكو الكُبرى عام 2006:
لقد خاض مارك ويبر في هذه الجائزة الكُبرى سباقًا يتناسب بشكلٍ مثاليٍّ مع أسلوب السباقات السريعة في الفورمولا واحد في حقبة إعادة التزود بالوقود خلال السباقات وكان سريعًا بشكلٍ مُذهل على شوارع إمارة موناكو.
وقد أثبت مارك ويبر ذلك من خلال وضع سيارته ويليامز بي إم دبليو في الصف الأول من خط الانطلاق، ولكن ما كان لافتًا للنظر أكثر هو أنه واثقًا جدًّا من إنهاءه للسباق على منصة التتويج، وربما كان فاز بالسباق لولا مواجهته لبعض الأمور السلبية خلال السباق، حيث كان لديه مُشكلة في العادم تسببت بخُروجه.
ولقد قال مارك ويبر بعد السباق ’’لقد كُنا في نمط التجارب التأهيلية لساعةٍ من الزمن‘‘.
6- سباق جائزة اليابان الكُبرى عام 2007:
لقد حددت هذه الجائزة الكُبرى علاقة مارك المهنية في عالم الجوائز الكُبرى مع الألماني سيباستيان فيتيل، وما حصل تحت الأمطار على حلبة فوجي اليابانية في عام 2007 حدد مدى انسجام علاقته مع السائق المُبتدئ آنذاك.
كان سيباستيان فيتيل يخوض سباقه السادس في عالم الفورمولا واحد في تلك الأيام مع فريق تورو روسو، إلا أنه صعد للمركز الثالث في الترتيب بسيارته تورو روسو فيراري. حيث كان في المركز الثالث خلف المُتصدر لويس هاميلتون في سيارته ماكلارين مرسيدس ومارك ويبر في سيارته ريد بُل ويسيرون جميعه خلف سيارة الأمان.
وفي تلك اللحظة من السباق، وحيث يوجد حُظوظ كبيرة لفوز مارك ويبر. وكان في وضعٍ مُريحٍ وكان لويس هاميلتون يعرف تمامًا بأنَّ مُنافسه على اللقب فرناندو ألونسو قد خرج من السباق نتيجةً لحادث، إذ كان سيتنازل عن مركزه لو انقضَ السريع مارك ويبر عليه.
وفي خضمِ هذه الأفكار الجريئة صدم سيباستيان فيتيل زميله المُستقبلي مارك ويبر أثناء تواجد سيارة الأمان على الحلبة، مما وضع الأسترالي خارج السباق.
يقول مارك ويبر عن هذا الحادث ’’لقد بدأنا بوضع بعض الضغط على لويس هاميلتون‘‘، ويستذكر مارك ويبر مُضيفًا ’’لقد كانت معايير القيادة في ذلك السباق عاليةً جددّا مع ظروف اختبارية بالغة الحساسية، وليس من المُعتاد أن ترى فرناندو ألونسو يخرج من السباق حيث خرج نتيجة الانزلاق تحت الأمطار، كما وكان سباقًا صعبًا وقاسيًا بالنسبة لسيباستيان فيتيل، ولي، وبالنسبة للويس هاميلتون أيضًا، وربما كان سباقًا أكثر صُعوبةً بالنسبة لي، ولم أكن بحالةٍ جيدةٍ وكنت أعاني من تسممٍ غذائيٍّ‘‘.
وأضاف قائلا ’’لقد خُضت سباقًا قويًا مع لويس هاميلتون في أجزاءٍ مُعينة من اللفة، ولكنه كان يعرف بأن عليه الحُصول على النقاط الجيدة من خروج فرناندو ألونسو، وكان كل ما ينبغي علينا فعله هو القيادة وكنا سريعين بما يكفي لوضع المزيد من الضغط عليه حتى نقطع خط النهاية‘‘.
ثُم يستدرك قائلاً ’’لقد أخطأ سيباستيان فيتيل قليلاً في تقديره، كما لم يكن لويس هاميلتون بريئًا تمامًا في كل ما حصل لأنه ترك مسافةً كبيرةً بينه وبين سيارة الأمان‘‘.
5- سباق جائزة أستراليا الكُبرى عام 2006:
في سباقه الذي حمل المُشاركة رقم 12 له في سباق بلاده، لم يتمكن مارك ويبر من إنهاء السباق ضمن الثلاثة الأوائل، وفقط بعد تحقيقه للمركز الخامس في جائزته الكُبرى الأولى عام 2002، عندما تمت دعوته إلى منصة التتويج للاحتفال مع مُشجعيه المحليين، حيث حجز له مكانًا قرب المنصة.
لقد كانت سيارة فريق ويليامز في ذلك العام أبعد ما تكون عن أفضل سيارةٍ للفريق تخوض سباقًا على حلبة مُنتزه الأمير آلبيرت في ملبورن، لكنها كانت ستكون السيارة التي ستسمح له بإنهاء السباق على منصة التتويج لولا أن تعطلت علبة التُروس معه.
وطوال مهمته الطويلة في القسم الأول من السباق، وصل لمراكز مُتقدمة عندما توقف السائقون الآخرون في منصات الصيانة، إلا أنَّ علبة التُروس في سيارته أسلمت الروح قُبيل إجراءه لتوقفه من اجل إعادة التزود بالوقود بعد أن أكمل 22 لفة فقط من عُمر السباق.
لقد كان من المُستبعد أن يتمكن من تحقيق انتصارٍ في سباق جائزة بلاده الكُبرى، على الرغم من أن ذلكَ لم يكُن مُستحيلاً، بل إن مارك ويبر لم يُراوده الشك بأنه سيُنهي السباق على منصة التتويج.
4- سباق جائزة المجر الكُبرى عام 2003:
استخلص مارك ويبر في هذا السباق بعضًا من لمحات أداءه المُذهل في التجارب التأهيلية في سيارةٍ تتمتع بمُحركِ عاديٍّ خلال الفترة التي قضاها في صُفوف فريق جاكوار، إذ قاد سيارة مُجهزة بإطاراتٍ بتركيبةٍ قاسية (حيث طلب مارك ويبر وضعها، ’’لقد أنهكَ الإطارات تمامًا‘‘)، حيث كانت الإطارات قاسيةً جدًّا حسب ظروف السباق، على الأغلب كان قادرًا على تحقيق زمنٍ مُذهلٍ جدًّا في التجارب التأهيلية، ولكنه لم يكن يمتلك الزخم الكافي من القوة ليتجنب التراجع في الترتيب أثناء السباق.
لكنه وبعد أن تأهل في المركز الثالث على حلبة هنغارورينغ، كان قادرًا على البقاء في المركز الثاني خلال الجزء الأول من السباق، ومن خلال هذا الأمر سمح لفرناندو ألونسو في سيارة رينو ببناء فارقٍ زمنيٍّ في الصدارة مما شكل عاملاً حاسمًا في تحقيق الإسباني لانتصاره الأول في ساحات الفورمولا واحد.
إلا أنه تمكن من إنهاء السباق في المركز السادس، بفارقٍ تجاوز 70 ثانية عن صاحب المركز الأول، وبالتأكيد، قال النُقاد بأن إنجازه هذا كان دليلاً على أنه سائقٌ جيدٌ في لفةٍ واحدةٍ ولا يُمكنه الحفاظ على وتيرته، إلا أن ما قدمه فعلاً هو إمكانياته كسائقٍ يستطيع بكل ثقةٍ استخلاص أقصى ما يُمكن من المُحرك طيلة لفةٍ واحدة ومن ثم الصراع بقوةٍ للحفاظ على مكانٍ ما قريبًا من المُقدمة طوال السباق.
3- سباق جائزة بريطانيا الكُبرى عام 2012:
في هذا السباق بدا أن مارك ويبر يقود سيارته نحو تحقيق مركزٍ ثانٍ خلف فرناندو ألونسو، الذي حقق المركز الأول على خط الانطلاق في أجواءٍ ماطرة، إلا أن سائق سيارة الفيراري عانى من إطاراته الاختيارية ذات التركيبة اللينة، والتي كان مارك ويبر قد استخدمها في وقتٍ سابقٍ من السباق، مما عنى أنه اختصر خروجه في المقطع السريع المُستقيم في المرحلة النهائية من السباق.
وحالما أجرى كلا السائقين توقفهما الأخير في منصات الصيانة، كان فرناندو ألونسو مُتقدمًا بفارق 4 ثوانٍ، إلا أنه وفي اللفة 45 من السباق، كان مارك ويبر قد أصبح على الجهة اليُمنى من سيارة فيراري. ليقوم بتجاوز فرناندو الونسو بعد ذلك بثلاث لفات، حيث تجاوزه من الجهة الخارجية، بمساعدة نظام تقليص قوة الجر (دي آر إس)، أثناء توجههما إلى مُنعطف برووكلاندز ليقود بذلك الصدارة.
ولكنه قاد لفترة 5 لفاتٍ فقط، إذ كان لهذه المُغامرة على وجه التحديد كان لها صبغةٍ خاصة، ذلك أن مارك ويبر تغلبَّ على مُنافس من طرازٍ رفيع وصديقٍ حميم في تجاوزٍ قريبٍ جدًّا على الخط المُستقيم.
2- جائزة موناكو الكُبرى عام 2010:
لقد سطع نجم مارك ويبر على حلبة موناكو من قبل، إلا أنَّ الفوز الأول له من أصل اثنين أحرزهما على شوارع هذه الإمارة المُتوسطية كان مُذهلاً جدًّا وملوكيًا.
حقق مارك ويبر المركز الأول على شبكة الانطلاق بفارق ثلاثة أعشار من الثانية عن البولندي روبيرت كيوبيتسا، الذي كان في حالةٍ مثالية بسيارة رينو.
ومع وجود زميله في الفريق سيباستيان فيتيل خلفه، كان على مارك ويبر الاستمرار في الحفاظ على الصدارة في ظل تدخل سيارة الأمان عدة مرات، وذلك خلال حملته لتحقيق النقاط الضرورية التي كان يحتاجها لتصدر بُطولة السائقين.
1- سباق جائزة ألمانيا الكُبرى عام 2009:
لقد تم إعداد كل شيءٍ في السيارة بشكلٍ مثاليٍّ لتُناسب مارك ويبر وليُحقق انتصاره الأول على ساحة البُطولة في سباقه رقم 132 على ساحة البُطولة، حيث حقق لأول مرة المركز الأول على شبكة الانطلاق على حلبة نوربورجرينج، وعلى الرغم من خسارته الصدارة في البداية لصالح البرازيلي روبينز باريكيللو سائق فريق براون مرسيدس، إلا أنه عاد ليُحقق الفوز بسهولة.
وبعد انطلاقةٍ جيدةٍ، تمكنَّ روبينز باريكيللو من التقدم عليه، إلا أنَّ مارك ويبر حاول التقدم مُجددًّا على روبينز باريكيللو، لكنه احتكَ به عند من جهة فتحات الهواء الجانبية مما عرضه لعقوبة المُرور في المنصات من دون توقف.
أدت هذه العقوبة لتراجعه للمركز الثامن، إلا انَّ الأسترالي لم يستسلم، حيث كان سريعًا بشكلٍ دائم، وصعد ليقود الصدارة، على الرغم من أنه لم يُحقق أية تجاوز على الحلبة، وليتفوق على زميله في فريق ريد بُل الألماني سيباستيان فيتيل بفارق 10 ثوانٍ.
إلا أنَّ أكثر اللحظات إثارةً كانت الشجاعة التي أظهرها مارك ويبر بعد تلقيه العقوبة، وبينما اقتنع الآخرون بأن هذا السباق لم يكن سباقهم المحظوظ، كان الأسترالي الوحيد بينهم الذي ما يزال مُتمتعًا بالإلهام والطموح رغم مرور سبع سنواتٍ ونصف من الصيام عن تحقيق الانتصارات.