لويس هاميلتون: بطل العالم سبع مراتٍ في الفورمولا 1. إنجازٌ لم يكن أحد يتوقع حصوله قبل عدة أعوامٍ، خصوصاً عندما تمكن الأسطورة مايكل شوماخر من الفوز بلقبه العالمي السابع في 2004 مع فريق فيراري.
تقرير سباق تركيا: هاميلتون يدخل التاريخ ويتوج باللقب السابع
لكن ها نحن هنا الآن، شراكة هاميلتون مع مرسيدس ذهبية، وتثمر عن مزيدٍ من الألقاب عاماً تلو الآخر. لكن، لنستعرض سويةً أبرز سبع محطاتٍ في مسيرة هاميلتون وسعيه ليصبح أحد أنجح السائقين في تاريخ هذه الفئة الملكة لرياضة المحركات.
سباق سلسلة جي بي 2 الثاني في تركيا – 2006
يمكننا القول أن المحطة الأساسية في مسيرة لويس هاميلتون جاءت قبل انتقاله إلى الفورمولا 1.
هاميلتون كان يحظى بدعم ماكلارين منذ بدايات مسيرته في عالم رياضة المحركات، عندما كان في الفئات المساندة في سباقات المقعد الأحادي، وكان الجميع يدرك موهبته.
ولكن، أثناء مشاركته في سلسلة جي بي 2 في موسم 2006، وفي جولة تركيا، أظهر هاميلتون مستوى أداء حسم قرار فريق ماكلارين بخصوص هوية السائق الثاني لموسم 2007، عندما انطلق هاميلتون من المركز الثاني، لكن سيارته انزلقت في بداية السباق، وليتراجع إلى مؤخرة الترتيب.
اقرأ أيضاً: هاميلتون أثبت أنه أحد أفضل الرياضيين في التاريخ
إلا أن هاميلتون تألق في ذلك السباق، في حلبة إسطنبول بارك التي شهدت، بعد كل تلك الأعوام، فوزه بلقبه العالمي السابع، حيث تمكن هاميلتون في ذلك السباق، وهو السباق الثاني المختصر، من تجاوز منافسيه والعودة واجتياز خط النهاية بالمركز الثاني والصعود إلى منصة التتويج.
ذلك السباق، مع الأداء القوي الذي قدمه هاميلتون، لعب دوراً حاسماً في اتخاذ فريق ماكلارين، بإدارة رون دينيس، بترقية هاميلتون ليشارك في الفورمولا 1 في الموسم التالي، ولتبدأ مسيرته في الفئة الملكة لرياضة المحركات سعياً لتسجيل العديد من الأرقام القياسية.
سباق جائزة الصين الكبرى لموسم 2007
في موسمه الأول في الفورمولا 1، تألق لويس هاميلتون وكان من أبرز المرشحين للفوز باللقب مع فريق ماكلارين. لكن في جائزة الصين الكبرى، وأثناء تصدر هاميلتون للسباق، حاول الفريق حسم الفوز باللقب في تلك الجولة بدلاً عن ترك المعركة مفتوحة وصولاً إلى جولة البرازيل الختامية.
من خلال ذلك، ومع تأخير توقف الصيانة لـ هاميلتون، توقفت سيارته في منطقة الصيانة مع خروجه عن حدود المسار، ولم يتمكن من مواصلة القيادة لينسحب.
كان ذلك مؤلماً بالتأكيد بالنسبة لـ هاميلتون، ولكن تلك اللحظة، ومن بعدها خسارة اللقب لمصلحة كيمي رايكونن في الجولة التالية، لعبت دوراً أساسياً في منح هاميلتون الحوافز والدوافع ليكون أكثر تعطشاً من أي وقتٍ مضى ليبدأ موسم 2008 بأفضل طريقة ممكنة وليشن حملة الفوز بلقبه العالمي الأول في ذلك الموسم.
سباق جائزة البرازيل الكبرى لموسم 2008
بعد خيبة أمل موسم 2007، عاد لويس هاميلتون بقوة في العام التالي.
في حين أن هاميلتون كان يسعى لإثبات قدراته في 2007، فإن البريطاني كانت لديه مهمة وحيدة في موسمه الثاني في الفورمولا 1: الفوز باللقب. كان متعطشاً أكثر من أي وقتٍ مضى، ولكن رغم ذلك كان على وشك أن يفوت على نفسه فرصة الفوز باللقب في اللحظات الأخيرة.
اقرأ أيضاً: فيتيل: هاميلتون هو السائق الأفضل في الحقبة الحالية
ذلك التجاوز، على سائق فريق تويوتا تيمو غلوك، عند المنعطف ما قبل الأخير، في اللفة الأخيرة، في السباق الأخير من الموسم ليضمن الفوز باللقب العالمي الأول له، لعب دوراً أساسياً في زيادة ثقة لويس هاميلتون، ولعب دوراً حاسماً في رفع معنوياته ومنحه الدوافع اللازمة للاستمرار بتقديم أقصى ما لديه عاماً تلو الآخر.
في حال لم يفز هاميلتون بلقب موسم 2008، الجميع رأى بدء تدهور أداء ماكلارين في الأعوام التالية، ومن المؤكد أن هاميلتون كان سيشكك بقدراته، وسيشكك بإمكانياته للمنافسة في القمة. إلا أن الفوز باللقب ضمن له معرفة أمر أساسي: في حال كانت لديه الأدوات الملائمة، سيتمكن من الفوز باللقب والتفوق على كافة التحديات.
من المؤكد أن هاميلتون احتفظ بتلك القناعة طوال تلك الأعوام الصعبة التي تلت.
View this post on Instagram
مصاعب موسم 2011
من المؤكد أن هاميلتون استفاد من اللحظات الصعبة في مسيرته الاحترافية ليعود بقوة، ولا يوجد موسم كان أصعب في مسيرته حتى الآن مقارنةً مع 2011.
في ذلك الموسم، لم يكن هاميلتون بوضعٍ جيد، عانى من عدم قدرته على استغلال نظام ‘تدفق الغازات العادم عبر موزع الهواء الخلفي’ مقارنةً مع ما تمكن زميله آنذاك جنسون باتون من القيام به.
كما أن هاميلتون وجد نفسه، عدة مراتٍ أكثر من اللازم، يضغط ويتجاوز الحدود، ويرتكب عدة أخطاءٍ وسلسلةً من الحوادث.
ولكن تلك المصاعب كانت ضروريةً ليتمكن هاميلتون من استجماع قواه، وليظهر بمستوى أفضل مع بدء العام التالي، والذي كان الأخير له مع فريق ماكلارين، وتلك اللحظات العصيبة طوال موسم 2011 لعبت دوراً أساسياً في ‘صقل’ هاميلتون، لنراه اليوم على ما هو عليه، سائقاً يعتبر ارتكابه للأخطاء نادراً للغاية.
قرار الانتقال من ماكلارين إلى مرسيدس
ربما اعتُبر قرار هاميلتون، نهاية 2012، بالرحيل عن ماكلارين والانتقال إلى فريق مرسيدس للعام التالي ضرباً من الجنون. لكن الجميع يدرك ما حصل بعد ذلك…
منذ ذلك الحين، لم يفز فريق ماكلارين بأي سباقٍ، ولم يصعد إلى منصة التتويج سوى في سباقاتٍ معدودة، فيما فاز هاميلتون بعدد كبير من السباقات، والآن تُوج بلقبه العالمي السابع.
اقرأ أيضاً: اللقب السابع سيجعل عقد هاميلتون الجديد مكلفاً
لم يكن أحد يتخيل أن يحصل ذلك مع هاميلتون، خصوصاً عند المقارنة في الأداء بين ماكلارين ومرسيدس في 2012، عندما كان فريق ماكلارين يعتبر من الأنجح في الفورمولا 1.
ولكن في نهاية المطاف، هاميلتون أثبت أن ذلك القرار كان صحيحاً. ورغم أن فريق مرسيدس كان قد وضع، منذ ذلك الحين، أسساً متينةً ليتقدم إلى الصدارة مع بدء الحقبة الهجينة في 2014، إلا أن البريطاني لعب دوره أيضاً ليضمن استمرار تفوق الفريق، وليضمن استمرار تألق تلك الشراكة ‘الذهبية’ التي تثمر، عاماً تلو الآخر، عن مزيدٍ من الألقاب.
السيطرة المطلقة في 2015
لويس هاميلتون توجه إلى موسم 2015 بطلاً ثنائياً للعالم، وحامل اللقب آنذاك، ولكن في هذين اللقبين، في 2008 و2014، لم يتمكن البريطاني من حسم اللقب لمصلحته سوى في الجولة الأخيرة من الموسم وبصعوبةٍ كبيرةٍ.
اقرأ أيضاً: هاميلتون بعد لقبه السابع: أشعر أنها ما زالت البداية
ولكن، ما شهدناه في 2015 كان بداية ‘السيطرة المطلقة’ لـ لويس هاميلتون، مع قدرته على ‘تدمير’ منافسيه والتفوق عليهم بأريحيةٍ كبيرةٍ، لتزداد ثقته بنفسه وبقدراته أنه، وعندما تسير الأمور لمصلحته، لا يمكن لأحد منافسته ووضع حد لسيطرته.
وبالفعل، منذ ذلك الحين فإن كافة الألقاب التي فاز بها لويس هاميلتون لم تُحسم في الجولة الأخيرة، وإنما تمكن هاميلتون من الفوز باللقب قبل عدة جولاتٍ على نهاية مواسم 2017، 2018، 2019، والآن، في 2020.
الأداء القوي في آخر سباقات 2016
موسم 2016 كان ضربةً موجعةً لـ لويس هاميلتون. للمرة الثانية في مسيرته الاحترافية، تمكن زميله في الفريق من التغلب عليه [المرة الأولى كانت مع جنسون باتون في 2011].
ولكن، هذه المرة، التفوق كان على اللقب العالمي. تمكن نيكو روزبرغ، بعد سلسلةٍ من النتائج القوية في القسم الأول من الموسم، من ضمان الفوز بلقبه العالمي الأول، والوحيد، ومن ثم قرر الاعتزال.
ولكن، لا بد لنا من النظر إلى السباقات الأخيرة في موسم 2016. في تلك السباقات، كانت أفضلية النقاط مريحةً لـ نيكو روزبرغ، ولم يكن أمام هاميلتون سوى الفوز بكافة السباقات المتبقية، والأمل بتعثر روزبرغ.
تعثر روزبرغ لم يحصل، ولكن هاميلتون تمكن من فرض سيطرته المطلقة في تلك السباقات الأخيرة في موسم 2016، وفاز بكافة تلك السباقات في المرحلة الأخير من الموسم.
هاميلتون خسر اللقب، صحيح، ولكن الفوز بتلك السباقات، والأداء القوي والمذهل الذي تمتع به في تلك الجولات، هو الذي أجبر روزبرغ على الاعتزال بعد الفوز باللقب.
اقرأ أيضاً: الفوز باللقب السابع تجاوز أقصى طموحات هاميلتون
روزبرغ قال على الدوام بأن التغلب على هاميلتون صعب، ولكن الصعوبة تتمثل بعودة هاميلتون بعد الهزيمة لأنه سيكون أقوى من أي وقتٍ مضى.
إدراك روزبرغ لتلك الحقيقة أواخر 2016، وإدراكه أن قدرته على هزيمة هاميلتون للفوز باللقب، جعلت يعلم أن ما ينتظره في 2017 هو هاميلتون متعطش أكثر من أي وقتٍ مضى لرد الاعتبار لمسيرته، وهذا الأمر دفع روزبرغ إلى الاعتزال من جهة، ودفع هاميلتون إلى التألق وفرض سيطرته المطلقة منذ ذلك الحين.
في نهاية المطاف، ها نحن هنا الآن. لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مراتٍ. أحد أنجح السائقين في تاريخ الفورمولا 1.
ما الذي سيتمكن البريطاني من تحقيقه في المستقبل؟ الوقت كفيلٌ بالإجابة عن هذه التساؤلات، ولكن علينا ألا نتفاجأ في حال رأينا المزيد من الإنجازات لمصلحة هذا السائق المذهل.