بعد معركةٍ امتدت طوال الموسم بين سائقَي فريق مرسيدس، يحلل إد سترو اللحظات العشرة الحاسمة التي لعبت دوراً أساسياً في تحديد الفائز بلقب بطولة العالم للسائقين بعد هذه المنافسة المذهلة.
نظراً لسيطرة فريق مرسيدس، كان من الواضح منذ جائزة أستراليا الكبرى الافتتاحية أن الصراع بين لويس هاميلتون ونيكو روزبرغ على لقب بطولة العالم سيمتد على مدار الموسم بأكمله.
في نهاية المطاف، وفي جولة أبوظبي، كانت البطولة من نصيب هاميلتون. إلا أن ذلك شكّل فصلاً وحيداً من مسرحيةٍ تميزت بوجود 19 فصل وهي التي شكّلت موسم 2014 الدراماتيكي من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد.
إليكم اللحظات العشرة الحاسمة التي ساهمت في تغيير مجرى الصراع على اللقب الذي كان أقرب لكلٍّ من السائقَين في مختلف مراحل الموسم.
1) أنبوب أزرق مطاطي يُحبط هاميلتون
بعد نيله للمركز الأول في الجولة الافتتاحية من الموسم، مع احتلال روزبرغ للمركز الثالث، كان هاميلتون المرشح الأبرز لنيل الفوز في جائزة أستراليا الكبرى.
إلا أن إحدى اسطوانات محركه توقفت عن العمل قبل بداية السباق تماماً، ما أدى لانسحابه بعد لفتين بطيئتين فقط.
يعود سبب العطل لوجود شق شعري في أنبوبٍ أزرق مطاطي كان يحتوي على إحدى شمعات الاحتراق. وهو مصمم لإيصال التدفق المطلوب إلى شمعة الاحتراق، ولكن مع مرور الوقت أصبح هناك ثقب صغير على جانب شمعة الاحتراق. هذا أدى لعدم وصول الشرارات اللازمة إلى رأس الاسطوانة. انتهت اللعبة للويس هاميلتون.
مع انسحاب هاميلتون، تمكن روزبرغ من الفوز ليحصل على أفضلية 25 نقطة في معركته على اللقب.
النقاط: روزبرغ 25، هاميلتون 0
2) الحصة التأهيلية المثيرة للجدل في موناكو
هل قام روزبرغ بهذا الخطأ متقصداً أم كان خطأً عفوياً؟ لجنة تحكيم السباق أقرّت أنه كان الخيار الثاني، علماً أنه يوجد العديد من الأشخاص الذين يعتقدون أن روزبرغ قام بالخروج عن حدود الحلبة عند منعطف ميرابو عن قصد خلال لفته السريعة الثانية في القسم الثالث من الحصة التأهيلية، إذ أنه كان يدرك أن الزمن الأسرع كان من نصيبه في ذلك الوقت، ما أدى لرفع الأعلام الصفراء ليمنع هاميلتون من تحسين زمنه.
بكافة الأحوال، تمكن روزبرغ من التغلب على هاميلتون إلى المركز الأول عند خط الانطلاق، ليكمل ذلك ويفوز في جائزة موناكو الكبرى أمام زميله في الفريق.
نظراً لأن هاميلتون تمكن من الفوز في أربعة سباقات متتالية في ماليزيا، البحرين، الصين، وإسبانيا، وأنه في سباقين من هذه الجولات خاض معركةً شرسةً مع روزبرغ أدت لتقليص أفضلية النقاط التي تمتع بها الألماني، كان فوز موناكو ضرورياً لإيقاف الزخم الذي تمتع به هاميلتون آنذاك.
النقاط: روزبرغ 122، هاميلتون 118
3) مشاكل أنظمة تعويض الطاقة والمكابح تضرب مرسيدس في مونتريال
عانى سائقا مرسيدس من مشكلةٍ كهربائية أدت لتعطل أنظمة تعويض الطاقة ‘إي.أر.أس’، ما أدى بدوره لمشاكل في المكابح، خلال جائزة كندا الكبرى.
تصدر روزبرغ السباق بعد انطلاقه من المركز الأول، مع مطاردة هاميلتون له طوال الوقت، ولكن مع ظهور المشكلة تمكن روزبرغ من التعامل معها بشكلٍ أفضل.
وفي حين انسحب هاميلتون من السباق بسبب مشاكل في المكابح الخلفية بعد أن تمكن من خطف صدارة السباق لفترةٍ وجيزة، تأقلم روزبرغ مع مشكلة سيارته وسجل أزمنةً ممتازة خلف مقود سيارة كانت قوتها أقل بـ160 حصان بسبب عدم وجود أي طاقة من ‘إي.أر.أس’.
وبشكلٍ مذهل، تمكن روزبرغ من الاحتفاظ بصدراته حتى المراحل الأخيرة من السباق، علماً أنه تلقى مساعدةً من سيرجيو بيريز خلفه الذي أعاق عدة سائقين من تجاوزه.
ولكن مع أقل من ثلاث لفات على نهاية السباق، تمكن دانيال ريكياردو من تجاوز كل من بيريز وروزبرغ ليخطف الفوز. رغم ذلك، المركز الثاني الذي حققه روزبرغ أدى لاكتسابه أفضلية 18 نقطة أفضلية في صراعه مع هاميلتون.
النقاط: روزبرغ 140، هاميلتون 118
4) هاميلتون يتألق في بريطانيا
بعد أخطاءٍ مكلفةٍ للغاية في كندا والنمسا، بدا أن هاميلتون أخطأً مرةً أخرى في الحصة التأهيلية بعد سوء تقديره لظروف الحلبة في جولة بلاده ولم يقم بإكمال لفته السريعة الأخرى في الحصة التأهيلية.
إذ كان هاميلتون يعتقد أن المقطع الأخير على حلبة سيلفرستون كان زلقاً للغاية وكان من المستبعد أن يتمكن من تسجيل زمن أفضل من زمنه الأول. إلا أن هاميلتون كان مخطئاً للغاية إذ تمكن روزبرغ من القيام بذلك، ما أدى لانطلاق هاميلتون من المركز السادس على خط الانطلاق.
رغم ذلك، كان هاميلتون هو السائق الأسرع في السباق وتمكن من تقليص الفارق لروزبرغ قبل مواجهة الألماني، في المركز الأول، لمشاكل في علبة السرعة. ليخسر روزبرغ صدارة السباق في البداية قبل أن ينسحب من السباق بالكامل.
النقاط: روزبرغ 165، هاميلتون 161
5) عدم الإنصات لأوامر الفريق
لم تكن الأمور على ما يرام بالنسبة للويس هاميلتون في فترة منتصف الموسم. فبعد تمكنه من التعافي إلى المركز الثالث في سباق جائزة ألمانيا الكبرى بسبب تعرضه لحادث في الحصة التأهيلية نتيجةً لتعطل مكابحه، خرج هاميلتون من القسم الأول للحصة التأهيلية مرةً أخرى في جائزة المجر الكبرى عندما تعطّل محركه.
كان سباق هاميلتون في المجر سيصبح كارثةً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ أنه خروج عن حدود الحلبة في اللفة الأولى، لأنه كان متفاجئاً بمكابحه الباردة بعد انطلاقه من منطقة الصيانة. لامس الجناح الأمامي لسيارته الحائط، إلا أن السيارة لم تتضرر بشكلٍ كبير.
ولحين تعرض ماركوس إريكسون لحادث خلف مقود سيارة كاترهام، كان روزبرغ في طريقه لتوسيع صدارته في ترتيب النقاط بشكلٍ كبير. إلا أن دخول سيارة الأمان إلى أرض الحلبة في وقتٍ متأخر حال دون دخول المتصدرين إلى منطقة الصيانة في الوقت المناسب.
بعد انطلاقه من المركز الأخير، وجد هاميلتون نفسه على مقربةٍ من روزبرغ. وفي المراحل اللاحقة من السباق، عندما كان روزبرغ يتمتع بسرعةٍ أفضل بسبب إجرائه لتوقف إضافي مقارنةً بزميله في الفريق (علماً ان فريق مرسيدس كان يتفادى إجراء استراتيجيات مختلفة بين سائقَيه إلا أن سيارة الأمان جعلت هذا الأمر ممكناً في هذه الحالة)، وأُمر هاميلتون بالسماح لروزبرغ بتجاوزه.
جاء رد هاميلتون على الراديو مع فريقه حازماً: ‘‘في حال كان قريباً بما فيه الكفاية، بإمكانه التجاوز’’. وكان لديه كامل الحق في تجاهل أوامر الفريق نظراً لأنه كان سيخسر زمناً كبيراً في السماح لروزبرغ بالتجاوز.
لم يقم فريق مرسيدس بالتشديد على هاميلتون وبالتالي أنهى البريطاني السباق في المركز الثالث وأمام زميله في الفريق بمركزٍ وحيد.
النقاط: روزبرغ 202، هاميلتون 191
6) حادث الاصطدام على حلبة سبا فرانكورشان
وفقاً لتصريحات ألان بروست، الذي لديه خبرة كبيرة في ما يتعلق بمعارك المنافسة على اللقب، فإن ما حصل في اللفة الثانية من سباق جائزة بلجيكا الكبرى كان اللحظة الحاسمة التي أدت لتغير حظوظ اللقب ليصب في مصلحة هاميلتون بدلاً من روزبرغ.
لم يكن هذا ما بدا الحال عليه في ذلك الوقت. إذ أن الثقب في الإطار الأيسر الخلفي الذي تعرض له هاميلتون بعد اصطدام الجناح الأمامي لسيارة روزبرغ به في منعطف لي كومب أدى لعدم تسجيل هاميلتون لأي نقطة، في حين أن إنهاء روزبرغ السباق في المركز الثاني خلف ريكياردو أدى لتوسيع أفضلية النقاط بـ18 نقطة إضافية أمام هاميلتون مرةً أخرى.
إلا أن الفريق لم يخفِ استياءه بما قام به روزبرغ، كما شعر هاميلتون – الذي كان يعتقد أن الفريق ينحاز لصالح روزبرغ بعد ما حصل في موناكو – أن فريق مرسيدس أصبح يدعمه الآن.
ما حصل كان، من دون شك، مجرد سوء تقدير من روزبرغ، الذي كان يبدو وأنه يحاول التراجع وعدم الاستمرار بمحاولة التجاوز، إلا أنه بشكلٍ خطير، وغير مكترث، قام بإبقاء سيارته بحيث يتوضع الجناح الأمامي على مسار التسابق. على المدى القصير الأمد، كان روزبرغ هو الرابح الأكبر، إلا أن ما حصل ساهم بشكلٍ أساسي في فوز هاميلتون في السباقات الخمسة التالية.
النقاط: روزبرغ 220، هاميلتون 191
7) جولة كارثية لروزبرغ في سنغافورة
رغم أن هاميلتون كان المرشح الأبرز للفوز في سنغافورة، في ظل انطلاقه من المركز الأول أمام روزبرغ، كان الألماني يتمتع بصدارة كبيرة في ترتيب النقاط وبالتالي كان بإمكانه التضحية وإنهاء السباق في المركز الثاني.
إلا أن سباق روزبرغ انتهى قبل بدايته فعلياً، عندما لم يتمكن من الانطلاق في بداية لفة التشكيل.
ورغم تمكن الفريق من جعله ينطلق من منطقة الصيانة، لم يتمتع روزبرغ بقوة أنظمة تعويض الطاقة ‘إي.أر.أس’ ولم يكن بإمكانه سوى القيادة في مؤخرة الترتيب قبل انسحابه في توقف الصيانة الأول.
استمر هاميلتون ليتمكن من الفوز بعد أن اضطر لتجاوز سيباستيان فيتيل بعد توقفه الأخير المتأخر، ليتمكن من خطف صدارة ترتيب بطولة السائقين للمرة الأولى منذ جائزة إسبانيا الكبرى في شهر أيار/ مايو.
النقاط: هاميلتون 241، روزبرغ 238
8) معركة مذهلة في الأمطار
سيتم تذكر سباق جائزة اليابان الكبرى بسبب الحادث المريع الذي تعرض له جول بيانكي. وهذا أمرٌ صحيح.
ولكن لو لم يحصل ذلك الحادث المريع، لكان سباق سوزوكا سيُذكر على أنه شهد أروع المعارك بين هاميلتون وروزبرغ في موسم 2014.
انطلق روزبرغ من المركز الأول وتصدر في بداية السباق، ولكن بعد فشل هاميلتون في تجاوزه خلال توقفات الصيانة الأولى بسبب ارتكابه لخطأ عند إحدى المنعطفات، توجّب عليه منافسة روزبرغ وفقاً للطريقة التقليدية، ألا وهي على الحلبة في صراعٍ على مقربةٍ كبيرة منه.
وفي حين كانت تأدية روزبرغ في الأجواء الممطرة أفضل بكثير من هاميلتون خلال موسم 2014، لم يتمكن من مجاراة هاميلتون على حلبة سوزوكا. إذ أنه لم يكن مرتاحاً مع انزلاق مؤخرة السيارة بشكلٍ مستمر، تمكن هاميلتون من تجاوزه وخطف الصدارة على المسار الخارجي للمنعطف الأول السريع.
كانت هذه لحظةً مذهلة، إذ أنها المرة الأولى هذا الموسم التي تبادل فيها سائقَي مرسيدس المراكز نتيجة حركة تجاوز على الحلبة بشكلٍ مثير.
النقاط: هاميلتون 266، روزبرغ 256
9) أخطاء روزبرغ في روسيا والولايات المتحدة
خلال الانتصارات الخمسة المتتالية للويس هاميلتون بعد جولة بلجيكا، لم يكن بإمكان روزبرغ إيقاف تقدمه في العديد من الأوقات، إلا أن ذلك كان ممكناً في جائزة روسيا الكبرى التي انضمت إلى روزنامة البطولة في الموسم الحالي، إلى جانب جائزة الولايات المتحدة الكبرى.
في روسيا، تمتع هاميلتون بأفضلية مطلقة على بقية السائقين في مختلف الحصص، إلا أن روزبرغ كان على المسار الداخلي للمنعطف الثاني على حلبة سوتشي وكان يتوجب عليه الكبح كما هو معتاد ليتمكن من خطف الصدارة.
في حال تمكن من قيام ذلك، كان من المرجح أنه سيتمكن من الاحتفاظ بصدارته أمام هاميلتون في هذا السباق الذي لم يشهد أي منافسات تذكر، إلى جانب عدم وجود تنوع من الناحية الاستراتيجية بسبب إجراء توقف صيانة وحيد.
وفي السباق التالي على حلبة أوستن، كان روزبرغ في صدارة السباق، إلا أنه كان، وحسب تصريحاته، بطيئاً للغاية في التأقلم مع قيادة السيارة بعد استخدام الإطارات متوسطة القساوة.
رغم ذلك، كان من الممكن أن يحتفظ بصدارته أمام هاميلتون كما حصل في الجولة التالية في البرازيل، إلا أنه قام باعتماد معايير ‘إي.أرأس’ خاطئة كانت ستؤدي لزيادة قوة السيارة بوقتٍ متأخر بدلاً من الزيادة اللحظية، ما سمح بتقدم هاميلتون إلى الصدارة والفوز في السباق.
نتيجةً لذلك، تمكن هاميلتون من توسيع صدارته في النقاط، وكان يعني ذلك أنه بإمكانه إنهاء جولتَي البرازيل وأبوظبي في المركز الثاني ونيل اللقب العالمي بغض النظر عن نتيجة روزبرغ.
النقاط: هاميلتون 316، روزبرغ 292
10) مشاكل روزبرغ في أبوظبي
كان أمام روزبرغ مهمة وحيدة في أبوظبي: الفوز في السباق. إلا أن انطلاقته البطيئة من المركز الأول سمحت بتقدم هاميلتون وتجاوزه إلى الصدارة.
رغم ذلك، كان أمام روزبرغ أمل في المنافسة، إذ أنه كان بحاجةٍ لارتكاب هاميلتون لخطأ أو مواجهة عطل في السيارة. إلا أن سيارة روزبرغ هي التي واجهت هذه المشاكل.
لم يساهم قانون منح النقاط المضاعفة سوى بإعطاء هاميلتون أفضلية كبيرة في ترتيب النقاط بعد نهاية الموسم، ولكنني أشك بوجود الكثير من الاشخاص الذين لا يعتقدون أن هاميلتون لا يستحق الفوز بلقب البطولة بعد هذه المنافسة الكلاسيكية على مدار الموسم… كما أن روزبرغ يستحق مركز الوصافة من دون شك.
النقاط: هاميلتون 384، روزبرغ 317