قبل أسابيع عدة تم الإعلان عن مسار رالي داكار 2014، والذي أطلقت عليه اللجنة التنظيمية تسمية “أوديسي”، واضعةً قاعدة التحمل كأساس للفرق، على أن يمر في بوليفيا للمرة الأولى.
وعلى الرغم من إبتعاد “داكار” عن القارة الأفريقية منذ حوالى 5 سنوات بسبب مشاكل أمنية، يحاول المنظمون أن يتصالحوا مع روحية هذا الحدث الأشهر في راليات ـ الرايد. فمسار عام 2014، والذي أطلق عليه لقب “أوديسي” من أجل تلخيص الروحية، أضيفت إليه المقاومة التي ستحسب في عامل الفوز، إضافة الى السرعة القصوى للآلات وللسائقين.
“نعود الى التحمل، الرجل على غرار الآلة” قال المدير الرياضي لداكار دافيد كاستيرا، ثم تابع: “الشخص الذي يحمل المياه ستعود له الأهمية، على غرار إدارة الفريق. لقد تمنينا أن نحافظ على روحية الرالي ـ رايد مع مراحل طويلة، والإبتعاد عن مراحل “السبرينت” السريعة الخالصة إن كانت الشبيهة بالـ “موتو كروس” أو بالـ “دبليو،آر،سي”.
وبالفعل سيتوجب على السائقين المشاركين (438 آلة عند خط الإنطلاق: 175 دراجة و41 كوادز و151 سيارة و71 شاحنة)، أن يمروا بـ “سالار” في أويوني، وهي أكبر صحراء للملح في العالم، ومن ثم في صحراء “أتاكاما”، مع إرتفاعات تصل الى 3600 متر عن سطح البحر، ومسار تمت زيادة مسافته حوالى 1000 كيلومتر.
كما يتوجب على الفرق أن تجتاز “مراحل ـ ماراثون”، إذا صح التعبير، من دون أي مساعدة تقنية أو صيانة.
وبسبب نجاح هذا الحدث من المرشح أن تنضم دول مثل الباراغواي، البرازيل، الإكوادور وحتى كولومبيا الى الجهات التنظيمية لتشريع أبوابها لإستقبال داكار.
وعلى الرغم من تنوع أسماء المشاركين، إلاّ أن المرشحين للفوز لن يتبدلوا كثيراً، ففي فئة الدراجات لدينا الفرنسي سيريل ديبريه (ياماها)، والإسباني مارك كوما (كيه،تي،أم). وفي فئة السيارات لدينا الفرنسي ستيفان بيترهانسيل (ميني)، الذي سيواجه القطري ناصر صالح العطية (ميني)، والإسباني كارلوس ساينز (باغي أس،أم،جي)، والجنوب أفريقي جينييل دو فيليه (إيمبريال تويوتا).
القطري العطية، الذي سيشارك في هذا التحدي ينطلق مثل غيره من المتنافسين، من روزاريو، في الأرجنتين في كانون الثاني/ يناير، للوصول في 18 منه الى “فالبارايزو” في تشيلي، علماً أن 5 مراحل ستقدّم مسارات مغايرة للدراجات وللسيارات والشاحنات، خصوصاً لأسباب أمنية.
فاز بداكار مرة وحلّ وصيفاً لساينز مرة أخرى
ويحتفل العطية العام القادم بمرور 10 سنوات على مشاركته في هذا الحدث، علماً أن قصة العشق بينه وبين داكار بدأت في العام 2004، عندما شارك للمرة الأولى في هذا الحدث على متن “ميتسوبيشي” قادها للمركز العاشر في الترتيب النهائي. غير أن النجاح لم يكن حليفه عامي 2005 و2006 عندما جلس خلف مقود سيارة “بي،أم،دبليو” إذ إضطر للإنسحاب مرتين، قبل أن يحتل في العام 2007 المركز الثالث ويسجل للمرة الأولى في مسيرته أسرع توقيت في إحدى المراحل.
عام 2008 أُلغي الرالي بسبب التهديدات التي تلقاها من جهات إرهابية، وفي العام 2009 تم شطب نتيجته بعدما لم يتمكن من إجتياز نقاط المراقبة المفروضة بسبب إرتفاع حرارة محرك سيارته الـ “بي،أم،دبليو”، علما ًأنه كان نجح في تحقيق أسرع توقيت خلال مرحلتين.
عام 2010 إنتقل الى فريق “فولكسفاكن” المصنعي وحلّ ثانياً خلف كارلوس ساينز حقق أسرع الأوقات في 4 مراحل، وفي العام 2011 حقق الحلم الذي راوده بفوزه بلقب داكار وتحقيقه أسرع الأوقات في 4 مراحل، ليصبح أول سائق عربي يحقق هذا الإنجاز ويدخل تاريخ الراليات الصحراوية من بابه الواسع.
في العام 2012 إنتقل للمنافسة على متن “هامر إتش3” ولكنه لم يتمكن من إنهاء الرالي إثر إنسحابه بعد تحقيقه أسرع توقيت خلال مرحلتين، بينما عانى العام الماضي (2013) مجددا ًمن مرارة الإنسحاب على متن سيارة “باغي” ثنائية الدفع حملت ألوان فريق “قطر ريد بُل للراليات”، لكنه نجح في تحقيق أسرع الأوقات في 3 مراحل.
وفي 10 سنوات من المنافسات حقق العطية أسرع الأوقات في 16 مرحلة وفاز برالي داكار مرة واحدة.
هذا السائق يؤكد مرة جديدة أن أقصى طموحه هو الفوز مجدداً برالي داكار، وفي حديث خاص لموقع “أوتوسبورت” يقول: “حلمي أن أفوز بلقب داكار للمرة الثانية في مسيرتي، علماً أني تعاقدت هذا العام مع فريق “إكس ـ رايد” لقيادة سيارة “ميني أول4 رايسينغ”. لقد أثبتت هذه السيارة فعاليتها بعد فوزها باللقب في العامين الماضيين”.
وعن منافسته الى جانب العديد من الاسماء الكبيرة وتحديداً الفرنسي ستيفان بيترهانسيل، الفائز باللقب 5 مرات خلف مقود سيارة و6 على متن دراجة نارية، يقول: “لا شك أن بيترهانسيل سائق من الطراز الكبير وهو يعرف أسرار داكار، ولكن سبق لي أن تنافست مع كارلوس ساينز، الذي بدوره يعتبر من السائقين النادرين، لذا أعتقد أن الأفضل سيفوز وهذا الرالي يمتد لـ 15 يوماً لذا لا يمكن التوقع بما سيحصل”.
يقرأ الرمال و”يتراقص” على الكثبان الرملية!
ومن يحاول أن يقرأ في الكواليس لمعرفة سرّ تفوق السائق “العنابي” على الكثبان الرملية يمكنه أن يدرك مدى القدرات الهائلة التي يتمتع بها العطية، خصوصاً قدرته على قراءة الرمال والكثبان الرملية التي يصعب القيادة عليها، وبهذا الشأن يقول: “بالنسبة لسائق قادم من الصحراء أدرك جيداً كيفية قراءة الرمال حتى قبل أن أصل إليها. فمن المهم جداً معرفة إتجاه الرمال لمعرفة المسار الأفضل، وهذا أمر نكتسبه من خلال قيادتنا في صحراء قطر والدول المجاورة. عندما كنت أتنافس مع ساينز كان يتعجب من قدراتي على معرفة المسار الصحيح بالرغم من السرعة العالية”.
ولا يقتصر نجاح العطية على قراءة الرمال، فهو يعرف أيضاً كيف يُعيد سيارته الى موقف الصيانة من دون أضرار تُذكر، وهذا من أهم العوامل التي تصب في مصلحته. وقد أكد هذا الأمر سفن كوانت، مدير فريق “إيكس ـ رايد” عندما كان العطية يُدافع عن ألوان هذا الفريق الذي فاز معه بكأس العالم للراليات الصحراوية والباجا عام 2008، إذ يقول: “عندما كان يُشارك ناصر معنا كان دائماً يعيد السيارة من دون أضرار تذكر. حتى أن طريقة دوسه على المكابح فوق الرمال كانت إستثنائية. خلال مشاهدتنا للمعلومات والبيانات التي كنا نستخرجها من السيارة كنا نشعر وكأنه كان يتراقص على الرمال ولا يقود، فالسيارة كانت تذهب وتعود بحالة واحدة”.
ومن أسرار نجاحه أيضاً خبرته الطويلة التي إكتسبها في المراحل الخاصة للسرعة، فهو يعرف أسرار مراحل داكار التي تُقام في الأرجنتين، وهي شبيهة جداً بالمراحل لخاصة للسرعة لرالي الأرجنتين الدولي الذي أحرز لقبه ضمن فئة الإنتاج أكثر من مرة… كيف لا وهو الذي يُطلق عليه تسمية “الأمير” في بلاد “التانغو”، لذا يقول: “المراحل التي تُقام في الأرجنتين هي شبيهة بالمراحل الخاصة للسرعة للرالي لذا أعرف جيداً القيادة عليها، وهي مراحل “سبرينت” وسريعة وتتطلب سرعة لذا يمكنك قيادة سيارتك الخاصة بداكار وكأنها سيارة رالي. غالباً ما أدخل بمنافسة قوية مع ساينز، بطل العالم للراليات مرتين، في هذه المراحل”.
50 فوزاً شرق أوسطياً و9 ألقاب إقليمية!
والى جانب مسيرته في داكار يتألق العطية على ساحة بطولة عربية للراليات حيث حقق سلسلة من 6 إنتصارات متتالية منذ رالي الأردن العام الماضي (11ـ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2012)، وأتبعه بفوز في راليي قبرص (2ـ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012) ودبي (29 تشرين الثاني/ نوفمبر ـ 1 كانون الأول/ ديسمبر 2012)، ليعود ويهيمن على الجولات الثلاث الأولى للبطولة هذا العام، قبل أن تنتهي هذه السلسلة في رالي لبنان الدولي أمام الفائز باللقب روجيه فغالي، ليعود ويحرز لقب راليي قبرص ودبي، أي أنه فاز في 5 جولات من أصل 6 عام 2013.
ومن يشاهد العطية، الذي حقق 16 فوزاً شرق أوسطياً من أصل 26 رالياً منذ العام 2010، خلف مقود السيارة سيدرك فوراً أن هذا السائق قد تم جبله في قالب من الشغف للراليات وللسرعة، وتحديداً داخل المراحل الخاصة للسرعة.
ومن ينظر الى سجل هذا السائق لا بد أن يدرك أهمية ما يفعله ناصر العطية، فهو أحرز 50 فوزاً على المسارات الشرق أوسطية، ما يجعله ثاني أنجح سائق في البطولة بعد بطل عربية 14 مرة الإماراتي محمد بن سليّم (60 فوزاً)، كما أحرز العطية اللقب الشرق أوسطي 9 مرات أعوام 2003، 2005، 2006، 2007، 2008، 2009، 2011 ، 2012 و2013، ولم “يهرب” منه اللقب الغالي في السنوات الـ 11 الأخيرة إلاّ مرتين (2004 لصالح الإماراتي خالد القاسمي، و2010 لصالح القطري مسفر المري).
رياضي متكامل وبطل أولمبي بالرماية وبطل داكار!
العطية الذي حقق جميع أحلامه، ما زال يحلم بالفوز بلقب رالي لبنان الدولي، وهو الذي، كما سبق وذكرنا أحرز لقب سيارات الإنتاج في البطولة العالمية، ومن ثم أحرز برونزية مسابقة الـ “سكيت”، في الرماية خلال أولمبياد لندن 2012.
هذا السائق أثبت أنه أكثر من سائق راليات، بل رياضي متكامل وأحد أبرز الرياضيين في العالم العربي، وهو عرف أيضاً كيف يحفر إسمه بأحرف من ذهب في بطولة العالم للرليات، بداية بفوزه بلقب سيارات الإنتاج عام 2006 (فاز في راليي الأرجنتين واليونان وحصد 40 نقطة)، ومن ثم بإنضمامه الى فريق “سيتروين” العالمي العام الماضي، ليعود ويدافع عام 2013 عن ألوان فريق “قطر وورلد رالي تيم” خلف مقود سيارة “فورد فييستا آر،أس دبليو،آر،سي” وقد نجح في إحتلال المركز الخامس في الترتيب العام في راليات المكسيك، البرتغال واليونان.
مسيرة العطية في داكار
العام السيارة المركز أسرع توقيت
2004 ميتسوبيشي 10 0
2005 بي،أم،دبليو إنسحب 0
2006 بي،أم،دبليو إنسحب 0
2007 بي،أم،دبليو 6 1
2008 لم يُنظم الرالي
2009 بي،أم،دبليو أقصي 2
2010 فولكسفاكن 2 4
2011 فولكسفاكن 1 4
2012 هامر إنسحب 2
2013 باغي إنسحب 3