لا يتمتع كلا فريقا ريد بُل وماكلارين بأداء المُحرك الذين يرغبان به من مُزودهم للمُحركات، ولكن طريقة استجابة كل فريق لهذه المصاعب مختلفة جدًّا. في هذا المقال يعتقد بن أندرسون بأنَّ فريق ماكلارين هو الذي سيتسفيد في نهاية المطاف.
يُعتبر كلا فريقا ريد بُل وماكلارين من أفضل فرق الفورموﻻ واحد، ولكن يُعاني كلا الفريقين اﻵن من أوقاتٍ عصيبة.
وبعد أن سيطروا على مُقدرات الفورموﻻ واحد طوال أربعة مواسم مُتتالية بين 2010 و2013 واجه فريق ريد بُل ومُزوهم بالمُحركات رينو واقعًا صعبًا ودفعوا ثمن تأخرهم في التأقلم مع القوانين الجديدة للمُحركات مُنذ 2014.
تمكّن فريق ريد بُل بشراكته مع الصانع الفرنسي رينو في الموسم الماضي من تحقيق ثلاثة انتصارات وأنهوا بُطولة المُصَنِّعين في مركز الوصافة، ولكن جهودهم لتجسير الفجوة بينهم وبين فريق مرسيدس طوال فصل الشتاء لم تأتِ بالنتائج المرجوة وهُم يُعانون اﻵن حتى ﻹنهاء السباقات ضمن المراكز الستة اﻷولى، دَعك حتى من التفكير بالصعود لمنصة التتويج.
بدوره يُعاني فريق ماكلارين من الركود مُنذ موسمين، حيث حققَّ فوزه اﻷخير في السباق اﻷخير من موسم 2012 في سباق جائزة البرازيل الكبرى. وشهد سباق جائزة الصين الكبرى يوم اﻷحد الماضي انطلاقتهم للمرة 41 من دون الصُعود لقمة منصة التتويج – وهذه أطول سلسلة من الخسارات المُتتالية مُنذ أن أمضى الفريق البريطاني العريق 49 سباقًا من دون تحقيق الفوز في الفترة بين عامي 1994 و 1997.
ومع تجديد شراكتهم القديمة مع مُحركات هوندا – وهو المُحرك الذي سَطَّر أفضل إنجازاته في الفورموﻻ واحد في أواخر ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي – ومُنذ عام 2012 أصبح فريق ماكلارين أبعد عن الصدارة اكثر من أي وقتٍ مضى.
وما يجمع الفريقان هو أن شريكهما لتزويدهما بالمُحركات يُعانيان حاليًا ﻷنتاج مُحركات قوية لا تتعطل. ووفقًا للأنظمة التقنية الحالية يُسمح للفرق باستخدام 4 مُحركات لكل سيارة في كل موسم، ولكن فريق ريد بُل استخدم لغاية اﻵن ثلاثة مُحركات لكلٍّ من سائقيه اﻷسترالي دانيال ريكياردو والروسي دانيل كفيات ونحن اﻵن على وشك خوض سباق جائزة البحرين الكبرى نهاية هذا اﻷسبوع الجولة الرابعة فقط من البُطولة…..
ومع أن فريق ماكلارين أمضى مُعظم فترة التجارب الشتوية وسيارته مُتوقفة في المرائب مع مُعاناتهم في جعل مُحركات هوندا تعمل بشكلٍ صحيح، واﻵن هُم مُتاخرين جدًّا من ناحية سير العمل مع المجموعة، يبدو بأن سلسلة الخسارة ستطول خلال المُستقبل المنظور.
وعلى نحوٍ مُثير للجدل تبدو اﻷمور مُحبطةً أكثر مع فريق ريد بُل، مع اﻷخذ باﻻعتبار أن رينو تعمل مع الجيل الجديد من مُحركات الفورموﻻ واحد الهجينة (هايبريد) من 6 إسطوانات على شكل حرف (V) مع نظام شاحن هواء (توروبو) مُنذ عام، بينما تُعتبر هوندا جديدة على هذه اللعبة. ولكن يبدو التباين بين توجه الفريقين للتعامل مع اﻷمر مُختلفًا تمامًا.
دخل فريق ريد بُل في حفلة تصريحات فظة على الملأ مع شريكهم للتزود بالمُحركات (بل ووصل اﻷمر بهم للتهديد باﻻنسحاب التام من البُطولة ما لم تتحسن اﻷمور)، في ما حافظ فريق ماكلارين على هدوؤه عندما تعلق اﻷمر بقُصور عمليات هوندا التي استهانت بشكلٍ كبير من تحديات العودة إلى الفورموﻻ واحد وفقًا للأنظمة الجديدة.
وبدلاً من توجيه اللوم القاسي والعنيف لهوندا عن فشلهم في تطوير نظام استعادة طاقة (إيرس) موثوقة بسُرعة، سعى فريق ماكلارين لدعم شريكهم الياباني وظهروا مُتوحدين في وجه انتقادات اﻵخرين لهما.
ولكي نكون عادلين مع ريد بُل ورينو، حاول الطرفان القيام بشيءٍ مُماثل مُؤخرًا (شهدنا في سباق الصين تواجد رئيس فريق ريد بُل البريطاني كريستيان هورنر ورئيس قسم مُحركات رينو الفرنسي سيريل آبيتيبول في حديث مُشترك لوسائل اﻹعلام)، ولكن لسوء الحظ كانت مشاعرهم الحقيقية قد ظهرت للعلن فعلاً …
وفي مُقابل هذا كان ينبغي لفريق ماكلارين وسائقيه بطلي العالم أن ينفجرا غضبًا في وجه هوندا. وشهدنا لغاية اﻵن ثلاثة سباقات من الموسم ولم تتمكن كلا سيارتي الفريق من طراز “أم بي 4 – 30” من الخُروج من دائرة القسم اﻷول من التجارب التأهيلية. وكانت أفضل نتيجة للفريق هي حلول سائقهم البريطاني جنسون باتون في المركز الحادي عشر في جائزة أستراليا الكبرى مُتأخرًا بفارق لفتين عن الفائز بالسباق (وكان آخرالسائقين المُصنفين الذين أنهوا السباق بالكامل).
بالنسبة للفورموﻻ واحد ليس من الجيد أن نُشاهد سائقين من أفضل سائقي الفورموﻻ واحد (وواحد من أفضل فرقها) يتسابقون في الصفوف الخلفية. ناهيكم عن ضغط حجم التوقعات الكبيرة من عودة التحالف بين ماكلارين وهوندا – نظرًا للتاريخ المجيد لهذه الشراكة وحجم الموارد التي تم توظيفها في هذه الشراكة.
ويبدو الجو العام هناك مُريحًا وسعيدًا، ونادرًا ما يعقدُ أعضاء الفريق حواجبهم إحباطًا، والسائقون يبتسمون، ومن النادر أن نسمع في منطقة منصات الفرق تصريحات من نوع “سيارتنا [الهيكل] رائعة لكن المُحرك يمنعنا [من تحقيق النتائجٍ]”.
وقال بطل العالم مرتين اﻹسباني فرناندو ألونسو: “أستمتع بهذا العمل – قد يكون من الغريب أن تسمعوا مثل هذا اﻷمر، ولكن هذا هو العمل الذي يقوم به الفريق. إن كل أسبوع وكل سباق مُذهل” هذا ماقاله السائق الذي يُعرف عنه قلة صبره.
وأضاف: “أنا أستمتع بهذه اللحظة، لسوء الحظ أداؤنا مُتراجع، لسنا في المُستوى الذي نرغب به، ولكني أستمتع بكوني مع الفريق والنمو معهم كفريق واحد. سنعتني ببعضنا البعض لعدة أشهر ونشعر بالفخر مع بعضنا”.
“هذا هو موسمي 14 في خوض سباقات الفورموﻻ واحد. وحتى السنوات اﻷخيرة كانت مُحبطة أكثر ﻷني كُنتُ أانافس على البُطولة ولم نتمكن من إحرازها، اﻵن أعمل مع مشروع جديد آخر وأنا مُتفائل جدًّا. للتغلب على مرسيدس علينا القيام بأمرٍ مُختلف، عليك القيام ببعض المُخاطرات، وهذا ما قررت القيام به الموسم الماضي”.
أما بالنسبة لزميله البريطاني باتون الذي يقود لصالح فريق ماكلارين مُنذ عام 2010 فقد عانى هو اﻵخر من مواسم سيئة تمامًا مُؤخرًا، ولكنت لديه سبب وجيه للشعور بالخوف من الظروف الحالية، ولكنه هو اﻻخر يشعر بالراحة والثقة.
قال بطل العالم لموسم 2009: “قبل كل شيء، نعرف بأنه لن تكون بدايةً سهلةً للموسم”، وأضاف: “ولكن في الداخل أشعر بأمرٍ مُختلف، أشعر بالطريقة التي تتطور فيها السيارة، والمُحرك، وأيضًا الجو العام في الفريق”.
“وكما قال فرناندو، يتفهم الجميع في الفريق أدوراهم وكل شخص يُساعد الشخص اﻵخر الذي بجانبه، لذا هنالك جو جيدٌ جدًّا، ومن الرائع أن ترى التغيير في اﻷداء والتقدم الذي نُحرزه”.
رُبما يحمل الحديث الذي أدلى به ألونسو الجانب المُشرق من اﻷمور الجديدة التي تأتي من الحاجة البسيطة والماسَّة لتغيير الظروف. ورُبما باتون يشعر بالسعادة ببساطة ﻷنه تمكن من البقاء في الفورموﻻ واحد بعد أن كاد يخسر مقعده بالكامل في نهاية الموسم الماضي.
ولكن يبدو اﻷمر أكثر من ذلك. يبدو بأن الجميع في ماكلارين – هوندا يُؤمن بما يقومون به. وتبدو الظروف الحالية سيئة، ولكن هنالك قناعة راسخة من الداخل حول ما سيأتي. ويبدو بأن جو العمل إيجابي، على الرغم من النتائج السيئة لغاية اﻵن.
وقال رئيس ماكلارين للسابق الفرنسي إريك بولييه لـ أوتوسبورت: “بصفتي أحد اﻹداريين الكبار علينا أن نكون مثاﻻً يُحتذى به”، وأضاف: “علينا اﻻجتماع على مُستوى اﻹدارة أنا، وياسوهيسا آراي [رئيس القسم الرياضي لدى هوندا] ورون دينيس [رئيس مجموعة ماكلارين] للتأكد من أن العاملين يُدركون إلى أين نُريد أن نذهب”.
“حالما تُؤسس القيادة يُصبح من السهل كثيرًا التأكد من أن جميع مُستويات الفريق – أو كلا الفريقين – تعمل مع بعضها بشكلٍ جيد”.
“مع ذلك عليك التعامل مع التوقعات ﻷن كل طرف يخبق توقعات جديدة – وسائل اﻹعلام، والمُشجعين، والشُركاء، والرُعاة، والفريق نفسه. وفي نفس الوقت أعتقد بأننا واقعيين جدًّا. أعتقد بأننا نرتكب خطئًا كبيرًا بأن نزيد من حجم مشاعرنا أو نُحاول الرقص بإيقاعٍ أسرع من الموسيقى”.
“لقد كانت دائمًا شراكة طويلة اﻷمد مع هوندا عندما أعلنا عنها، أعتقد بأن هوندا تُساعدنا كثيرًا، ونحن ندعمهم جدًّا في إطار سعينا ﻷن نكون أفضل في أسرع وقتٍ مُمكن. أعتقد بأن كلا الفريقين يعملان سويةً بجدية وفاعلية، ولذلك أعتقد بأنه يُمكنك الشعور بأنه ليس جو مُريح، ولكنه جو للعمل بثقة”.
“الجميع يُركز على عمله، الجميع يقوم بوظيفته والجميع يفهم ما عليه فعله. وهذه هو المفتاح للتقدم بسُرعة”.
“لا نشعر بالذعر ﻷننا نعرف بأننا سنعود عاجلاً ام آجلاً، ولكي نطون صريحين عاجلاً وليس آجلاً. الهدف النهائي هو أمر واحد: الفوز وأن نكون أبطال العالم مُجددًّا، ولكن ما مدى سُرعة تعافينا؟ نحن واثقون جدًّا من ذلك”
لا يعني هذا اﻷمر بأن ماكلارين وهوندا يجلسان ويتجرعان الهزائم، ولكن هذا اﻷمر مقرون بوعي حاد للحاجة على التركيز على الصورة اﻷكبر وقبول بعض اﻵﻻم على المدى القصير مُقابل تحقيق النتائج الطيبة على المدى الطويل وهذه هي الشراكة التي نسعى للوصول إليها إذا تم حمايتها ورعايتها بشكلٍ صحيح.
يتمتع فريق مرسيدس بنتائج هذا اﻷمر بالفعل، بينما بحصل عليه فريق فيراري بعد موسم 2014 صعب.
ولكن كُلاًّ من ريد بُل ورينو تحدثا مُطوﻻً عن الحاجة للانتقال بمُستوى العلاقة من مُستوى العميل/ المُزود إلى علاقة “عمل” مُتكاملة من أجل العودة إلى المُقدمة (أيضًا يُصبح من السهل كثيرًا القيام بذلك عندما يكون لديك أساليب مُعينة للعمل موجودة فعلاً)، ولكن يبدو بأن فريق ماكلارين – هوندا يعيش هذه اﻷفكار المثالية.
ومما لا شك فيه يبدو التحالف بين ووكينغ [في إنجلترا حيث مقر فريق ماكلارين] وساكورا [في اليابان حيث مقر قسم هوندا الرياضي] مُتأخرًا على الحلبة [في السباقات] لغاية اﻵن عن التحالف بين ميلتون كينيز [في إنجلترا حيث مقر فريق ريد بُل] وفيري شاتيلون [في فرنسا حيث مقر فريق قسم رينو الرياضي]، ولكن يبدو بأن التحالف اﻷنجلو – ياباني مُتقدمًا عليهم من ناحية علاقة العمل البنَّاءة.