مع مشاركة 18 سيارة في جائزة الولايات المتحدة الأميركية من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد نظراً لعدم مشاركة فرق كاترهام وماروسيا، يطرح إد سترو تساؤلات إن كان عدد السيارات الأقل سيعني انخفاض نسبة الحماس والإثارة.
نحتاج لسيارتَين فقط من أجل الحصول على سباق. هذا ما أثبته كل من لويس هاميلتون ونيكو روزبرغ في عدة مناسبات من موسم 2014 من بطولة الفورمولا واحد.
من وجهةِ نطرٍ رياضية، هل ستخف متعة مشاهدة سباق فورمولا واحد بسبب تواجد 18 سيارة فقط على خط انطلاق سباق جائزة الولايات المتحدة الأميركية يوم الأحد المُقبل نظراً لعدم مشاركة كاترهام وماروسيا في جولة أوستن؟
وبغض النظر عن المشاكل المادية التي يُعتبر الوضع الحالي من أبرز تأثيراتها، خصوصاً بسبب التركيز بشكلٍ كاملٍ على ما يحصل على الحلبة، يبدو أن التأثير الأكبر هو انخفاض نسبة السيارات المشاركة بـ18%. بشكلٍ مختصر، هذا يعني متابعة المشاهدين لعدد أقل من السيارات.
من دون شك، سيترك ذلك أثراً كبيراً على أولئك المتابعين في الحلبة، خصوصاً من كان يأمل مشاهدة البطل المحلّي ألكسندر روسي يشارك بأولى سباقاته في الفورمولا واحد لصالح فريق ماروسيا. ولكن، لنكن واقعيين، هناك عدد قليل من التذاكر المباعة لغاية مشاهدة روسي على الحلبة يوم الأحد.
أما بالنسبة للمتابعين عبر شاشات التلفزيون، من المرجح أن تأثيرات غياب السيارات الأربعة ستكون أخف. من دون شك سيبدو خط الانطلاق أصغر عند انطلاقة السباق، وسنلحظ الفارق عندما نشاهد السيارات الـ18 تعبر المنعطف الأول الضيق من اللفة الأولى.
بعد ذلك، ستكون تأثيرات غياب الفريقَين محدودة، ولكن نظراً لأن الانطلاقة تشكّل جزءً أساسياً من السباقات، سيكون هذا تأثير الانطلاقة سيئاً بما فيه الكفاية للسباق بأكمله.
للأسف، هناك اهتمام ليس له مثيل في فرق الصدارة. في موقع أوتوسبورت يمكننا ملاحظة الفارق عندما نقارن أرقام القرّاء على مقالٍ يتعلّق بإحدى الفرق الصغيرة، مقارنةً بمقالٍ آخر يتعلق بإحدى الفرق الكبيرة.
لا ينحصر هذا المثال على الفورمولا واحد فقط. فعلى سبيل المثال، جزءٌ كبير من تغطية بطولات كرة القدم في المملكة المتحدة، وفي معظم أنحاء العالم، موجّهة للأندية الكبيرة. المتابع الاعتيادي لكرة القدم يُفضّل قراءة أخبار أندية مثل مانشستر سيتي، تشيلسي، ليفربول، أو أرسنال بدلاً من أندية ويست بروم أو كريستال بالاس.
هذا الأمر ينطبق على مختلف أنواع الرياضة. الغالبية العُظمى (هناك استثناءات ولكنها نادرة) يهتمون بشكلٍ أساسي بالأسماء الكبيرة.
ومن وجهة النظر هذه، فإن مواضيع المنافسة على لقب بطولة العالم للسائقين، إضافةً للتساؤلات حول إمكانية خطف دانيال ريكياردو لفوزٍ رابعٍ هذا الموسم، إضافةً لمشاكل فيراري المستمرة ستُشكّل عامل جذبٍ كبير مقارنةً بما يحصل في مؤخرة الترتيب.
وبشكلٍ متناقض، من المرجح أن يحظى الفريقَين الغائبَين بتغطية أكبر مما كان متوقعاً لهم في حالة مشاركتهم في جولة الولايات المتحدة الأميركية.
وفي حال تم الاتفاق على قرار مشاركة فرق الصدارة بثلاث سيارات – وهو قرارٌ يحظى بالعديد من الاعتراضات في الوقت الحالي – بإمكاننا أن نضمن وجود اهتمام كبير بالسيارة الإضافية لإحدى فرق الصدارة مقارنةً بالفرق الصغيرة التي تتنافس في مؤخرة الترتيب.
ليس من الضروري أن يكون هذا الأمر جيداً على المدى الطويل. المنافسات في صدارة الترتيب تُشكّل عامل جذب أي رياضة. في حال شارك فريق مرسيدس بثلاث سيارات في الموسم الحالي، من المرجح أن السباقات الثلاثة التي لم يتمكن الفريق من الفوز بها كانت ستكون من نصيب هذه السيارة الإضافية. مما سيؤدي لوجود نوع من الانزعاج في مختلف الأوساط خارج مقرات الفريق في براكلي، بريكسورث، وشتوتغارت.
يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن مشاركة سيارات أقل مع غياب أبطأ فريقَين على ساحات البطولة سيكون مختلفاً للغاية عن خسارة إحدى الفرق الكبيرة. هذا يُشير إلى أن النوعية تفوق الكمية أهميةً في البطولة. إلا أن هذا الكلام صحيح لدرجة معينة فقط. ففي نهاية المطاف، سباق جائزة الولايات المتحدة الأميركية الكبرى لعام 2005، والذي شارك فيه ست سيارات فقط ألا وهي سيارات فيراري، جوردان، وميناردي، يُعتبر من أكثر السباقات السيئة والكارثية في تاريخ بطولة العالم للفورمولا واحد.
أقل عدد من السيارات المشاركة هو 20 سيارة (وفقاً للعقود والصفقات التجارية للبطولة). يعتبر هذا الرقم عقلانياً بشكلٍ أساسي. سيكون من الجيد أن نحظى بالعدد الأكبر من السيارات ألا وهو 26 سيارة (في الواقع، يمكن في معظم الحلبات باستثناء موناكو أن نشهد عدداً أكبر من السيارات المشاركة والمصطفة على خط الانطلاق)، ولكن من الخاطئ أن نفترض أن هذا ما كان الحال عليه على الدوام.
لطالما تغيّر عدد السيارات على خط الانطلاق على مدار الأعوام الماضية. كانت هناك سباقات من بطولة العالم شهدنا فيها مشاركة أكثر من 30 سيارة (الرقم القياسي هو 34 سيارة على خط انطلاق سباق جائزة ألمانيا الكبرى لعام 1953 والذي كان يخضع لقوانين فورمولا 2).
وبشكلٍ معاكس، هناك عدة عوامل، مثل تكلفة السفر إلى الأرجنتين في الجولة الافتتاحية لموسم عام 1958، إضافةً لتغييرات في قوانين الوقود أدت لمشاركة عشر سيارات فقط في ذلك السباق. وهو الرقم القياسي لأقل عدد من السيارات في تاريخ البطولة.
هذه الخطوط العريضة ناجمة عن ظروف استثنائية وفريدة من نوعها. ودون احتساب النقاط الممنوحة خلال سباقات 500 ميل في إنديانابوليس التي شكلت جولةً من بطولة الفورمولا واحد بين أعوام 1950 و1960، فإن معدل السيارات المشاركة في 903 جائزة كبرى من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد هو 24.3 سيارة.
بينما معدّل السيارات التي اصطفت على خط الانطلاق في تلك المدة هو 22.6 سيارة. هذا يشير إلى أن البطولة شهدت أوقاتاً كانت فيها السيارات تنسحب من المشاركة لأسبابٍ غير معروفة، أو بسبب عدم تحليهم بالسرعة الكافية في الحصص التأهيلية وبالتالي لم تشارك في السباقات بحد ذاتها. في الواقع، هناك 29 سباقاً فقط شهد اصطفاف أكثر من 26 سيارة على خط الانطلاق.
ولكن هل هناك ترابط بين عدد السيارات المشاركة في إحدى المواسم، وبين جودة هذا الموسم من حيث التسابق؟ من الصعب قياس ذلك بسبب عدم وجود وحدة قياس لمدى جودة مواسم البطولة.
إليكم معدّل السيارات المشاركة في سباقات بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بشكلٍ سنوي منذ انطلاق البطولة في عام 1950:
في حال ساهم المعدل المنخفض في وجود موسم غير مثير، لن يُشكّل ذلك نبأً ساراً لجاكي ستيوارت الذي فاز بإحدى ألقابه لصالح مارتا عام 1969 (معدّل 16.09 سيارة) وفوز داني هولم عام 1967 (معدّل 18.09 سيارة).
إلا أن ذلك سيكون إيجابياً للغاية بالنسبة للفترة الممتدة بين أعوام 1988 و1992، إذ أن معدّل السيارات المشاركة بلغ ذروته في تلك الفترة. ففي عام 1989، كان معدل السيارات المشاركة في البطولة مذهلاً للغاية ووصل إلى 38.81!
هناك فرصة كبيرة أن هذه الفترة تعيد العديد من الذكريات لمتابعي البطولة. بشكلٍ شخصي، هذه الفترة شهدت بدء عشقي لبطولة الفورمولا واحد، ولكن يجب علينا أن نتذكر أيضاً أن المواسم الخمسة في تلك الأعوام شهدت حسم الألقاب العالمية قبل السباق الأخير في كل موسم.
ورغم ذلك، شهدنا منافسات بين أساطير الفورمولا واحد ألان بورست وأيرتون سينا، والحوادث التي حددت هوية بطل العالم في أعوام 1989 و1990 على حلبة سوزوكا. ولكن في الوقت ذاته، شهدنا في عام 1988 فوز فريق ماكلارين بـ15 جولة من أصل 16، إضافةً لتتويج نايجل مانسيل بلقبه العالمي في منتصف صيف عام 1992 وقبل نهاية الموسم بفترةٍ طويلة.
وفي حين قد لا يرتبط عدد السيارات المشاركة على مدار الموسم بالحماس والإثارة في هذا الموسم، هناك نوعٌ من الشغف والعواطف تجاه الفرق الصغيرة التي تستحق من دون شك مكانها على خط الانطلاق.
إذ أن العاملين في هذه الفرق بذلوا مجهوداً لا يختلف في أهميته عن مجهود العاملين في الفرق الكبيرة، أو حتى مجهوداً أكبر في بعض الأحيان، وعندما نقوم بمقارنة سرعتهم بشكلٍ نسبي مع مقدمة الترتيب، نجد أنهم ما زالوا ينتجون سيارات جيدة للغاية.
وفي حين سيكون من المثالي أن نحظى بخط انطلاق مُكتمل بوجود 13 فريقاً يشارك كل منهم بسيارتين (وجود فكرة عدم المشاركة في السباق بناءً على توقيت الحصص التأهيلية، رغم أنه ممتع ومثير، لن يكون فعالاً إذ أن الفرق الصغيرة ستعاني في مختلف الجولات)، إلا أن وجود فرق عابرة، مثل فريق أندريا مودا عام 1992، لن يصب في مصلحة الفورمولا واحد.
وجود قاعدة 107% من الزمن الأسرع في الحصص التأهيلية سيمنع تواجد مثل هذه الفرق، ولكن من المنطقي للغاية أن يُخضع الاتحاد الدولي للسيارات الفرق المشاركة كافةً بمعايير جودة معينة تلعب دوراً أساسياً في مشاركتهم في الجوائز الكبرى.
هذا لا يحافظ على كرامة وأصالة الفورمولا واحد وحسب، بل يقلل من مخاطر خسارة العاملين الاعتياديين، دون المسؤولين رفيعي المستوى، لأرزاقهم بشكلٍ مفاجئ نتيجة انضمامه لفرق تنسحب من البطولة بعد فترةٍ قصيرةٍ من مشاركتها.
كما يجب علينا أن نشدد وجود تعقيدات مادية كبيرة للشركات التي تقوم بتمويل فرق الفورمولا واحد. حيث أن بريطانيا على وجه الخصوص تتميز بوجود عدد لا يحصى من الشركات الهندسية المتخصصة والتي تقوم بتزويد الفرق بمعدات معينة، حيث أن هذه الشركات كانت في الفترة الأخيرة ضحية عدم دفع الفرق لمستحقات الشركة بالسرعة المطلوبة.
قد تكون هذه الشركات مبنيةً على أسس متينة، إلا أن مستقبلها أصبح في خطر بسبب عدم دفع فرق الفورمولا واحد للمستحقات بشكلٍ صحيح. هناك عدد من الشركات التي اضطرت للانسحاب بسبب قيامهم مطالبة الفرق الكبيرة بالدفع في وقتٍ مبكّر رغم حصولهم على نفس الخدمات.
بالمختصر المفيد، من أجل ضمان متعة المشاهدة المثالية ومن أجل إعطاء السائقين فرصةً أكبر للوصول إلى الفورمولا واحد، هناك إيجابيات عديدة تنجم عن مشاركة 13 فريق مُدار بشكلٍ جيّد ومبني على أسس متينة.
من الممكن أن يختلف بعض مدراء البطولة مع رأيي، إذ أن تقسيم حصص العائدات المالية بين عشرة فرق سيكون أفضل من اقتسامها بين 13 فريقاً، ولكن لا يمكن أن تعتمد الفورمولا واحد على استمرار شركات تستثمر في فرق، مثل فريق ريد بُل، بشكلٍ أبدي في البطولة وهناك مخاطر دائمة في انسحاب هذه الفرق.
نظراً لذلك، من المنطقي وجود بعض الفرق الإضافية لضمان عدم انخفاض عدد السيارات المشاركة عن عشرين سيارة.
ستكون بعض الفرق أقوى من الناحية المادية من فرقٍ أخرى، وستستمر الفرق الكبيرة بتصدر الترتيب إضافةً لاحتلال الفرق الصغيرة لمؤخرة الترتيب، ولكن في الوقت ذاته المردودات المادية في الفورمولا واحد تُعتبر كافيةً من أجل تحقيق التوازن المثالي الذي يضمن استمرارية البطولة. ببساطة، لا يتم إعطاء نسبة كافية من الأموال لأولئك المساهمين في تقديم عرض في كل سباق.
المتابعة الحماسية والإثارة تُشكّل جزءً أساسياً وكبيراً من الفورمولا واحد. وفي حين لا تحظى فرق المؤخرة بفرصتها للظهور إعلامياً بشكلٍ كبير، إلا أنهم يساهمون في تقديم عرض في كل جولة ويجب على المعنيين المحافظة عليهم وضمان استمرار مشاركتهم.
وكما سنلاحظ في أوستن، ستفتقد الفورمولا واحد لهذه الفرق بعد رحيلها.
شكراً لجاو باولو كونها من موقع FORIX لتقديمه الإحصائيات المذكورة.