مع انتقال فريقين ليُصبحوا في عهدة الحراس القضائيين واحتمالية حدوث الأمر نفسه مع فرق أخرى، يشرح لنا جوناثان نوبل لماذا على القوى الكبرى في الفورمولا واحد التصرف فوراً للحد من النفقات المتصاعدة باستمرار؟
.
.
.
في حال كان ذلك غير متوقعٍ، ولو لم تكن أجراس الإنذار تقرع منذ أشهر مضت، لكانت مشاكل فريقي كاترهام وماروسيا هذا الأسبوع مقبولة على أنها فصل جديد من تاريخ الفرق الكثيرة التي جاءت ورحلت عن الفورمولا واحد.
وفي النهاية، ومنذ انطلاق بطولة العالم للفورمولا واحد عام 1950، شارك فيها 164 فريق. سيتواجد 9 منها فقط على شبكة الانطلاق في أوستن. وربما لن يكون لانضمام فريقين إلى الفرق الـ 153 الأخرى اهتماماً كبيراً، لكن وبسبب المكان الذي تتواجد فيه الفورمولا واحد حالياً، الأمر أكثر أهمية.
وبعد أشهر من الحديث عن انهيار الفرق في حال لم تتم السيطرة على النفقات في الفورمولا واحد، يصعُب هضم أحداث الأسابيع الماضية. وليس أمراً يحدث عن طريق الصدفة أو لأسباب استثنائية. بل جاء إثر تحذيرات تلو الأخرى وسط فشل في ردة الفعل.
عندما رفعت الفرق الصغيرة الصوت عالياً في وقت سابق من السنة الحالية قائلةً إن الفورمولا واحد متجهة إلى أزمة مالية في حال عدم اتخاذي أية خطوات من شأنها الحد من النفقات، رفض الجميع الاستماع. وتغاضت الفرق الكبيرة عن الأمر غير آبهة به، مجهضةً اتففاقاً مبدئياً لتحديد سقف للنفقات، واقترحت عوضاً عنه مقاييس لتقليص المصاريف التي يمكن ربما أن يكون لها تأثير في ميزانيات الضيافة الخاصة بها.
من ناحيتهم لم يحركوا القيّمين على الرياضة ساكناً أيضاً. واعتبر ئيس الاتحاد الدولي للسيارات “فيا” جان تود أنه لا يمكن القيام بأمر ما بسبب الإجراءات التي يتطلبها إدخال أي قانون في الفورمولا واحد بما أن أطرافاً عارضت الأمر، لذا تخلّى هو الآخر عن الفكرة.
ولا حتى بيرني إكليستون أراد التدخل بالأمر. فقد كان أكثر قلقاً على مشاكله القانونية الخاصة في ميونيخ، في الوقت الذي يبقي فيه على الموارد المادية من حقوق البث التلفزيوني والحلبات.
بل وقال إنه سيكون من الأفضل إن تقلّص عدد السيارات على شبكة الانطلاق قليلاً. وطريقة تصرّف الفرق الكبيرة، الاتحاد الدولي وإكليستون لم تضر بالفرق الصغيرة لسنوات فحسب، بل فتحت الأبواب على إمكانية وجود المزيد من المشاكل مستقبلاً.
وبالمعنى الرياضي، يعني غياب فريقي كاترهام وماروسيا أن فرقاً تم تصنيفها سابقاً على أنها فرق الوسط، مثل ساوبر لوتس وتورو روسو، ستتنافس فيما بينها على مراكز المؤخرة. وهذا أمر لن يساعدهم في محاولاتهم الحثيثة لاستقطاب رعاة كبار هم بأمس الحاجة لهم.
كما سيكون هناك تأثيرٌ مباشراً في الصانعين. فيراري ورينو إذ خسر كل منهما عقد لتزويد أحد الفرق بالمحركات، ما يقلل من عائداتهم في الوقت الذي ازدادت فيه المصاريف.
وفي حال انتقال فريق آخر ممن يتزوّدون بمحركاتهم لاستخدام محركات هوندا سنة 2016، وهو أمر وارد جداً، سيكونون فجأة ينفقون المال على تصنيع وحدة طاقة خاصة بهم فقط.
وهذا ليس بالأمر الصحي من الناحية المادية.
واحتمال إشراك سيارة ثالثة للفرق الكبيرة في موسم 2015 لملئ الفراغ قد يتسبب بكارثة محتملة. من سيدفع أعباء هذه السيارة الثالثة؟ وما سيكون تأثير ذلك في الفرق الصغيرة؟ وكيف سيحمي ذلك الرياضة من مشاكل مستقبلية؟ ليس هذا بالحل الطويل الأمد.
ولطالما كانت الطريقة الامثل للمضي قدماً هي بالإبقاء على 10 فرق مستقلة على قيد الحياة وتأمين واردات كافية لتغطية مصاريفهم. وبالنسبة لرياضة تجني أكثر من مليار جنيه استرليني في السنة كعائدات، ليس من المنطقي عدم قدرتها على ضم هذا العدد من السيارات. على أية حال، هذه نتائج اللعبة الأنانية التي نشهدها اليوم.
كما أن الفرق الكبيرة تستولي على الحصص الكبيرة من المال، وليس هناك أية بوادر من دافعي هذه الأموال ليقولوا لهم أن يتمهلوا على أنفسهم ويفكرا بالصورة الأكبر للرياضة.
واقترح رئيس الاتحاد الدولي السابق ماكس موسلي علىّ في وقت سابق من السنة الحالية أن وجود توزيع غير متساوٍ ومتفاوت بين الفرق، يجب أن يحظى باهتمام أكبر من حصول الفرق على محركات أكبر أو إطارات أفضل.
وقال: “لا تريد الفرق الكبيرة والغنية أن يحظى الجميع بكمية المال نفسها. ولقد حصوا على أفضلية في الأداء لأنهم حصلوا على مزيد من المال. إنها معادلة بسيطة إذ تحصل أنت على ثلاثة أضعاف كمية المال التي أحصل عليها أنا، وقد تحصل أيضاً على محرك أفضل”.
“كما أن المحرك الأفضل لا يضمن تحقيق الانتصارات، لكن بعد معادلة باقي الأمور، سيصنع المحرك فارقاً كبيراً. لذا إذا أردت عدلاً رياضياً، عليك توزيع كمية المال نفسها على الجميع”.
يبدو الجواب واضحاً، لكن هل من يسمع وهل هؤلاء من يستطيعون صنع فارق يهتمون حقاً؟ أتخوّف من أننا جميعاً نُدرك جواب ذلك.