إن كيمي رايكونن هو العامل الأساسي في سوق انتقالات الفورمولا واحد في الصيف الحالي. يقيّم بن أندرسون ما يجب على فيراري القيام به في ما يتعلق بمصير الفنلندي لموسم 2016.
لا بد أن مدير فرق فيراري، ماوريزيو أريفابيني، يستمتع بهذه العطلة الصيفية للفورمولا واحد، إذ أنها توفّر فرصة وراحة مؤقتة للإيطالي عن التساؤلات المستمرة في ما يتعلق بمستقبل كيمي رايكونن كسائق فورمولا 1.
وكان سُئل أريفابيني، مرةً أخرى، بعد نهاية سباق المجر الأخير عن إمكانية تجديد خدمات كيمي رايكونن للموسم المقبل. جوابه؟ ببساطة: ‘‘إنه أمرٌ مثير للاهتمام، عندما أجاوب على مثل هذه الأسئلة تستغربون [وسائل الإعلام] من أنني أقدم لكم نفس الجواب. لكنّم لا تدركون أنكم تطرحون نفس السؤال مراراً وتكراراً!’’
‘‘أخبرتكم في المرة الماضية أن هدفنا التركيز على تطوير السيارة. هناك وقتٌ خاص للتحدث عن السائقين. خلال العطلة الصيفية، نحظى جميعاً بقسطٍ من الراحة ولا نتخذ قرارات أو نعمل أو نفكّر. بل نسبح، نتسلق الجبال، نركب الدراجات الهوائية وما إلى ذلك. في ما عدا ذلك، لا يمكننا أن نعتبر أنفسنا في عطلةٍ صيفية’’.
كانت رسالة أريفابيني واضحةً: لم نتخذ قراراً بعد، ولن نتخذ قرارنا قبل نهاية العطلة الصيفية.
ينتهي عقد رايكونن الحالي مع فيراري مع نهاية الموسم الحالي، إلا أن لديه خياراً لتجديد العقد لموسم 2016 في حال كانت هناك رغبة – من الطرفين – لتحقيق ذلك.
في الوقت ذاته، ازدادت حدة الشائعات طوال الصيف بأن فريق فيراري لن يستغل هذا الخيار، بل أن الفريق الإيطالي سيستقدم سائق ويليامز، فالتيري بوتاس، ليحل بدلاً من مواطنه ابتداءً من الموسم المقبل. هذا ما أدى إلى مواجهة أريفابيني للتساؤلات المتواصلة حول تشكيلة ثنائي فيراري في المستقبل.
بالتأكيد، فإن بوتاس يثير اهتمام فيراري. ولمَ لا؟ أثق تماماً أن فريق فيراري مهتم بسائق ريد بُل دانيال ريكياردو، إضافةً إلى مراقبة تأدية نجم فورس إنديا نيكو هولكنبرغ. من أبرز مهام كل فريق كبير في الفورمولا واحد تقييم الخيارات المتاحة على الدوام من أجل ضمان استقدام أفضل السائقين المتوفرين لقيادة السيارات. حسناً، هناك عقود ملزمة في بعض الأحيان، ولكن يمكن خرق هذه العقود عند الضرورة القصوى.
في حال قرر فريق فيراري مزاملة بوتاس إلى جانب سيباستيان فيتيل، يجب عليهم شراء الفنلندي من فريق ويليامز، الذي قدّم الدعم لبوتاس منذ تألقه في سلسلة فورمولا 3 قبل أن تتم ترقيته إلى الفورمولا واحد عام 2013. إذ أن فريق ويليامز يملك خياراً ينص على الإبقاء على خدمات بوتاس لموسمٍ إضافي على الأقل.
ولهذا السبب فإن بوتاس يكون صادقاً عندما يقول أن عليه ‘‘الانتظار’’ لمعرفة ما يحمله مستقبله في الفورمولا واحد، إذ أن مصيره خارج عن إرادته. يعتقد زميل بوتاس الحالي، فيليبي ماسا، أن الفنلندي الشاب يلعب الدور الرئيسي في سوق انتقالات السائقين. ولكن في الواقع، فإن كل من رايكونن وفيراري يلعبان هذا الدور بشكلٍ كامل.
بالتأكيد، يشعر الجميع بالفضول حول قرار فيراري الأخير، إلا أن أريفابيني غير مخطئ عندما يقول أنه ليس على عجلةٍ لاتخاذ قرار. إذ أن فريقه يملك الأوراق الرابحة الآن، ويمكن بالفعل أن يستمر مع رايكونن (الذي يصبح عمره 36 عاماً في شهر تشرين الأول/ أكتوبر) في نهاية المطاف، ما يعطيه موسماً إضافياً لتقييم خياراته المستقبلية بشكلٍ دقيق. السؤال الأبرز إذاً، هل يجب على فيراري الاستمرار مع رايكونن؟
بالنظر إلى مساهمة رايكونن في بطولة العالم للصانعين، من ناحية النقاط المسجلة، فإن الجواب سيكون ‘لا’ بكل وضوح. إذ سجّل رايكونن نقاطاً أقل من نصف النقاط التي سجلها فيتيل في السباقات العشرة الأولى حتى الآن، وفي الواقع فإن رايكونن يتأخر بنقطة واحدة عن غريمه بوتاس رغم امتلاكه لسيارةٍ أسرع ومشاركته بعددٍ أكبر من السباقات (نظراً لأن بوتاس لم يتمكن من الانطلاق بسباق جائزة أستراليا الكبرى بسبب آلام ظهره).
يملك رايكونن أحقية كاملة للإشارة إلى بعض الأخطاء الخارجة عن إرادته والتي حالت دون تسجيله لعددٍ أكبر من النقاط. ففي أستراليا، واجه مشكلة في توقف الصيانة (حيث كان بإمكانه إنهاء السباق بالمركز الخامس)، إضافةً إلى معايير ضبط المحرك الخاطئة في كندا (حيث كان بإمكانه الصعود على منصة التتويج بالمركز الثالث)، فضلاً عن مشكلة نظام استعادة الطاقة الحركية ‘أم جي يو كيه’ الذي حرمه من المركز الثاني في المجر. وبالتالي كان بإمكان رايكونن تسجيل 31 نقطة إضافية في ترتيب بطولة السائقين لولا تلك المشاكل، ويعتمد ذلك على إن كان يتحمل مسؤولية معايير الضبط الخاطئة في كندا.
في حال منحنا رايكونن تلك النقاط، نجد أن رصيده مقبول وهو يصل لحوالي 67% من النقاط التي سجلها فيتيل. ولكن تبقى علامة الاستفهام الأكبر هي تلك المحيطة باستمرار تقديمه لنتائج ضعيفة وارتكاب الأخطاء في الحصص التأهيلية، والتي تجعل المهمة أكثر صعوبة بكثير بالنسبة لرايكونن.
لعل جائزة النمسا الكبرى أكبر مثال على ذلك. آنذاك، أظهر رايكونن سرعة في الحصة التأهيلية أثبتت قدرته على المنافسة على منصة التتويج، ولكن للمرة الثانية هذا الموسم (بعد جولة ماليزيا) وجد نفسه خارج الحصة التأهيلية بعد نهاية القسم الأول وذلك في ظل الظروف المناخية المتغيرة.
ولكن على عكس ما حصل في ماليزيا، تسبب رايكونن بحادثٍ في اللفة الأولى من السباق عندما كان يحاول شق طريقه إلى المقدمة. بإمكان فيراري اعتبار أن رايكونن أضاع فرصة تسجيل 12 نقطة على الأقل (نظراً لأن كان بإمكانه عبور خط النهاية بالمركز الرابع) بسبب ارتكابه لخطأ قيادي.
وبالنظر إلى السباقات الأخرى، يمكن المناقشة بأن رايكونن أضاع ست نقاط على فريقه بسبب أخطاءٍ في الحصص التأهيلية لجولتي موناكو وإسبانيا، إضافةً لإمكانية تسجيل ثمان نقاط إضافية نظراً لأن سائقاً بخبرته كان بإمكانه اتخاذ قرارات أفضل في ما يتعلق بتوقيت إجراء توقف الصيانة من أجل التزود بالإطارات الخاصة بالحلبة الرطبة في المراحل الأخيرة من سباق جائزة بريطانيا الكبرى.
هنا تكمن المعضلة الحقيقية مع كيمي رايكونن. وكما أشار المدير التقني لفريق فيراري جايمس أليسون قبل انطلاق مجريات جائزة المجر الكبرى، فإن رايكونن ما زال بسرعة فيتيل. الفارق أن الألماني لم يرتكب أية أخطاء، في حين أن بطل العالم لعام 2007 يرتكب العديد من الأخطاء. والأمر المقلق أن هذه الأخطاء جاءت في العديد من اللحظات الحاسمة، وهو أمرٌ مغاير لتصريحات أريفابيني بأن رايكونن يتألق عندما يوضع تحت ضغطٍ كبير.
لا توجد أية شكوك بأن رايكونن من أعظم السائقين في تاريخ الفورمولا واحد، ولكن في ما يتعلق بالتأدية والنتائج، فإن رايكونن لم يصل إلى هذا المستوى المطلوب في الفرق الكبيرة منذ عودته إلى القلعة الحمراء عام 2014. ولهذا السبب، فريق فيراري على حق لتقييمه لخياراتٍ أخرى لمزاملة فيتيل في موسم 2016.
بالتأكيد، ليس الأمر بهذه البساطة. يجب على فيراري تقييم تأدية رايكونن خلف مقود السيارة بالمقارنة مع شعبيته والفرص التسويقية له كبطلٍ للعالم، فضلاً عن التوازن الذي يحققه في الفريق نظراً لعلاقته الجيدة مع فيتيل.
أما بالنسبة لبوتاس، الذي يمتلك موهبة لا يمكننا الشك بها، فإن تأديته في فريقٍ قوي وكبير ما زالت أمراً مجهولاً. هذا السبب، إضافةً إلى ميل الفرق الكبيرة لاتباع نهج محافظ في اختيار السائقين، قد يعني أن فريق فيراري يمكن أن يقرر الاستمرار مع السائق الفنلندي الذي تربطه معه معرفة مسبقة – في المستقبل قريب الأمد على الأقل…