يجب على بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد استقطاب جماهير جديدة. من أجل القيام بذلك، يعتقد بن آندرسون أنه من الضروري وجود النجوم الحقيقيين في المقدمة، ويجب أن يُسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم داخل الحلبة وخارجها.
هناك العديد من الأحاديث التي تُشعرك بالقلق في عالم الفورمولا واحد في الموسم الحالي. نسب المتابعة تنخفض، ويبدو أن البطولة تفشل في استقطاب جمهور جديد.
بغض النظر عن الاتهامات الموجهة لمروجي البطولة بعدم قيامهم بعملهم على أكمل وجه، إضافةً لأن الاستراتيجية الإعلامية تقتصر على كاميرات التغطية التلفزيونية، كيف يُمكن جعل هذه البطولة مثيرة للاهتمام بالنسبة للجيل الجديد؟
فايسبوك، تويتر، إنستاغرام، ويوتيوب. جميع هذه الوسائل بإمكانها تشكيل بنية تواصل، ولكنها لا تُعتبر وسائل إعلام بما فيه الكلمة من معنى وبالتالي لا يمكنها دفع أشخاص جدد لمتابعة البطولة في بداية المقام.
الرياضة تتعلق بالأشخاص أولاً وأخيراً، ويجب على بطولة الفورمولا واحد تذكّر ذلك. عندما بدأت بمتابعة الفورمولا واحد في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كانت تتمحور حول بطولة العالم للسائقين فقط.
أما بالنسبة لبطولة العالم للمصنعين، والتي تمّ اعتمادها على ساحات البطولة بعد ثمانية أعوام على بداية بطولة العالم للفورمولا واحد، بدت وكأنها مجرد تقدير مستحق للجهد الجبار المبذول وراء الكواليس.
أشعر أن هذه المعايير تغيّرت في الحقبة الحديثة للبطولة. أصبحت الفرق غنيةً للغاية، قوية، وتهتم بمصلحتها الذاتية، ويستجلبون الاهتمام لأنفسهم بدلاً من نجومهم الحقيقيين.
في معظم الأحيان يصرح السائقون بأهمية تحقيق أفضل نتيجة للفريق، أو أن تعرض زميل أي سائق لخسارة مخيبة للآمال لا تعتبر جيدة بسبب ‘‘خسارة نقاط هامة في ترتيب بطولة الصانعين’’.
لا أريد أن أسمع وأشاهد هذه التصاريح. أريد أن يتصارع كافة السائقين في ما بينهم البعض لإثبات أنهم الأفضل.
يتمتع السائقون بأرقامٍ شخصية الآن، ولكن هذا لم يساهم في تعبيرهم عن شخصياتهم الفريدة من نوعها. كما أن عدم رؤيتنا لهذه الأرقام بشكلٍ كبير يزيد الطين بلّة.
الجميع يتابع الرياضة من أجل الأحداث الدرامية الإنسانية: أفضل اللاعبين يتنافسون في ما بينهم وفقاً لنظامٍ محدد.
هناك هوس في عالم الفورمولا واحد إزاء ميزاتها التقنية، خصوصاً بعد دخولنا لحقبة المحركات الهجينة في الوقت الحالي، ولكنني أشك بأن شرح هذه الأنظمة ستؤدي لاندفاع المتابعين إلى المنصات الرئيسية في الحلبات، أو لن تؤدي حتى للجلوس أمام شاشات التلفزيون.
بالتأكيد، المشجعين المخضرمين، الذين يقومون بالذهاب إلى الحلبات، يقرؤون تقارير أوتوسبورت، يعملون في البطولة، أو ينافسون فيها، سيتواجدون على الدوام. لا تكمن مشكلة الفورمولا واحد بعدم إعجاب المتابعين المخضرمين، بل تكمن بفشلها في استقطاب متابعي الرياضة بشكلٍ عام.
أنا أحب الرياضة، وأتابع كرة القدم وكرة المضرب، ولكن بصراحة لست مهتماً على الإطلاق في حال كان أحد اللاعبين يستخدم مضرب من نوعية ‘بابولا’، أو إذا كان يستخدم مضرب ‘آديداس’. كما أنني لست مهتماً على الإطلاق إن كان كريستيانو رونالدو يرتدي أحدث أحذية من شركة نايكي، أم إن كان يستخدم تقنية من شركة بوما المنافسة. أريد أن أشاهد أفضل اللاعبين يقومون بتقديم أفضل ما لديهم، بغض النظر عن ‘آلاتهم’.
التسابق في الفورمولا واحد أفضل مما كان عليه في السابق من دون شك، ولكن النبرة المستخدمة في البطولة خاطئة. يجب على الفورمولا واحد التركيز على النجوم، أي السائقين، ومساعدة عامة الناس بالتواصل معهم بشكلٍ أفضل.
من المعروف أن الفورمولا واحد تعاني من مشكلة متوارثة ألا وهي عدم ظهور مهارات هؤلاء السائقين بشكلٍ واضح، خصوصاً على شاشات التلفزيون، ولكن سيزداد الاهتمام بأي رياضة، وستزداد شعبيتها بشكلٍ ملحوظ، عندما يتم إظهار هذه المهارات لعامة الناس.
تتمتع سباقات الدراجات النارية بأفضلية في هذا المجال، إذ بإمكان المتابعين رؤية الدراجين يصارعون آلاتهم بشكلٍ واضح، ولكن من الممكن أن يتم تصميم سيارات الفورمولا واحد بحيث تصبح مهمة التمييز بين مهارات السائقين أسهل. ربّما يجب أن تصبح قيادة السيارات أصعب…
ربما بطولة الفورمولا واحد تعود لمستواها الطبيعي كرياضة عادية، وذلك بعد نموها بشكلٍ هائل بسبب إعلانات شركات التبغ والصفقات التلفزيونية التي قامت بجلب أموال طائلة. أصبحت بقية الرياضات أكثر وضوحاً، وبالتالي تنافس بطولة الفورمولا واحد على نيل الاهتمام بشكلٍ أكبر من السابق بكثير. وبالتالي يجب بذل مجهود أكبر.
يبدو أن تفكير الفورمولا واحد منغلق بشكل كبير بالنسبة لي. في حال كنا نريد استقطاب جمهور جديد يجب على البطولة أن تتفاعل مع الناس العاديين، وليس مع الضيوف رفيعي المستوى في نادي الفورمولا واحد والمتواجدين ضمن منصات الفرق في كل سباق. ويجب أن يتمحور التركيز حول السائقين، ليس حول الفرق، الممولين، الرعاة، والمسؤولين عن هذه الأمور.
تحدثت لمدير أعمال أحد السائقين مؤخراً، وقال لي بأن كل شخص يعمل في الفورمولا واحد يشغل منصبه بسبب تعلّقه الكبير برياضة المحركات. يكون ذلك نتيجة المساهمة في البطولة بطريقةٍ معينة نمطيّة، إذاً يجب على الفورمولا واحد إيجاد وسائل تجعل منها رياضةً شاملةً بشكلٍ أكبر.
في نهاية المطاف، التركيز يتمحور حول الأشخاص. كلّما ازداد التواصل معهم، كلما ازدادت نسبة الاهتمام بالبطولة.