باستثناء فريق هاس الجديد على الفورمولا 1، قام فريق واحد فقط بتغيير تشكيلة سائقَيه بين 2015 و2016، هل ستبقى تشكيلات السائقين ثابتة للوسم المقبل؟ حيث سيحدد فريق واحد وسائق واحد ما سيحصل على صعيد الانتقالات لسنة 2016
هدأت حركة سوق انتقالات السائقين في الفورمولا 1 مؤقتاً بعد إعلان فيراري عن الاحتفاظ بخدمات سائقها الفنلندي كيمي رايكونن للموسم المقبل، في حين يبدو أن ماكلارين وسائق فروس إنديا المكسيكي سيرجيو بيريز هما من سيعيدان الصخب إلى السوق مجدداً، وهذا يعتمد على قرار الاثنين، هل سنرى موجة نشاطات أخرى في السوق، أم أن شبكة انطلاق موسم 2017 ستبقى على حالها بشكل كبير.
يلتزم فرناندو ألونسو بعقد مع ماكلارين للموسم المقبل، لكن الأخيرة تواجه اللغز نفسه الذي واجهته العام الماضي حول من يكون السائق الثاني، هل هو جنسون باتون أم ستوفيل فاندورن؟ وبينما تريد أن تحدد قرارها النهائي، تنتظرها ويليامز لكي تتحرك.
من المرجح أن فريق فروس إنديا سيعرض على بيريز عقداً جديداً للموسم المقبل، إلا أن الأخير أشار إلى أمكانية مغادرته للفريق في حال قرر رعاته أن ينظروا في مكان آخر، كما أعربت رينو عن رغبتها بخدماته، ومن المرجح أن ويليامز تريد ذلك أيضاً، وبالتالي هنالك ثلاثة فرق ترتبط بقراره النهائي.
لنأخذ ماكلارين في البداية، سينتظر الفريق حتى أيلول / سبتمبر المقبل قبل أن يتخذ القرار النهائي سواء بالاحتفاظ بـ باتون أو بترقية سائقها ستوفيل فاندورن للموسم المقبل.
قامت ماكلارين بجعل فاندون ينتظر مشاركته الكاملة في الفورمولا 1 بالاحتفاظ بخدمات على باتون لهذه السنة، وستكون حذرة حول هذا الأمر للموسم المقبل، بالاعتماد على تقييم فاندورن العالي في عام 2015 في سلسلة “جي بي 2″، إضافةً إلى أن البلجيكي يشعر بأنه جاهز بشكل كامل للمنافسة في الفورمولا 1، وبالتالي هل سيقبل أن يبقى مصيره معلقاً لفترة أطول؟
يشكل فاندورن خياراً استراتيجياً أكثر من باتون، لكن قبل التغيير الشامل في القوانين التقنية للموسم المقبل، ستكون المكاسب واضحة بالاستمرار مع سائق ذو خبرة كبيرة ويتمتع بعلاقة جيدة مع ماكلارين وهوندا.
يبدو الأمر الأكثر منطقية بالنسبة لـ باتون أن ينتظر ليرى ما يمكن له تحقيقه مع ماكلارين، مع التحسن الذي ينجزه الفريق هذا الموسم، وإمكانية هوندا تحقيق مكاسب كبيرة في الموسم المقبل، خاصةً مع إلغاء نظام المفاتيح التطويرية، وبالتالي ربما يمنحه ذلك فرصة أفضل للعودة إلى منصة التتويج.
سيؤدي تأخر ماكلارين بإنهاء خططها إلى وضع ويليامز في موقف أصعب مع انتظارها الفري قالأنغلو-ياباني لحسم قراراه ومحاولته جذب باتون اتجاهه ليعود إلى الفريق الذي كان معه في عام 2000.
في حين وصفت مديرة الفريق كلير ويليامز أن خيار باتون جذاباً للغاية، سترحب ويليامز بإعادته إلى الفريق، لكن ليس “بأي ثمن”.
الأمر لعبة أرقام بالنسبة لويليامز، حيث من المتوقع أن ينهي الفريق ترتيب الصانعين لهذا الموسم متأخراً بمركز واحد عن ترتيبه عام 2015، وهذا ما سيترتب عليه خسارة على الصعيد المادي، حيث كان الفارق بين المركز الثالث والرابع العام الماضي حوالى 7 مليون دولار.
هذا بالإضافة إلى تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث سيؤدي إلى زيادة المصاريف على الفريق نتيجة شراء المحركات من مرسيدس باليورو وليس بالجنيه الإسترليني، إلى جانب تحدي جذب الرعاة، وبالتالي سيواجه الفريق مصاعب ضخمة في ميزانية موسم 2017، حيث من المتوقع أن تبلغ عشرات ملايين الدولارات.
ويبدو أيضاً أن المكاسب المادية من عودة باتون ليس جذابة كما هو مأمول، وبالتالي سيكون لزاماً على ويليامز حينها أن ترفع من ميزانيتها لتمويل خدمات باتون.
ذلك يعني، أنه في حال اختارت ماكلارين الاستغناء عن باتون، فإن بطل العالم عام 2009 قد يتوجه إلى فريقه السابق، حيث يبدو أن ويليامز هو الخيار الأفضل له في حال رغبته بالاستمرار في الفورمولا 1.
ترغب ويليامز بالاحتفاظ بخدمات الفنلندي فالتيري بوتاس لموسم خامس، ولكن من المتوقع أن تفعيل خيار الاحتفاظ بـ بوتاس سيترتب عليه تكاليف إضافية ما سينتج عنه مشكلة واضحة.
يمتلك بوتاس خيارات محصورة جداً في فرق الصدارة مع استقرار أغلب الفرق على تشكيلاتها، إضافة إلى أنه أعرب عن رغبته بالبقاء في ويليامز ليكمل عمله غير المُنجز بعد، وبالتالي هذه الصفقة شبه محسومة بالنظر إلى الخيارات المتبقية أمامه.
تشكل ويليامز عامل جذب للعديد من السائقين، مع وجودها في مركز معقول في الترتيب الحالي بالنظر إلى إمكانيتها الحالية.
وكما عُلم أن السائق باستور مالدونادو، على سبيل المثال، يحاول أن يعود إلى فريقه السابق، إلا أن ذلك مستبعد نوعاً ما.
كما شكل البرازيلي فيلبي نصر أحد الخيارات المنطقية للمقعد الثاني في الفريق، وسبق لـ نصر أن كان سائقاً احتياطياً في ويليامز عام 2014 ويحتاج إلى دعم مالي يُقدر بحوالي 10 مليون دولار.
لا يبدو أن الاستمرار مع فيليبي ماسا على رأس قائمة أوليات ويليامز، حيث تشكّ بعض الشخصيات داخل الفريق بإمكانية ماسا على تقديم أداء ثابت في الموسم.
لكن البرازيلي أشار إلى أن المال ليس مشكلة على الإطلاق، وبالتالي الاحتفاظ بـ ماسا مع ميزانية مالية أقل لن يكون خياراً سيئاً، حيث أشار المدير التقني في الفريق بات سيموندز إلى أنه سيكون سعيداً مع بقاء التشكيلة نفسها للموسم المقبل.
أما بيريز، الذي تهتم بخدماته ويليامز أيضاً، حيث من المرجح أن يعيد التوازن إلى الفريق، فيبدو هذا الخيار واقعياً بالنسبة للمكسيكي لكنه يفضل أن يتجه إلى فريق مصنعي، إضافة إلى أنه يفضل أن يحظى بعقد طويل الأمد.
وبالتالي هنا يأتي دور رينو، يرغب الصانع الفرنسي بخدماته، لكن الانتقال إلى “إنستون” يتطلب تحمل بعض المصاعب المبكرة في مرحلة إعادة بناء الفريق، وعلى النقيض من ذلك، يُعتبر ويليامز من بين الفرق الأربعة الأولى، وأظهر في الماضي أنه لطالما كان بإمكانه التصرف جيداً عند تغير القوانين.
إذا انتقل بيريز إلى رينو، فيبدو أن رينو حريصة على ترقية إستيبان أوكون ليكون زميله في الفريق، حيث جذب الأخير الأنظار خلال مشاركته في حصص التجارب الأولى، وأنتقل إلى مانور ليكمل هذا الموسم مكان السائق ريو هاريانتو، هذا ما يجعل رينو مقتنعة بشكل كامل بضرورة الاعتماد عليه في الموسم المقبل، وسيسمح لها انتقاله إلى مانور بتقييم ومقارنة أدائه بالألماني باسكال فيهرلاين.
ستؤدي مغادرة بيريز فورس إنديا إلى ترك مقعد جذاب خلفه، ويبدو أن المرشح الأوفر حظاً هو الألماني باسكال فيهرلاين، الذي جذب الأنظار إلى إمكانياته من خلال أدائه الجيد مع مانور، إضافةً إلى أن شارك في تجارب فورس إنديا مرتين في الماضي.
سيكون الأمر منطقياً بالنسبة لـ مرسيدس أن تدع فيهرلاين ينتقل إلى فريق ظهر بإمكانيات عالية جعلته الأفضل من بين الفرق التي تستخدم محركات مرسيدس، إضافة إلى اقترابه من ويليامز في ترتيب الصانعين.
ومع اكتمال تشكيلات السائقين في فرق أعلى متوسط الترتيب، سيكون هنالك تأثيراً على الفرق أسفله، حيث يسعى السائقون إلى ضمان مقاعدهم في الفرق المتبقية والتأكد من عدم فقدانهم لأماكنهم في البطولة.
أشار السويدي ماركوس إريسكون إلى أنه يبحث عن خيار آخر، ولكن يُعتقد أن للسويدي روابط مالية مع ملّاك فريق ساوبر الجدد، ومن المرجح أن يبقى في الفريق للموسم المقبل، في حين سيكون الدعم المادي المرافق لنصر مفيد جداً لـ ساوبر، لكن عليه أن ينتظر ويرى مدى جدية اهتمام ويليامز به.
أما تورو روسو، ربما لن تسلك مسار الفرق الأخرى، حيث سيتخذ رئيس ريد بُل ديتريش ماتيشيتز ومستشاره في رياضة المحركات هلموت ماركو القرار النهائي بالسائق الذي سيكون إلى جانب الإسباني كارلوس ساينز، لكن مدير الفريق فرانز توست أعرب عن رغبته الواضحة بالاحتفاظ بخدمات دانيل كفيات في الفريق، لكن التاريخ لطالما أثبت أن الرجُلَين أعلاه هما من يتخذان القرار النهائي.
بينما لن يفكر مدير فريق هاس غانثر ستاينر بتشكيلة سائقيه إلى أن ينتهي الموسم الأوروبي الشهر المقبل، لكن من المرجح بقاء الفرنسي رومان غروجان لسنة إضافية، هذا ربما متوافقاً مع توقيع فيراري لسنة إضافية مع رايكونن، ومع منح رينو سنة إضافية للتطوير سيارتها، حيث تشكل العودة للصانع الفرنسي خياراً جدياً بالنسبة لـ غروجان.
في حين بدو مقعد المكسيكي إستيبان غوتييز في خطر، مع بروز نجم الفرنسي وسائق أكاديمية فيراري شارل لوكلير في سلسلة “جي بي 3″، حيث يتصدر حالياً ترتيب البطولة بفارق ثلاث نقاط، إلا أن لوكلير عليه أن يفوز بلقب الـ “جي بي 3” لضمان الحصول على الـ “سوبر لايسنس” والمشاركة مع فريق هاس الذي يعتمد على فيراري من الناحية التقنية ومن ناحية المحركات.
بينما عانى غوتييرز كثيراً هذا الموسم مع هاس، حيث أشار مصدر داخل الفريق إلى أنه سيكون متفاجئاً لو أنه بقي مع هاس للموسم المقبل، في حين أعرب المكسيكي عن ثقته بأنه سيكون في الفورمولا 1 السنة المقبلة، لكنه رفض أن يعطي تفاصيل إضافية.
وبالتالي لم يتبقَ هنا سوى فريق مانور، الذي من المرجح أن يكون آخر من يؤكد تشكيلة سائقَيه هذا الموسم، ومن المتوقع أن يسعى باتجاه الصفقات المالية الأفضل لضمان مكانه في الفورمولا 1.
إذاً نحن لسنا بعيدين عن اكتمال المشهد للموسم المقبل، الأمر يحتاج فقط أن تتخذ ماكلارين قرارها النهائي وأن يقرر رعاة بيريز المكان الذي يرغبون بالاستثمار فيه، هذا ما يجعلنا بانتظار أسابيع مهمة الآن.