يُعتبر السائق القطري محمد المناعي من السائقين أصحاب الإحتياجات الخاصة كونه مقعد، غير أن ذلك لم يُحبط عزيمته بل زاده إصراراً وصلابة وقوة، ولم يمنعه من أن يجلس خلف مقود سيارات الرالي والدفع الرباعي لتحدي المراحل الخاصة بالسرعة والصحارى والكثبان الرملية وتسجيل نتائج مميزة في أحداث رياضية، تُعتبر قاسية وشاقة على السائقين العاديين فكيف على سائق تعرض لحادث عام 1991 منعه من السير مجدداً.
وفي رالي جدة الصحراوي في نسخته الأولى، الذي أقيم بداية العام الحالي، كان المناعي حاضراً مع ملاحه اللبناني كمال خضر، بعدما إستقدم سيارة من حسابه الخاص هي “نيسان نافارا” مصنفة ضمن المجموعة “تي1″، ولكن الحظ لم يكن الى جانبه إثر إضطراره للإنسحاب في اليوم الأول بسبب مشكلة مع جهاز نقل الحركة.
وفي رالي قطر الدولي، باكورة جولات بطولة عربية للراليات 2014، إلتقى موقع أوتوسبورت عربية بالملاح كمال الذي جلس الى جانب السائق القطري هتمي خليفة الهتمي، وكان الحديث عن المناعي، فأعلمنا قائلاً: “سوف يشارك المناعي في راليي في أبوظبي الصحراوي ورالي سيلاين القطري، على أن أجلس الى جانبه. العام الماضي شاركنا في راليين محليين وفزنا بالأول وفي الثاني حللنا في مركز الوصافة، ولكن بسبب قلة التمويل لم نتمكن من المشاركة في راليات أخرى…”.
ومن المصاعب التي تواجه المناعي عدم قدرته على الجلوس خلف مقود سيارة عادية، فهو يحتاج الى سيارة مجهزة لأصحاب الإحتياجات الخاصة كونه سائق مقعد، ولكن السيارة التي يُشارك فيها هي عادية ويضطر لإدخال التعديلات عليها في الدوحة، في قطر لكي يتمكن من قيادتها. فالشيء الوحيد الذي يتم إبداله هو الكابح الذي يجب أن يصبح يدوياً لكي يستخدمه بيده، لأنه لا يمكن إستخدام قدميه.
ويشرح لنا ملاحه كمال كيف يقود بقوله: “يرفع بيده قدمه ويضعها على دواسة الوقود، وهو يضطر لإستخدام الكابح بيده مع علبة تروس “سيكوانشيل” (يتم تعشيق نسب السرعة بشكل متتالٍ). أوجّه رسالة الى الشركات كي تنظر الى هذا السائق وتساعده، خصوصاً أن المبالغ للمشاركة في الراليات ليست ضخمة جداً، وقد تكلم المناعي مع العديد من الشركات على غرار “أس،أم،جي” و”جيفري”، اللتين أبدتا إستعدادهما لتقديم سيارات مجهزة بالكامل لأصحاب الإحتياجات الخاصة، ولكننا لا نحتاج سوى للدعم المالي”.
وعن العزيمة التي يتوجب أن يتمتع بها سائق مثل محمد المناعي، يقول كمال: “إرادته قوية جداً، وقد تعرض لحادث عام 1991 أدى الى إصابته بالشلل، وتعرض مرة أخرى لحادث في رالي الإمارات الصحراوي 2010 أدى الى تعرضه لكسور في ظهره. رغم ذلك ما زال يُتابع مسيرته ولن يتوقف، ولكنه يحتاج الى شركة راعية لكي يعدكم بنتائج رائعة”.
كمال خضر بدأ مسيرته مع المناعي في الراليات عام 2005، وهو الذي سبق له أن جلس الى جانب القطري محمد الحرقان الأبكم والأصم، وعن الفارق بين السائقين يقول: “المشكلة الكبيرة مع المناعي تكمن في أنه لا يمكنه الترجل من السيارة في حال تعرضنا لحالة إنثقاب، أو واجهنا عطل في السيارة على غرار ما حصل معنا في رالي جدة الصحراوي بداية هذا العام، حيث تعرضنا لعطل وتوقفنا لمدة ساعتين وأنا أحاول إصلاح السيارة، بينما بقي المناعي بدون حراك لأنه غير قادر على فعل ذلك. فالميزانية في رالي جدة كانت ضئيلة جداً، ولم يكن معنا أي فريق صيانة لمساعدتنا”.
وفي حال تعرض المناعي لحادث لم يتمكن على أثره من الخروج من السيارة قال كمال:”لا يوجد كلمة “لا يمكن” في قاموسنا، وعلينا أن نجد طريقة لمساعدته. في راليات الكروس كانتري هناك أجهزة متطورة جداً تساعدنا على التبليغ عن تعرضنا لحادث، فتأتي فرق المساعدة في فترة بسيطة جداً. ولكن إن شاء الله لا نتعرض لأي حادث”.
في النهاية وجه المناعي، بلسان ملاحه كمال، رسالة الى أصحاب الإحتياجات الخاصة ليقول: “لا تستسلموا وتحلوا دائماً بالصلابة وحاولوا دائماً، وضعوا أهدافاً أمامكم لتحقيقها. وللشركات الخاصة أقول: إمنحوني الدعم واحصلوا على نتائج رائعة”.