ساعاتٌ تفصلنا عن سباق جائزة الولايات المتحدة الكبرى الجولة 17 لموسم 2017 من بطولة العالم للفورمولا 1. ما الذي يمكننا توقع حصوله؟ هل ينتظرنا سباقٌ مثير؟
منذ استحواذ شركة ليبيرتي ميديا على حصص الأكثرية في الفورمولا 1 مطلع العام الحالي، كانت هناك مساعي لزيادة ‘الإثارة’ و‘العروض’ التي تقدمها البطولة للمشجعين.
الجميع انتظر سباق الولايات المتحدة لمعرفة ما هي ‘البذور’ التي تريد ليبيرتي ميديا ذرعها في محاولةٍ لزيادة شعبية الفورمولا 1 في السوق الأميركي، وهو أمرٌ عجزت الإدارة السابقة للبطولة عن القيام به رغم المحاولات العديدة.
من الناحية الترفيهية، فإن الفورمولا 1 قدمت تجارب رائعة للمشجعين على هامش الجائزة الكبرى، من الحفلات الموسيقية والمسابقات والعديد من النشاطات الأخرى التي تشمل إعطاء العداء الأولمبي الفائز بثمان ميداليات ذهبية يوسين بولت لشارة بدء لفة التحمية. ولكن يبقى الأمر الأهم: ما الذي سيحصل في السباق؟ الدلائل، حتى الآن، تشير إلى أنه سينتظرنا سباق مثير جداً في أوستن! لنستعرض سويةً ما يمكننا توقعه.
تقرير الحصة التأهيلية: هاميلتون ينطلق أولا أمام فيتيل في أوستن!
المعركة المنتظرة بين هاميلتون وفيتيل؟
لربما حُسمت معركة الفوز بألقاب الموسم الحالي لمصلحة لويس هاميلتون وفريقه مرسيدس بشكلٍ كبير، لا أحد يمكنه إنكار ذلك. ولكن في الوقت ذاته، هذا الأمر جاء نتيجة مشاكل الموثوقية التي واجهت فيراري مؤخراً، ولم يكن نتيجةً لتراجع مستوى الأداء.
اقرأ أيضاً: حسابات فوز هاميلتون بلقبه الرابع في أوستن
سيارة فيراري ‘أس أف 70 أتش’ سريعة جداً، خصوصاً على مدار السباق بأكمله ومع كمية كبيرة من الوقود. وبالتالي، رغم أن هاميلتون أصبح أقرب من أي وقتٍ مضى من الفوز بلقبه العالمي الرابع، إلا أن ذلك لن يمنعا عن الاستمتاع بوجود معركة مثيرة للفوز بالسباقات بينه وبين منافسه في فيراري سيباستيان فيتيل.
تنافس هذان السائقان على اللقب منذ بداية الموسم الحالي، في معركةٍ محتدمة. ولكن، على أرض الحلبة، فإن المعارك التي جمعتهما كانت محدودةً بعض الشيء، إلا أنها كانت ملحميةً بالتأكيد. جولتي إسبانيا وبلجيكا أبرز مثالٍ على ذلك.
اقرأ أيضاً: هاميلتون لن يتوقف عن الضغط في ‘لعبة الشطرنج’ ضد فيتيل
وبالتالي، لننظر إلى شبكة الانطلاق. هاميلتون أولاً، فيتيل إلى جانبه بالمركز الثاني. حلبة أوستن تتيح فرصاً مثيرةً للتجاوزات. وبالتالي، وفي حال عدم مواجهة أي منهما لمشاكل موثوقية (فيتيل على وجه الخصوص!)، قد تنتظرنا معركة مثيرة تمتد على مدار السباق بأكمله، وهي معركة منتظرة منذ زمنٍ طويل وستسعد كافة مشجعي الفورمولا 1 بغض النظر عن هوية الفائز!
الانطلاقة ستلعب دوراً أساسياً بالتأكيد، إضافةً إلى استراتيجيات التعامل مع الإطارات. نأمل عدم وجود ‘مفاجآت’ مع التوجه نحو المنعطف الأول. ففي حال عبور هاميلتون وفيتيل للفة الأولى من السباق بالمركزين الأول والثاني، بغض النظر عن ترتيبهما، علينا أن نكون سعداء بأن هناك معركة مثيرة ستنتظرنا قد تجعل هذا السباق لا يُنسى.
اقرأ أيضاً: فيتيل يثق أن سرعة فيراري ستكون قوية جدا في السباق
ما الذي سيحققه فيرشتابن مع انطلاقه من مؤخرة الترتيب؟
عندما ينطلق أحد أكثر السائقين الهجوميين، مع سيارةٍ جيدة يمكنها المنافسة بالقرب من صدارة الترتيب، من مركزٍ متأخر وعلى حلبةٍ تتيح فرصاً للتجاوز، سيقدم هذا السائق سباقاً مثيراً.
هذا ما ننتظره من سائق فريق ريد بُل ماكس فيرشتابن. حتى الآن، فإن القوانين الرياضية في الفورمولا 1 تعتبر مجحفةً بحق السائقين الذين يستخدمون مكونات إضافية من وحدة الطاقة، مع حصولهم على عقوبات التراجع من مركز تأهلهم. هذا أمرٌ لا يمكن تغييره، رغم التعقيدات الكبيرة في ظل وجود عدد كبير من العقوبات التي مُنحت بعد نهاية الحصة التأهيلية والتي أدت إلى تغيير مراكز انطلاق معظم السائقين، ومن ضمنهم فيرشتابن.
اقرأ أيضاً: فيرشتابن يصف حصة أوستن التأهيلية بالاسوأ له في 2017
سينطلق فيرشتابن من المركز 17، وفي ظل تحسن تأدية فريق ريد بُل بشكلٍ كبير بسبب الوتيرة التطويرية المذهلة على مدار السباقات الماضية، فإنه يسعى لشق طريقه للعودة إلى مراكز المقدمة بأسرع وقتٍ ممكن، وسيخلل ذلك تقديمه لتجاوزاتٍ مثيرة بالتأكيد ستكون ممتعةً لنا جميعاً.
كما يستخدم فيرشتابن مجموعةً من الإطارات فائقة الليونة عند بداية السباق، وهي المجموعة التي استخدمها لتسجيل توقيته الأسرع في القسم الثاني من الحصة التأهيلية. وبالتالي يمكن لـ فيرشتابن، نظرياً، تأخير توقف الصيانة الأول والتقدم إلى مراكز الصدارة بشكلٍ مشابهٍ لما قام به فيتيل عندما انطلق من المركز الأخير في سباق جائزة ماليزيا الكبرى.
هل يعود ألونسو إلى النقاط من بوابة أوستن؟
حتى بعد مرور عدة أعوامٍ، من الغريب حتى الآن الإشارة إلى سائق فريق ماكلارين فرناندو ألونسو كسائقٍ يسعى لتسجيل النقاط بأفضل الحالات، مع عدم قدرته على المنافسة على الفوز بالسباقات أو حتى مراكز منصة التتويج.
ولكن هذا هو الواقع مع فريق ماكلارين هوندا، مع استمرار تراجع الأداء بشكلٍ كبير في ظل افتقار وحدات طاقة الصانع الياباني للقوة والموثوقية.
أربعة سباقاتٍ فقط متبقية قبل فسخ الشراكة بين ماكلارين وهوندا، وفي هذه الجولة لم يحصل ألونسو على عقوباتٍ، ما يعني أنه سيحتفظ بنتيجته القوية التي حققها في الحصة التأهيلية لينطلق من المركز الثامن.
نقاط ألونسو الأخيرة حتى الآن جاءت في جائزة المجر الكبرى في شهر تموز/ يوليو الماضي، وهي الجولة ذاتها التي شهدت تحقيق فريقه السابق فيراري للفوز الأخير حتى الآن. ورغم اقتراب الإسباني من تسجيل النقاط في السباقات الثلاثة الماضية، إذ انسحب عند المنعطف الأول من سباق سنغافورة أثناء تواجده بالمركز الثالث ومن ثم أنهى سباقي ماليزيا واليابان بالمركز 11 على أعتاب النقاط، إلا أنه لم يحقق النتائج المرجوة.
الآن، ومع هذه النتيجة القوية في الحصة التأهيلية، فإن ألونسو يسعى للعودة إلى تسجيل النقاط مجدداً، وسيكون ذلك جيداً في الجولة التي أعلن على هامشها عن استمراره في الفورمولا 1 مع فريق ماكلارين السنة المقبلة.
هل يبهر ساينز الجميع في مشاركته الأولى مع فريق رينو؟
من المؤكد أن نتيجة كارلوس ساينز في الحصة التأهيلية الأولى له مع فريق رينو فاقت كافة التوقعات، حيث قدم الإسباني أداءً قوياً وأظهر قدرته على التأقلم الفوري مع متطلبات قيادة سيارة رينو ‘أر أس 17’ المختلفة عما اعتاد عليه ضمن صفوف فريقه السابق تورو روسو.
لا بد لنا، في البداية، من التخفيف من أهمية ‘تفوق’ ساينز على زميله في رينو نيكو هولكنبرغ في الحصة التأهيلية. حسناً، من الصحيح أن هولكنبرغ تفوق. على زميله السابق جوليون بالمر في كافة الحصص التأهيلية في الموسم الحالي قبل رحيل الأخير عن فريق رينو، وبالتالي هذه هي ‘الهزيمة’ الأولى للألماني في الحصة التأهيلية في الموسم الحالي.
ولكن يجب تقييم هذه النتيجة من وجهة نظرٍ أخرى. إذ اتجه هولكنبرغ إلى الحصة التأهيلية وهو يدرك أن لديه عقوبة التراجع 20 مركزاً من مكان تأهله، وبالتالي فهو سينطلق من مؤخرة الترتيب بكافة الأحوال.
نتيجةً لذلك، اختار هولكنبرغ المحافظة على إطاراته في القسم الثاني من الحصة التأهيلية، ولم يقم بتسجيل توقيت سريع بخلاف زميله ساينز الذي تقدم إلى القسم الثالث ومن ثم سجل ثامن أسرع توقيت، ليتقدم إلى المركز السابع على شبكة الانطلاق بعد عقوبة فيرشتابن.
المقارنة الوحيدة التي يمكن القيام بها حتى الآن هي من خلال اللفات الأولى من الحصة التأهيلية. وفي ذلك الحين كان هولكنبرغ أسرع بـ 0.3 ث من ساينز.
هذا لا يقلل من أهمية نتيجة ساينز في الحصة التأهيلية. بالتأكيد، أظهر الإسباني جدارته وأظهر أسباب سعي فريق رينو للتخلي عن خدمات بالمر بأسرع وقت ممكن. إذ يمثل ساينز نداً أفضل لـ هولكنبرغ كما يمكنه مساعدة الفريق لتسجيل عدد كبير من النقاط بدلاً عن الاعتماد على هولكنبرغ لوحده.
أعرب ساينز عن فخره بعد نهاية الحصة التأهيلية، وأشار إلى أن هدفه المقبل يتمثل بعبور خط نهاية سباق أوستن ضمن المراكز الستة الأولى. هذا التعطش لإظهار ساينز لمستوى تأديته قد يجعل تحقيق تلك النتيجة ممكنة!
من المؤكد أن الروسي دانيل كفيات تعرض لضغوطٍ كبيرة في مسيرته في الفورمولا 1. بدأت مع تخلي فريق ريد بُل عنه بعد بضعة جولاتٍ العام الماضي، لإعادته إلى فريق تورو روسو المساند، ومن ثم تخلي هذا الفريق عنه ليفسح المجال أمام مشاركة بيار غاسلي في جولتي ماليزيا واليابان.
من الواضح أن فريق تورو روسو يريد الاعتماد على غاسلي في السباقات المتبقية من الموسم الحالي وفي السنة المقبلة.
في الوقت ذاته، لا يمكن إنكار أن كفيات لم يقدم مستوى جيد أبداً في الموسم الحالي مقارنةً مع زميله السابق كارلوس ساينز. وفي جولة أوستن، فإن كفيات يزامل براندون هارتلي الذي يسجل مشاركته الأولى في الفورمولا 1 كسائقٍ أساسي والذي لم يسبق له قيادة سيارة تورو روسو قبل بدء حصة التجارب الأولى، في الواقع لم يقد سيارة فورمولا 1 منذ عام 2012 قبل حصة التجارب الأولى في أوستن!
اقرأ أيضاً: هارتلي ‘يحلم’ بنقاطٍ في سباقه الأول في الفورمولا 1
بالتأكيد، ستكون هناك تحليلات مفصّلة لتقييم مستوى أداء هارتلي، لمحاولة معرفة إمكانياته وما يمكن للنيوزلندي تقديمه في حال مُنح وقتاً أطول للتأقلم مع الفريق.
علينا متابعة السباق اليوم، في حال كانت تواقيت هارتلي قريبةً، أو أفضل، من تواقيت كفيات، ربما ستشهد الجولات المقبلة، وسنة 2018، مزاملة غاسلي وهارتلي سويةً، ما يعني أن كفيات سيرحل عن الفورمولا 1 بصمت.