يعتقد إد سترو أن سائقين مثل جان-إريك فيرن، نيكو هولكنبرغ وروبنز باريكيللو وغيرهم، أظهروا لنا أنه لا يجب حصر التسابق في عالم الفورمولا واحد وحسب.
حدثت في الأسابيع الماضية عدة أمور نادرة الحدوث في عالم الفورمولا واحد.
كان أولها تعاقد سائق بارز في الفورمولا واحد مع إحدى الفرق الرئيسية للمشاركة في سباق لومان 24 ساعة.
وسيقود الألماني نيكو هولكنبرغ سيارة فريق بورشه 919 الهجينة الثالثة في سباق لومان 24 ساعة، وقد يشارك أيضاً في سباق ست ساعات في سبا، إذ يتوقف ذلك على مصير جائزة كوريا الكبرى، رغم التزامه بفريق فورس إنديا.
وآخر مرة تسابق سائق يشارك في الفورمولا واحد في سباق لومان الأسطوري تعود إلى عام 2009 مع الفرنسي سيباستيان بورديه، وأيضاً توجد العديد من الأمثلة التي حدثت في الأعوةام الـ 25 الأخيرة.
الأمر الثاني، سائق مع مسيرة رائعة في الفورمولا واحد والجوائز الكبرى البرازيلي روبنز باريكيللو، يفوز في بطولة سيارات “V8 ستوك” في البرازيل.
الأمر الثالث، هو انضمام الفرنسي جان-إريك فيرن إلى بطولة فورمولا إي الكهربائية، مع أداء رائع في جولة الأورغواي واقترابه من تحقيق الفوز لولا مواجهته عطلٍ في جهاز تعليق سيارته في الأمتار الأخيرة من السباق.
وقبل ذلك، وباستثناء فوز آلان بروست بكأس أندروس للتسابق على الجليد، يمكننا أيضاً الإشارة إلى فوز الإيطالي جيانكارلو فيسيكلا في سباق لومان 24 ساعة عام 2011 في فئة “جي تي إي برو”، وذلك يعتبر أحدث مثال لسائق فورمولا واحد يفوز بسباق في بطولة أخرى كبيرة.
وقد كان لهولكنبرغ، باريكيللو وفيرن مراحل مختلفة في مسيرتهم الاحترافية، لكنهم اجتمعوا على أمر واحد وهو خيبة أملهم في الفورمولا واحد.
خاض باريكيللو مسيرة ناجحة في الفورمولا واحد وفي فرق متقدمة، فازبـ 11 سباق وكانت أفضل نتيجة له إنهاء البطولة في المركز الثاني.
إلا أن فترة بقائه مع فريق فيراري، عندما لعب دوراً مسانداً لمايكل شوماخر على الدوام، ما زالت في ذاكرته المؤلمة من دون شك. إصراره الدائم وعزيمته على المشاركة في الفورمولا واحد، متمثّلةٍ في ضغطه الكبير للمشاركة مع إحدى الفرق بعد رحيله عن ويليامز، تعتبر مشجعة، وإن كانت غير مجديةٍ في نهاية المطاف، ولكن من دون شك هناك شعورٌ من العمل الذي لم يُكتمل بعد، وهذا ما لعب دوراً أساسياً في نجاح باريكيللو في البرازيل.
أما هولكنبرغ الذي ظهر على ساحة البطولة منذ 5 سنوات تقريباً، وقاد بشكلٍ جيد للعديد من فرق الوسط، إلا أنه رغم ذلك فوّت على نفسه فرصة القيادة لفريق كبير، لذلك فقد حرص على إتمام فرصة التعاقد مع بورشه، فربما هو يرى في مسيرةٍ ناجحة له مع مصنّع سيارات رياضية بديلاً فعلياً عن الفورمولا واحد.
حصل مارك ويبر المنافس المخضرم على عقد طويل الأمد مع بورشه، فربما يحصل الأمر عينه مع هولكنبرغ، الذي سيتمكن من التأقلم بشكلٍ جيد مع السيارات الرياضية، شريطة إعطائه الوقت الكافي للتأقلم مع أسلوب القيادة مع السيارات المتأخرة والازدحام على الحلبات.
أما فيرن فقد أعرب عن استيائه مما حصل له داخل أروقة الفورمولا واحد،. إذ كان مستواه جيداً وأحرز نقاطاً كثيرة،ً لكن سوء الحظ كان مرافقاً دائماً له، لذلك كان مستواه غير ثابتٍ، لكن لايزال لديه وقت للقيادة في الفورمولا واحد. ورغم ذلك بدأ بالبحث عن خيارات بديلة مثل انضمامه الى فريق مايكل أندريتي للفورمولا إي وربما سينتقل لسلسلة إندي كار الأميركية.
وليس فقط هؤلاء الثلاثة، ففي الأشهر الأخيرة ومع عدم تأكده من مصيره مع فريق مكلارين، صرح جنسون باتون أنه يأخذ بعين الاعتبار فكرة الانتقال إلى فئة رياضية أخرى إذا لم يتم تجديد عقده، أو إذا حصل على عقد لايتناسب مع مكانته ومسيرته الرياضية، ومع أنه رفض فكرة التسابق في لومان، لكنه غيّر رأيه بعد أن أشار عدّة مراتٍ إلى أنه يريد الحصول على أفضل عرض ممكن وسيقوم بدراسة جميع الخيارات المتاحة له وإن كانت خارج الفورمولا واحد.
وقد مر زميل باتون السابق باريكيللو بالتجربة نفسها. فعندما كان في الفورمولا واحد، استبعد المشاركة في إندي كار من منطلق السلامة، لكن بعد انتهاء مسيرته في الجوائز الكبرى قاد في الإندي كار وقدم تأديةً جيدةً في موسمه الأول كمبتدئ، لكن باريكيللو لم يستطع إكمال مسيرته في سلسلة إندي كار بسبب الظروف المادية التي مر بها.
هذه بعض الأمثلة لما يمكن أن يحصل مع السائقين من تغييرات في حياتهم، وقد قام موقع أوتوسبورت في الأسابيع القليلة الماضية بجمع أفضل 50 سائق لموسم 2014، وتتضمن تلك المهمة مراجعة الإصدارات القديمة.
الأمر الملفت للنظر هو كيفية تغيّر حظوظ السائقين بشكلٍ مستمر. في السنة الحالية، لم يتمكن 27 سائق وصلوا إلى قائمة العام الماضي من الاحتفاظ بأماكنهم. وإذا ألقينا نظرة على السنوات الماضية فإن العديد من هؤلاء النجوم الذين لمع نجمهم قد تلاشى، ما جعلهم يعملون في مجالاتٍ مختلفة كلياً.
وعندما يبدأ سائقو الفورمولا واحد بالبحث عن بدائل أخرى، فهم يقولون إن تلك البدائل لها أفضلية على الفورمولا واحد. لكن ذلك مجرد كلام لا أكثر، لأن الفورمولا واحد ستبقى الوجهة المفضلة والاختيار الصائب للسائقين المحترفين.
وهذا الأمر صعب التغيير. لكن بالوقت نفسه هذا لايعني أن الفئات الأخرى لاتوجد فيها مهارات رائعة وفرق جيدة، على العكس من ذلك، لكن الاهتمام بالفئات الاحترافية مثل الفورمولا واحد مرتفع بشكل غير متناسب.
لنأخذ كرة القدم على سبيل المثال، فإن مشجعيها يهتمون بالدوريات الممتازة، بدلاً من الاهتمام بدوري الدرجة الرابعة أو الخامسة، الأمر نفسه ينطبق في سباقات السيارات.
لكن هناك فئات أخرى تقدم أداءً جيداً، مثلاً بطولة العالم لسباقات التحمل التي تتنامى يوماً بعد يوم، فهي تمتلك سائقين محترفين مثل بطولة الفورمولا واحد، وأثبت مارك ويبر ذلك، والسائقين المتواجدين في تلك السلسلة هم محترفون.
لنأخذ مثالاً آخر هو بطولة السيارات السياحية الألمانية “دي تي أم”، إنها بطولة رائعة، مليئة بالسائقين والمصنّعين المحترفين، لكن العديد من النجوم هناك ناضلوا للاستقرار هناك على مر السنين.
برزت أسماء كل من جان أليزي وميكا هاكينن كفائزين في بطولة “دي تي أم”، في حين فشل كل من رالف شوماخر، دايفد كولتارد، وهاينز هيرالد فرينتزن في تحقيق ذلك.
ولكن لمَ توجّب عليهم القيام بذلك؟ إنها فئة متكاملة من المتخصصين أمثال ماتياس إيكستروم، الذي يشارك في البطولة منذ عام 2001، وأيضاً الطموح الشاب ماركو فيتمان الفائز بلقب البطولة لموسم 2014، وكذلك باسكال فيهرلاين السائق الاحتياطي لفريق مرسيدس للفورمولا واحد.
إنها تشبه سلسلة سباقات إندي كار، حيث أدى باريكيللو عملاً جيداً مع فريق “كاي في رايسنغ” الذي لم يكن من فرق الصدارة، وأداء باريكيللو في موسمه الأول كسائق مبتدئ آنذاك لم يكن كافياً للتنافس مع السائقين المخضرمين في تلك السلسلة الذين قضوا أكثر من 10 أعوام فيها.
ومع انتشار مسألة شراء المقاعد في الفورمولا واحد، سيكون السائقون الذين لايستطيعون الحفاظ على مقاعدهم مضطرين للبحث في أماكن أخرى في أغلب الأحيان.
السؤال هو بالنسبة لأولئك الذين خرجوا من الفورمولا واحد، هل هم بحاجة الى تركيز جهودهم في الفئات الأخرى؟
تألُق فيرن في الفورمولا إي هو استثناء وليس قاعدة، فهو قدم أداءاً جيداً، لكن في سلسلة جديدة في ثالث سباق لها، هذا يؤكد أن النجاح في مكان أخر ليس بالأمر السهل، مهما كان مستواك جيداً.
ولشخص مثل هولكنبرغ، إنه يقود في مكان جيد، وفي حين توجه ويبر إلى بورشه في وقتٍ كانت مسيرته في الفورمولا واحد شارفت على نهايتها، ما زال هولكنبرغ يملك العديد من السنوات في المستقبل.
ولكن إن نجح هولكنبرغ مع بورشه، ولا يعتبر ذلك مهمةً سهلة، يجب عليه الاختيار بين صفقة طويلة الأمد وجيدة الأجر في بطولة العالم لسباقات التحمل، مقارنة بصفقة احترافية بأجر أقل وعقد قصير الأمد في الفورمولا واحد مع فرق الوسط، الأمر ليس بتلك السهولة.
لذلك فإن سائقي الفورمولا واحد يبحثون عن بدائل أخرى أفضل لهم، وبالنسبة لنا نحن كمتابعين، تُعتبر فرصة مشاهدة أفضل السائقين، منهم من شارك في الفورمولا واحد، يتنافسون فيما بينهم، لا تُقاوَم.