بعد مرور أربع جولات على بداية موسم 2015 من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد، نتوجّه الآن إلى جائزة إسبانيا الكبرى، الجولة الأولى في القارة الأوروبية، وجرت العادة على أن تقوم الفرق بجلب أولى التعديلات الجذرية لسياراتها في هذه الجولة. يشرح لنا أُبي الزكار أهمية السباق التطويري في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد.
‘‘بقاؤك ثابتاً سيؤدي لتراجعك إلى الوراء’’ – لطالما ترددت على مسامعنا هذه العبارة في عالم رياضة المحركات بشكلٍ عام، وفي بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بشكلٍ خاص، حيث يمكن لأجزاء من الثانية أن تصنع فارقاً كبيراً بين المتصدر وصاحب المركز الثاني. لهذا السبب، فإن السباق التطويري يلعب دوراً لا يقل أهميةً عن التسابق على الحلبات، حيث تسعى الفرق لتطوير سياراتها بأفضل طريقة ممكنة، مستثمرةً العديد من الموارد في سبيل القيام بذلك، وذلك من أجل محاولة إيجاد عُشر من الثانية بإمكانه تحقيق قفزة نوعية في الأداء.
لا تختلف الحكاية في هذا الموسم، حيث تستعد معظم الفرق لجلب تحديثات كبيرة في جائزة إسبانيا الكبرى ليتم اختبارها. ولكن ماذا ستكون استراتيجية كل فريق؟
هناك عدّة مسارات يمكن اتباعها في ما يتعلق بتطوير السيارة، فإمّا اتباع استراتيجية هجومية تعتمد على استثمار موارد بشكلٍ ضخم من أجل تطوير السيارة بشكلٍ مستمر، وهناك استراتيجية دفاعية تقوم على اتخاذ ردات فعل سريعة من أجل ضمان البقاء في الصدارة. لنستعرض سويةً ما هي الخيارات المطروحة أمام مختلف الفرق.
مرسيدس
بالنسبة لأبطال العالم، كان من المتوقّع أن يكون موسم 2015 كنزهةٍ في الحديقة، وذلك بعد السيطرة المطلقة في العام الماضي.
وبعد نهاية جولة أستراليا الافتتاحية، كان هناك العديد من الانتقادات بأن البطولة ستكون مملةً للغاية في ظل توسّع سيطرة فريق مرسيدس مقارنةً بما كان الحال عليه في عام 2014. ولكن ما تلا تلك الجولة كان مختلفاً لما أشارت إليه التوقعات.
العام الماضي شهد اتباع فريق مرسيدس لاستراتيجية تطوير مدروسة ومتمكنة، ولم يكن فريق الأسهم الفضية بحاجةٍ للدفاع عن سيطرته كصاحب أسرع سيارة، وبالتالي كان يدخل تعديلات بسيطة على مدار الموسم، باستثناء اعتماد مقدمة السيارة المختلفة في المراحل المبكرة من الموسم.
هذا الأمر تغيّر كلياً في هذا الموسم، فبعد فوز سيباستيان فيتيل في سباق جائزة ماليزيا الكبرى، جاءت ردة الفعل فورية من فريق مرسيدس الذي جلب جناحاً أمامياً جديداً في جولة الصين التالية، هذا الجناح الأمامي كان مختلفاً بشكلٍ جذري، وكان أبرز دليلٍ على أن فريق مرسيدس يعي خطورة السيارات الحمراء.
لن يكون أعضاء فريق مرسيدس مرتاحين لفكرة أن تأدية سيارات فيراري قوية للغاية، خصوصاً في السباقات. وبالتالي يجب عليهم الاستمرار بتطوير السيارة بشكلٍ فعّال لضمان استمرارهم بامتلاك اليد العليا في أيام الأحد، إذ أنهم ما زالوا يتمتعون بهذه الأفضلية في الوقت الحالي، وإن كانت بفارقٍ أصغر مما كان الحال عليه العام الماضي.
كما يجب علينا ألا ننسى موثوقية السيارة. فبعد مشاكل المكابح في عام 2014، عاودت هذه المشاكل الظهور في الموسم الحالي. وذلك بعد مواجهة سائقَي الفريق لمشاكل في المكابح في سباق جائزة البحرين الكبرى كادت تهدي الفوز لسائق فيراري، كيمي رايكونن. وبالتالي يجب على فريق مرسيدس مراقبة موثوقية السيارة بشكلٍ حذِر، إذ أن فريق فيراري سيبقى متربصاً لاغتنام كافة الفرص المتاحة.
فيراري
الكثير من الأمور تغيّرت في الأشهر الـ12 الأخيرة بالنسبة لفريق فيراري، أليس كذلك؟
العام الماضي، وجد الفريق الإيطالي نفسه مع سيارةٍ ضعيفة من الناحية الانسيابية، محرك صعب القيادة ولا يتمتع بقوة محركات مرسيدس، وإدارة مضطربة أدت لإنهاء فيراري لموسم 2014 في المركز الرابع في ترتيب الصانعين، ومع صعود ألونسو على منصة التتويج لمرتين فقط على مدار الموسم دون الفوز بأية سباقات.
الآن، ومع رحيل العديد من أعضاء الفريق تحت إشراف الإدارة الجديدة، متمثّلةً بالرئيس سيرجيو ماركيوني والمدير ماوريزيو أريفابيني، أصبح فريق فيراري بشكلٍ عام أكثر تناسقاً وتعاوناً. وهذا الأمر انعكس على تأدية السيارة بشكلٍ فوري وبسرعةٍ لم يكن يتوقعها حتى أعضاء الفريق ذاته!
حيث تمكّن أحد سائقَي الفريق من الصعود على منصة التتويج في كافة السباقات حتى الآن، إلى جانب تمكّن فيتيل من الفوز في سباق جائزة ماليزيا الكبرى.
تبدو سيارة الفريق سريعةً. حسناً، ما زالت سيارات مرسيدس تمتلك أفضليةً، إلا أن سرعة سيارات فيراري أصبحت مقلقةً بالنسبة للأسهم الفضية.
لعلّ أكبر دليلٍ على ذلك هو ما حصل في سباق جائزة البحرين الكبرى، فعندما كان فيتيل يتوجه إلى منطقة الصيانة لإجراء توقفه، كان فريق مرسيدس يبادر إلى الرد ويدخل سائقَيه على الفور في اللفتين التاليتين. هذا يعني أن فريق مرسيدس كان يخشى أن تتمكن سيارات فيراري من تقليص الفارق والتقدم إلى الصدارة.
طوال موسم 2014، لم يحصل هذا الأمر في فريق مرسيدس إطلاقاً، وكان سائقا الفريق يتبعان خطتان استراتيجيتان في عالمٍ وحيدٍ لهما غير آبهين لما يحصل في المركز الثالث.
بالعودة إلى فريق فيراري، فإن أريفابيني حثّ أعضاء فريقه على اتباع استراتيجية هجومية في تطوير السيارة، وهذا ما يجب على الفريق القيام به. قام الفريق الإيطالي بالتركيز على تطوير جناحه الأمامي في هذا الموسم، والذي كان من أبرز نقاط ضعف السيارات الماضية.
كما أن أبرز عوامل نجاح فريق فيراري في تطوير سيارته بشكلٍ فعّال بالتوازي مع عمل السيارة كما هو متوقع. أثناء تواجدي في البحرين من أجل مجريات جائزة البحرين الكبرى، سألتُ أريفابيني إن كانت السيارة تعمل كما هو متوقّع بعد أن كانت الأرقام الصادرة عن نفق الهواء لا تتطابق مع الأرقام على الحلبة، وما كان بدوره يؤدي لضياع الفريق في تطوير سيارته وعدم إمكانية التنبؤ بتأثير التعديلات على السيارة.
إجابة أريفابيني كانت حاسمة: ‘‘هناك قسمٌ كبير من الفريق التقني الذي كرّس مهامه من أجل إصلاح مشاكل التطابق في البيانات، وبإمكاني أن أؤكد أن السيارة تعمل بشكلٍ صحيح كما هو متوقع، ونحن سعداء بذلك’’.
إضافةً إلى ذلك، فإن تصميم سيارة تلائم أسلوب قيادة كيمي رايكونن، المشابه لأسلوب قيادة فيتيل، ساهم بضمان راحة السائقين خلف مقود السيارة، وذلك عن طريق إجهاد مقدمة السيارة عند دخول المنعطفات. إيجاد معايير الضبط المثالية من أجل جعل أسلوب القيادة مناسباً للثنائي كان أمراً أساسياً من أجل ضمان سير عملية تطوير السيارة في الطريق الصحيح.
لا يجب علينا أن ننسى استلام جايمس أليسون لإدارة الفريق التقني، وهو ما كان من أبرز التغييرات التي جاءت نتيجة قدوم أريفابيني. يُعتبر أليسون من أبرز وأذكى المهندسين في البطولة، وسيكون بإمكانه العمل دون قيود في ظل الإدارة الجديدة، وبالتالي من المثير للاهتمام متابعة التحديثات الناجمة عن ذلك على مدار الموسم، والأمر الأهم إمكانية الفريق المنافسة على اللقب العالمي، الذي طال انتظاره، في موسم 2016.
ويليامز
بعد إعادة إحيائه العام الماضي، أنهى فريق ويليامز موسم 2014 كأقرب منافس لفريق مرسيدس. ورغم أن التغلب على مرسيدس كان مستبعداً، كان من المتوقع أن يحافظ فريق ويليامز على موقعه كأفضل الفرق المتبقية خلف أبطال العالم.
إلا أن الرياح لم تجرِ كما تشتهي السفن بالنسبة للفريق المتمركز في مدينة غروف البريطانية، إذ يجد فريق ويليامز نفسه متأخراً بفارقٍ كبير، نوعاً ما، عن كل من مرسيدس وفيراري في الصدارة. ليكتفي بالمركز الثالث في ترتيب بطولة الصانعين في الوقت الحالي، متأخراً بـ98 نقطة عن مرسيدس.
ورغم استمرار التزود بمحركات مرسيدس، إلا أن انسيابية السيارة ليست بفعالية فريقَي الصدارة.
علاوةً على ذلك، فإن فريق ويليامز أكد مواجهة مشاكل في استيعاب آلية عمل الإطارات، خصوصاً النوعية اللينة ‘سوفت’. إذ جاءت هذه التصريحات على لسان مدير الإشراف على تأدية السيارات، روب سميدلي، الذي أكد في الوقت ذاته ضرورة تسريع وتيرة تطوير السيارة من أجل محاولة اللحاق بمرسيدس وفيراري، ومن أجل الدفاع عن مركزه أمام فريق ريد بُل – وهو الأمر الأكثر أهمية.
كما أن العامل المادي سيلعب دوراً هاماً في هيكلة موسم فريق ويليامز، الذي كشف عن خسائر مادية كبيرة العام الماضي، وبالتالي هل سيتمكن من ضخ الأموال بشكلٍ كافي يسمح له تطوير السيارة على مدار الموسم، أم سيتخلف الفريق البريطاني العريق من هذه الناحية عندما يواجه العملاقَين المتمثلَين بمرسيدس وفيراري؟
ريد بُل وتورو روسو
كان من الصعب بالنسبة لفريق ريد بُل تذوّق طعم الخسارة في العام الماضي، بعد فوزه بأربعةِ ألقابٍ عالمية على التوالي.
للأسف، فإن الأوقات الصعبة لم تنتهِ هنا بالنسبة للفريق الأنغلو-نمساوي. إذ غادر ‘‘الطفل المدلل’’ سيباستيان فيتيل لينضم إلى فيراري، أعلن أدريان نيوي أنه سيقلل من دوره في فريق الفورمولا واحد، وغادر كبير المصممين – الذي كان يمثّل اليد اليُمنى لنيوي – لينضم إلى فريق ماكلارين.
رغم ذلك، فإن سيارة الفريق ليست سيئة. حسناً، هيكل السيارة الجديدة ليس بجودة هيكل العام الماضي، والذي كان يُعتبر أفضل حتى من هيكل فريق مرسيدس.
إلا أن المشكلة الكبيرة بالنسبة لفريق ريد بُل تتمثّل في وحدة طاقة رينو. فبعد المشاكل التي واجهها المصنّع الفرنسي العام الماضي مع وحدة الطاقة الخاصة به، كانت هناك الكثير من الوعود على مدار الفترة الشتوية أن المحرك الجديد سيكون أفضل وسيتم إصلاح المشاكل كافةً.
لكنّ التغييرات الإدارية في رينو أدت لنوعٍ من الضياع في تطوير وحدة الطاقة، إذ تم تركيز استخدام ‘المفاتيح التطويرية’ في الأماكن الخاطئة، ما أدى لتصميم وحدة طاقة بتأدية متذبذبة غير ثابتة.
هذه المشاكل أدت لتوتّر العلاقة بين ريد بُل ورينو، وسط ضغوطات ريد بُل بضرورة إيجاد حلول للمشاكل، وأن وحدة الطاقة الجديدة غير مقبولة. ووصلت حدة الضغوط لتهديداتٍ من ريد بُل بالانسحاب من البطولة، أو انسحاب رينو من البطولة الذي قد يجبر ريد بُل على المغادرة.
موسم ريد بُل يعتمد بشكلٍ كبير على التطور المُحرز من قِبل رينو. ولكن هذا لا يقلل من أهمية التحديثات على الانسيابية بالتأكيد. إذ هناك إمكانية كبيرة لاختبار فريق ريد بُل لمقدمة سيارته القصيرة في جائزة إسبانيا الكبرى، وهي المقدمة التي كان الفريق يرغب استخدامها منذ بداية الموسم ولكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك بسبب فشله في تجاوز اختبارات التصادم.
الأمر مشابه أيضاً بالنسبة لفريق تورو روسو، الذي تمكّن في عدة مناسباتٍ من التغلب على سائقَي الفريق الأساسي. هذه البداية القوية لفريق تورو روسو تضعه على الطريق الصحيح من أجل تحقيق هدفه الذي أعلن عنه مدراء الفريق في بداية الموسم، ألا وهو إنهاء الموسم الحالي في المركز الخامس في بطولة الصانعين.
في حال تمكّن فريق تورو روسو من الاستمرار على نفس المنوال، واستغلال كافة الفرص المتاحة، فسيكون تحقيق هذا الهدف ممكناً بشكلٍ كبير. إلا أن تحقيق هذه المهمة سيكون أمراً صعباً، خصوصاً وأن الفريق كشف مؤخراً أنه لن يدخل تحديثات ضخمة على سيارته حتى نهاية الموسم.
ماكلارين هوندا
كانت هناك وعودٌ كبيرة في ما يتعلق بفريق ماكلارين، وشريكه الجديد هوندا، في موسم 2015.
أقل ما يُمكننا قوله هو أن هذه الوعود لم تتحقق بأي شكلٍ من الأشكال حتى الآن.
إذ أن وحدة طاقة هوندا سيئة الموثوقية بشكلٍ كارثي، وبالتالي لم يكن من الممكن حتى الآن رفع قوة المحرك لأقصى طاقاته وذلك بسبب عدم إمكانية التحكم بارتفاع درجات حرارة أنظمة استعادة الطاقة. وبالتالي ما زال الفريق بحاجةٍ للمزيد من الوقت قبل أن يتمكن من استخلاص أقصى طاقات سيارته.
رغم ذلك، فإن سيارة فريق ماكلارين تعتبر جيدة. سائقا الفريق أعربا عن سعادتهما بثبات السيارة واستقرارها عبر المنعطفات السريعة، وأن انسيابية السيارة ستكون فعالة للغاية، خصوصاً في الجزء الخلفي حيث تأتي السيارة بأضيق قياسٍ ممكن.
ولكن تبقى هذه التصريحات مجرد فرضيات نظرية. إذ من المستحيل التنبؤ بتأدية واستجابة السيارة عندما يتم رفع قوة المحرك. هل ستبقى ثابتةً عبر المنعطفات السريعة؟ أم سيواجه الفريق المزيد من المشاكل؟
الأمر المثير للاهتمام أن تصميم وحدة طاقة هوندا يعتبر فريداً من نوعه ومبتكر، ومن المتوقع أن تصبح قوة هذه المحرك لا يستهان بها بسبب التوضع الفعّال لمختلف الأنظمة. ولكن حتّى ذلك الحين، يبدو أن الفريق عليه الانتظار من أجل إيجاد الحلول لمشاكل الموثوقية واحدةً تلو الأخرى.
لا يجب علينا أن ننكر أن فريق ماكلارين حقق تقدماً ملحوظاً منذ بداية الموسم. ويبدو أن ألونسو، العائد إلى ماكلارين قادماً من صفوف فيراري، يعتقد أن فترة ‘‘التجارب الشتوية’’ الخاصة بفريق ماكلارين شارفت على الانتهاء. إذ أن تصريحات مدراء الفريق شددت طوال الوقت أن الجولات الأولى من الموسم ستكون بمثابة أيام تجارب شتوية يتم فيها اختبار كافة أنظمة السيارة وضمان عمل كل جزء بشكلٍ صحيح.
هذا وقد قام فريق ماكلارين بتحديث سيارته، وإن لم تكن هذه التحديثات جذرية، في الجولات الأولى من الموسم. ومن المتوقع أن تزداد إمكانية جلب تحديثات أكبر عندما يُطلق العنان لوحدة طاقة هوندا.
تبقى طموحات فريق ماكلارين كبيرةً للغاية، إذ يؤكد مدير التسابق إريك بولييه أن المنافسة على الفوز في السباقات الأخيرة من الموسم سيكون أمراً ممكناً. ففي مقابلةٍ للمدير التنفيذي لمجموعة ماكلارين، رون دينيس، مع الموقع الرسمي لبطولة الفورمولا واحد على شبكة الإنترنت، أكد دينيس أن فريق ماكلارين يواجه جبلاً عالياً يجب عليه تسلّقه، لكنه يثق بقدرة فريقه على التغلب على هذا التحدي. ولم يكتفِ دينيس بالقول بأن فريق ماكلارين سيتمكن من الفوز مع هوندا، بل شدد على أن شراكة ماكلارين هوندا ستهيمن على الفورمولا واحد بشكلٍ مشابهٍ لما قامت به هذه الشراكة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي. رغم أنه رفض وضع مخطط زمني للوصول إلى تلك المرحلة.
هل سيارة ماكلارين – هوندا تمتلك طاقات كامنة ضخمة بهذا الشكل تنتظر أن يتم تفجيرها؟ الوقت سيكون كفيلاً بالإجابة عن هذا السؤال.
لوتس
بعد عام 2014 الكارثي، أصبح التغيير ضرورةً في فريق لوتس. ولهذا السبب، انتقل الفريق المتمركز في إنستون للتزود بمحركات مرسيدس بعد حوالي عشرين عاماً من التزود بمحركات رينو.
هذا الأمر انعكس إيجابياً على تأدية السيارة. وتمكّن الفريق من تسجيل نقاط ثمينة في بداية هذا الموسم، وإن لم تكن على قدر التوقعات.
يؤكد الفريق أنه يريد المنافسة على المركز الرابع في ترتيب بطولة الصانعين، وهذا الأمر يستدعي تحديث السيارة بشكلٍ فعّال ومستمر وبوتيرةٍ عالية.
وهذا ما أكد الفريق أنه ينوي القيام به. إذ من المفترض جلب عدد كبير من التحديثات الجذرية لسيارة ‘إي 23’ في جولة إسبانيا، من أجل تعزيز موقع الفريق في ترتيب البطولة. خصوصاً وأن فريق لوتس يستخدم أفضل محركات الفورمولا واحد في الوقت الحالي، وبالتالي يجب عليه استخدام سيارة تسمح باستخلاص أقصى طاقات هذا المحرك، من أجل الاقتراب من الصدارة بشكلٍ أكبر.
ساوبر وفورس إنديا
قد تكون بداية الموسم مختلفة للغاية بين فريقَي ساوبر وفورس إنديا، إلا أن المسار التطويري المتّبع حتى نهاية هذا الموسم سيكون متشابهاً للغاية.
بالنسبة لفريق ساوبر، فإن بداية هذا الموسم كانت قويةً للغاية، خصوصاً بعد عام 2014 المخيّب للآمال. ورغم أن السيارة الجديدة مشابهة، نوعاً ما، لسيارة العام الماضي، فإن وحدة طاقة فيراري المُحدّثة ساهمت في تحقيق قفزة نوعية في الأداء.
رغم هذه البداية القوية، فإن أعضاء فريق ساوبر يدركون تماماً صعوبة الاستمرار بتقديم هذه النتائج مع مرور الوقت، إذ أن الفريق يواجه شحاً في الموارد المادية عند مقارنته ببقية الفرق، وبالتالي فإن عملية تطوير السيارة لن تكون سهلة، ومن المتوقع أن يتقهقر الفريق مع تمكّن الفرق الأقوى مادياً من استثمار موارد أضخم من أجل التقدم في الترتيب.
هذا الأمر ليس بسرٍّ حتى على سائقَي الفريق، إذ أكد السائق البرازيلي من أصولٍ لبنانية، فيليبي نصر، أن فريقه سيواجه سباقاتٍ صعبة للغاية ابتداءً من جولة برشلونة.
أما بالانتقال لفريق فورس إنديا، فنظراً للظروف التي مرّ فيها في فترة التجارب الشتوية، حيث تأخر في الكشف عن سيارته ولم يشارك سوى بأقل من أربعة أيام كاملة من التجارب التي سبقت بداية الموسم، فإن بداية الموسم لا تعتبر سيئةً للغاية حتى الآن.
يبدو أن التأخيرات هي الكلمة المتداولة في فورس إنديا، فبعد تأخر الكشف عن السيارة الجديدة، انتقلت الأنظار لجولة إسبانيا، حيث أكد الفريق أنه سيكشف عن نسخة مختلفة كلياً من سيارته في تلك الجولة. إلا أن مدراء الفريق تراجعوا عن هذه التصريحات لاحقاً، مؤكدين أن الكشف عن هذه السيارة سيحصل في جولة النمسا.
جرت العادة أن يتمكن فريق فورس إنديا من بدء الموسم بشكلٍ قوي قبل أن تتراجع تأديته بسبب عدم امتلاكه لأموالٍ كافيةٍ تضمن له تطوير السيارة بشكلٍ قوي على مدار الموسم بحيث يتمكن من المحافظة على سرعته وترتيبه في البطولة.
ولكن مع هذه البداية المضطربة، يبدو أن موسم فريق فورس إنديا سيكون طويلاً للغاية.
مانور
بالنسبة لفريق مانور، لا يوجد الكثير من المعلومات حول استراتيجية التطوير المتبعة. إذ أن الفريق تمكن من ضمان مشاركته في بطولة الفورمولا واحد في اللحظات الأخيرة، وبعد أن قام بتعديل سيارة عام 2014 – باستخدام وحدة طاقة فيراري القديمة – لتلائم القوانين التقنية الجديدة.
من المفترض أن يتم الكشف عن السيارة الجديدة بعد نهاية العطلة الصيفية في شهر آب/ أغسطس المقبل، مع شبه استحالة إدخال أية تحديثات حتى ذلك الوقت. وبالتالي لا يسعنا سوى الانتظار ومعرفة إن كانت السيارة الجديدة، والتي تُصمم من أجل التزود بوحدة طاقة فيراري الجديدة، ستتمكن من الاقتراب من منطقة منتصف الترتيب بعض الشيء.
هذا أمرٌ مستبعد، نظراً لأن معظم الفرق ستكون في مراحل تطويرية متقدمة في تلك الفترة من الموسم، وبالتالي من المرجح أن مؤخرة الترتيب ستتميز بوجود سيارتَي مانور على الدوام، إلا في حال حصول مفاجآت غير متوقّعة.