تلقى مُتابعو الفورموﻻ واحد باهتمامٍ وشغفٍ بالغيْن أي معلومة وصلتهم من التجارب الشتوية التي جرت على حلبة خيريز الإسبانية. ومع ذلك، وبينما يُريد الكثيرون مُشاهدة تغطية مُباشرة لهذه التجارب، يشرح لنا إد سترو لماذا لا يحصل هذا.
تجارب الفورموﻻ واحد مُملّة، هذا ما قاله السائق البريطاني لويس هاميلتون.
وفي نهاية اليوم الثاني للتجارب الشتوية على حلبة خيريز اﻹسبانية، قال هاميلتون: “سأكذب عليكم إن قُلتُ لكم بأني سعيدٌ جدًّا”، وأضاف: “إنها تجارب شتوية، وهي ليست المرحلة اﻷكثر مُتعة ﻷي سائق سباقات … أريد التسابق”
وكقارئ لـ أوتوسبورت، من المؤكّد الافتراض بأنكم مُشجِّعون مُتحمِّسون لرياضة المُحركات وتشعرون بالصدمة حيال وجهة النظر هذه. ولكن هُنالك شيء علينا قوله في هذا اﻷمر.
بعد كل شيء، تُعتبر التجارب الشتوية عملية هامة تخلق اﻷساس الذي يبني كل فريق عليه تقدمه خلال الموسم.
وفي نهاية المطاف، يُريد الجميع معرفة اﻷداء النسبي للسيارة، ولكن ليس للفرق مصلحة في هذا.
بل غالبًا ما تُستخدم كلمة “التلاعب” (أو اﻹبطاء المُتعمد). ولكنها تُعتبر كلمةً خطيرة. فعلى سبيل المثال لا يقوم فريق مرسيدس ووليامز بإخفاء أداءهم الحقيقي … بل يقومون فقط بإنجاز العمل الذي عليهم القيام به.
لذا لا تُعتبر المُنافسة المُشكلة اﻷكبر في التجارب الشتوية. لا يوجد مُكافآت لكونك اﻷسرع أو اﻷبطأ، ومع بداية تصاعد الأحداث، يُصبح توقيت اللفة الرئيسي قليل اﻷهمية.
من المُذهل أن ترى السيارات الجديدة. وأن تكون في التجارب الشتوية طيلة اﻷيام اﻷربعة وتكتشف القليل من العلامات المُبكرة اﻷمر الذي يُعتبر امتيازًا عظيمًا.
ولكن عندما يسألك الناس لماذا لا يكون هُنالك تغطية مُباشرة شاملة للتجارب الشتوية، فالجواب واضح. سيُشاهده عدد قليل جدًّا من الناس، والكثير ممن سيُشاهدونه سيجدون بأنها ليست مُمتعة كما كانوا يعتقدون.
كل يوم من اﻷيام اﻷربعة للتجارب الشتوية كانت عبارة عن 8 ساعات من القيادة حول المسار.
وغالبًا لم تكُن هُنالك سيارات تدور حول المسار. وفي بعض اﻷحيان، تتوقف السيارة على المسار، بل من النادر جدًّا أن ترى أحد السائقين وقد التفت سيارته على نفسها أو خرج عن المسار (على الرغم من أنه لا يحدث بما يكفي حتى لملء أكثر من 10 ثواني من شريط اﻷخبار الرئيسية).
وبين فترةٍ وأخرى، يتم إرسال شاحنة مُسطحَّة لكي تنقل شيئًا ما. حيث نرى الميكانيكين وهُم يعمدون لتغطية السيارات المُتضررة حتى لا يتم كشف التفاصيل التقنية للسيارة.
وقد تُمطر في بعض اﻷحيان، وكانت هُنالك لحظة لا تُنسى في الساعات اﻷخيرة من اليوم اﻷخير عندما رأينا قطعة صندوقية الشكل من تجهيزات الحلبة (ولم نتأكد تمامًا من ماهيتها) وهي تتدحرج ببطئ على المسار عند مخرج المُنعطف الأخير مما أدى لرفع اﻷعلام الحمراء لوقف التجارب الشتوية ريثما يتم إزالتها.
ومن آنٍ ﻵخر كانت مُحركات هوندا تشتعل في المرآب، حيث كان مرآبهم أسفل المركز اﻹعلامي تمامًا. مما كان يدفع اﻷشخاص المذعورين للركض باتجاه النافذة.
كما كان هُنالك انقطاع في التيار الكهربائي أيضًا، على الرغم من أن ذلك كان بعد انتهاء فترة التجارب ليوم اﻷربعاء، لذا لم يكُن اﻷمر مُزعجًا كثيرًا.
وقد يحدث في بعض اﻷحيان أمرٌ مُثير فعلاً، مثل ما حصل في أبو ظبي قبل عدة سنوات، عندما شُوهد كلب على المسار لفترة قصيرة (ولحُسن الحظ لم يكُن السائق البرازيلي برونو سينا يُجري التجارب الشتوية في ذلك اليوم). وفي العام الماضي، رأينا القطط تُشارك في الحدث.
المغزى هُنا هو أن ليس للتجارب الشتوية حاﻻت من المدّ والجَزْر كما نرى في أيام سباقات الجوائز الكُبرى. لا تتصاعد اﻷحداث. هُنالك 32 ساعة فقط على المسار كي يتم استغلالها.
إنها ذات أهمية بالغة للفرق، وهُنالك الكثير من اﻻهتمام بها بعد التغطية، أن تكون مُوجزًا أخيرًا على شاشات التلفزة في نهاية اليوم، مما يُتيح الفُرصة للمُشاهدين الجالسين في منازلهم لرُؤية السيارات على المسار للمرة اﻷولى.
وهُنالك أيضًا الكثير من اﻷخبار للإطلاع عليها على شبكة اﻹنترنت، بما في ذلك هذا موقعنا الشبكي المُتخصص autosport.me، وفي الصُحافة المطبوعة. ما يحدث أمرٌ مُمتع وهام، لكن تخيَّلوا بأن مُشاهدتها لمُدة 8 ساعات على شاشات التفزيون ستكون أمرًا خاطئًا.
وبعد كل هذا، وفي المملكة المُتحدة، التزمت قناة “سكاي سبورتس أف 1” قبل عدة سنوات بالقيام ببعض التغطية المُباشرة لفترة التجارب الشتوية، ولكنها توقفت عن ذلك لاحقًا. وكان لديهم مُبررٌ جيد جدًّا لهذا القرار، وذلك استنادًا على أرقام المُشاهدة.
مع ذلك، بدأت فترة التجارب الشتوية التي تسبق الموسم تُصبح تدريجيًا جُزءًا من الموسم اﻻعتيادي، مثل ثلاثة سباقات إضافية على سبيل اﻻستهلال للموسم.
من اﻹيجابي أن تكون الحلبات قادرةً على الترحيب بالمُشجعين لحُضور التجارب الشتوية لكي يروا السيارات شخصيًا، حيث أثبتت حلبة خيريز اﻹسبانية شعبيتها في هذا اﻷمر، وعلى وجه الخُصوص اﻷيام التي قاد فيها السائق اﻹسباني فرناندو ألونسو في التجارب سيارة فريقه الجديد القديم ماكلارين – هوندا (هذا إن اعتبرنا أنها كانت قيادةً للسيارة).
وبينما كُنا نتجول في أرجاء منصات الفرق خلال الساعات اﻷولى من التجارب الشتوية، كان من المُحبط أن نرى ستائر تُغلِّف السيارات وتمنع النظر إلى المرائب.
وفي الجهة المُقابلة لخط البداية/ النهاية المُستقيم، كان الكثير من المُشجعين على المُدرج الرئيسي الذين يتوقون شوقًا ليلمحوا السيارة، مع ذلك، وعلى سبيل المثال، رأينا فريق فيراري قد نصب ستائره بين منصة التوقف للصيانة ومنصته على حائط المُراقبة، مما يعني بأن المُشجعين لم يتمكنوا حتى من رُؤية السيارة وهي تدخل للمرآب.
لذا علينا القول، إذا تذكرتم ما هو الهدف اﻷساسي للتجارب الشتوية، يُمكنكم أن تروا من أين تأتي الفرق.
حيث قال بات سيموندز من فريق وليامز: “أثناء قيامنها بهذه المهمة المُبكرة، هُنالك بالتأكيد أمور لم تكتمل تمامًا في السيارة وهي الطريقة الوحيدة التي نُنجز فيها اﻷمور التي نُريد الحفاظ عليها بعيدة [عن أنظار] مُنافسينا لفترةٍ أطول قليلاً.
وأضاف: “أوافق تمامًا على حقيقة أنه لا يُمكننا وضع هذه الستائر هُناك حالما نخرج للتسابق. لكن تحملوها قليلاً معنا بينما نستخدمها خلال تجاربنا الشتوية”.
يا للسُخرية، من ناحية التفاصيل التقنية للسيارة، بِلَمْحِ البصر سيكون لدى الفرق مجموعة كبيرة جدًا من الصور المُفصلَّة من كل مُنافس. يُسمى هذا اﻷمر في بعض اﻷحيان تجسُسًّا، ولكن هذا تعبيرٌ خاطئ.
من الذي يأخذ فعلاً صورًا للسيارات اﻷخرى! مُصوِّرٌ ماهر، وهُنالك الكثير منهم في الفورموﻻ واحد، مع عدة جيدة يُمكنها التقاط تفاصيل استثنائية للسيارة.
بعد كُل هذا، يعرف كبار المُوظفين التقنيين كيف يُرسلون الصور بواسطة البريد اﻹلكتروني لبعضهم البعض، مع اﻹشارة ﻷحدث النقاط ذات الجانب التقني والتي جذبت انتباههم في سياراتهم، فقط ليجعلوا مُنافسيهم يعرفون بأنهم يُراقبون!
وفي المرآب تُصبح اﻷمور أقلَّ صُعوبةً، لذا يُمكنكم أن تفهموا سبب وضع الستائر، والنَزعة ﻹغلاق الباب.
ولكن، وعلى العكس من ذلك، يهتمون جدًّا بهذه السرية، مُترافقةً مع حقيقة عدم وجود تغطية تلفزيونية تُوازي تلك التي تحظى بها أيام سباقات الجوائز الكُبرى، مما يجعل التجارب الشتوية جذابَّةً للجميع.
وبهذه الطريقة، وبالرُجوع لأيامكم القديمة كمُشجعين لرياضة المُحركات، عندما كان عليكم انتظار نُسخة أوتوسبورت التي تصدر يوم الخميس (أو نُسخة مجلة موتورينج نيوز التي كانت تصدر يوم اﻷربعاء إن كُنتُم من المُخضرمين جدًّا) من أجل اﻹطلاع على المزيد من التفاصيل حول التسابق.
وفي هذا الوقت حيث التغطية الشاملة، هل يُعتبر أمرًا سيئًا وجود فترة حيث كل ما تحصل عليه هو القليل من إثارة اﻷحداث التي تجري على المسار، والصور، والتغطية عبر بعض المنافذ مثل سكاي سبورتس و أوتوسبورت؟ وبعد كل هذا، تجاوزت تغطيتنا النصية المُباشرة للتجارب الشتوية أكثر من 30 ألف كلمة، علاوةً عن القصص اﻹخبارية والمقاﻻت التحليلية.
وفي بعض اﻷحيان، يكون الواقع أقل إدهاشًا بكثير مما نتوقعه.
ولهذا يتم تغطية التجارب الشتوية للفورموﻻ واحد بهذه الطريقة الغريبة، اﻷمر الذي يُعتبر، رُغم غرابته، إيجابيًا لسباقات الجوائز الكُبرى أكثر منه سلبي.