عانى سائقو الفورموﻻ واحد في القيام بالتجاوزات في سباق جائزة إسبانيا الكبرى، وفي هذا المقال يشرح لنا الخبير التقني المُخضرم غاري آندرسون ما الذي يرغب بفعله بهذا الشأن ولماذا، كما يُلقي نظرة على الأسباب التي أدت لخسارة فريق فيراري سباق التطوير.
نظام تقليص قوة الجر المعروف اختصارًا باﻹنغليزية “دي آر أس”، أو كما أحب أن أسميه وفقًا لنفس اﻻختصار نظام انسحاب السائقين – هو أكثر أمر أكرهه في الفورموﻻ واحد بأنظمتها الحالية.
في بعض الحلبات، تكون التجاوزات سهلةً جدًّا، ولكنها ليست كذلك على حلبة برشلونة اﻹسبانية. لم يتمكن السائق البريطاني لويس هاميلتون من اﻻقتراب بما يكفي من السائق الألماني سيباستيان فيتيل لمُحاولة تجاوزه، بينما واجه الفنلندي كيمي رايكونن المُشكلة نفسها عندما كان خلف مُواطنه فاليري بوتاس.
لم تكُن التجاوزات سهلةً حتى مع نظام تقليص قوة الجر “دي آر أس”، والسبب وراء هذا بسيطٌ جدًّا.
يُعتبر المُنعطفان التاسع واﻷخير، الذان يسبقان منطقتي تفعيل نظام نظام تقليص قوة الجر “دي آر أس” على حلبة برشلونة، مُنعطفان يعتمدان بشكلٍ كبير على المزايا اﻻنسيابية للسيارة، ولكي تتمكن من استخدام هذا النظام عليك أن تكون على بُعد ثانية واحدة أوأقل من السائق الذي يتقدمك.
وإذا كنت تتبع سيارة أمامك ضمن ثانية واحدة أثناء الدخول هذين المُنعطفين، فإن اضطراب تدفق الهواء القادم من السيارة التي تتقدمك يعني خسارة مانسبته 20 بالمئة تقريبًا من قوة ارتكازية سيارتك، وبشكلٍ رئيسي من الجناح اﻷمامي.
لذا يؤدي هذا اﻷمر إلى انزﻻق القسم اﻷمامي للسيارة وميل للالتفاف حول نفسها أكثر، ما يُؤدي لارتفاع درجة حرارة اﻹطارات، اﻷمر الذي تسبب بانخفاض نسبة التماسك والمزيد من اﻻنزﻻق، إنه تأثير حلزوني.
وهنالك حل بسيط لهذا اﻷمر: وهو جناح أمامي أقل تعقيدًا مع أرضية سيارة مُحسنَّة.
ويُمكن لهذا الحل أن يُقدم عدة فوائد:
1 – أنه يُمكن للسائقين التسابق مع بعضهم البعض على المسار من دون اتلاف إطاراتهم.
2 – وخفض تكاليف تطوير مجموعة الجناح الامامي، التي تُعتبر واحدة من أكبر مناطق التطوير في السيارة، بشكلٍ كبير.
3 – وكما شاهدنا أن هنالك العديد من مجموعات الأجنحة اﻷمامية قد تحطمت بمُجرد لمسة بسيطة من اﻹطار الخلفي للسيارة التي تتقدمها، سيؤدي هذا ﻷن تُصبح قطع الغيار للجناح اﻷمامي أرخص بكثير.
4 – كما يعني هذا أيضًا أن فرق المُقدمة مع ميزانياتها المُرتفعة للقسم اﻻنسيابي لن تكون قادرةً على إنفاق أكثر مما تتمكن الفرق اﻷصغر إنفاقه على هذا المُكون الوحيد.
5 – وأخيرًا وليس آخرًا، سيُصبح بمقدورنا رؤية سيارات سباق تتمتع بما يكفي للسماح ببعض التجاوزات على المسار في مُقابل أساليب التجاوز غير المُباشرة وخارج المسار من خلال خطط التوقف المُختلفة في منصات الصيانة.
وأنا مُتأكد أنه لا يوجد رغبة كبيرة من اﻻتحاد الدولي للسيارات “فيا”، أو أيٍّ من الفرق من أجل تبني هذه التغييرات. ولكن إذا أراد أي شخص إثبات نظرية أن اﻷجنحة اﻷمامية اﻷقل تعقيدًا ستكون فعالةً، يجب مُشاهدة سباق سلسلة “جي بي 2” اﻷول على حلبة برشلونة.
وبينما يُستخدم نظام نظام تقليص قوة الجر “دي آر أس” أيضًا في سلسلة سباقات “جي بي 2″، إﻻ أنه لم يكُن يعمل لفترة كبيرة من سباق يوم السبت وكان لا يزال بإمكاننا رؤية السيارات تتبع بعضها على نحوٍ مُتقارب وتُجري عمليات تجاوز.
وهذا درس للفورموﻻ واحد – هذا إن كان هنالك أحد يرغب بالتعلم.
حرب التطوير:
بصفته السباق اﻷوروبي اﻷول، ومع الفترة الفاصلة التي تبلغ 3 أسابيع مُنذ سباق جائزة البحرين الكبرى – لطالما اعتُبرت جولة إسبانيا الحدث الذي يُشارك فيه الجميع مع مجموعة من التحديثات والقطع الجديدة، إذًا ما الذي تغيَّر؟
حسنًا، لا شيئ تغيَّر؟
في الواقع تقدم فريق مرسيدس، واستمر فريق فيراري في كونه ثاني أفضل فريق يليه فريق ويليامز، ومن ثم فرق الوسط التي تحاول وتُكافح ويليهم فريق ماكلارين …. الذي لا يُنافس أحدًا.
وعلى حلبة برشلونة، تلعب قوة اﻻرتكازية، أو قوة اﻻرتكازية الكفؤة والمُستقرة دورًا هامًا، وهذا هو السبب وراء قضاء الفرق الملايين من ساعات العمل وإنفاق الملايين من الدوﻻرات من أجل مُحاولة إنتاجها.
إذًا لماذا لا يتعلق اﻷمر بمُجرد إنجازك للأبحاث، وتطوير مُكونات سيارتك وتصنيعها، ومن ثم تقوم بتركيبها على السيارة لتُصبح أسرع؟
حسنًا، لو كان اﻷمر بهذه البساطة لرُبما كُنت ما أزال أقوم بهذا اﻷمر.
تبدأ عميلة التطوير عندما تُدرك لماذا لا يُمكن لسيارتك أن تُصبح أسرع.
وإذا كان السائق سعيدًا بالسيارة المُتواجدة بين يديه وإذا التوازن والتماسك مُتناسقًين أثناء الدخول في المُنعطفات بسُرعة مُرتفعة أو مُتوسطة، فإنك ستحصل على المزيد من قوة اﻻرتكازية اﻹجمالية.
ولكن من المُهم جدًّا اﻻنتباه على الخصائص اﻻنسيابية ومُحاولة المُلائمة بينها ﻷقرب حدٍّ مُمكن بما كان لديك قبل أن تبدأ برنامجك التطويري.
إنه أمر سهلٌ جدًّا – وانا أقصد ذلك – الحُصول على قوة ارتكازية إجمالية ولكن تتسبب في اضطراب استقرار الحمل اﻻنسيابي على السيارة مما يُؤدي ﻷن تُصبح أبطأ فعلاً.
رأينا هذا طوال الوقت وكل ما فعله الفريق أدى إلى الكثير من التفكير وهدر اﻷموال والوقت على هذه التعديلات اﻷخيرة للقطع الجديدة.
وإذا لم يكن توازن السيارة مُستقرًا فأول شيء ستُحاول القيام به هو البحث في اﻷمور بطريقة مُختلفة ومُحاولة إيجاد السبب ووضع اﻷرقام التي تُشير إلى هذا التضارب.
وإذا لم تستطع أو لم تتمكن من القيام بذلك، يُمكنك عندئذٍ تطوير السيارة حتى تتعب وعندها ستُصاب بالمزيد والمزيد من اﻻرتباك ﻷنك ستضع جميع هذه القطع في السيارة من دون جدوى.
خذوا فريق فيراري على سبيل المثال، في الحقيقة يُقال بأنهم غيروا ما نسبته 90% من السطح اﻻنسيابي للسيارة.
في الحقيقة، لم يُؤدي هذا لحُصول أية تغييرات تقريبًا وأدى هذا اﻻرتباك لتغيير رايكونن لسيارته إلى إعدادات “مُتوسطة” بين السيارة الجديدة والقديمة. لا شيء مُربك للفريق أكثر من هذا – واﻵن في أي طريق عليهم اﻻستمرار؟
قبل السباق برشلونة شعرت بأن فريق فيراري قد يتمكن من تقليص الفارق عن فريق مرسيدس ببضعة أعشار من الثانية ولكن لم يحدث هذا. وقبل جولة برشلونة، كان لدى فريق مرسيدس أفضلية تُقدَّر بـ 0.8 ثانية تقريبًا في اللفة الواحدة، وخلال التجارب في برشلونة كان فيتيل أبطأ من مُواطنه روزبرغ بفارق 0.777 من الثانية.
وفي السباق وصل فيتيل إلى خط النهاية مُتأخرًا بفارق 45 ثانية. وبالتالي كان الفارق في كل لفة 0.681 من الثانية، دون أن ننسى أن طول اللفة الواحدة على حلبة برشلونة أقصر مقارنةً بالحلبات اﻷربع السابقة …
وبالنسبة لي، جميع هذه اﻷشياء تؤدي إلى تحسن لا يُمكن مُلاحظته بالنسبة لفيراري لذا عادوا إلى لوح التصميم، ولكن أصبح الموضوع أكثر صعوبةً لأن السؤال “لماذا؟” يُطرح بقوة في أي نقاش يتعلق باتجاه التطوير.
أعتقد أن مرسيدس عانت من حالة سوء فهم اﻷمور قبل موسم 2014.
على سبيل المثال كان لديهم في موسم 2013 سيارة سريعة ولكنها كانت تستهلك اﻹطارات الخلفية بسرعة، لم يقصدوا بناء سيارة تفعل هذا اﻷمر ولكن هذا ما حصل، وبالتالي بذلوا الكثير من الوقت والمجهود في البحث عن السبب.
ومن الواضح بأن فريق مرسيدس تمكن من التوصل للأسباب، ولديهم اﻻن، كما في موسم 2014، سيارة سريعة على جميع الحلبات. أعتقد بأنها أقل قساوةً على اﻹطارات الخلفية مما كانت عليه الموسم الماضي، ولكن جميع الفرق تُعاني من هذه المُشكلة، وفاز فريق مرسيدس في 4 سباقات من أصل 5 خاضها لغاية اﻵن لذا لديهم تسوية معقولة.
وخلف فرق المُقدمة، أعتقد بأن فريق تورو روسو واحد من فرق الوسط التي قدمت أداءً رائعًا هذا الموسم.
لقد أنجزوا عملاً جيدًّا مع مُحرك رينو، خاصةً خلال الحصص التأهيلية. وأعتقد بأنها مُشاكل تتعلق بالمُحرك – أو مشاكل مُحتملة – مما يعني تراجع فريق تورو روسو يوم السباق.
أما فيما يتعلق بفريق ماكلارين، فتبدو جميع اﻷمور أسوأ قليلاً من فيراري. إنهم في أفضل اﻷحوال يُقامرون مع فرق المُؤخرة. ويتحدث فريق ماكلارين عن أن السيارة تتحسن ولكني لم أرى هذا لغاية اﻵن.