تواجه فرق بطولة العالم للدراجات النارية ‘موتو جي بي‘ تحدياتٍ مستمرة لا بد من التغلب عليها، ولعل أبرزها مؤخراً تمثل بمشكلة ارتفاع الإطار الأمامي للدراجة عن سطح المسار أثناء التسارع أو عند مخارج المنعطفات، لنلقي معاً نظرة على أحد أهم الابتكارات الثورية في أنظمة التحكم على متن الدراجات النارية.
كان التخفيف من الأثر السلبي لمشكلة ارتفاع الإطار الأمامي للدراجة على رأس أولويات شركة ‘دورنا‘، المرّوج الرسمي لبطولة الـ ‘موتو جي بي‘، منذ فرضها على جميع فرق البطولة اعتماد وحدات تحكم إلكترونية بمواصفات موحدة عام 2016.
إذ كانت دوكاتي أول من بادر بشكل فردي للتغلب على هذه المشكلة، باستخدامها جٌنيحات انسيابية تساهم في ضغط الإطار الأمامي للأسفل لإبقائه ملامساً لسطح المسار، لكن البطولة قررت منع استخدام أي قطع بارزة من هيكل الدراجة ابتداء من هذا الموسم.
يصل تسارع الدراجة إلى أقصى حد له عند النقطة التي يبدأ فيه الإطار الأمامي بالارتفاع عن الأرض نتيجة انتقال عزم دوران المحرك بشكل شبه كامل إلى الإطار الخلفي، ولتحقيق تسارع أكبر عليكَ إيجاد طريقة لزيادة الحمل المُطبَّق على الإطار الأمامي يكون كافياً لإعادته إلى سطح المسار.
تمتلك دراجات الـ ‘موتو جي بي‘ محركات بعزمٍ دوراني كبير قادر على رفع الإطار الأمامي عند أي سرعة، لذلك يكون الدراج مضطراً لإغلاق عتلة الوقود إذا ارتفع الإطار كثيراً عند السرعة الكبيرة، ما يؤثر سلباً في التسارع.
من هنا جاءت فكرة نظام ‘أنتي-ويلي‘ أو نظام منع ارتفاع الإطار الأمامي، حيث تم استخدام مستشعرات تقيس عوامل مختلفة، تساهم في التنبؤ باللحظة التي سيرتفع عندها الإطار الأمامي، مثل سرعة الإطار الأمامي والخلفي وشوط نظام التعليق الأمامي، بعد ذلك تُرسل هذه البيانات إلى وحدة التحكم الإلكترونية، التي تقوم بتخفيض عزم دوران المحرك بقيمة كافية لمنع ارتفاع الإطار الأمامي دون أن يتأثر التسارع.
أنظمة الـ ‘أنتي – ويلي‘ مفيدة جداً للدراجين، لأنه يمكنهم بواسطتها تجنب مشاكل التحكم بتوجيه الدراجة بسبب قيام المحرك نتيجة قوته الكبيرة بـ “نتر” الإطار الأمامي ورفعه عن سطح المسار عند منتصف المنعطفات، وبالتالي لن يضطر الدراجون إلى خفض طاقة المحرك عن طريق اغلاق عتلة الوقود لإعادة الإطار الأمامي إلى سطح المسار.
لا شك أن جُنيحات دوكاتي، تم اعتمادها بهدف زيادة تسارع الدراجة. حيث تختلف وظيفة هذه القطع الانسيابية بين سيارات بطولة العالم للفورمولا 1 ودراجات الـ ‘موتو جي بي‘. في الفورمولا 1، تهدف هذه القطع إلى توليد ارتكازية تضغط الإطارات على مسار الحلبة لتوليد مستوى تماسك عالٍ، عند الانعطاف، لا يمكن لوزن السيارة لوحده القيام بهذا الأمر. بينما في الـ ‘موتو جي بي‘، يتم تركيب هذه القطع أمام شرائح التغطية الانسيابية في القسم الأمامي للدراجة، للمساهمة في زيادة التسارع من خلال الحفاظ على التصاق الإطارات بسطح المسار.
هنالك عامل آخر يدخل في تحديد “مُدخَلات” نظام ‘أنتي-ويلي‘ وهو مركز عطالة جسم الدراجة، إذ يتغير في حالة ارتفاع الإطار الأمامي.
آلية عمل نظام ‘أنتي – ويلي‘
يُظهر المخطط البياني تسارع أحد دراجي الفئة العُليا عند المنعطف الخامس على حلبة خيريز، حيث تبرز مشكلة ارتفاع الإطار الأمامي بوضوح بسبب انخفاض المسار بشكل مفاجئ في تلك المنطقة.
عند الثانية 41 من عمر اللفة (الخط المنقط الأبيض والعمودي)، يكون الدراج عند مخرج المنعطف، مع عتلة وقود مفتوحة بشكل كامل، وارتفاع الإطار الأمامي عن سطح المسار.
لفهم آلية عمل النظام، ركّزوا على الأرقام من 1 إلى 5.
الرقم 1، القسم الثاني من المخطط
الخط الأحمر دلالة على سرعة الدراجة والأبيض على سرعة الإطار الأمامي، بينما الأصفر هو تحرك ذراع نظام التعليق الأمامي.
عند مخرج المنعطف، يكون معدل تسارع الدراجة كبيراً، ليتركز الحمل بمجمله على الإطار الخلفي مؤدياً إلى رفع الإطار الأمامي، أي لم يعد ملامساً للإسفلت، وبالتالي تصبح سرعة دوران الإطار الأمامي (الخط الأبيض) أقل من سرعة الدراجة (الخط الأحمر)، ويتمدد ذراع نظام التعليق الأمامي ليأخذ القيمة الابتدائية (الخط الأصفر).
هذه التغيرات تُعد مدخلات لنظام ‘أنتي-ويلي‘، الذي يخبر وحدة التحكم الإلكترونية أن الدراجة أصبحت في وضعية الـ ‘ويلي‘ أي ارتفاع الإطار الأمامي.
يبلغ الاختلاف هنا بين سرعة الدراجة وسرعة الإطار الأمامي حوالي 20 ميل/ ساعة، ويمكن لهذه السرعة أن تصل في فترة أطول إلى 60 ميل / ساعة.
الرقم 2، القسم الثالث
الخط الأخضر هو زاوية ميل الدراجة عن مسار الحلبة والأحمر معدل زاوية الميل، أما الخط الأبيض المنقط هو القيمة المثالية لمعدل زاوية الميل، أي تواجد إطارَي الدراجة معاً على مسار الحلبة.
عند ارتفاع الإطار الأمامي للدراجة، يبقى الإطار الخلفي فقط ملامساً لسطح المسار، طول فترة التلامس ومعدله تحدد ما إذا كان ارتفاع الإطار الأمامي صغيراً أم كبيراً. تُعتبر زاوية الميل مقبولة إذا كانت أقل من ثلاث درجات، لكن في حال تجاوزت هذه القيمة سيتخذ النظام الإجراءات اللازمة.
الرقم 3، القسم الرابع
الخط الأبيض هو عزم الدوران المطبّق من قبل الدراج من خلال عتلة الوقود، الأحمر هو المطلوب من قبل نظام ‘أنتي-ويلي‘، في حين الخط الأخضر هو مقدار التخفيض الذي يجريه النظام.
يقوم النظام بتخفيض عزم دوران المحرك عن القيمة التي طلبها الدراج، وذلك للتقليل من عزم الدوران المطبق على الإطار الخلفي، وبالتالي يعود الإطار الأمامي ليلامس المسار دون حاجة إلى التقليل كثيراً من تسارع الدراجة.
الرقم 4، القسم الثالث
الخط الأحمر معدل زاوية الميل، الخط الأبيض المنقط هو الحالة المثالية
لاحظوا أن تلامس الدراجة مع مسار الحلبة لا يبقى مثالياً لأن الدراجة تهتز على طول الحلبة.
الرقم 5، القسم الأول
الخط الأبيض سرعة الدراجة، الأخضر دلالة على فتح عتلة الوقود، بينما الخط الأحمر المنقط يشير إلى فتح عتلة الوقود بشكل كامل.
هنا يقوم الدراج بفتح عتلة الوقود بشكل كامل لتجنب دوران الإطار دون قوة جر أو ارتفاعه، ما يعني أنه سيخسر يعض الوقت. يعني هذا أن مهندسي الدراج لم يصلوا بعد إلى البرنامج الصحيح، لذلك سيعدلون بعض مدخلات النظام مرة أخرى، ليقوم النظام بتخفيض عزم الدوران في هذه المنطقة، حتى لا يكون الدراج بحاجة لإغلاق عتلة الوقود في المرة المقبلة.