جولةٌ أخرى وسباق آخر في موسم 2019 من بطولة العالم للفورمولا 1 ينتهي بثنائية أخرى لـ مرسيدس، والتي تمتعت بما يمكن اعتباره الجولة الأفضل لها على الاطلاق هذا الموسم في إسبانيا.
كان كل من سائقَي السهام الفضية لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس خارج السرب بكل ما للكلمة من معنى، مع تمكن البريطاني من خطف المركز الأول من زميله عند المنعطف الأول.
حيث من لحظة تصدره السباق، لم ينظر بطل العالم أربع مرات إلى الخلف وبرهن على علو كعبه على باقي منافسيه ليحقق الفوز الثالث له هذه السنة، في حين واصل فريقه تسجيل نتائجه الأفضل لها في تاريخ البطولة.
تأدية السهام الفضية لهذا الموسم وصلت لحدود بعيدة جداً، إذ تمكنوا ببساطة من الإطاحة بأحلام خصومهم، اللذين وباعترافهم لم يكونوا على حجم توقعاتهم المرجوة قبل انطلاق المنافسات.
هذا الأمر جعلنا نشهد أحد أكثر المواسم ابهاراً من جانب مرسيدس في الفورمولا 1، وما يجدر ملاحظته أن تفوق الفريق الألماني لم يكن في منحى معين دون غيره، كما كان متوقعاً قبيل بداية الموسم.
فمع بداية الحقبة الهجينة عام 2014، كان محرك مرسيدس وأداء هاميلتون اللافت أبرز نقاط التفوق، أما الآن فالوضع مختلف بشكل كامل، فالفريق يملك حزمة كاملة بدءاً من السائقين والسيارة (سواء في المحرك أو هيكلها) وصولاً إلى استراتيجية وتخطيط مسؤولي الفريق نفسهم. أمرٌ مثير للإعجاب بكل بساطة!
في الأعوام الماضية، تسائل العديد عن طريقة تصرف مرسيدس عندما تبدأ بخسارة سيطرتها على البطولة، إلا أن هذه السنة، ومع ضعف فريق فيراري الملحوظ، الجميع حظي بالجواب!
بعد كل ما رأيناه هذا الموسم، يمكن لنا مقارنة ما وصلت إليه الشراكة بين مرسيدس وهاميلتون إلى المستوى نفسه الذي وصلت إليه فيراري مع أسطورتها الألمانية مايكل شوماخر.
كما أن البعض يعتقد أن الفريق الألماني قد يكرر إنجاز فريق ماكلارين عام 1988، عندما حققت الحظيرة البريطانية الفوز بكامل سباقات ذلك الموسم باستثناء سباقٍ واحد.
رغم كل ذلك، يمكن لنا أن نرصد انتشار أراء سلبية وسط متابعي الفورمولا 1، خاصة بعد جائزة إسبانيا الكبرى، مع اعتبار البعض أن البطولة تفقد رونقها تدريجياً مع هذه السيطرة المطلقة لـ مرسيدس.
أمرٌ يمكن لنا فهمه، مع تكرار النتيجة كل سباق، سلسلة تبدو دون نهاية في المدى المنظور، مع معاناة كل من فيراري وريد بُل باللحاق والوصول لمستوى منافسهم الأساسي.
هذا الجدال ليس بجديد على الفورمولا 1، كانت هنالك المخاوف نفسها خلال حقبة سيطرة شوماخر على البطولة خلف مقود سيارة الفيراري، مع اختلاف بسيط في حالة مرسيدس، أن البعض ينسب جزءاً كبيراً من نجاح مرسيدس إلى تفوق السيارة من الناحية التقنية على باقي منافسيها بشكل كبير.
يمكننا القول إن هذه السيطرة كان سببها الرئيسي يكمن في قوانين الفورمولا 1، والتي وضعتها إدارة البطولة نفسها، حيث حكم الصانعون بأحكامهم، وللمال دور كبير في هذه المعادلة.
لكن في النهاية، مرسيدس فعلت كل ما فعلته منذ موسم 2012 تحت سقف قوانين البطولة، ومع إقرار الحقبة الهجينة بميزانية غير محدودة، فسحت الفورمولا 1 المجال أمام مرسيدس وفيراري لفعل كل ما يلزم لتحقيق الفوز.
دفع ذلك إدارة الفورمولا 1 إلى وجود رغبة لتصحيح هذه الحالة مع القوانين الجديدة في 2021، والجميع يأمل أن تحقق المرجو.
رغم ذلك، لا يمكن لأي متابع للبطولة سواء احترام مرسيدس على وصولها لهذا المستوى المذهل. بكل تأكيد، جميعنا برغب بمشاهدة منافسة بين مرسيدس وباقي الفرق على الفوز وألقاب البطولة، إلا أن ذلك ليس ذنب السهام الفضية، على حد تعبير هاميلتون، هم يقومون بعملهم، الأمر الذي يفرض علينا الإشادة بجهود كامل أعضاء الفريق من سائقين ومهندسين واستراتيجيين!