نظراً لكونها من الرياضات العالمية رفيعة المستوى، يجب على بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد العمل على ضمان إنجاح كل جولة بشكلٍ مذهل. هذا ما يعتقده إد سترو.
تعد جائزة سنغافورة الكبرى المقامة نهاية الأسبوع الحالي، إلى جانب جائزة موناكو الكبرى، من أبرز جولات البطولة المعروفة عالمياً من دون شك.
لا يعود سبب ذلك لتقاليد سنغافورة وإرثها في عالم رياضة المحركات، والذي يعود لعام 2008 فقط، ولكن لأن هذه الحلبة هي حلبة شوارع ويُقام السباق خلال الليل ما يُعطي مشهداً رائعاً لأضواء المدينة. هذه الصورة الرائعة تبقى في ذاكرة جميع الأشخاص.
ولكن إلى جانب جولات سنغافورة وموناكو، هل هناك عدّة سباقات أخرى تتميز بهذه المواقع المميزة، بدلاً من مجرد كونها حلبة لاستضافة إحدى جولات بطولة الفورمولا واحد؟
لا يمكن تقدير جهود الحلبة بحد ذاتها. وفي حال أردنا استخدام مصطلحات تسويقية، هناك عدد محدود من الحلبات التي تتميز بتسويق ممتاز وبإمكانها ترك أثر فريد من نوعه لدى كل متابع. كم هو عدد الحلبات التي تحتوي على منعطف أو روج الشهير مثلاً؟
تُعتبر بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد رياضةً فريدة من نوعها. وهي ضمن رياضات محدودة تزور مختلف أبقاع العالم على مدار العام.
حسناً، هناك بطولات لكرة القدم في مختلف أنحاء العالم، إضافةً لكأس العالم والبطولات الإقليمية مثل كأس الأمم الأوروبية أو كأس أفريقيا. ولكن كأس العالم يُقام مرة واحدة كل أربعة أعوام. في حين أن بطولة الفورمولا واحد مستمرة، وكل من يعمل في المجال التجاري يُدرك تماماً أن هذا أمرٌ إيجابي للغاية.
تعتبر الفورمولا واحد مختلفة عن بقية الرياضات، إذ أنها رياضة رفيعة المستوى بشكلٍ كبير، إضافة لأنها بطولة وحيدة تمتد في مختلف الدول والمناطق.
بالمعنى التجاري، ستفترض بطولة الفورمولا واحد أنها تقوم ببذل مجهود جيد لاستغلال هذه النقاط. إذ أن الرعاة لديهم فرصة تسويق منتجاتهم في الصين، الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا الغربية، البرازيل (وهي جميعها أسواق تجارية هائلة) في عامٍ واحد.
ولكن من دون شك، لا تعتبر المكاسب كبيرةً للغاية كما هو متوقع نظراً للإمكانيات الكبيرة المتوفرة. يبدو أن بطولة الفورمولا واحد تطرد الممولين، كما ولّا زمن تعاقد الفرق الكبيرة مع ممولين وشركاء يرفضون الارتباط ببقية الفرق.
ببساطة، لا تستغل بطولة الفورمولا واحد سمتها العالمية التي تتمتع بها عاماً تلو الآخر بشكلٍ كافي. كل الأحاديث عن قوة الفورمولا واحد التجارية تبدو مخفيةً وغير ظاهرة.
بالنسبة لمعظم الأشخاص، لا يعتبر مكان إقامة السباق مهماً للغاية. من دون شك، أي مشجّع مطلع يدرك وجود اختلافات كبيرة بين خصائص كل حلبة وسيكون متحمساً للغاية في حال مقارنة السباق على حلبة سبا فرانكورشان، مقارنةً بإقامته على حلبة مثل حلبة شنغهاي مثلاً.
يتعلق ذلك بما يجب على الفورمولا واحد القيام به في مجال إحساسها بمكان إقامة الجوائز الكبرى. التنوّع بالحلبات، أو حتى بخصائص الحلبات، أصبح مخنوقاً أكثر وأكثر نتيجة القوانين التي تتعلق بتصميم الحلبات، الجداول الزمنية، إجراءات الصعود على منصة التتويج، والتحضير للسباقات.
لا أقصد أنه يجب اعتماد حلول غريبة، وإنما مجرد إجراء تعديلات طفيفة سيكون كافياً. لعلّ أبرز مثال على ذلك استبدال بيريللي للتصميم التقليدي للقبعات التي تُعطى على منصة التتويج بتصميمٍ خاص برعاة البقر خلال جائزة الولايات المتحدة الأميركية الكبرى لعام 2012.
يملك الاتحاد الدولي للسيارات كامل الحق في فرض نظام معين، إذ أننا شهدنا زمناً كانت فيه سباقات الجوائز الكبرى فوضويةً للغاية، الأمر الذي أدى لتولّد العديد من المخاطر. إلا أن هذا لا يعني إلغاء ما يُميز كل فرد في الفورمولا واحد.
كان من الممكن ملاحظة التنوع بشكلٍ أفضل في السابق. كانت الحلبات متنوعةً ومختلفة للغاية، كما لم توضع إجراءات وقيود على احتفالات منصة التتويج. أو حتّى المعلومات التي كانت تظهر على الشاشات كانت محدودةً للغاية.
أما وجود النمطية في الوقت الحالي لا يُعتبر مميزاً على الإطلاق بالنسبة لبطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد. لننظر إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم والتي أُقيمت في البرازيل مؤخراً. الوسيلة الوحيدة لمعرفة المدينة التي تُقام عليها المباراة كانت عن طريق النظر للوحة الإعلانات التي تُشير اسم المدينة على جانب الملعب.
ولكن هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى أن الدول التي يمكن أن تستضيف مثل هذه البطولات أصبحت تشكك بالجدوى الاقتصادية الناجمة عن تحقيق ذلك.
على سبيل المثال، من المفترض أن تتقاسم عشرة دول ومدن أوروبية مختلفة استضافة كأس أمم أوروبا لسنة 2020.
السبب الرسمي لهذا القرار جاء نتيجة الصعوبات المادية في أوروبا، ولكن هناك العديد من الأسئلة التي طرحت إزاء جدوى استضافة بلد وحيد لمثل هذه البطولات. لمَ القيام بإجراء استثمارات هائلة في بطولةٍ لن تُظهر تميّز هذا البلد بشكلٍ واضح؟
وفي حين تقوم بطولة الفورمولا واحد بإجراء تحليلات معمّقة لفهم مشاكلها (مع إجراء أبحاث متعبة وغير مجدية من أجل فهم ما يجب القيام به، بغض النظر عن كيفية القيام بهذه الأمور) يُعتبر هذا المجال مجالاً آخر يجب على هذه الرياضة التحسين من أدائها فيه.
يجب إجراء تعهدات بديهية تتعلق بالتواصل مع كل موقع من مواقع جولات البطولة. من المرجح أن أي مختص في مجال التسويق سيكون مؤهلاً بشكلٍ أفضل للتوصل لحلول في هذا المجال. ولكن من دون شك، يجب التخلي عن محاولات إقصاء ما يُميز كل جولة.
من المفيد للغاية وضع بعض الأفكار الذكية، مثل تصميم حلبة شنغهاي بشكلٍ مماثل لإحدى الأحرف الصينية، لكن هذه الفكرة لا تتعدّى مجرد كونها ‘لمسة ذكية’.
لا أتحدث عن عرض فيديو مدته 30 ثانية عن أقرب مدينة من كل حلبة قبل بداية كل سباق، وإنما دمج ثقافة كل منطقة بالجولة ككل.
ليس من الضروري أن يتعلق ذلك بإيضاح الأنماط المختلفة للقوميات، بل أقصد احتضان والتشجيع على فكرة اختلاف الثقافات بين مختلف أنحاء العالم.
هناك بطولات، مثل جولة طواف فرنسا للدراجات الهوائية، تقوم بعمل ممتاز بخصوص إظهار البلدان التي تستضيف هذه البطولات. رغم أنها أحداث تتمتع بأفضلية التسابق عبر مختلف مساحات المدن والبلدات، إلا أن هذا المجال يجب أن تعمل الفورمولا واحد على تقديمه لعشرين مكاناً مختلفاً عالمياً في كل عام.
من دون شك، هذه أفكار بسيطة للغاية في حال تطرقنا للتسابق والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها البطولة، ولكن هذا المجال تم تجاهله من قِبل الفورمولا واحد بشكلٍ كبير رغم اتساع حدود الجوائز الكبرى.
كما يجب العمل على إقصاء الرأي السائد بأن بطولة الفورمولا واحد تزور أكثر من عشرة مواقف للسيارات عالمياً، مقابل وجود حوالي سبع حلبات مُعتبرة ويفضل الجميع متابعة الجولات الخاصة بها.
قد ينجم عن ذلك تأثيرات عرضية كبيرة إزاء تأسيس كل جائزة كبرى وجعلها حدثاً فريداً من نوعه بحد ذاته. على سبيل المثال، جائزة النمسا الكبرى للموسم الحالي، والتي استثمرت فيها ريد بُل كمّاً هائلاً من الأموال، جعلت بعض الجولات الأخرى تظهر بمظهر مخزي.
لربّما مع إجراء المزيد من الأبحاث، بإمكان سباقات الفورمولا واحد أن تُقدّم تجربة قيمة مقابل الأموال التي يدفعها المتابعون للقدوم إلى الحلبة؟ يُعتبر الموقع ثانوياً في هذا المجال.
من دون شك، تجاوزنا المرحلة الصعبة والتي تقضي بوجود روزنامة عالمية للبطولة. ولكن كما أصبح أمراً شائعاً، لا تستغل بطولة العالم للفورمولا واحد ما لديها بأفضل طريقة ممكنة.