توقّع الجميع أن يكون الموسم الجديد من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد مملاً للغاية بعد سيطرة هاميلتون على جولة أستراليا الافتتاحية، إلا أن إد سترو لن يقوم بإطلاق حكم نهائي على موسم 2015 منذ الآن. إذ يعتقد أن الأمور كافةً تعتمد على شخصٍ بإمكانه تغيير موازين القوى.
كما جرت العادة كل بضعة أعوامٍ، انهالت الانتقادات بعد نهاية جائزة أستراليا الكبرى من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد.
لم تكن هذه الجولة حافلةً بالأحداث، هذا أمرٌ واقع، ولكن في كل مرةٍ يكون فيها السباق الأول من الموسم مضجراً، تكون ردة الفعل قاسية للغاية حتّى وإن كانت هناك بعض القصص المثيرة التي تعد بزيادة التشويق في مراحلٍ لاحقة من الموسم.
الأمر الأساسي الذي يدفع للتشاؤم هو أن فريق مرسيدس يتمتع بأفضليةٍ كبيرة. لا يتحمل الفريق مسؤولية هذه الأفضلية، بغض النظر عن القوانين، إذ توجد دوماً فرصة لهيمنة إحدى الفرق بهذا الشكل. حتّى في السباقات كثيرة التعقيد، من الممكن أن يسطع نجم قوى مسيطرة.
حسناً، الجميع يريد معركة متقاربة بين عدة فرق على صدارة الترتيب، ولكن هذا الأمر نادر الحدوث في الفورمولا واحد. من الخطر للغاية افتراض أن سباقاً غير حماسي هو عبارة عن تأثير مباشر ناجم عن مجموعة من القوانين التقنية.
علاوةً على ذلك، من غير اللائق إطلاق حكم نهائي على الموسم بأكمله اعتماداً على سباقٍ وحيد. ففي نهاية المطاف، بعد السباق الافتتاحي لعام 2010 في البحرين، وهو الأول بعد حظر التزود بالوقود في السباق، كان التشاؤم يعم أوساط الفورمولا واحد بشكلٍ كبير.
ذلك الموسم شهد معركةً رباعيةً مذهلةً على لقب بطولة الفورمولا واحد وإن لم نشهد سباقاتٍ كلاسيكية عديدة على مدار الموسم.
وبشكلٍ مختصر، لا يجب إصدار حكم الإعدام بحق هذا الموسم منذ الآن. حسناً، فريق مرسيدس يمتلك أفضليةً كبيرة، ولكن لا يجب علينا أن نستخلص من ذلك أن لويس هاميلتون سيتمكن من الفوز في كل سباقات الموسم، وهو أمرٌ يقوم عديد من الأشخاص بافتراضه حالياً.
نحتاج لسيارتَين فقط من أجل الحصول على سباقٍ رائع، وبالتالي هذا ما يجب على نيكو روزبرغ القيام به، يجب عليه رفع مستواه وتشكيل تحدي كبير، ويجب أن يحصل ذلك ابتداءً من جولة ماليزيا المقبلة.
ونظراً لوضع هاميلتون الشبه مثالي في السباقات منذ ذلك الحادث المثير للجدل على حلبة سبا فرانكورشان العام الماضي، من السهل أن ننسى كم كان روزبرغ منافساً شرساً على لقب بطولة العالم للسائقين في عام 2014.
وفي حال تمكّن روزبرغ من تحويل انطلاقه من المركز الأول في عدةٍ جولاتٍ ليفوز في السباقات وينال 25 نقطة على الدوام، أو في حال مواجهة هاميلتون لمشاكل تقنية، كان من الممكن أن يتغلب الألماني ويخطف اللقب.
يستحق هاميلتون لقب بطولة العالم بالتأكيد، لكنني أريد إظهار أنه يجب على روزبرغ تحقيق مكاسب طفيفة في بعض المجالات الأساسية من أجل المنافسة بشكلٍ أقوى على لقب موسم 2015.
الأمر المشجّع أن روزبرغ سائق بارع في إيجاد طرق للتحسين من تأديته. يجب على هذه المهارات أن تكون حادةً للغاية خصوصاً وأن هاميلتون كان صاحب اليد العليا، وبفارقٍ مريح، في أستراليا.
سيتمكن روزبرغ من الفوز بسباقاتٍ في الموسم الحالي، ولكن في حال تمكّن من قلب موازين القوى في ماليزيا سيكون هذا الأمر ملحوظاً للغاية. فعلى هذه الحلبة تمكّن لويس هاميلتون من بسط سيطرته بشكلٍ مذهل العام الماضي عند مقارنته بزميله في الفريق.
في حال تمكّن روزبرغ من القيام بذلك، من الممكن أن يشكّل هذا الأمر أسس المعركة الكلاسيكية التي ستكون بانتظارنا بين الثنائي. تأدية هاميلتون مبهرة منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، ولعلّه تمكّن من تقديم أفضل سباقاته على مدار مسيرته الاحترافية منذ ذلك الحين.
ولكن كيف ستكون ردّة فعل هاميلتون في حال تعرض للهزيمة؟ لا أتحدث عن هزيمةٍ كتلك في سباق البرازيل من العام الماضي، عندما أدى خطأٌ في معايير ضبط انحياز المكابح لعبور روزبرغ في خط النهاية، ولكن في حال تعرض لهزيمةٍ قاسية من قِبل سائقٍ أسرع.
حسناً، لم يتعرض هاميلتون لهذا النوع من الهزيمة سوى في مراتٍ قليلة. من ضمن انتصارات روزبرغ الخمسة العام الماضي، جاءت بضعها فقط نتيجة معركة مباشرة مع هاميلتون.
ففي أستراليا، أهدت مشكلة محرك لويس هاميلتون الفوز لنيكو روزبرغ. في موناكو، وبغض النظر عن آرائكم بما فعله روزبرغ في الحصة التأهيلية، فإن هذه الحادثة حرمتنا من معركةٍ على مركز الانطلاق الأول.
في النمسا، أخطاء هاميلتون في القسم الثالث من الحصة التأهيلية أهدت روزبرغ أفضليةً تمكّن من المحافظة عليها، ونتيجة ارتكابه هذه الأخطاء تحت الضغط، يمكن اعتبار أن هذه المعركة كانت عادلة.
في ألمانيا، مشكلة المكابح التي واجهت هاميلتون في القسم الأول من الحصة التأهيلية أدت لحسم روزبرغ للفوز على الفور، وفي حين كان هاميلتون يطارد روزبرغ في البرازيل، نظراً لضغطه على زميله في المراحل الأخيرة من السباق، يمكننا الافتراض بأن انزلاق هاميلتون جعل حياة روزبرغ أسهل.
لا أريد أن أبدو وكأنني أقوم بإنكار خبرات ومواهب روزبرغ. تمكن من الانطلاق من المركز الأول عدة مراتٍ كما وضع نفسه في مراكزٍ للفوز في السباقات بشكلٍ مستمر.
لهذا السبب، فإن العامل الأساسي لما سيحصل هذا الموسم ينتظرنا يوم السبت. كانت تأدية روزبرغ في الحصة التأهيلية في جولة أستراليا مخيبةً للآمال، وبالتالي يجب عليه التغلب على هاميلتون في القسم الثالث من الحصة التأهيلية من أجل محاولة التغلب على بطل العالم.
بعد ذلك، كل ما يجب عليه القيام به هو المحافظة على أفضليته في السباق.
بعد جولة أستراليا، سيكون من الممتاز للفورمولا واحد إن تمكّن فريق فيراري من الفوز بسباقٍ. قد يأتي هذا الفوز من كلٍّ من السائقَين على حدٍ سواء، ففي حين تمكّن سيباستيان فيتيل من الصعود على منصة التتويج في سباقه الأول مع فيراري، كان كيمي رايكونن يقدم تأديةً جيدةً كما عهدناه في السابق.
بدأ سباقه بالتدهور عندما أُجبر على اتخاذ مسار واسع عند المنعطف الأول بعد الانطلاقة، ومن ثم بعد مشكلتين في توقفي الصيانة، إلا أن سرعته كانت موجودة. وبعد تأديته المخيبة للآمال في عام 2014، هناك العديد من الدلالات أن الفنلندي عاد لسابق عهده.
من الممتع للغاية مشاهدة رايكونن عندما تكون تأديته جيدة، ولكن هناك أوقات عدة تؤدي فيه متطلباته المتواصلة لمعايير ضبط السيارة لعدم استخلاص أقصى طاقاتها. ولكن يبدو أن سيارة فيراري لموسم 2015 مفعمة بالحياة بين يدي الفنلندي.
لم نحصل على العديد من المعطيات من أجل تحليل تأدية فيراري وويليامز النسبية. من المرجح أننا سنمتلك فكرةً أوضح في جولة ماليزيا.
نظراً لأن فالتيري بوتاس اجتاز الفحوصات الطبية بنجاح وسيشارك في هذه الجولة، وفي حال سارت الأمول على ما يرام بالنسبة لفيراري وويليامز، سنمتلك فكرةً أوضح عن الفريق الأقوى بعد نهاية سباق ماليزيا.
من الممكن أن تكون تأدية كل من فريقي ويليامز وفيراري متساوية، مع اختلاف نقاط القوة والضعف لكلٍّ منهما. هذه الوصفة مثالية من أجل الحصول على سباقاتٍ رائعة. تخيّلوا كم كان الموسم سيكون رائعاً في حال كانت تأدية فريق مرسيدس قريبةً منهما!
ولكن حتى إن انصاعت جولة ماليزيا للتوقعات التشاؤمية، هذا لا يعن نهاية الموسم. علينا أن نتذكر أن أول سباقَين من العام الماضي كانا مملين، لكنهما مهدا الطريق أمام موسمٍ لن يُنسى.
ومع إمكانية استغلال المفاتيح التطويرية من أجل تطوير المحركات إلى جانب وجود وقت طويل على نهاية الموسم، من الضروري التحفظ في إطلاق الأحكام النهائية.
بالتأكيد، ستكون ألقاب هذا الموسم من نصيب فريق مرسيدس، ولكن يجب أن يكون هناك نوعٌ من النسبية. وحتّى في عام 2012 عندما تمكن سبعة سائقين من الفوز بالسباقات السبعة الأولى، كانت هناك انتقادات أن البطولة أصبحت عشوائية ولا يمكن استيعابها أو التنبؤ بها.
بالنسبة لي شخصياً، أعتقد أن مشجعي الفورمولا واحد يحبون تلك العشوائية نظراً لعدم معرفة هوية الفائز عند انطلاقة كل سباق.
اتخذت الفورمولا واحد العديد من الإجراءات المتسرعة غير المدروسة في الماضي. ومع التخطيط لإجراء ثورة تقنية بحلول سنة 2017، من الضروري للغاية دراسة تأثيرات هذه التغييرات بشكلٍ دقيق.
من الضروري للغاية أن تستوعب بطولة الفورمولا واحد ما هي أفضل الخدمات التي يجب تقديمها للمشجعين، بدلاً من اتباع سياسات بحث بدائية.
يجب علينا أن ندرك، في الوقت ذاته، أن هناك العديد من الأمور الصائبة في الفورمولا واحد كما أن الأمور التي جعلت البطولة شعبيةً للغاية لم تتلاشَ بين ليلةٍ وضحاها. هذا لا يعني عدم وجود أية مشاكل، ولكن من الضروري اتخاذ القرارات التي تضمن التقدم في المسار الصحيح.
في حال تمكن روزبرغ من رفع مستوى تأديته في جولة ماليزيا، أو في حال اجتمعت الظروف لتهدي فوزاً لفريق فيراري أو ويليامز، أنا واثق من أن الأمور ستبدو أكثر إيجابيةً في صباح يوم الإثنين.
تحصل السباقات التي ‘يُخلّد ذكرها’ في الفورمولا واحد عندما لا تكون متوقعةً على الإطلاق. وهذا السبب من إحدى أسباب شعبيتها المستمرة.