لقد بدأت أوتوسبورت هذا الأسبوع إحياء الذكرى العشرين لوفاة السائق الأسطوري البرازيلي آيرتون سينا، ونستعرض في هذا المقال ذكريات إيان هاريسون المُدير السابق لفريق ويليامز.
“انضم آيرتون سينا لفريق ويليامز …”
لقد كان علي أن أقول هذه العبارة ذلك أني كُنت مُدير الفريق في ذلك الوقت، وكُنت أشعر بنوعٍ من الإثارة عندما سمعت هذه الأخبار. لقد شعرت بالخوف فعلاً، لأنه آيرتون سينا … حيث جاء إلى الفريق ولم يكن مشهوراً.
لقد شعرت بأنه قد يكون من الصعب علينا العمل معه – لقد كان جميع سائقي القمة مُتطلبين، ولكنه أمر تعودنا عليه. لقد كان لدينا في الفريق البريطاني نايجِل مانسل والفرنسي آلان بروست، ومع ذلك لم يكن يوجد شخص في الفريق يعرف بالضبط كيف سيكون الوضع مع سينا. وما يزال الأمر كذلك، نحن مُحترفون ونعرف ما كُنا نقوم به.
وعندما قابلته للمرة الأولى في مصنع ويليامز خلال فصل الشتاء، رُبما في بداية عام 1994. قام بجولةٍ قصيرة لخمس دقائق ليُحيي الفريق وكان هادئًا تمامًا ومُهذبًّا جداً. وهو الأمر الذي فاجئني على الفور حول شخصيته. كما كان هادئًا جدًّا. وكان مُباشرًا وعمليًا، رُبما ترون بأنه كان يُقيّم المكان لأننا كُنا مُختلفين عن فريقه السابق مكلارِن، حيث أمضى ست سنوات. لقد التف فريق مكلارِن حوله وكان عليه أن يبدأ مُجددًّا بنفس هذا الأمر، ولكننا كُنا مُصممين بأقصى استطاعتنا على جعله يشعر بأنه موضع ترحيبٍ بالغ.
لقد كانت العلاقة جديدة تمامًا في السباق الأول، وبعد فترة التجارب الأولى، حيث كُنا في غُرفة المُناقشات نطلع على جداول التوقيت. وقال دايفيد براون مُهندس السباق مع سينا شيئًا من قبيل “لقد كان سينا اللعين سريعًا هُنا وهُناك، أليس كذلك؟” ولم يكُن كلامه مُوجهًا لشخصٍ بعينه. ورمقه آيرتون الذي كان يجلس إلى جانبه بنظرة استفسار. واحمر وجه دايفيد وقال له: “آسف يا زميلي، هذه هي العادة”. وكان يسود جو جيد في المكان.
وبعد خُروجه عن المسار أثناء مُطاردته لمايكل شوماخر على حلبة إنترلاغوس البرازيلية، عاد إلى المرآب مع دايفيد براون. حيث اعتذر عن خُروجه من المسار وقال بأنَّ ذلك لن يحدث مُجددًّا. وأعتقد بأنَّ هذا لخصَّ بالفعل هذا الرجل.
وفي أثناء ذلك، كُنا نعمل في فريق ويليامز ودائمًا كان هُنالك ضغط علينا. وبعد إخفاقنا في إنهاء السباقين الأولين لموسم 1994 كان الضغط يزداد. ولم تكن الفكرة القائلة “دعونا ننتظر ونرى ما سيحدث” مطروحةً. كان علينا تغيير الأمور وأن نعمل بجد وجُهد. وبدا واضحًا بأنَّ هُنالك شيء غير صحيح في كل من سيارتي آيرتون سينا ودايمون هيل، وكان المُهندسون يعملون على تحديد ذلك الخطأ. وكان ذلك من مسؤولية كل من آدريان نيوي وباتريك هيد، تحديد الخطأ وتمكنا من معرفة أن هُنالك شيء ناقص وبأنها كانت تتعلق بالانسيابية الهوائية أو شيء من هذا القبيل. وكان هُنالك جو من الإحباط واندهشنا لأن السيارة لم تكن سريعةً على الرغم من أنه كان ينبغي أن تكون كذلك بحُكم الواقع.
لم تكن السيارة تفتقد للأداء تمامًا. حيث تمكن آيرتون من وضع السيارة في المركز الأول على شبكة الانطلاق في السباقين الأولين، ولكنه كان يُعاني ما إن تُضاء الأضواء الخضراء؛ وكان يبدو بأننا لا نتمتع بالزخم الكافي خلال السباق وانسحب آيرتون من السباقين الأوليين. وتمكنا من الصُعود إلى منصة التتويج لمرةٍ واحدة مع دايمون هيل، ولكن فريق ويليامز ليس من النوع الذي يُصاب بالذعر. وبدأنا بتحليل كل شيء بشكل صحيح ومنهجي ووضعنا بعض التحديثات في السيارة لسباق إيطاليا. وما إن وصلنا إلى حلبة إيمولا في نهاية ذلك الأسبوع حتى بدأ الجميع بالتطلع للنتائج.
وكانت فترة التجارب التأهيلية يوم الجُمعة جيدةً بالنسبة لنا. حيث حقق سينا زمن قدره دقيقة و 21.5 ثانية، وكان أسرع بفارق نصف ثانية من مايكل شوماخر بسيارة بينيتون؛ في ما حل دايمون هيل في المركز السابع. وذلك يعود لخطأ من دايمون حيث التفت السيارة على نفسها، ولا يُمكنني أن أتذكر كم كانت أحلام الفريق كبيرةً، ولكن الوضع لم يكن كذلك لدى الجميع. حيث تعرض البرازيلي روبنز باريكيلو سائق فريق جوردان لحادثٍ كبير عند مُنعطف فاريانتي باسا وفقد وعيه. كان ذلك حادثًا كبيرًا لكنه نجى منه وكانت الأمور تحصل بشكلٍ اعتيادي.
وفي التجارب التأهيلية ليوم السبت تعرض سائق فريق سيمتِك النمساوي رونالد راتزِينبِرغر لحادث، وكان ذلك بعد مُرور 20 دقيقة من التجارب الأخير في ذلك اليوم وفي تلك المرحلة لم يخرج آيرتون إلى الحلبة لتسجيل أي توقيت. وتمكن دايمون من إجراء بعض اللفات وتحقيق ثاني أسرع زمن في تلك الفترة، وهو ما كان كافيًا لوضعه في المركز الرابع على شبكة الانطلاق. ومن ثم رفعت الأعلام حمراء وبدأت الأخبار بالظُهور حول الحادث الكبير الذي تعرض له رولاند راتزِينبِرغِر.
وذهب آيرتون بنفسه ليرى ما حصل في حادث راتزِينبِرغِر كما ذهب أيضًا لزيارة المركز الطبي بعد ذلك. ورُبما تعتقدون بأنها كانت ردة فعلٍ غير اعتيادية، ولكن كان رجل يتمتع بشعور إنساني نبيل. ولم أعتقد بأن سينا سيفعلها ويذهب إلى مكان الحادث حيث كان هذا الأمر غريبًا لأنه كان رجل سباقات. لقد كان أفضل سائق. وكان رجلاً شغوفًا بسباقات السيارات والفورمولا واحد.
لقد كان مُهتمًا بالرياضة وكان يُريد أن يعرف ما الذي يحصل مع كل شخص. لقد كان مُنغمسًا في هذا وكانت هذه إحدى الطُرق التي يُعبر بها عن ذلك. وكان آيرتون في مُقدمة كل شيء ولم يكن من النوع الذي يخجل من قول ما يُفكر به، ومن ناحيتي أعتبر بأن هذا الأمر عظيم. وأعتقد بأن ذهابه إلى مكان الحادث ومن ثم ذهابه إلى المركز الطبي كان مُجرد تعبير عن طريقته في التعامل مع الأمر. لقد كان مُهتمًا بالسلامة ومعنيًا بشكلٍ كبير بالإنسانية. كان لديه وجهة نظر حول ذلك.
وصدمني شيء واحد حول ردة فعل سينا، ذلك أننا لم نكن نعرفه حقًّا – بل لم نكن نعرفه على الإطلاق. حيث كانت العلاقة معه مُجرد البداية لمعرفة هذا. كانت البداية للوُصول إلى مرحلة أنه إذا أراد شيئًا فإنه يأتي ويطلبه مني.
وأتذكر قبل سباق إيمولا، أن فرانك ويليامز سألني كيف تجري الأمور مع آيرتون سينا وقُلت له بأن الرجل جيد ولكن كُنت أتمنى أن يأتي ويتحدث معي إذا كان يُريد شيئًا ما. وهذا سبب وُجودي هُنا.
وخلال المراحل الأولى من الموسم، كان يأتي مُديره ويتكلم معي إذا كان هُنالك أي شي يُريده آيرتون وكان ذلك أمرًا يسير بشكلٍ صحيح بالنسبة له، وأعرف بأننا بحاجة إلى أن نبني تلك العلاقة الشخصية معه وبذلك نستطيع أن نُعطيه ما يُريد. رُبما تحدث فرانك إليه على انفراد خلال نهاية ذلك الأسبوع في إيمولا، حيث كان مُختلفًا. إذ سألني “هل يُمكنني الحُصول على هذا؟” و “هل يُمكنني أن نقوم بذلك؟” ولم يشكل ذلك أية مُشكلة.
وأتذكر أنه بعد حادث راتزِينبِرغِر، أن تشارلي مودي، الذي كان مُدير فريق سيمتِك في ذلك الوقت، جاء لرؤية آدريان. وأتذكر هذا كما لو أنه حصل البارحة. إذ كُنا نجلس غارقين في حُزننا وأعتقد بأنه كان يحتاج لشخصٍ ما ليتحدث إليه. وأتذكر أنه عاد إلى مرآبنا بعد ذلك وفكر “يا إلهي، لماذا كان على هذا الشاب المسكين أن يتعرض لمثل هذا؟”.
ولم نُشارك في التجارب التأهيلية بعد أن رُفعت الأعلام الحمراء. وقد تمكن مايكل شوماخر من تحسين زمنه ولكن ذلك لم يكن كافيًا لينتزع صدارة شبكة الانطلاق من آيرتون، بينما كان دايمون في الصف الثاني لشبكة الانطلاق. تعرضنا لصدمة يوم السبت بسبب الحادث، ولكن فريق ويليامز كان عبارة عن مجموعة من المُحترفين الذين ينهمكون في أعمالهم. وكانت تلك وما زالت طريقة الفريق للإعداد للسباق، وكانت الفورمولا واحد أقل تعقيدًا بكثير من هذه الأيام ومن المُمتع حقًّا تذكر كيف كان علينا أن نتحضر للسباقات. وفي صباح يوم الأحد، قُمنا بمُراجعة البرامج حيث لا يوجد مجال للخطأ في السباقات الحديثة. وعلى الأغلب كان الأمر كذلك “ننطلق مع انطفاء الأضواء، هُنا حيث نتفوق، دعونا نخوض السباق!”.
لقد ذهبت أنا وآيرتون ودايمون إلى اجتماع السائقين في مركز مُراقبة السباق ومن ثم ذهبنا على الفور إلى اجتماع المُهندسين. والهندسة كانت دائمًا في صميم عمل فريق ويليامز؛ وهذا كان جوهر عملنا. وتحدثت عن القواعد – عن أمور مثل “انتبهوا لمدخل منصات الصيانة”، “ولا تسيروا على هذا الخط أو ذاك الخط” وأمور من هذا القبيل. وكان من السهل علي تذكر هذه الأمور لأنها لم تكن تقريبًا مثل باقي قواعد الفورمولا واحد كما هي الآن في هذه الأيام. حيث ذهبنا لفترة التحمية ومرةً أخرى كان آيرتون في المركز الأول ودايمون في المركز الثاني. وكان كل شيء يسير بشكلٍ جيد.
وخلال فترة التحضير للسباق، قُمنا بإجراء تدريبات على التوقفات في مركز الصيانة لأنه كان العام الأول الذي يُسمح به بإعادة التزود بالوقود. وبينما كان الشباب يتدربون على ذلك، جلست أنا والمُهندسين دايفيد براون وجو راسل للعمل على بعض الحسابات النهائية حول توقفات التزود بالوقود. ولم يكن الأمر كما في هذه الأيام حيث عليك فقط الضغط على زر في الحاسب الآلي ويحتسب كل هذه الأمور لك. إذ كان علينا الإطلاع على نسب استهلاك الوقود من فترات التجارب التأهيلية ومن فترات التحمية ومن ثم الإطلاع على العوامل الأخرى التي كان علينا أخذها في الاعتبار والتي تتعلق بحلبة إيمولا. وفكرنا في أمور تتعلق في أي مرحلةٍ يتوجب على السائقين الرفع من وتيرة سباقهما، وكيف سيكون الطقس من أجل القيام بأمور مثل ذلك. كما شارك آيرتون ودايمون في اتخاذ هذه القرارات أيضًا، وتوصلنا إلى نتيجة كُنا جميعًا سُعداء بها.
كان لدي بعض البطاقات الصغيرة المطبوعة، وكتبت ما هي اللفات التي ستكون فيها منصات الصيانة مفتوحة ومن ثم ذهبت وسلمت البطاقات لكل عضو في فريق الصيانة في المنصات بحيث لا يكون هُنالك أي ارتباك. كما تضمنت البطاقات أيضًا كمية الوقود المُحددة التي يُريدها آيرتون ودايمون في سيارتهما. وأخيرًا، وقبل السباق، كان لدينا اجتماع للاستراتيجية بحيث يعرف كل شخص بالضبط كيف سيسير السباق. ومتى قُمت بذلك، فإن عليك أن يكون لديك درجة من المُرونة في حال حصل أي شيء أو تغير أي شيء خلال السباق وهذا ما اتفق عليه الجميع. وكل ما أتذكره بأن الأمور كانت تسير على ما يُرام للبدء بالسباق. ودائمًا ما تكون أيام السباق ضبابية وغير واضحة وعادةً ما أكون مُستعجلاً لارتداء ملابس عملي في بداية الأمر وذلك لأني أريد أن أعمل بشكلٍ صحيح حتى آخر لحظة من السباق.
وأحد الأمور التي أتذكرها هي أن الشُعور في منطقة الحظائر كان قلقًا بخُصوص مايكل شوماخر وإلكترونيات سيارته البينيتون. حيث كانت منطقة الحظائر تعج بجميع أنواع الشائعات والأقاويل حول نظام التحكم بالجر، والذي بدا بأنه سيكون أمرًا قياسيًا في ذلك الوقت. حتى آيرتون نفسه كان واثقًا بأنَّ هُنالك شيء مُختلف في سيارة مايكل شوماخر. وأنا أعرف ذلك لأنني كُنت سأجتمع به بعد الحادث الذي حصل في المُنعطف الأول في آيدا في سباق اليابان ومشينا إلى منطقة المنصات سويًّا.
كما كان آيرتون سينا أيضًا خاضعًا لفترة الحظر بسبب ضربه لإيدي إيرفاين بعد سباق سوزوكا في العام الذي سبقه، لذا اعتقدت أنه سيكون من الأفضل أن أذهب وأجده بعد حادث التصادم عند مُنعطف آيدا كي أتأكد من عدم حُصول أي شيء آخر.
وعندما وصلت إليه، كان يسير في طريق العودة هادئًا. حيث توقفنا لدقيقتين من أجل مُعاينة القسم المُحدد. وأخبرني آيرتون بأن هُنالك شيء مُختلف في سيارة شوماخر. ولا أعرف إن كان هُنالك شيء حقًّا أم لا، ولكن آيرتون كان مُتأكدًّا تمامًا بوجود شيء ما مُختلف. وفي صباح يوم السباق في إيمولا، قابلت ريتشارد ويست، والذي كان يعمل مُديرًا تجاريًا في فريق ويليامز، من أجل الحُصول على آلة تصوير فيديو ووضعناها على سقف المرائب من أجل تسجيل بداية شوماخر وأن نرى إذا ما ترك خلفه خُطوطًا سوداء وغامقة على الإسفلت، كما تتوقعون.
وكان الجميع واقعيًا جدًّا حول سباق ذلك اليوم، وبالفعل ألقى حادث راتزِينبِرغر بظلاله القاتمة والحزينة على منطقة الحظائر، ومن ثم كان هُنالك حادث كبير في بداية السباق عندما كانت انطلاقة الفنلندي جاي جاي ليهتو (زميل شوماخر في فريق بينيتون) والذي تأهل في المركز الخامس بطيئةً جدًّا بحيث اصطدم به البُرتغالي بيدرو لامي سائق فريق لوتُس من الخلف وتطايرت الشظايا حتى وصلت للمُدرجات، وتأذى المُشاهدون وتطايرت الشظايا في كل مكان. والتفت إلى أحدهم في المرآب وقُلت له أعتقد بأن كامل اليوم سيكون عبارة عن سباق عربات. وفجأة حصل الحادث وسمعنا صوت التصادم العالي ودبت الفوضى في كل مكان.
وكُنت الرجل الذي يحمل لوحة الإرشادات بيده في ذلك اليوم، كما كُنت دائمًا. وبالتأكيد كُنا في فريق ويليامز نوظف أفضل المُوظفين وكان علي القيام بهذه المُهمة تحديدًا في ذلك اليوم. ولم أمانع – حيث أردت القيام بذلك. لقد كُنت الأخير من المدرسة القديمة وهذا يعني أني كُنت مسؤولاً عن السماح للسيارة بالعودة إلى السباق، ولم يكن هُنالك في تلك الأيام تحديد للسُرعة في منطقة منصات الصيانة، بحيث يتم فرض غرامات لذلك.
كما كان هُنالك أيضًا حُضور لجون راسل وباتريك هيد ودايفيد براون على جدار المراقبة على الجانب الآخر من منصات الصيانة. وما هو العمل الذي أقوم به هُنا ويُعتبر جُزءًا من العمل الذي يجري هُنالك؟، وكانوا من أفضل الأشخاص في مجال عملهم في ذلك الوقت، لذا قُمت بإدارة الجُزء المُتعلق بمنصات الصيانة. وبذلك يُمكنني التأكد من تزويد الوقود بطريقةٍ صحيحة، وبذلك نكون جاهزين للعودة للسباق، وهكذا كانت الأمور تجري على يُرام في منصات الصيانة. وتعوّد فرانك على أن يُصعب حياتنا إن لم نكن سريعين بما يكفي في وقفات الصيانة، لذا ركزت كثيرًا على مُحاولة تحسين هذا الجانب في الفريق. وكان ذلك مُهمًا جدًّا. ليس إلى المُستوى الذي أصبح عليه الوضع الآن، لكنه كان حيويًّا.
وقد خرجت سيارة الأمان بعد حادث الاصطدام في بداية السباق. حيث تم وضع هذه القاعدة في كتاب قواعد الفورمولا واحد مُنذ 12 شهرًا فقط، واستُخدمت سيارة الأمان لمرتين فقط سابقًا، لذا كان المشهد العام بأكمله جديدًا للجميع وكانت عملية تبديل الإطارات والصيانة بنفس أهمية حسابات استهلاك الوقود للسباق. حيث كان علينا التفكير في مكاننا لفترة قصيرة ولكن ليس لوقتٍ طويل، وتمت إعادة انطلاق السباق بعد خمس لفات. وكُنت مُتواجدًا في منصات الصيانة أراقب الوضع على الشاشة. وتمكن سينا من الحفاظ على الصدارة أمام شوماخر لغاية اللفة السابعة عند دُخولهم لمُنعطف تامبوريلو.
لقد شاهدنا صور شاشات التلفزة …. وفي حقيقة الأمر كان لدينا بث مُتلفز حي ومُباشر وشاهدت الصورة حيث اختفت السيارة خلف الجدار. ولم أرها بشكلٍ مُناسب لأن مكان التصوير كان في الجهة الخلفية عند مُنعطف توسا. ولم أتمكن من رُؤية التأثير الحقيقي ولكني تمكن من رُؤية الشظايا تتطاير وبقية الأجزاء الأخرى. ومن ثم كان هُنالك لقطة أخرى لآلة التصوير عن الحادث وقُلت في نفسي على الفور “إنه حادث كبير”. لقد شهدنا بعض الحوادث الكبيرة عند ذلك المُنعطف مثل حادث البرازيلي نيلسون بيكيت عام 1987 وحادث النمساوي غيرهارد بيرغر عام 1989 على سيارة فيراري. وتمكن السائقان من الخُروج من السيارة.
وأتذكر أني كُنت أنظر إلى الصُّور وبعد حوالي 10 ثواني بدأت بالقول “تحرَّك، تحرَّك”. وشاهدنا آيرتون يرتعش داخل السيارة وهو ما اعتبرناه تحركًّا. لذا كان هُنالك أمل. من ناحيةً مبدئية. ومن ثم لم يحصل شيء. لقد توقف تمامًا. وكان من الواضح وجود مُشكلةٍ ما ولكن لم يعرف أحد مقدار خُطورتها.
ومن ثم أوقفوا سباق الجائزة الكُبرى وذهبت لمركز مُراقبة السباق. ومشيت على طول منطقة منصات الصيانة من المكان الذي يتواجد فيه الفريق في مُنتصف المنطقة، ذلك أننا كُنا أبطال العالم ولدينا المرآب الأكبر. وطوال فترة سيري بدأت أدرك أن ذلك لم يبدو جيدًّا جدًّا، ربت أحد الشباب على كتفي، وأعتقد أنه كان من فريق آروز أثناء مُروري بجانبه. ولم أدرك ذلك في تلك اللحظة ولكن الأمر جعلني أفكر. لقد بدأت أدرك كم مدى خُطورة الوضع.
دخلت إلى مكتب المُوظفين الرسميين وكان الهلع سيد الموقف. كان يُمكن للمُوظفين أن يُدركوا بأنَّ هُنالك شي كبير لم يتم الكشف عنه. كان هُنالك الكثير من الكلام باللغة الإيطالية المُشوهة؛ وكان الناس يتحدثون بسرعةٍ عاليةٍ جدًّا ولم يكن الأمر مُنظمًّا كما هُو الآن. وكان الأمر كله مُختلفًا قليلاً في إيمولا. ومن دون إهانةٍ للرجال هُناك، ولكن كان هُنالك حادث كبير في ما كان الهرج والمرج سيد الموقف هُناك.
وكُنت هُناك على تواصل مع الفريق عبر جهاز اللاسلكي، ذلك أن دايمون اصطف على شبكة الانطلاق من أجل إعادة السباق مُجددًّا وكان الفريق بحاجة لأن يعرف ما الذي يحصل. وبعد عدة دقائق وصل بيرني إيكليستون إلى مركز مُراقبة السباق ونظَّم الأمور. حيث تحدَّث إلى الجميع، ورتبَّ الأمور في المركز. وأصبح النُقطة المحورية لجميع الأمور. والتفت إلي وكان الجو مشحونًا بعض الشيء وقال لي: “ما الذي تفعله هُنا؟” وأخبرته بأني جئتُ لهُنا لأرى ما الذي حصل لسائقنا ومن ثم التف وأكمل ما كان يقوم به. لقد نظم الوضع وكُنت آمل بأنه سيكون “هادئًا بعض الشيء” ولكنه لم يُجبني. ومن ثم تركني هُناك، وكان الأمر جيدًّا.
وما أن جاءت بعض التقارير غير الرسمية حول وضع آيرتون والتي قالت بأنه كتفه مكسور وبأنه غائب عن الوعي، وأمور أخرى ضمن التقارير. والتي جاءت من أحد الأشخاص في بُرج المُراقبة والذي كان يُمكنه التكلم بالإنجليزية. وحالما سمعت ذلك قررت العودة إلى الفريق لأنني كُنت أريد أن أخبر فرانك بما حصل. وأخبرته بأنَّ التقارير تقول بأن آيرتون بحالةٍ جيدةٍ من ناحيةٍ أولية على الرغم من أني سمعت هذا من طرف ثالث.
وفي نفس الوقت، كان باتريك وآدريان يعملان على التحقق من البيانات القادمة من السيارة، في مُحاولةٍ لمعرفة ما حصل، وفي تلك اللحظة، كانت هُنالك صورة لعمود المقود على الفتحات الجانبية لسيارة آيرتون. وتحققا بشكلٍ صحيح من البيانات وأخبرا دايمون بأنه لا يُمكنهما رُؤية أي خطأ جوهري مع سيارته.
وفي نهاية المطاف تم جلب سيارة آيرتون إلى المرآب. وحجزها المُوظفون، ولكن أحدهم، وأنا لا أعرف من هو هذا الشخص، أصر على أنه يُمكننا سحب البيانات من السيارة – أو على الأقل الحُصول على ما يُمكننا استخراجه لأن السيارة تحطمت من ذلك الجانب. وكُنا قادرين على سحب بعض البيانات منها؛ ولم تكن كمية البيانات كبيرةً، ولكن حسب ما فهمته كانت كافيةً لأن أقرر أنا ودايمون الاستمرار في الجُزء الثاني من السباق، وكان ذلك قرار رجلٍ عظيم.
عُدت إلى مكتب المُنظمين ولكن لا يُمكنني أن أتذكر تمامًا أي شيء حول السباق من تلك اللحظة وما تلاها. وأمضيت مُعظم الوقت في مركز مُراقبة السباق حتى أعرف ما الذي حصل من الناس هُنالك. وعرفت في تلك المرحلة بأنَّه تم إسعاف آيرتون بواسطة طائرة مروحية، وبالتأكيد كان الجميع يتمنى حُصول أفضل شيء. واعتقدنا بأنه قد تعرض لإصابات، ولكن ما مدى خُطورتها.
وبعد مُرور بضعة لحظات في مركز مُراقبة السباق، استُدعيت إلى الغُرفة الجانبية الصغيرة في المركز وكان هُنالك مُحامي إيطالي يتكلم بلغة إنجليزية جيدة. وأخبرني عن حقيقة الوضع، وأخبرني بأنَّه قد تُوفي في المُستشفى.
تم التعامل مع الوضع في إيطاليا على أنه حادث طريق وفجأةً أصبحت الشخص “المسؤول” عن الحادث بنظر القانون … وكان علي توقيع الكثير من الأوراق … وكان المُحامي جيدًّا وقام بجميع هذه الأمور معي. وكان الوضع غامضًا جدًّا …. كان علي الذهاب والحُصول على جواز سفري، والذي أخذوه مني لاحقًا. وأخيرًا أعادوه لي وكانوا جيدين معي من جميع النواحي. وكان الناس على الحلبة جيدين ولكن الأمر استغرق بعض الوقت للمُضي في جميع الإجراءات.
وفي الوقت الذي عُدت فيه إلى المرآب، كان أعضاء طاقم فريق ويليامز قد عاد إلى الوطن جوًّا ولم يبقى سوى أنا وبعض الشاحنات، ووضبنا المعدات ونقلناها وذهبت لرُؤية النمساوي كارل هاينز زيمِرمان [المُتعهد لدى بيرني إيكليستون] وكان قرب منطقة الحظائر وكُنا مُنسجمين بعض الشيء لأنه كان يُمكنني الحديث بنفس اللغة.
وكان جالسًا في مقصورته الصغيرة ومُنزعجًا جدًّا، ولكنه تناول بعض الكُحول أثناء تواجده هُناك. وكان رجلاً جيدًّا. واستمر في القول لي: “هيا يا إيان، عليك أن تشرب”. أتذكر أنه قال ذلك ولكني لم يكن يتوجب علي شُرب الكُحول لأنَّ الشباب كانوا ما يزالون يعملون على توضيب الأشياء وكان يتوجب علي فعلاً التواجد هُناك لدعمهم. والتأكد من أنهم بخير وأعتقد أني كُنت أسير على غير هُدى.
ومن ثم بتنا ليلتنا في فاينزا وكان الناس في الفُندق لطيفين. وتمكنت من حجز أماكن لباقي أفراد طاقم العاملين في فُندق في إيمولا لليلة بدلاً من الذهاب للمطار، ولم تكن هذه المهمة سهلةً في تلك الأيام قبل ظُهور الهواتف الجوالة والإنترنِت. حيث تأخرنا جميعًا على الرحلة الجوية وذلك بسبب تأخرنا نحن عنها. وأعتقد بأننا كُنا ستة أشخاص تقريبًا، لذا خرجنا لتناول البيتزا. وعندما عُدنا إلى الفُندق، تمكنت من التواصل مع أن برادشاو التي كانت تشغل منصب العلاقات العامة لدى فريق ويليامز. وكانت في المطار وأخبرتني بأنهم سيتدبرون أمر توفير غُرفة جانبية لأفراد طاقم العاملين كي لا تعترضهم الصحافة وأي شيء آخر وبذلك يتمكن الشباب من العودة إلى المملكة المُتحدة من دون أية مشاكل.
وفي وقتٍ مُبكر من صباح اليوم التالي اتصل بي أحد المُحامين وقال لي بأنه آتٍ كي يأخذني إلى المشرحة. ولم أعرف لغاية الآن لماذا أرادوا مني الذهاب إليها، ولكني قُمت بما قاله لي. وعندما وصلت للمشرحة كان هُناك جوليان جاكوبي مُدير أعمال آيرتون سينا وكان هُنالك أيضًا أحد الأشخاص من طرف فاريغ إيرلاينز وإحدى الشركات الراعية لسينا. واتضح لي بأنهم رتبوا جميع الأمور وبأن جميع الأمور تحت السيطرة. وسألني مُوظفو المشرحة عما إذا كُنت أريد أن ألقي بنظرة على جُثمان سينا، ولكني قُلت لهم لا ….. سويت جميع الأمور مع جوليان. وركبت بسيارة أجرة إلى المطار. وأخيرًا ركبت الطائرة عائدًا إلى بلادي.
وصلت إلى مطار هيثرو ولم يكن هُناك أي شخص. وعادةً ما يكون هُناك شخص ما لكي يُقلني إلى المنزل ولكن لم يكن هُنالك أحد في ذلك اليوم، وبالتالي ركبت سيارة أجرة وغادرت مطار هيثرو إلى ديدكوت. وكانت الأجرة مُرتفعةً جدًّا. ركبت في السيارة، وكان السائق سائق سيارة أجرة لندني عجوز وكان تقليديًا وجيدًّا. حيث نظر إلي وإلى حقائبي وعرف أني من فريق ويليامز. وقال لي: “مرحبًا يا صديقي، لقد كانت نهاية أسبوع صعبة”. وأجبته تلقائيًا: “نعم، نعم، لقد كانت كذلك”، وأخبرني بأنَّ لديه في السيارة الصُحف اليومية إذا كُنت أرغب في قرائتها. وقرأت تقارير الصُحف في طريق عودتي للمصنع. وكُنت أفكر فقط في أن الموقف بأكمله كان حزينًا. لقد كان موقفًا حزينًا بالفعل.
وعندما عُدت إلى مصنع الفريق في شارع باسيل هيل في منطقة ديدكوت، كان الأمر مُذهلاً. حيث تجمع هُنالك حوالى 200 شخص قًرابة الساعة الرابعة عصرًا. وكانت بوابات المصنع الأمامية مُغطاةً بالزُهور. ولم أرى شيئًا مثل هذا من قبل. وفي الحقيقة كان علي الخُروج من سيارة الأجرة كي أزيح جميع الزُهور بحيث يتمكن رجل الأمن من فتح البوابات والسماح لي بالدخُول. ومن حُسن حظي لم يعرف أي شخص من أكون.
دخلت إلى المصنع ولم يكن هُنالك سوى باتريك هيد. وفي العادة يكون الجميع هُنا للتحضير للسباق القادم، ولكن المكان كان مُغلقًا تقريبًا. وعلى الرغم من أني كُنت ما أزال غير مُدرك للوضع، إلا أنني بدأت أدرك أني كُنت في أرض الوطن وبأنني ذهبت إلى مصنعٍ مهجور.
وكان الأمر غريبًا بعض الشيء. ولغاية وقت لاحق، كُنت أقوم بعملي فقط، ومن ثم بدأت بالخُروج من الحالة التي كُنت فيها. وسألني باتريك كيف جرت الأمور بعد أن غادر الفريق إيطاليا وأخبرته بأنه تمت تسوية جميع الأمور. ولم يكن الأمر كذلك حتى عُدت للمنزل وخرجت زوجتي وأولادي للقائي عند الباب الأمامي وانهرت تماماً.
ومن ثم ذهبت للعمل في الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي. وجاء بيتِر جوودمان مُحامي الشركة وأخذ إفادات من الجميع حول ما الذي يُمكنهم تذكره من نهاية الأسبوع المُؤلمة. ووفرت الشركة المشورة للجميع ولكن لم يأخذها أي شخص. ووصلت سيارة الفريق الاحتياطية [سيارة تُستخدم للتجارب وكسيارة احتياطية] وسيارة دايمون يوم الثُلاثاء وفي صباح يوم الأربعاء عاد الجميع وبدأن بالتحضير للسباق القادم.
وفي مساء يوم الخميس قام فريق ويليامز بإجراء تجارب على الأجهزة وحاول إعادة حادث سينا اعتمادًا على البيانات التي تمكن من الحُصول عليها من سيارته. وحاولوا مُحاكاة عطل ميكانيكي، ومن ناحية فهمي للأمر، لم يتمكنوا من الحُصول على نفس نتيجة البيانات التي استخلصوها من السيارة.
وكُنت مصراً على فكرة أن هذا حصل لأنه وخلال المرات الأولى التي استخدمت فيها سيارة الأمان؛ كان ضغط الإطارات مُنخفضًا، وكانت السيارة تسير بسُرعةٍ مُنخفضة بكل الأحوال وكانت مليئةً بالوقود. ولو نظرنا إلى الصور التي التقطت من على سيارة فريق بينيتون التي قادها مايكل شوماخر فإنه يُمكنكم رُؤية أن أسفل السيارة أصبح في وضعٍ سيءٍ جدًّا مُنذ أن تمت إعادة بدء السباق. ورُبما كان الأمر مزيجًا من جميع هذه الأمور التي تسببت بحادث الاصطدام. لستُ مُهندسًا ولكني أعتقد بأن هُنالك شيء خرج من أسفل السيارة وبالتالي فقد آيرتون القسم الأمامي من سيارته.
وبعد سباق إيمولا ذهبنا إلى سباق جائزة موناكو الكُبرى مع سيارة واحدة فقط. ولم يرغب أي شخص، وأعني هُنا أي شخص بالفعل، بحُضور السباق. ومن بين جميع السباقات التي كان علينا خوضها كان علينا الذهاب إلى سباق جائزة موناكو – وهو السباق الأصعب من الناحية اللوجيستية على جدول السباقات. وكان على الفريق شحن 10 أطنان من المعدات إلى منطقة المرائب كل صباح ومن ثم شحنها مُجددًّا كل ليلة للعودة بها إلى المخازن. وكان ذلك عملاً مُريعًا.
وفي يوم الجُمعة خرج السائق النمساوي كارل ويندلينغر سائق فريق ساوبِر لخوض التجارب واصطدم في نهاية الحواجز وأصيب بإصاباتٍ بالغة. ولمواساة الشباب، ذهب طاقم فريق ويليامز لتناول العشاء مع رجال فريق ساوبِر – وفعلنا ذلك عن قصد كما أعتقد. حيث جلسنا في خيمتهم وحاولنا الحديث معهم ودعمهم ذلك أننا عانينا من نفس الظروف الصعبة قبل أسبوعين. هكذا كان فريق ويليامز وهذه كانت نوعية الناس الذين يعملون في الفريق. كانت لفتةً لطيفة.
وكان الجو العام في المكان حزينًا. وأتذكر أنه في اجتماع السائقين بأن المُتواجدين في الاجتماع تحدثوا على المُنعطف الأول واحتمالية حُصول حادث هُناك. وسهوت قليلاً خلال الاجتماع. وقُلت بأنه يجب علينا بدء السباق خلف سيارة الأمان لأن هُنالك مخاوف من حُصول حوادث عند مُنعطف ساينت ديفوت. وأذكر بأن النمساوي غيرهارد بيرغِر سائق فريق فيراري قال لا وخُضنا نقاشًا يُمكنني أن أصفه بأنه كان “صريحًا وكاملاً” حول هذا الموضوع. وبالعودة إلى الوراء، أعتقد بأن العواطف قد ظهرت.
وخرج دايمون من السباق في اللفة الأولى حيث تعطل نظام التعليق الأمامي بعد اصطدام بسيارة فريق ماكلارين التي كان يقودها الفنلندي ميكا هاكينِن. وعلى الفور وضب االعاملون المعدات وجلست في مقر الفريق، وشربت الجعة مع باتريك هيد والمُهندسين. ولم نُشاهد السباق. وأتذكر بأنَّ باتريك التف إلينا وقال “تبًّا، هذه الأشياء مُزعجة” [يقصد السيارات]، ولم يرغب أي شخصٍ منا بالبقاء هُناك. كانت نهاية أسبوع صعبة حتى تمضي وخرج دايمون مُبكرًا ولم يمر علينا أسوأ من هذا.
وعندما ذهبنا إلى سباق برشلونة، وكان السباق الخامس في الموسم وعُدنا إلى كامل قُوتنا وانضم إلينا الأسكتلندي دايفيد كولتارد لقيادة السيارة الثانية للفريق. وكان سباقًا رائعًا حيث تمكن دايمون من الفوز به. وتعطلت عُلبة التُروس في سيارة الألماني مايكل شوماخر وعلقت عند النسبة الخامسة في مُعظم أوقات السباق بل يُمكنكم أن تروا بأن الرجل كان في طريقه للتميز – ولكننا لم نهتم للأمر. لقد فُزنا بالسباق. وقد تمكن فريق ويليامز من إنهاء السباق في المركز الأول وكان السباق عبارة عن زخم مُستمر. وبعد ذلك بدأنا بأن نكون مُنافسين. وهو ما يُعتبر نتيجةً عظيمةً بالنسبة لنا.
لقد حصلت على شريط مُصور من رينو حيث تم التقاطه من آلة تصوير كانت مُثبتة على الجهة المُقابلة من حائط منصات الصيانة. وعندما اجتاز دايمون خط النهاية، التقطت آلة التصوير صورتي أنا وآدريان نيوي وجون راسل ودايفيد براون. وفيها يُمكنكم أن تروا بأن آدريان نيوي قد أغمي عليه بسبب فرحه الكبير – علي القول هُنا بأنه تحسن أسرع مني. وكان علي الصُعود لمنصات التتويج مع دايمون هيل لاستلام كأس الفوز للمُصنعين. وهو امتياز عظيم بصفتي مُدير فريق ويليامز لذا صعدت واستلمت الكأس. وارتديت نظارة راي بان شمسية لأني كُنت مُرتبكًا. ولم أرغب في أن يرى الناس الحالة التي كُنت بها.
وحافظت على شُعوري بأننا عُدنا إلى مُستوانا وكانت السيارة جيدةً جدًّا. وبدا كأننا رأينا ضوءًا في نهاية نفقٍ مُظلم. وبعد أن صعدت إلى المنصة لاستلام كأس المُصنع الفائز، عُدت إلى الفريق، وذهبت على الفور إلى المرآب وأطلقت صرخةً عالية. وصلت إلى مرحلة أن هُنالك بعض الصبية الذين أخبروني أن أتماسك وأن أكون أقوى، ولكن بعد كل هذا تمكنا من تجاوز هذا ولم أتمكن من المُساعدة في ذلك.
ومن المُمتع أن أتذكر كيف كانت مشاعري عندما شاهدت حادث اصطدام في الفورمولا واحد. حيث جعلني ذلك أجفل حقًّا، ويعود بي هذا الأمر على الفور إلى نهاية الأسبوع تلك في إيمولا. مع آيرتون حيث كُنا قد بدأنا للتو بفهمه، بدأنا نرى كم كان يعمل بجهد وكم كان مُصممًّا في عمله. وأنا واثق تمامًا بأننا كُنا سنفوز بلقب العالم لموسم 1994 لو لم يفارق الحياة في نهاية الأسبوع تلك.
ومثلما قُلتُ، لقد كُنت حزينًا للغاية. وهل تعرفون بأنه أحد أكبر الأمور التي أشعر بالأسى حيالها؟ ولم يكن لدينا الوقت لنعرف آيرتون سينا حق المعرفة.
تحدث إيان هاريسون مُدير فريق ويليامز السابق لمُراسلنا مات جيمس.