كارلوس ساينز، سائق فريق فيراري في بطولة العالم للفورمولا 1. علينا أن نعتد على قول ذلك في موسم 2021. وفي حين أن ساينز يستحق هذه الفرصة المذهلة، إلا أن مسيرته كانت مليئةً بالتقلبات وصولاً إلى هذه المرحلة.
اقرأ أيضاً: فريق فيراري يؤكد انضمام كارلوس ساينز في 2021!
بدأ ساينز مسيرته في سباقات المقعد الأحادي ضمن برنامج فريق ريد بُل لتطوير السائقين الشباب، لكنه لم يكن من “الأكثر تقديراً” ضمن هذا البرنامج.
في الواقع، حتى بعد فوز ساينز بلقب سلسلة فورمولا رينو 3.5 في 2014، إلا أنه كان هناك “نجم” آخر ضمن برنامج ريد بُل، ألا وهو ماكس فيرشتابن، الذي حصل على فرصة الانضمام إلى تورو روسو في الفورمولا 1 لـ 2015.
بينما بالنسبة لـ ساينز، فإنه لم يحصل على فرصته للانضمام إلى تورو روسو إلا بعد قرار فيتيل بالرحيل عن فريق ريد بُل، وترقية دانيل كفيات من تورو روسو إلى ريد بُل في 2015.
أثناء فترة مزاملة ساينز لـ فيرشتابن ضمن صفوف فريق تورو روسو، لم يكن هناك فارق كبير في مستوى الأداء، ولكن كان الانطباع باستمرار بأن التفوق لـ فيرشتابن، وأنه السائق الأفضل. كان يمكن تفهّم ذلك، نظراً لوجهة نظر ريد بُل بأن فيرشتابن هو نجمهم المستقبلي الذي يريدون بناء الفريق حوله.
اقرأ أيضاً: ساينز يتفهم تخوف السائقين من مزاملة فيرشتابن
لكن في الوقت ذاته، هذا الأمر أساء بسمعة ساينز، الذي كان يخاطر بأن يصبح مجرد “سائقٍ ثانوي” متواجد في فرق متوسط الترتيب باستمرار، دون القدرة على التألق أو إثبات قدراته في الفورمولا 1.
في المراحل الأخيرة من موسم 2017، عندما كانت هناك “معضلة” بخصوص صفقات المحركات بين تورو روسو / رينو / ماكلارين / هوندا، كان ساينز ببساطة جزءاً من تسويةً، حيث قرر فريق ريد بُل إعارة سائقه الإسباني إلى فريق رينو في السباقات الأخيرة من ذلك الموسم، وطوال موسم 2018 أيضاً.
رغم أن ساينز كان ضمن برنامج ريد بُل في 2018، أثناء مشاركته مع فريق رينو، إلا أنه بدأ بعض الشيء بإظهار ما بإمكانه تحقيقه. في ذلك الموسم، كان بإمكان ساينز تسجيل النقاط في 13 سباق. كما أنه تواجد ضمن مراكز النقاط، المراكز العشرة الأولى، لستة سباقاتٍ متتالية، وهو ثباتٌ جيد في مستوى الأداء بالنسبة لفريقٍ مثل رينو يواجه معركةً محتدمةً في متوسط الترتيب.
كانت تلك أول مرةٍ يتمكن فيها ساينز من تسجيل نقاطٍ في سباقاتٍ متتالية بهذا العدد، وكانت تلك أولى بوادر تأكيده على أحقيته بالتواجد في الفورمولا 1 قبل أن تواجه مسيرته خطراً مجدداً ممثلاً بانضمام دانيال ريكاردو إلى رينو لمزاملة نيكو هولكنبرغ، ما ترك ساينز بدون مقعدٍ لفترةٍ وجيزة.
ولكن بعد ذلك حصل ساينز على فرصته الكبيرة: الانتقال إلى فريق ماكلارين، والخروج من مظلة ريد بُل بالكامل. أصبح ساينز الآن سائقاً مستقلاً، وانضم إلى الفريق البريطاني لمزاملة لاندو نوريس في موسم 2019.
بداية الموسم كانت مضطربةً بالنسبة لـ ساينز، ولكن بعد حصوله على المركز السابع في جائزة أذربيجان الكبرى، كان بإمكان الإسباني التواجد ضمن المراكز الـ10 الأولى في ثمانية سباقاتٍ من أصل تسع جولاتٍ متتالية.
كما حقق عدة نتائج ضخمة، أبرزها الصعود إلى منصة التتويج في سباق جائزة البرازيل الكبرى بالمركز الثالث، ليحقق أفضل نتيجةٍ له في بطولة العالم للسائقين، حيث حصل على المركز السادس، بالترافق مع تحقيق ماكلارين لأفضل نتيجةٍ في بطولة الصانعين منذ عدة أعوامٍ، مع حصولهم على المركز الرابع، في صدارة متوسط الترتيب.
هكذا، استعاد ساينز سمعته كسائقٍ من الطراز الرفيع، سمعةُ ساهمت بحصوله على مقعدٍ في فيراري كسائقٍ أساسي، وهو حلمٌ لمعظم سائقي الفورمولا 1 إن لم يكن أكملهم.
إذ أثبت ساينز قدراته كسائقٍ من النخب الأول، بإمكانه تطوير السيارة، بإمكانه العمل مع المهندسين والعمل مع زميله في الفريق بشكلٍ بنّاء، إضافةً إلى أسلوبه الناضج في التعامل مع السيارة أثناء السباقات، وإدارة سباقه، وإنجاح تجاوزاته بشكلٍ جريء، كما رأينا في جائزة أبوظبي الكبرى الختامية من 2019.
من الصحيح أن شارل لوكلير يعتبر سائقاً أساسياً في فريق فيراري، وأثبت قدرته بالتفوق على فيتيل في 2019، وأثبت بأنه لن يتهاون مع زملائه في الفريق. لكن هذا لا يعني، بأي شكلٍ من الأشكال، بأن ساينز ينضم إلى الحصان الجامح كسائقٍ ثانوي مساند.
لا، بالتأكيد، ساينز ينضم إلى فريق فيراري كسائقٍ أساسي، ستُتاح له فرصة منافسة لوكلير (دون تجاوز الحدود بالتأكيد، ودون تأثر مصلحة فيراري أو وجود مشاكل أو حوادث بين ثنائي الفريق).
كما أُشير في عنوان هذه الزاوية ساينز هو “نجم” فريق فيراري المقبل. هذا لا يعني بأن لوكلير لن يكون نجم الفريق، ولكن يمكننا القول بثقة أن لدى فريق فيراري تشكيلة سائقين هي الأقوى على شبكة الانطلاق، تشكيلة من “النجوم” ممثلين لـ لوكلير وساينز سويةً.
لا بد لنا من العودة بالزمن عدة أعوامٍ ونتتبع مسار سائقي فيراري الذي أدى إلى حصول ساينز على هذا المقعد.
في 1996، انضم مايكل شوماخر إلى فريق فيراري، استمر ضمن صفوف الفريق حتى نهاية 2006، وجاء كيمي رايكونن بديلاً عنه في العام التالي.
رايكونن استمر ضمن صفوف فيراري حتى نهاية 2009، وجاء فرناندو ألونسو بديلاً عنه حتى نهاية 2014، لينضم سيباستيان فيتيل إلى الحصان الجامح في 2015 ويستمر ضمن صفوف الفريق حتى نهاية 2020، ليأتي ساينز بديلاً عنه في 2021.
هذه سلسلةٌ من السائقين النجوم، المذهلين، وجميعهم أبطال عالم (سواءً مع فيراري أم لا)، تبدأ بـ شوماخر في 1996، لتصل إلى فيتيل في حقبتنا الحالية، وسيأتي ساينز ليكمل مسيرة هؤلاء السائقين السنة المقبلة وسط طموحاتٍ وتوقعاتٍ بأن يرتقي لسمعة السائقين الذين شغلوا هذا المقعد قبله في فيراري.
هل سيكون بإمكان ساينز الارتقاء إلى هذه الطموحات؟ المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق. لكن ربما يمكننا الحصول على لمحة من تلك التصريحات التي أدلى بها الإسباني قبل بضعة أسابيعٍ من الآن، عندما أجرى مقابلةً مع وسائل الإعلام الإسبانية أكد فيها على ثقته بالنجاح مع فيراري رغم أنه لم تكن هناك مؤشرات جدية لانتقاله إلى الصانع الإيطالي السنة المقبلة.
حيث قال ساينز حينها: “ما يمكنني قوله هو أن لدي ثقة مطلقة بقدراتي كسائق. العام الماضي حققت تقدماً ملحوظاً”.
وتابع: “بالتالي، في حال كنت ضمن صفوف فريق فيراري، أو ضمن صفوف أي فريقٍ آخر مثل مرسيدس أو ماكلارين، أنا أثق أن بإمكاني النجاح والتمتع بمستوى أداء قوي جداً. لا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك أية شكوك حول هذا الموضوع بصراحة”.
لربما كان رحيل ساينز عن برنامج ريد بُل لتطوير السائقين أفضل ما حصل معه في مسيرته الاحترافية. الآن، نحن جميعاً ننتظر ما بإمكان الإسباني الشاب القيام به مع فريقٍ يعتبر من الأعرق في تاريخ الفورمولا 1، الفئة الملكة من رياضة المحركات.