رغم قلّة التحديثات التي قامت الفرق بجلبها في جائزة ماليزيا الكبرى، إلا أن زيارة كريغ سكاربروه لحلبة سيبانغ باكتشاف بعض التفاصيل المذهلة لسيارات فرق المقدمة من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد.
لا تعتبر جائزة ماليزيا الكبرى نموذجية من أجل اختبار تحديثات جديدة، ولكن كان هناك اهتمام تقني كبير بتفاصيل السيارات الجديدة التي يتم اكتشافها عن جديد.
وباستثناء التفاصيل الخاصة بحلبة سيبانغ والتي تتعلق بتبريد وحدة الطاقة والمكابح، إلى جانب تحديثات فريق ماكلارين هوندا، ما زالت هناك عدّة تفاصيل مثيرة للاهتمام يمكن التدقيق فيها.
مرسيدس
من غير المفاجئ، نظراً للأفضلية التي يتمتع بها فريق مرسيدس، لم تكن هناك تحديثات ملحوظة على سيارة ‘دبليو 06’ في جائزة ماليزيا الكبرى.
وإلى جانب تأدية السيارة، الأمر المذهل هو أن دقّة توضّع الأنظمة بشكلٍ مدمج مع الهيكل بشكلٍ أصبح أفضل. رغم أن سيارة العام الماضي كانت تتوضع الأنظمة فيها بشكلٍ جيد من الأساس، خصوصاً توضّع وحدة الطاقة والأنظمة الإلكترونية في جوانب السيارة.
بالنظر إلى القسم الرئيسي في مقدمة السيارة، يمكن ملاحظة التفاصيل الدقيقة للتصميم. هذه المنطقة مليئة بالعديد من الأمور في السيارة، حيث يتوضع كل من القسم الداخلي من أنظمة التعليق، أنظمة التوجيه، الحساسات الإلكترونية إلى جانب مدّخرات المكابح.
ومع هذا الكم الهائل من التعقيد في مقدمة السيارة فإن فريق مرسيدس، إلى جانب عدّة فرق، يقوم بوضع غطاء كربوني حول هذه الأنظمة من أجل حمايتهم في ظل تغيير مقدمة السيارة أثناء توقفات الصيانة.
عند إزالة الغطاء الكربوني، يمكن رؤية مدّخرات سوائل المكابح على الفور، هذا الأمر يسمح الوصول إلى تجهيزات السيارة بشكلٍ أسهل.
في أسفل القسم الرئيسي من المقدمة هناك بنية من الألياف الكربونية تقوم بتغطية الأذرع أسفل الأنف من أجل ضمان انحناء القسم الأسفل من مقدمة السيارة بشكلٍ صحيح.
هناك نافذة صغيرة في هذه البنية. وبالتوازي مع ذلك، هناك حساس لأشعة الليزر أعلى النافذة من أجل قياس سرعة السيارة، ويتوضع هذا الحساس في بنيةٍ كربونية تقوم بتغطية ذراع التوجيه.
يتميّز فريق مرسيدس بجعل ذراع التوجيه عبارة عن بنية هجينة. الجزء الخارجي مصنوع من الألياف الكربونية ترتبط بالأجزاء الداخلية الرقيقة المصنوعة من الألمنيوم.
هذا الأمر يؤدي لوجود بنية أخف وزناً، وأكثر متانةً في الوقت ذاته، وهي تخسر قوةً أقل عند ارتفاع درجات الحرارة، وهي مشكلةٌ تواجهها الأجزاء المصنوعة من الألمنيوم.
هناك أذرع هيدروليكية أعلى ذراع التوجيه، هي عبارة عن خطوط السوائل وعدّة نقاط اتصال، وهي تتوضع أمام نظام التعليق.
معظم هذه الأجزاء تعتبر مشابهة لتلك التي كانت تستخدم في نظام تعليق ‘فريك’ (الأمامي الخلفي المتصل داخلياً) والذي تم استخدامه لحين جائزة ألمانيا الكبرى من العام الماضي.
ولكن، الاختلاف بأن النظام الهيدروليكي يستخدم فقط في نظام التعليق الأمامي ولا يرتبط بمؤخرة السيارة، وبالتالي يُعتبر مشروعاً ولا يخالف القوانين التقنية.
يستخدم فريق مرسيدس نابض حديدي ونابض آخر هيدروليكي من أجل تسهيل التحكم بنظام التعليق الأمامي، ويتم إعادة وزن السيارة الذي تم خسارته عن طريق النابض الميكانيكي، إلى جانب عملية المعايرة، عن طريق العنصر الهيدروليكي.
كما يتم التحكم بزيادة الضغط وعملية ضبط الأنظمة الهيدروليكية عن طريق تجهيزات تتوضع في مقدمة السيارة.
وكما هو الحال مع نوابض السحب، فإن القسم الرئيسي من مقدمة السيارة يحتوي على عمود الربط بين جانبي نظام التعليق الأمامي. ولكن على خلال نوابض السحب، فإن عمود الربط يُعتبر ميكانيكياً بالكامل.
يتوضّع عمود الربط على نقطتين مصنعتين حديديتين على الوجه لعلوي من القسم الرئيسي للمقدمة. هناك عتلتين تربطان الجزء الداخلي إلى بداية أذرع الدفع ومن ثم يتم تجميع الطرفين عن طريق ذراع التوائي.
يتم تغيير قساوة عمود الربط عن طريق سحب الذراع الالتوائي بشكلٍ جانبي باتجاه خارج القسم الرئيسي من مقدمة السيارة من أجل وضع نابض قساوة مختلف.
نقاط توضّع عمود الربط قوية للغاية نظراً لتوضع الحبال التي تمنع انفكاك العجلات عن السيارة عليها في الوقت ذاته.
كما توجد العديد من الدارات الإلكترونية في القسم الرئيسي من مقدمة السيارة وهي تخص أنظمة ثانوية مختلفة والتي ترتبط بالكابل الرئيسي للسيارة.
هناك سلكٌ لكل جانب من نظام التعليق الأمامي (المكابح، سرعة العجلة، الحمل المطبق على أذرع الدفع)، وهناك سلكٌ لمقدمة السيارة (دواسات القيادة، المقود، النوابض) إلى جانب وجود سلك للجناح الأمامي (للتحكم بارتفاع السيارة أثناء القيادة، حساسات الحمل، والكاميرا التلفزيونية).
فيراري
سرعة فيراري في الخطوط المستقيمة كانت مذهلةً للغاية، إلى جانب فكرة أن الفريق تمكّن من اعتماد مواصفات لسيارته لا تتمتع بوجود فتحات كبيرة للتبريد في ظل درجات الحرارة المرتفعة على مدار جائزة ماليزيا الكبرى.
هاتين الميزتين جاءتا نتيجة اتباع أفكار متشابهة في التصميم، جوانب سيارة فيراري الجديدة تعتبر ضيقة للغاية كما أن نهج توضّع شبكات التبريد يعتبر فريداً من نوعه كما شرحنا في التحليل التقني لجولة أستراليا.
قام فريق فيراري بإنشاء سلسلة من الشقوق من أجل تحويل تدفق الهواء من الفتحات إلى شبكات التبريد، إلى جانب وجود المزيد من الزعانف لضمان عودة تدفق الهواء ضمن جوانب السيارة.
أكد المدير التقني في فريق فيراري، جايمس آليسون، أن هدف هذه الشقوق هو تحويل مجرى تدفق الهواء عبر نواة شبكات التبريد، نظراً لأن سيارة فيراري تتمتع بوجود شبكات تبريد متوضعة بشكلٍ شبه مسطح.
كما شرح آليسون أن الأغطية المصنوعة من الألياف الكربونية والتي تتوضع على قمة شبكات التبريد [كما هو موضح في الصورة] هي من أجل عدم السماح بانفصال تدفق الهواء عبر شبكات التبريد، وأضاف أن الضبط الذي يعتمد وجود الزعانف يسمح بتحقيق مكاسب كبيرة في ما يتعلق بتأدية السيارة.
نتيجةً لذلك، تسمح زعانف شبكات التبريد بتصميم جوانب سيارة أضيق، إلى جانب وجود فتحات تبريد أقل، وهو الأمر الذي يقلل بدوره من قوة السحب.
ويليامز
بعد أن قام فريق ويليامز بتقليل حجم شبكات التبريد والفتحات الجانبية لسيارته على مدار العام الماضي، كان من الضروري إجراء عدة شقوق في جسم السيارة الجديدة من أجل التأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة في جولة ماليزيا.
تتميّز السيارة الجديدة، بالأساس، بوجود شقوق دائمة حول الفتحة الرئيسية التي تعلو مقصورة القيادة، كما يوجد في الجزء الداخلي عدّة شقوق قابلة للإزالة على جوانب مقصورة القيادة.
تمّ فتح هذه الشقوق بشكلٍ كبير من أجل هذه الجولة. ومع اتساع الصفائح المحيطة بمقصورة القيادة مع الاتجاه نحو مؤخرة السيارة، تصبح هذه الشقوق أطول من أجل توفير مساحة تبريد إضافية.
وإلى جانب ذلك، تمّ تكبير الفتحة في مؤخرة جوانب السيارة من أجل مساعدة عملية التبريد بشكلٍ إضافي.
في حين تعتبر هذه التعديلات مساعدة للتأقلم مع درجات الحرارة إلا أنها تؤدي لزيادة قوة السحب، الأمر الذي يحد من السرعة القصوى. وكان فريق ويليامز أبطأ على الخطوط المستقيمة مقارنةً بمنافسيه في حلبة سيبانغ.
ماكلارين
بعد إكماله لمسافة سباقٍ كاملٍ في جولة أستراليا الافتتاحية، استمر فريق ماكلارين بتحقيق تقدّم مع إكمال حصص التجارب دون مواجهة مشاكل على حلبة سيبانغ، رغم أن سائقَي الفريق انسحبا من السباق.
ورغم درجات الحرارة المرتفعة، كانت السيارة تتمتع باعتمادية جيدة، وإن ما زالت بطيئةً بعض الشيء. إلا أن هذا التحسّن في موثوقية وحدة طاقة هوندا الجديدة يأتي على حساب التضحية بتأدية السيارة، إذ لم تصل تأدية محرك هوندا لـ100% حتى الآن.
بغض النظر عن ذلك، فإن التقدم الذي حققه فريق ماكلارين سمح له العمل على إدخال تعديلات على هيكل السيارة، مع إجراء تعديل على الجناح الأمامي إلى جانب مقدمة سيارة تتمتع بوجود فتحة.
عندما تم الكشف عن السيارة الجديدة، كان هناك عملية وصل غريبة بين مقدمة السيارة والهيكل، الأمر الذي أشار لإمكانية إدخال فتحة على مقدمة السيارة في إحدى مراحل الموسم.
تمّ تعديل الصفائح التجميلية على سيارة فريق ماكلارين، إلى جانب وجود فتحة داخلية بشكل حرف S. ومع هذا الضبط أصبح هناك فتحة إدخال أسفل مقدمة السيارة تؤدي لتجميع الهواء وتوجيهه نحو القسم العلوي من الهيكل.
هذا الأمر يؤدي لتحسين عملية تدفق الهواء أسفل وأعلى السيارة، إلى جانب السماح باستخدام أنف سيارة أقل ثخانة.
كان فريق ساوبر أول من اتبع هذا التصميم، ليعتمده بعد ذلك فريق ريد بُل. هناك رابط بين فريق ماكلارين والفتحة بشكل حرف S الخاصة بفريق ريد بُل، هذا الرابط يتجلّى ببيتر برودرومو، رئيس قسم الانسيابية السابق في فريق ريد بُل الذي يعمل لصالح ماكلارين.
من الأمور التي لا تتعلق بهذه الفتحة، هناك آلية ضبط جديدة لصفيحة الجناح الأمامي. بشكلٍ أساسي، تمّ استخدام نفس الجناح الأمامي المستخدم في جولة أستراليا، إلا أن الجُنيحات الأمامية الصغيرة المتوضعة على جانبي الجناح الرئيسي لم تعد تتمتع بالجزء الخارجي الصغير، كما تمّ إعادة هيكلة الصفيحتَين الرئيسيتين للجناح الأمامي بشكلٍ طفيف.
هذا الأمر يعني اقتراب فريق ماكلارين من تصميمٍ نهائي للجناح الأمامي، مع تصميم أكثر تعقيداً للمقطع الداخلي، في حين يتم اتباع نهج أقل تعقيداً في تصميم الجُنيحات الصغيرة.
أتوقّع أن يقوم فريق ماكلارين بإجراء المزيد من التطويرات على مدار الموسم في هذه الناحية.