سيترافق ذكر الانتصار الثاني على التوالي لنيكو روزبِرغ في جائزة موناكو الكبرى بالحدث السيئ الصيت والذي تمثل بخروجه عن المسار عند مُنعطف ميرابو خلال فترة الحصة التأهيلية، في هذا المقال يتساءل إد سترو عما إذا كان فوز نيكو بالسباق عادلاً أم مُخادعًا.
هل فعلها عن قصد أم عن غير قصد؟ وسواءً فعلها عن قصدٍ أم عن غير قصد فإن حادثة روزبِرغ قد أدت لإشهار الأعلام الصفراء خلال الدقيقة الأخيرة من القسم الأخير من عمر الحصة التأهيلية مما حرم زميله في فريق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون من إحراز مركز الانطلاق الأول على شبكة الانطلاق حيث كان ذلك هو السؤال الأهم طوال نهاية الأسبوع التي شهدت سباق جائزة موناكو الكبرى.
ولدى الجميع رأي حول ذلك، على الرغم من الأسماء الكبيرة في الفورمولا واحد قد كانت حذرة حيال التفكير بصوتٍ عالٍ أمام الملأ. بالتأكيد باستثناء هاميلتون، والتي كانت تُعبر وبشكلٍ واضحٍ جدًّا بأن زميله في الفريق، وكما هو واضح صديقه السابق قد ارتكب خدعةً على قدرٍ عالٍ من الاحترافية.
وتمكن نيكو روزبِرغ في يوم الأحد من تصدر السباق من البداية وحتى النهاية مُحققًا فوزه الثاني على التوالي على شوارع الإمارة المُتوسطية وبطريقةٍ مُمتازة، في ما كان زميله يسير على إثره طوال فترة السباق قبل أن يتراجع عند المراحل النهائية من السباق وذلك بسبب شيءٍ ما دخل في عين هاميلتون اليُسرى مما أزعجه وأدى لتراجعه. ولكن التاريخ سيسمح لنا بالنظر بالسباق من خلال ما حصل خلال فترة التجارب التأهيلية.
لقد أدان البعض خُروج روزبرغ عن المسار عند مُنعطف ميرابو باتجاه الطريق الجانبي للمسار، مما أدى لإفساد فُرصته في لفته الأخيرة التي لم تكن جيدةً وأدت أيضًا لرفع الأعلام الصفراء مما أجبر زميله في الفريق لويس هاميلتون الذي كان خلفه على إنهاء لفته الأخيرة.
وجادل البعض الآخر بأنه كان مُجرد خطأ. وفي هذا الصدد اعتبر المُراقبون، لما يستحق الاعتبار، أنه لم يرتكب الخطأ عن قصد، ومن العدل أن نُشير هنا إلى وجود بعض الاعتراضات من الهيئة التي تضم 4 أشخاص.
الوقائع:
لقد كانت المعركة بين روزبرغ وهاميلتون مُتقاربةً طوال نهاية الأسبوع. وبينما كان لدى هاميلتون أفضلية خلال القسم الثاني من اللفة، وكان في طريقه من مدخل مُنعطف ميرابو من الناحية اليُمنى قبل الوصول للمُنعطف الحاد قُرب المسبح، وعلى العموم كان روزبرغ أقوى في المقطع الأول من اللفة. بينما كان المُستوى مُتقاربًا في المقطع الثالث من اللفة، مما أشار إلى أن التنافس كان مُتقاربًا دائمًا.
وخلال خروجه الأول ضمن القسم من اللفة التأهيلية والتي ستضم أسرع 10 سائقين، كان روزبرغ أسرع من زميله بفارق 59 جزء بالألف من الثانية. وكان مُتقدمًا عليه عند خروجه الأخير، وكان يضغط بقوة.
وبعد قيادة جيدة عبر منعطف سانت ديفوت، فقد السيطرة على السيارة وخرج عن الخط عند منطقة ماسينيت/ الكازينو، مما يعني بأن عليه خفض سُرعته عندما يحين الوقت لدخول الخط المُستقيم القصير المُؤدي لمُنعطف ميرابو.
وبعد ذلك انغلقت المكابح في سيارة روزبرغ واتجه بالسيارة باتجاه طريق المخرج الجانبي لمُنعطف ميرابو، مما أجبر هاميلتون لاحقًا على قطع طلعته لتحقيق أسرع لفة.
القضية من وجهة نظر الادعاء:
كان لدى روزبرغ الوسائل والدوافع والفُرصة لأن يتسبب برفع الأعلام الصفراء عن قصد.
وكان يعرف بأنه لم يكن يسير على الخط التسابقي خلال المُنعطفين السابقين باتجاه اليسار ومن ثم اليمين عند مُروره جانب الكازينو وأظهرت أوقات القسم على شاشته انه أصبح أبطأ. وقد أكد الادعاء هذا، حيث انتقل إلى الجانب الأيمن من المسار عند الخُروج من ساحة الكازينو من أجل تجنب المطب في الشارع، عندها قام بإعادة السيارة للمسار مُحاولاً زعزعة استقرار السيارة من خلال القيام ببضع حركات بالمقود وهو أمر وقائي ومقصود من أجل إجبار السيارة للخروج عن المسار بدلاً من التفاعل مع ما تقوم به السيارة.
كما تأخر روزبرغ بالكبح، حيث كان خط تسابقه حول المطب مُختلفًا عن خط التسابق الذي اجتازه أثناء تسجيله لأسرع لفة، وحالما توجه إلى الطريق الجانبي للمسار، قام بالرُجوع بالسيارة إلى المسار في مُحاولةٍ عديمة الجدوى للعودة للمسار. على الرغم من أنه ليس لديه الوقت الكافي للعودة لخط البداية/ النهاية ضمن الوقت المُحدد، حيث لم يكن هُنالك مُبرر كي يقوم بهذا.
وبينما كان هاميلتون الأسرع ضمن المقطع الأول من المسار، كان روزبرغ الأقوى، إذ أشارت جميع المُؤشرات إلى أنه أحرز المركز الأول على مركز الانطلاق، وبشكلٍ شبه مُؤكد، كان الفوز بالسباق نتيجةً لذلك.
وقال هاميلتون: “كُنت ضمن الهدف [تحقيق المركز الأول لشبكة الانطلاق]”، وأضاف: “أتذكر أني بدأت اللفة الأخير وقُلت في نفسي (لقد حان الوقت، ستكون هذه اللفة الحاسمة). وكُنت أسرع بفارق جُزئين من الثانية ولكني لم أتمكن من إنهائها”.
وكان روزبرغ يعرف بأن موقع هاميلتون على المسار نسبي بالنسبة إليه ولم يكن من المُحتمل بشكلٍ كبير أن يتمكن أيٍّ من سائقي فريق ريد بُل دانيال ريكياردو وسيباستيان فيتِل من تحقيق مركزٍ على خط الانطلاق الأول. وعليه، كانت المهمة بسيطةً وتتجلى في إخراج السيارة عن المسار وتفادي أية أضرار وتحقيق النتيجة المرجوة بضمان المركز الأول على شبكة الانطلاق.
القضية من وجهة نظر الدفاع:
لقد بذل روزبرغ مجهودًا كبيرًا جدًّا في لفته الأخيرة. وعند مُنعطف سانت ديفوت، كان يقود بسُرعة عالية جدًّا في ما كان على وشك الاحتكاك بالحواجز الجانبية عند المخرج، مما أتاح له فرصةً كبيرة للخُروج عند بو ريفاج.
ولكن زاوية دُخوله لمنطقة ماسينيت كانت واسعةً بعض الشيء، مما شكل تهديدًا لخطه التسابقي على جانبه الأيمن عند منطقة الكازينو. وبالتالي خسر كل شيء حققه عند مُنعطف ساينت ديفوت، مما أدى لأن يخسر بعض الوقت الإضافي. وعليه فقد أخفق في الاستفادة من أفضل نقاط قوته وهي أداءه عند المقطع الأول من المسار.
وتعني قيادته غير الثابتة عبر منطقة الكازينو بأن مساره حول المطب الموجود في الطريق كان مُختلفًا قليلاً مما أدى به لمُحاولة الدفع بالسيارة للعودة للمسار من أجل الدُخول في مُنعطف ميرابو بزاوية مثالية بزاويةٍ كبيرةٍ نوعًا ما.
وأظهرت الصور التي التقطتها آلة التصوير المُثبتة على السيارة بأنه تأخر بالكبح، ولكنه لم يرتكب أي خطأ في ذلك. حيث كان قد خاطر بالفعل عند مُنعطف سانت ديفوت وخسر وقتًا وبالتالي كان عليه الاستمرار كي يُعوض ذلك. كما أن القسم الخلفي من سيارته لم يكن مُستقرًا عندما قام بالكبح، مما يعني بأن روزبرغ كان يُعاني من أجل الحفاظ على القسم الخلفي من سيارته على المسار أثناء انخفاض سُرعته.
وحاول قطع المُنعطف، ولكنه أدرك بأنه لن يتمكن من ذلك، وتوجه بسيارته إلى المخرج الجانبي للمسار لأنه لم يكُن يُريد أن يصطدم بسيارته في الجدار. ومن ثم قام بالرُجوع بسيارته للمسار من أجل تقليص الوقت اللازم لرفع الأعلام الصفراء.
وقال روزبرغ: “أعتقد بأن المكابح في الإطار الأمامي الأيسر قد أغلقت، أو في الجانب الأيمن، إذ أني لستُ مُتأكدًا تمامًا [من أنها كانت الجانب الأيمن]”. وأضاف: “هذا الأمر وضعني خارج المسار التسابقي. وكنت ما أزال أحاول [إعادة السيارة للخط] ولكني خرجت عن المسار في اللحظة الأخيرة لأني كُنت على وشك الاصطدام بحاجز الإطارات. كان ذلك وشيكًا جدًّا ولكني تمكنت من تدبر الأمر للخُروج إلى الطريق الجانبي للمسار”.
وأضاف أيضًا: “لم أكن أريد أن تسير الأمور بتلك الطريقة وأعتقد صراحةً بأن الأمور انتهت عندما خرجت عن المسار. وبالتأكيد أزال هذا الأمر بعض السعادة، ولكن في النهاية الأول هو الأول”.
القرار الرسمي:
استُدعي روزبرغ إلى لجنة مُراقبي الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) للاستماع لأقواله وسط شُبهاتٍ تتعلق بأنه خرج عن المسار عن قصد من أجل رفع الأعلام الصفراء، وبالتالي ضمان حفاظه على المركز الأول على شبكة الانطلاق من خلال حركةٍ ذكرتنا بالحركة التي قام مُواطنه مايكل شوماخر موسم 2006 عند مُنعطف لاراسكاس.
وتمت تبرئة روزبرغ، من خلال لجنة تحقيق تتكون من 4 مُراقبين، من ضمنهم سائق الفورمولا واحد السابق المُخضرم البريطاني ديريك وارويك.
ومما ورد في قرار اللجنة “لقد عاين المُراقبون الشريط المُصور وبيانات جهاز القياس عن بُعد من الفريق ومن الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) ولم تجد دليلاً على ارتكاب أي مُخالفة تخُص الحادث الذي حصل عند المُنعطف الخامس”
وبالتأكيد صدر القرار بعد الاستماع لكبار المسؤولين في فريق مرسيدس. ولو كان الخلاف بين فريقين، هل كُنا لنرى نفس القرار؟ رُبما لا.
كيف وصل الأمر إلى هذه المرحلة؟
لقد ازدادت حدة التنافس بين زُملاء الفريق الواحد روزبرغ وهاميلتون وأصبح التنافس بينهما مُثيرًا على نحو كبير خلال السباقات الستة لهذا الموسم. وتزايد معه الحماس للحُصول على اللقب الند للند، حيث يعني خوض كلا السائقين معركته لحسم اللقب قد تحولت الآن لمُنافسة بين من سيُنهي السباق أمام الآخر.
وقد ظهر الأمر خلال مُنافستهما على الفوز بسابق جائزة البحرين الكُبرى، إذا استخدم روزبرغ مُحركًا بإعدادات هُجومية من دون تصريح خلال مُحاولته لتجاوز زميله. وفي سباق جائزة إسبانيا الكُبرى كان التنافس قد وصل لمرحلةٍ أخرى، إذ قام هاميلتون بنفس الخُدعة كي يبقى في الصدارة.
وبدا كلا السائقين، هاميلتون على وجه الخُصوص، مُتشككًا بالآخر، مما خلق جوًّا من انعدام الثقة. وقد تكون مُحاولة روزبرغ بأن يقوم عن قصد بأمرٍ من شأنه رفع الأعلام الصفراء من أجل ضمان أسرع توقيت حققه لاحتلال المركز الأول على خط الانطلاق قد ساهم في تأجيج لأجواء المشحونة أصلاً. ولكن قد يكون الأمر على نحوٍ مُساوي مُجرد وهم من أوهام هاميلتون، خطأ غير مقصود حولته الشُكوك إلى فعلٍ مُسيء ومقصود.
العواقب:
ومهما تكُن الأسباب وراء خُروج روزبرغ عن المسار، إلا أنها أمنت له تحقيق الفوز في سباق يوم الأحد. بداية جيدة وضعت الأساس للعبة المُطاردة بين القط والفأر في مرحلةٍ مُبكرة من السباق، حيث كان هاميلتون في هذا السباق هو المُفترس الذي يُطارد فريسته. ولكن في ظُروف سباق مثل موناكو يُعتبر التجاوز أمرًا مُستحيلاً.
وبالتأكيد كانت هُنالك لحظة حاسمة في السباق. عندما اصطدم الألماني آدريان سوتيل سائق فريق ساوبر بالحواجز الجانبية للمنعطف في اللفة 24، حيث كان سائقا فريق مرسيدس في لفتهما الـ 25 وكانا على وشك تجاوزه بلفة كاملة.
وأدرك سائق فريق مرسيدس احتمالية دُخول سيارة الأمان إلى الحلبة ما إن شاهدا بقايا سيارة ساوبر على الحلبة والشظايا التي تناثرت بعد رفع سيارة سوتيل عن الحلبة.
ولم يدخل أي منهما إلى منصات الصيانة في تلك اللفة، بل توجها إلى منصات الصيانة في اللفة التالية. وواقعيًا، كان سيكون من الصعب استدعاء سيارتي مرسيدس بهذه السُرعة، وعلى وجه الخُصوص إذا تطلب الأمر إجراء توقفين سريعين، وهو الأمر الذي حصل في اللفة 28.
وكان جنسون باتون الوحيد من بين أصحاب المراكز الأولى الذي اندفع إلى منصات الصيانة لإجراء توقفه، حيث كان مُتخلفًا بفارق 40 ثانية عن سيارتي مرسيدس في ذلك الوقت. وحاول هاميلتون الدخول لمنصة الصيانة، ولكن الفريق أخبره بأن عليه البقاء على المسار لأنه ليس جاهزًا. وبالتالي كان يعتقد بأنه كان يجب أن يتوقف في منصات الصيانة في تلك اللفة مما سيُساعده على القفز للصدار أمام روزبرغ عند إجراء الأخير لتوقفه.
وقال هاميلتون بعد السباق: “بالعادة كان يُمكننا الدخول لمنصات الصيانة في حال وجود حادث وكان علي فعلاً الدخول [لمنصات الصيانة]، ولكن الفريق لم يستدعينا”،يُشار إلى أنه كان طلب الدخول وبشكلٍ عصبي من الفريق عبر جهاز اللاسلكي حيث قال: “كان علينا فعلاً الدخول في تلك اللفة”.
وعندما عاد السباق إلى وضعه الطبيعي، كان الوضع الراهن للسباق وجود هاميلتون خلف روزبرغ. واستمر الوضع كذلك حتى بدأ يُعاني من مُشكلة في الرُؤية، حيث كان عليه في مُعظم الوقت القيادة وعينه اليُسرى مُغلقة بسبب دُخول أوساخ فيها. وفجأة دخل طرف ثالث على الخط وسط ما كان سابقة تنافسًا بين سائقي فريق مرسيدس فقط.
حيث تمكن الأسترالي دانيال ريكياردو سائق فريق ريد بُل من تقليص الفجوة بينه وبين البريطاني البالغة 10 ثواني بسُرعة. وفي اللفة 65 خسر هاميلتون 2.2 ثانية وهو زمن كبيرحتى في حلبة ضيقة كحلبة موناكو، يوجد هُنالك احتمال ضئيل جدًّا ولكنه حقيقي بأن ريكياردو كان قادرًا على إيجاد طريقةٍ ما يتمكن من خلالها من تجاوز هاميلتون، ومع ذلك تمكن هاميلتون من إزالة الأوساخ العالقة في عينه مما ساهم في ثبات أداءه خلال اللفات الأخيرة من السباق.
ومُعاناة هاميلتون أتاحت مُتنفسًا لروزبرغ. كما أن روزبرغ يستهلك كمية وقود أكثر من هاميلتون طوال الموسم وبالتالي حان الوقت لكي يقول الفريق للألماني عبر جهاز اللاسلكي بأن الوقود وصل لمُستويات “مُنخفضة جدًّا” ولذلك كان عليه الاقتصاد في استهلاكه.
وقال روزبرغ: “كانت مُستويات الوقود مُنخفضةً جدًّا مما جعلني حريصًا بعض الشيء”، وأضاف: “لقد كان تغييرًا كبيرًا توجب عليه فعله، وعلى وجه الخُصوص أن لويس كان قريبًا جدًّا خلفي، كانت لحظةً صعبةً لأنه كان علي تغيير أسلوب قيادتي تمامًا، واستعمال نسب سُرعات مُختلفة، ونسب مُختلفة من ترك السيارة تسير من دون تعشيق نسب السُرعة. كل شيء أصبح مُختلفًا. ولكن الفريق تمكن من التعامل مع الأمر جيدًا وجعلني أقوم بما أحتاجه”.
وتمكن روزبرغ من التأقلم جيدًا مع الوضع الجديد، ولذلك حقق انتصارًا سهلاً. لقد كانت تلك المُواجهة الثانية له خلال الموسم والأولى له بشكلٍ مُباشر مع هاميلتون خلال موسم 2014. ويُمكنكم أن تتذكروا بأنه حقق انتصاره في سباق أستراليا في بداية الموسم، وكان روزبرغ السائق الأفضل بسبب غياب زميله في الفريق الذي انسحب من السباق في مرحلة مُبكرةٍ منه بسبب عطل في المُحرك.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان ذلك تنافسًا مُباشرًا؟
الحُكم:
روزبرغ هو الوحيد المُتأكد تمامًا أن ما حصل في الدقيقة الأخيرة من التجارب التأهيلية كان خطأ مقصود أم غير مقصود.
لقد اطلع هاميلتون على البيانات ويبدو بأنه مُتأكد تمامًا من أنه من الصعب عليه القيام بهذا الخطأ عمدًا، وبصرف النظر عن السبب الذي أدى لخُرج روزبرغ عن المسار عند مُنعطف ميرابو، إلا أنه يُمكنه أن يكون مُحبطًا من الناحية القانونية لأنه خسر فُرصته بتحقيق أداءٍ جيد خلال لفته الواعدة الأخيرة ليُحرز المركز الأول على خط الانطلاق.
وفي هذا الأمر اختلف الشُهود الخُبراء، حيث يعتقد البعض بأن روزبرغ ارتكب خطأغير مقصود خلال لحظاتٍ حرجة بينما يعتبر البعض منهم بأن حركته خلال توجيه المقود بمثابة دليل واضح على ذلك. وبالتأكيد الأمر مُثير للشك. ولكن مُحاكمة روزبرغ لا تتعلق بهذا الأمر على وجه التحديد.
لقد توجه روزبرغ إلى موناكو وقد خسر صدارة ترتيب البُطولة وهُزم لأربع مرات على التوالي أمام هاميلتون. كما بدا بأن نشاطه بدأ يتراجع وبأنه بحاجة ماسة لتحقيق الفوز كبيان على قُدرته، وبالتالي قطع الطريق أمام زميله هاميلتون.
وإذا كان خُروجه عن المسار مُتعمدًا، فإن حركته غير الرياضية كانت ستُظهر خُطوطًا من القساوة ستجعل منه مُنافسًا أكثر صُعوبة مع تزايد ضراوة المُنافسة على تحقيق اللقب العالمي.
وإذا لم يكن خُروجه عن المسار مُتعمدًا، فإنه يستحق الإشادة بسبب لفته القوية وتحويل لفته المحظوظة التي أمنت له المركز الأول على شبكة الانطلاق إلى انتصار رائع على شوارع الإمارة المُتوسطية، بدا بأنه حصل على المركز الأول تحت مرأى ومسمع هاميلتون.
لقد كانت نهاية أسبوع جائزة موناكو الكُبرى اختبارًا لأخلاق روزبرغ، ولكن بعيدًا عن التنافس على اللقب. لقد تمكن من إنهاء نهاية الأسبوع بسُهولة.
كما أن براعة هاميلتون خلف مقود السيارة معروفة جدًّا، حيث أثبت أنه بإمكانه الفوز باللقب العالمي. ومع أن روزبرغ لم يفُز به لغاية الآن، ولكن سباق جائزة موناكو الكُبرى كانت خطوةً كبيرةً لإظهار بأنه لديه العزيمة لأن يقدم نفسه كمُنافسٍ حقيقي أمام هاميلتون.