لا شك أن يوم الأحد الماضي كان يوماً تاريخياً، الفتى الذهبي سيباستيان فيتيل حقق فوزه الأول مع فريق فيراري، فالنتينو روسي حقق فوزاً مميزاً في السباق الافتتاحي لموسم 2015 من بطولة العالم للدراجات النارية “موتو جي بي”، وخوان بابلو مونتويا حقق الفوز في الجولة الأولى من سلسلة إندي كار… بقلم خليل بشير.
تساءل الجميع، هل سيفوز سيباستيان فيتيل مع فيراري بعد كل المعاناة التي مر بها الفريق في المواسم الماضية؟ جاء الجواب يوم الأحد من حلبة سيبانغ الدولية، فقد حقق الألماني فيتيل فوزاً رائعاً في السباق الثاني له مع فيراري، وذلك بعد تحقيق منصة تتويج في أستراليا.
كانت عطلة نهاية الأسبوع مميزة للفريق الأحمر، عرفنا منذ يوم الجمعة أن تحديثات الفريق للجولة الثانية من البطولة تعمل بشكل جيد، فقد حل كيمي رايكونن وسيباستيان فيتيل خلف سائقي فريق مرسيدس مباشرةً في حصص التجارب، وأحزر فيتيل مركز الانطلاق الثاني في الحصة التأهيلية، وأمكن لرايكونن التأهل للسباق ضمن مراكز المقدمة لولا تساقط الأمطار، ليخرج من القسم الثاني للحصة التأهيلية وانطلق في السباق من المركز 11، ورأينا جميعاً سرعة رايكونن حيث كان أسرع من فيتيل بعُشر من الثانية تقريباً في اللفة الواحدة خلال التجارب.
كما رأينا جميعاً منذ يوم الجمعة، وبعد المشاكل التي تعرّض لها هاميلتون، أن فيراري كانت قريبة من مرسيدس، لكننا لم نعرف إلى أي مدى، كما أن المشكلة التي تعرّض لها هاميلتون في تجارب يوم الجمعة، حدّت من قدرته على إنهاء برنامجه كاملاً وإجراء سلسلة من الطلعات الطويلة، الأمر الذي تسبب بنوع من نقصٍ في تحصيل البيانات لدى مرسيدس عن نسبة تآكل الإطارات في هذه الظروف المناخية الحارة. بعكس سيارات فيراري التي كانت أفضل من ناحية التهام الإطارات في الدوران لمسافات طويلة أو خلال محاكاة السباق، وكان الأمر واضحاً أنهم سيكونوا أفضل حالاً من سباق أستراليا.
لا يمكن نكران أن استراتيجية التوقف لعبت دوراً كبيراً، فقد قلنا في وقت سابق إذا كان الطقس جافاً فسيكون للاستراتيجية وللإطارات الدور الأكبر في تحديد هوية الفائز مع قرب فيراري الواضح من مرسيدس، وبعد دخول سيارة الأمان وقرار مهندسي فريق مرسيدس بتبديل الاطارات بعد ثلاث لفات فقط، لم يكن هذا بالقرار الصحيح، وعند عودة ثنائي مرسيدس إلى الحلبة علقا في زحام السيارات الأبطأ، ومع درجات الحرارة المرتفعة وحرارة عوادم السيارات الأخرى لم تتمكن الإطارات ذات التريكبة القاسية “هارد” الجديدة من الصمود طويلاً، ما منح فيتيل وقتاً ليبتعد عنهما ويصنع فارقاً مريحاً سهّل له تحقيق الفوز، كما لعبت استراتيجية التوقف لفيراري دوراً في ذلك أيضاً.
وعلينا الاعتراف أن هيكل سيارة فيراري كان رحيماً على الاطارات، فالسيارة من تصميم المهندس العبقري جايمس أليسون، والجميع يتذكر سيارة فريق لوتس لوسم 2013 وكيف كانت رحيمة على الاطارات بشكل كبير خاصةً في الأجواء الحارة، القرار الذي اتخذوه مهندسي فيراري كان صائباً بنسبة 100 بالمئة، فقد عرفوا الوقت المناسب لاستدعاء فيتيل إلى منطقة الصيانة وإخراجه أمام روزبرغ، وهذا الفوز مستحق لفيراري وهو شيء جيد للبطولة والمشاهدين.
ولا ننسى أن كل من فرناندو ألونسو وكيمي رايكونن فازا بسباقهما الأول مع القلعة الحمراء، لكن مما لا شك فيه أن مستقبل فيراري يبدو أكثر إشراقاً في الوقت الحالي، خاصةً مع الديناميكية الملفتة للأنظار لرئيس الفريق الجديد ماوريزيو أريفابيني صاحب الخبرة الطويلة في الفورمولا واحد من عمله السابق مع الراعي الرسمي للفريق الإيطالي “مارلبورو”، والروح الجديدة التي بُعثت في الفريق الذي خضع لإعادة هيكلة شاملة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وبعد التقدم الملحوظ في مستوى محركات فيراري ووجود الخط المستقيم الأطول على الروزنامة في حلبة شانغاي، إضافة إلى رصد ميزانية 100 مليون دولار إضافية لتطوير السيارة، لا تستبعدوا أية نتائج قد تحققها فيراري، رغم أن الفريق حدد أهدافه للموسم الحالي بالفوز بسباقين فقط.
ولا يزال سوء الحظ يلاحق الفنلندي كيمي رايكونن، فبعد ما حدث في التجارب التأهيلية وخروجه في وقت خاطئ بقرارٍ غير صائب من مهندسه، تبعها بانطلاقة ضعيفة في السباق وثقب في الإطار، لكن برأيي الشخصي، لولا تلك المشاكل كان رايكونن قادراً على الفوز بالسباق أو المنافسة على أحد مراكز منصة التتويج.
بالعودة إلى مرسيدس، أعتقد أن فريق السهام الفضية سيعود مجدداً إلى الأفضلية التي يمتلكها بدءاً من الجولة المقبلة في الصين، حيث قد تلعب درجات الحرارة المنخفضة دوراً في عودة الفارق إلى ما كان عليه في التجارب الشتوية، وبالتالي ابتعاد مرسيدس مجدداً عن فيراري بفارق يتراوح ما بين 6 إلى 8 أعشار من الثانية (في اللفة الواحدة)، ولا يمكن نسيان أن مرسيدس لا تزال تملك السيارة الأسرع، ولكن الأمل هو أن تتمكن الفرق الأخرى من تقليص الفجوة عنها.
من ناحيته أظهر فريق ريد بُل تحسناً مطوّر الملحوظ فيلحوظاً بعد استخدام خريطة تحكم بدوران المحرك التي استُخدمت في تجارب برشلونة الشتوية، لكن مشكلة المكابح كانت كبيرة خلال السباق، وشاهد الجميع الدخان الأسود الذي كان يتصاعد من الإطارات الأمامية للسيارتين عند نقاط الكبح القوي، وسيعود الفريق إلى استخدام المكابح القديمة التي كان يستخدمها في المواسم الماضية الألماني سيباستيان فيتيل.
وتعززت آمال ريد بُل بتحقيق خطوات إيجابية وصولاً إلى الفوز بعد فوز فيراري، إلا أن المشكلة الأكبر هي ضعف مستوى محركات رينو، لكن الأخيرة وعدت بتطوير وحدة الطاقة بوتيرة عالية خاصةّ أن مصنع رينو لا يزال يملك أكبر عدد من المكوّنات التي يمكن تطويرها خلال الموسم بـ 12 مكوّنٍ مقابل 10 لفيراري و 7 لمرسيدس و9 لهوندا.
أما فريق ماكلارين، فقد حقق تقدماً ملحوظاً، وانسحب فرناندو ألونسو من السباق بعد أن وصل إلى المركز الثامن بوقفة صيانة أقل من بعض السائقين خلفة، وكان باتون متفاجئاً بسرعة السيارة خلال السباق، وبدون شك هيكل السيارة يتمتع بأداءٍ جيد، فهو من تصميم بيتر برودرومو لكن الفريق لن يقوم بتطوير الهيكل حتى يستخرج الطاقة الكاملة من محرك هوندا، الموضوع يحتاج لبعض الوقت قبل أن نرى ماكلارين تنافس فرق الصدارة.
أود الحديث قليلاً عن السائق الهولندي الشاب ماكس فيرشتابن، كل خطوة قام بها رائعة، سائق مميز، تجاوزات رائعة، وعندما يرى الشخص مستواه للمرة الأولى على الحلبة يعتقد أنه أمضى سنوات طويلة في حلبات الفورمولا واحد، وهذا الشيء يظهر لنا أن قرار دخوله الفئة الملكة كان صائباً بنسةٍ عالية، وربما سنشهد تغيير نظام السوبر لايسنس، لأنه قد يكون لدينا سائقين بعمر صغير لكن يتمتعون بموهبةٍ كبيرة.
لنتكلم قليلاً عن مستقبل الفورمولا واحد، فبعد سباق أستراليا وعدد السيارات التي شاركت وعدد السيارات التي أنهت السباق. تحدث الجميع عن أن الفورمولا واحد ستكون مملة وخالية من المنافسة، لكن سباق ماليزيا غيّر هذه النظرة، وأتمنى مشاهدة سباق ممتع آخر في الصين، وربما سنشاهد صراعاً آخر بين مرسيدس وفيراري، وربما سنشاهد صراعاً جديداً يجمع بين هاميلتون وروزبرغ، فالأخير مجبر على التغلّب على هاميلتون بأسرع وقت ممكن، لاستعادة الثقة بنفسه والعودة للتنافس على لقب البطولة من جديد، ولا تنسوا ويليامز…
وشخصياً، أوافق السيد إكليستون قراره بإقامة بطولة عالم للفورمولا واحد مخصصة للسيدات، إذ يوجد الكثيرمن السائقات الراغبات بالتسابق، لكن بالوقت نفسه لا يملكن المقدرة على منافسة الرجال، وجود بطولة مخصصة للسيدات سيكون شيئاً إيجابياً وأنا من أشد الداعمين لهذه الفكرة.