حرمنا إرتكاب نيكو روزبرغ لخطأ أثناء كبحه لدخول ثاني منعطفات اللفة الإفتتاحية لسباق جائزة روسيا الكبرى، الجولة السادسة عشر من بطولة العالم لسنة 2014، على الأرجح من متابعة سباق أكثر إثارة.
لكن وبالرغم من ذلك، يعتقد خليل بشير أننأ خرجنا بالكثير من الإيجابيات خلال الإختبار الأول لحلبة سوتشي.
.
أعتقد أن جائزة روسيا الكبرى كانت مثيرةً للاهتمام. وتمكن الروس من الخروج بحدث ناجح آخر رفيع المستوى، بعدما بذلوا جهوداً جبارة خلال فترة زمنية قياسية.
إذ تكرر ما حصل خلال الألعاب الأولمبية الشتوية في وقتٍ سابق من السنة الحالية، بحيث كانت هناك العديد من الأصوات المشككة بجدوى إستضافة روسيا لحدثٍ عالمي بهذا المستوى بسبب الأزمة مع أوكرانيا. إلا أن ما قاموا به حقيقة كان أفضل بكثير من المجهودات التي قامت بها عدد من الدول التي إستضافت البطولة في الأونة الأخيرة.
فمنذ مشاهدتي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يقود سيارة فورمولا واحد خاصة بفريق لوتس (حين كان يُعرف الفريق باسم رينو يومذاك) في إحدى المناسبات الاستعراضية، إلى جانب علاقته الجيدة بعرّاب الفورمولا واحد بيرني إكليستون، وقيام معارفي الروس بتزويدي بمعلومات متواصلة عما يحصل في سوتشي، أيقنت وبنسبة 100 بالمئة من أنهم سيتمكنون من إستضافة جائزة كبرى أكثر من رائعة.
الحلبة
ما لا يختلف عليه أثنان أن سباق جائزة روسيا الكبرى لم يشهد تلك الإثارة التي تابعناها خلال السباقات المساندة كـ الـ “جي بي 2” والـ “جي بي 3″، كما لم تكن المافسات على أرض الحلبة بشراسة تلك المنافسات التي تابعناها على مدار الموسم الحالي. ولكن يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن حلبة سوتشي مُشيّدة داخل المدينة الأولمبية. إذ كانت الخيارات التي وفّرها الروس لمصمم الحلبات الماهرهيرمان تيلكية محدودة للغاية، ولم تتعدى بضعة شوارع تحيط بالمنتزه الأولمبي، لكي يتمكن من تصميم حلبة بما بين أيديه من مساحات متاحة. وتضم الحلبة العديد من المنعطفات بزاويا قائمة، وهو أمرٌ متوقع بالنسبة لحلبة شوارع، إضافةً لوجود منعطفات طويلة وسريعة مثل المنعطف الثالث، والعديد من المنعطفات التي تمثل تحدياً كبيراً مثل المنعطف الثالث عشر.
كما أن هذه الحلبة جديدة كلياً. ونتذكّر جميعاً كيف كان الوضع على حلبة أوستن الأميركية عندما إستصافت الفورمولا واحد للمرة الأولى. في ظل طبقة أسفلتية جديدة أدت إلى إنعدامٌ تماسك الإطارات، ونسب متدنية جداً لتآكل الإطارات.
تُعتبر حلبة سوتشي متطلّبة جداً من الناحية التقنية، وعلى السائقين القيادة بذكاء قبل كل شيء. ويمكننا ملاحظة ما حصل مع سائق فريق ويليامز فالتيري بوتاس خلال الحصة التأهيلية عندما ضغط على إطاراته بشكلٍ كبير في المقطعين الأول والثاني من الحلبة في لفته السريعة الأخيرة، ما تسبب بإهدار أعشارٍ ثمينة في المقطع الثالث إضافةً لارتكابه خطأ في المنعطف الأخير. كل هذا تسبب بإرتفاع أكثر من المطلوب لدرجة حرارة إطاراته وتحديداً في بداية لفته. كما أن إطارات روزبرغ وكفيات إنتهت فور قيامهما بغلق المكابح خلال السباق ما أدى إلى تسطحها. وبعبارة أخر هكذا نوع من الأخطاء لا يرحم، فغلق المكابح لمرة واحدة كفيل بدفع السائق لإستبدال مجموعة إطاراته بالكامل.
سنحت لنا فرصة اكتشاف هذه الحلبة يوم الجمعة، وأعتقد أنها رائعة. وموقعها الجغرافي متمايز جداً ويحيط بها البحر، المنتزه الأولمبي، والعديد من المباني العصرية المدهشة. كما أنني تفاجأت بشكلٍ كبير بالمشجعين الروس، إذ توافدوا على الحلبة بحشودٍ كبيرة منذ يوم الخميس. وأعتقد أن مشاركة السائق الروسي فيتالي بيتروف في السابق، إضافةً إلى تأدية سائق فريق تورو روسو دانيل كفيات المذهلة خلال الموسم الحالي، كلهما أمور أسهمت بزيادة شعبية سباقات الفورمولا واحد بشكلٍ كبير في أكبر بلدان العالم مساحةً.
السباق
بعد السباقات المثيرة لسلسلة الـ “جي بي 2” وسلسلة الـ “جي بي 3” كنا نتوقع سباقاً حماسياً يوم الأحد بين سائقي الفورمولا واحد. للأسف، لم يتحقق ذلك. وأعتقد أنه لو قامت شركة بيريللي بجلب الإطارات ذات التركيبة اللينة “سوفت” والأكثر ليونة ”سوبر سوفت” لكان ذلك سيرفع بشكل كبير من نسب الإثارة والتشويق في السباق من دون شك، كما أن عدّة فرق أخطأت في حساباتها المتعلقة بنسب إستهلاك الوقود بناءً على المعطيات التي حصلت عليها خلال يوم الجمعة، ما أجبرها على الحد من استهلاك الوقود خلال سباق يوم الأحد، وبالتالي التراجع في الترتيب، الأمر الذي ظهر جلياً مع ثنائي تورو روسو. زد إلى ذلك أهمية المحافظة على الإطارات من أجل إجراء توقف أحادي أمام منصة الصيانة، كلها عوامل دفعت السائقين لكبح جماحهم وعدم الضغط على سياراتهم، ما حرمنا من روية العديد من المعارك المثيرة.
كنا نرغب جميعاً بمشاهدة سائقَي فريق مرسيدس يتنافسان بضراوة على أرض الحلبة في ظل إزدياد حدة المنافسة فيما بينهم على اللقب، إذ أنهما يملكان أفضل سيارة على خط الانطلاق بلا منازع. إلا أن روزبرغ ارتكب خطأً فادحاً عند وصوله إلى المنعطف الثاني من اللفة الأولى وهو منطلق بسرعة عالية جداً، الأمر الذي أدى إلى غلق مكابحه وتسطح إطاراته الأمامية التي عملت في المقابل على زيادة الإهتزازات ودفعته للتوقف وإستبدال اطاراته في نهاية اللفة. رغم ذلك، يجب علينا الإشادة بتأديته، إذ تمكن من شق طريقه عبر الترتيب ليعبر خط النهاية في المركز الثاني، وهذا دليل ملموس أخر على مدى تفوق سيارة المرسيدس على باقي السيارات.
معركة هاميلتون / روزبرغ
برأيي الشخصي، وبعد متابعة مستوى هاميلتون خلال نهاية الأسبوع، كان من المستحيل أن يتمكن روزبرغ من التغلب عليه في معركةٍ مباشرة.
ثقة هاميلتون بنفسه كبيرة للغاية وتمكن من إحكام سيطرته على كافة احداث الجائزة الكبرى. كما فاجأني هدوء هاميلتون عند المنعطف الثاني عندما حاول روزبرغ تجاوزه. كأننا نرى هاميلتون جديد، هادئ. أما في السابق، فلعلنا كنا سنشاهد هاميلتون محاولاً إغلاق كافة المنافذ في وجه روزبرغ عن طريق تمسكه بالجهة الداخلية من المنعطف، لكن ما فعله الآن برهن عن هدوء وذكاء من قبله. وبعدما حافظ على خط تسابقه المثالي، ترك روزبرغ يقوم بما كان يحاول القيام به. إن نجح الألماني، كان لدى هاميلتون 52 لفة أخرى سيحاول خلالها تجاوزه لأنه يعرف جيداً أنه كان أسرع منه طيلة نهاية الأسبوع. أو ربما أدرك أن روزبرغ لن يوقف سيارته بعد الكبح المتأخر إلى هذا الحد، وهذا ما حصل…
تبدلت الأدوار تماماً الآن، وبتنا نشاهد أن هاميلتون أصبح هو من يسيطر على أعصابه ويفرض إيقاعه دافعاً بروزبرغ تحت الضغط لأن يرتكب الأخطاء التي قلّ ما رأيناها من الألماني، وهو ما يفرض عليه رفع مستوى تأديته في أسرع وقتٍ ممكن إذ أن الوقت ينفذ وبدأنا نقترب من لحظة إشهار العلم الشطرنجي المرقط على حلبة مرسى ياس، الذي وعلى الأرجح سيحدد هوية الفائزباللقب.
ثقة هاميلتون بنفسه وبسرعته تزداد سباقاً بعد الآخر، وأصبح يمتلك زخماً كبيراً بعد تكرار ما أنجزه في وقت سابق من الموسم الحالي وتحقيق الفوز في سباق روسيا للمرة الرابعة توالياً. وأصبح المُطارد بعد أن كان الطريدة … لكن ومن دون شك، من الصعب التنبؤ بما سيحصل في الجولة الأخيرة على حلبة أبوظبي، خصوصاً وأنه سيتم منح نقاط مضاعفة. تخيلوا وصول هاميلتون إلى أبو ظبي متقدماً بفارق 31 نقطة عن وروزبرغ وتخذله مرة أخرى سيارة المرسيدس ويفوز روزبرغ أو ينهي السباق في المركز الثاني!
فوز هاميلتون أهدى فريق مرسيدس النقاط الـ 25 اللازمة من أجل حسم لقب بطولة الصانعين لسنة 2014 لصالحه.
لكن لا يجب أن ننسى أن ما وصلت إليه مرسيدس في يومنا هذا، ليس إلا مجرّد حصاد للمجهود الكبير الذي زرعته خلال الأعوام الماضية على أيدي روس برون ومايكل شوماخر، والسياسة الذكية التي اتبعتها في تطوير الطاقة الهجينة منذ عودتها إلى الفورمولا واحد عام 2010.
ريد بُل والمستقبل
من الممكن ملاحظة أن دانيال ريكياردو أصبح السائق الأساسي لأبطال العالم السابقين. ويحق لهم القيام بذلك بعد تأكد نبأ رحيل سيباستيان فيتيل عن صفوفهم مع نهاية السنة الحالية. كما أنهم سيحظون بسائق رائع في السنة المقبلة وهو دانيل كفيات، وأعتقد أن لفته الأخيرة في القسم الثالث من الحصة التأهيلية كانت الأفضل – ضمن إمكاناته- مقارنة بالسائقين الأخرين. هو سائق موهوب، وأعتقد أيضاً أننا سنتفاجأ في المستقبل من قدرته في أن يكون أفضل من ريكياردو.
معركة فيراري / ويليامز
أما فيما يخص المعركة على المركز الثالث في بطولة العالم للصانعين، أخشى أن النتائج لا تبدو مبشرة بالنسبة لفريق فيراري. خصوصاً وأن فريق ويليامز أصبح في موقع قوي، ولا أعتقد أن “السكوديريا” قادرة في الوقت الراهن على مجاراتها من أجل المنافسة على المركز الثالث في الترتيب العام. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن فريق ويليامز أهدر العديد من النقاط الثمينة بسبب الحظ العاثر الذي واجه فيليبي ماسا على مدار الموسم، أو بسبب الإستراتجيات الخاطئة الناجمة عن سوء قراءة الفريق لمجريات الأمور وهذا ما لا يقتصر على السباقات فحسب بل يشمل أيضاً التجارب التأهيلية.
بطل سلسلة سباقات الـ “جي بي 2”
لقبٌ آخر حُسم على حلبة سوتشي وهو لقب سلسلة “جي بي 2” للسائقين، والذي أحرزه سائق فريق دامس جوليون بالمر.
ما من شك أن بالمر يستحق الفوز بهذا اللقب، إذ كانت قيادته مذهلة طوال الموسم، وتمكن عبر تأديته الثابتة والمستقرة من تقديم نتائج جيدة بشكل متواصل.
ولكن هل هو سائق من قماشة الأبطال النادرين القادرين مستقبلاً على مقارعة نخبة النخبة في الفورمولا واحد بعدما إحتاج إلى ثلاثة أعوام كاملة من أجل الظفر بلقب سلسلة سباقات الـ “جي بي 2″؟ لا أعتقد ذلك. ورغم أنه سائق متمايز، إلا أنه سيكون ملائماً لأحد فرق الوسط مثل فورس إنديا أو ما شابه… أما ذلك السائق المميز في السلسلة، فأعتقد أنه سائق أكاديمية ماكلارين البلجيكي ستوفيل فاندورن، الذي يخوض موسمه الأول في السلسلة.
هناك الآن استراحة لمدة ثلاثة أسابيع قبل وصولنا إلى الجولات الثلاث الأخيرة من بطولة العالم للفورمولا واحد، لكن وقبل كل شيء، علينا الاستمرار بالدعاء والصلاة للسائق جول بيانكي بالشفاء عاجلاً، على أمل سماع أخبار إيجابية في وقت قريب.
لكن وبالرغم من ذلك، يعتقد خليل بشير أننأ خرجنا بالكثير من الإيجابيات خلال الإختبار الأول لحلبة سوتشي.
.
أعتقد أن جائزة روسيا الكبرى كانت مثيرةً للاهتمام. وتمكن الروس من الخروج بحدث ناجح آخر رفيع المستوى، بعدما بذلوا جهوداً جبارة خلال فترة زمنية قياسية.
إذ تكرر ما حصل خلال الألعاب الأولمبية الشتوية في وقتٍ سابق من السنة الحالية، بحيث كانت هناك العديد من الأصوات المشككة بجدوى إستضافة روسيا لحدثٍ عالمي بهذا المستوى بسبب الأزمة مع أوكرانيا. إلا أن ما قاموا به حقيقة كان أفضل بكثير من المجهودات التي قامت بها عدد من الدول التي إستضافت البطولة في الأونة الأخيرة.
فمنذ مشاهدتي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يقود سيارة فورمولا واحد خاصة بفريق لوتس (حين كان يُعرف الفريق باسم رينو يومذاك) في إحدى المناسبات الاستعراضية، إلى جانب علاقته الجيدة بعرّاب الفورمولا واحد بيرني إكليستون، وقيام معارفي الروس بتزويدي بمعلومات متواصلة عما يحصل في سوتشي، أيقنت وبنسبة 100 بالمئة من أنهم سيتمكنون من إستضافة جائزة كبرى أكثر من رائعة.
الحلبة
ما لا يختلف عليه أثنان أن سباق جائزة روسيا الكبرى لم يشهد تلك الإثارة التي تابعناها خلال السباقات المساندة كـ الـ “جي بي 2” والـ “جي بي 3″، كما لم تكن المافسات على أرض الحلبة بشراسة تلك المنافسات التي تابعناها على مدار الموسم الحالي. ولكن يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن حلبة سوتشي مُشيّدة داخل المدينة الأولمبية. إذ كانت الخيارات التي وفّرها الروس لمصمم الحلبات الماهرهيرمان تيلكية محدودة للغاية، ولم تتعدى بضعة شوارع تحيط بالمنتزه الأولمبي، لكي يتمكن من تصميم حلبة بما بين أيديه من مساحات متاحة. وتضم الحلبة العديد من المنعطفات بزاويا قائمة، وهو أمرٌ متوقع بالنسبة لحلبة شوارع، إضافةً لوجود منعطفات طويلة وسريعة مثل المنعطف الثالث، والعديد من المنعطفات التي تمثل تحدياً كبيراً مثل المنعطف الثالث عشر.
كما أن هذه الحلبة جديدة كلياً. ونتذكّر جميعاً كيف كان الوضع على حلبة أوستن الأميركية عندما إستصافت الفورمولا واحد للمرة الأولى. في ظل طبقة أسفلتية جديدة أدت إلى إنعدامٌ تماسك الإطارات، ونسب متدنية جداً لتآكل الإطارات.
تُعتبر حلبة سوتشي متطلّبة جداً من الناحية التقنية، وعلى السائقين القيادة بذكاء قبل كل شيء. ويمكننا ملاحظة ما حصل مع سائق فريق ويليامز فالتيري بوتاس خلال الحصة التأهيلية عندما ضغط على إطاراته بشكلٍ كبير في المقطعين الأول والثاني من الحلبة في لفته السريعة الأخيرة، ما تسبب بإهدار أعشارٍ ثمينة في المقطع الثالث إضافةً لارتكابه خطأ في المنعطف الأخير. كل هذا تسبب بإرتفاع أكثر من المطلوب لدرجة حرارة إطاراته وتحديداً في بداية لفته. كما أن إطارات روزبرغ وكفيات إنتهت فور قيامهما بغلق المكابح خلال السباق ما أدى إلى تسطحها. وبعبارة أخر هكذا نوع من الأخطاء لا يرحم، فغلق المكابح لمرة واحدة كفيل بدفع السائق لإستبدال مجموعة إطاراته بالكامل.
سنحت لنا فرصة اكتشاف هذه الحلبة يوم الجمعة، وأعتقد أنها رائعة. وموقعها الجغرافي متمايز جداً ويحيط بها البحر، المنتزه الأولمبي، والعديد من المباني العصرية المدهشة. كما أنني تفاجأت بشكلٍ كبير بالمشجعين الروس، إذ توافدوا على الحلبة بحشودٍ كبيرة منذ يوم الخميس. وأعتقد أن مشاركة السائق الروسي فيتالي بيتروف في السابق، إضافةً إلى تأدية سائق فريق تورو روسو دانيل كفيات المذهلة خلال الموسم الحالي، كلهما أمور أسهمت بزيادة شعبية سباقات الفورمولا واحد بشكلٍ كبير في أكبر بلدان العالم مساحةً.
السباق
بعد السباقات المثيرة لسلسلة الـ “جي بي 2” وسلسلة الـ “جي بي 3” كنا نتوقع سباقاً حماسياً يوم الأحد بين سائقي الفورمولا واحد. للأسف، لم يتحقق ذلك. وأعتقد أنه لو قامت شركة بيريللي بجلب الإطارات ذات التركيبة اللينة “سوفت” والأكثر ليونة ”سوبر سوفت” لكان ذلك سيرفع بشكل كبير من نسب الإثارة والتشويق في السباق من دون شك، كما أن عدّة فرق أخطأت في حساباتها المتعلقة بنسب إستهلاك الوقود بناءً على المعطيات التي حصلت عليها خلال يوم الجمعة، ما أجبرها على الحد من استهلاك الوقود خلال سباق يوم الأحد، وبالتالي التراجع في الترتيب، الأمر الذي ظهر جلياً مع ثنائي تورو روسو. زد إلى ذلك أهمية المحافظة على الإطارات من أجل إجراء توقف أحادي أمام منصة الصيانة، كلها عوامل دفعت السائقين لكبح جماحهم وعدم الضغط على سياراتهم، ما حرمنا من روية العديد من المعارك المثيرة.
كنا نرغب جميعاً بمشاهدة سائقَي فريق مرسيدس يتنافسان بضراوة على أرض الحلبة في ظل إزدياد حدة المنافسة فيما بينهم على اللقب، إذ أنهما يملكان أفضل سيارة على خط الانطلاق بلا منازع. إلا أن روزبرغ ارتكب خطأً فادحاً عند وصوله إلى المنعطف الثاني من اللفة الأولى وهو منطلق بسرعة عالية جداً، الأمر الذي أدى إلى غلق مكابحه وتسطح إطاراته الأمامية التي عملت في المقابل على زيادة الإهتزازات ودفعته للتوقف وإستبدال اطاراته في نهاية اللفة. رغم ذلك، يجب علينا الإشادة بتأديته، إذ تمكن من شق طريقه عبر الترتيب ليعبر خط النهاية في المركز الثاني، وهذا دليل ملموس أخر على مدى تفوق سيارة المرسيدس على باقي السيارات.
معركة هاميلتون / روزبرغ
برأيي الشخصي، وبعد متابعة مستوى هاميلتون خلال نهاية الأسبوع، كان من المستحيل أن يتمكن روزبرغ من التغلب عليه في معركةٍ مباشرة.
ثقة هاميلتون بنفسه كبيرة للغاية وتمكن من إحكام سيطرته على كافة احداث الجائزة الكبرى. كما فاجأني هدوء هاميلتون عند المنعطف الثاني عندما حاول روزبرغ تجاوزه. كأننا نرى هاميلتون جديد، هادئ. أما في السابق، فلعلنا كنا سنشاهد هاميلتون محاولاً إغلاق كافة المنافذ في وجه روزبرغ عن طريق تمسكه بالجهة الداخلية من المنعطف، لكن ما فعله الآن برهن عن هدوء وذكاء من قبله. وبعدما حافظ على خط تسابقه المثالي، ترك روزبرغ يقوم بما كان يحاول القيام به. إن نجح الألماني، كان لدى هاميلتون 52 لفة أخرى سيحاول خلالها تجاوزه لأنه يعرف جيداً أنه كان أسرع منه طيلة نهاية الأسبوع. أو ربما أدرك أن روزبرغ لن يوقف سيارته بعد الكبح المتأخر إلى هذا الحد، وهذا ما حصل…
تبدلت الأدوار تماماً الآن، وبتنا نشاهد أن هاميلتون أصبح هو من يسيطر على أعصابه ويفرض إيقاعه دافعاً بروزبرغ تحت الضغط لأن يرتكب الأخطاء التي قلّ ما رأيناها من الألماني، وهو ما يفرض عليه رفع مستوى تأديته في أسرع وقتٍ ممكن إذ أن الوقت ينفذ وبدأنا نقترب من لحظة إشهار العلم الشطرنجي المرقط على حلبة مرسى ياس، الذي وعلى الأرجح سيحدد هوية الفائزباللقب.
ثقة هاميلتون بنفسه وبسرعته تزداد سباقاً بعد الآخر، وأصبح يمتلك زخماً كبيراً بعد تكرار ما أنجزه في وقت سابق من الموسم الحالي وتحقيق الفوز في سباق روسيا للمرة الرابعة توالياً. وأصبح المُطارد بعد أن كان الطريدة … لكن ومن دون شك، من الصعب التنبؤ بما سيحصل في الجولة الأخيرة على حلبة أبوظبي، خصوصاً وأنه سيتم منح نقاط مضاعفة. تخيلوا وصول هاميلتون إلى أبو ظبي متقدماً بفارق 31 نقطة عن وروزبرغ وتخذله مرة أخرى سيارة المرسيدس ويفوز روزبرغ أو ينهي السباق في المركز الثاني!
فوز هاميلتون أهدى فريق مرسيدس النقاط الـ 25 اللازمة من أجل حسم لقب بطولة الصانعين لسنة 2014 لصالحه.
لكن لا يجب أن ننسى أن ما وصلت إليه مرسيدس في يومنا هذا، ليس إلا مجرّد حصاد للمجهود الكبير الذي زرعته خلال الأعوام الماضية على أيدي روس برون ومايكل شوماخر، والسياسة الذكية التي اتبعتها في تطوير الطاقة الهجينة منذ عودتها إلى الفورمولا واحد عام 2010.
ريد بُل والمستقبل
من الممكن ملاحظة أن دانيال ريكياردو أصبح السائق الأساسي لأبطال العالم السابقين. ويحق لهم القيام بذلك بعد تأكد نبأ رحيل سيباستيان فيتيل عن صفوفهم مع نهاية السنة الحالية. كما أنهم سيحظون بسائق رائع في السنة المقبلة وهو دانيل كفيات، وأعتقد أن لفته الأخيرة في القسم الثالث من الحصة التأهيلية كانت الأفضل – ضمن إمكاناته- مقارنة بالسائقين الأخرين. هو سائق موهوب، وأعتقد أيضاً أننا سنتفاجأ في المستقبل من قدرته في أن يكون أفضل من ريكياردو.
معركة فيراري / ويليامز
أما فيما يخص المعركة على المركز الثالث في بطولة العالم للصانعين، أخشى أن النتائج لا تبدو مبشرة بالنسبة لفريق فيراري. خصوصاً وأن فريق ويليامز أصبح في موقع قوي، ولا أعتقد أن “السكوديريا” قادرة في الوقت الراهن على مجاراتها من أجل المنافسة على المركز الثالث في الترتيب العام. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن فريق ويليامز أهدر العديد من النقاط الثمينة بسبب الحظ العاثر الذي واجه فيليبي ماسا على مدار الموسم، أو بسبب الإستراتجيات الخاطئة الناجمة عن سوء قراءة الفريق لمجريات الأمور وهذا ما لا يقتصر على السباقات فحسب بل يشمل أيضاً التجارب التأهيلية.
بطل سلسلة سباقات الـ “جي بي 2”
لقبٌ آخر حُسم على حلبة سوتشي وهو لقب سلسلة “جي بي 2” للسائقين، والذي أحرزه سائق فريق دامس جوليون بالمر.
ما من شك أن بالمر يستحق الفوز بهذا اللقب، إذ كانت قيادته مذهلة طوال الموسم، وتمكن عبر تأديته الثابتة والمستقرة من تقديم نتائج جيدة بشكل متواصل.
ولكن هل هو سائق من قماشة الأبطال النادرين القادرين مستقبلاً على مقارعة نخبة النخبة في الفورمولا واحد بعدما إحتاج إلى ثلاثة أعوام كاملة من أجل الظفر بلقب سلسلة سباقات الـ “جي بي 2″؟ لا أعتقد ذلك. ورغم أنه سائق متمايز، إلا أنه سيكون ملائماً لأحد فرق الوسط مثل فورس إنديا أو ما شابه… أما ذلك السائق المميز في السلسلة، فأعتقد أنه سائق أكاديمية ماكلارين البلجيكي ستوفيل فاندورن، الذي يخوض موسمه الأول في السلسلة.
هناك الآن استراحة لمدة ثلاثة أسابيع قبل وصولنا إلى الجولات الثلاث الأخيرة من بطولة العالم للفورمولا واحد، لكن وقبل كل شيء، علينا الاستمرار بالدعاء والصلاة للسائق جول بيانكي بالشفاء عاجلاً، على أمل سماع أخبار إيجابية في وقت قريب.