كانت هناك طموحات كبيرة لماكلارين وهوندا قبل أن تفشل خلال موسم 2015 من بطولة العالم للفورمولا 1، ولكن تتجه كافة الأنظار إلى هذه الشراكة مرةً أخرى في الموسم الجديد. يحلل لنا كريغ سكاربوروه سيارة ‘أم بي 4-31’، ويقيّم آمال ماكلارين من أجل قلب موازين القوى.
كان تحالف ماكلارين هوندا العام الماضي بعيداً كل البعد عن النجاح الذي حققه في الحقبة الماضية من الفورمولا 1، وذلك مع وجود مشاكل في هيكل السيارة ووحدة الطاقة والتي أدت إلى مواجهة موسم كارثي من ناحية تأدية السيارة وموثوقيتها.
وفي ظل هذه النتائج المتردية على الحلبات، عمل الثنائي دون كلل خلف الكواليس من أجل تحقيق مكاسب ضخمة في كافة المجالات. وبعد الكشف عنها صباح الأحد، لا تحمل سيارة ‘أم بي 4-31’ أية مفاجآت إذ أن المفهوم الانسيابي كان اختبر على مدار موسم 2015، مع زيادة الفارق في الارتفاع بين مقدمة السيارة ومؤخرتها.
ورغم القيود على تطوير وحدة الطاقة مع اعتماد نظام المفاتيح التطويرية، إلا أن إمكانية استخدام 32 مفتاح على مدار الفترة الشتوية يسمح لهوندا بإعادة هيكلة الشاحن التوربيني ونظام استعادة الطاقة الحرارية ‘أم جي يو أتش’. إذ يبدو أن الأسس التي كانت خاطئةً للغاية العام الماضي، في وحدة الطاقة الموضحة في الصورة أدناه، أصبحت صحيحة.
وتستمر هوندا في عملية تطوير وحدة الطاقة في مصنع ساكورا الياباني مع عدم وجود مراجع كبيرة عن الخبرات الخارجية. هذا النهج التقليدي لهوندا فشل فشلاً ذريعاً العام الماضي.
ولكن رغم ذلك، تعلم المصنع الياباني العديد من الدروس، ما دفع المدير الرياضي ياسوهيسا أراي إلى مناقشة وجود شاحن توربيني جديد، وشدد إلى أن التجارب تهدف إلى اختبار أنظمة استعادة الطاقة ‘إي أر أس’، وهي نقاط ضعف العام الماضي.
هذا يعيد التأكيد بأن محرك هوندا للاحتراق الداخلي المؤلف من ست أسطوانات بشكل حرف V كان قوياً العام الماضي، ولكنه لم يكون مدعوماً بالقوة الكهربائية من الأنظمة الهجينة المرتبطة به. هذه هي المرحلة الأولى ضمن خطة المصنع الياباني لجعل وحدة الطاقة هي الأفضل من جديد.
إذ أن الابتكار، الذي ظهر ذكياً في البداية، بوضع ضاغط توربيني صغير داخل المقطع ‘V’ من المحرك أدى إلى إجهاد الشاحن التوربيني ونظام استعادة الطاقة الحرارية بشكلٍ كبير. وأفادت مصادر مطلعة بأن الشاحن التوربيني بقي في مكانه، ولكن مع زيادة حجمه بشكلٍ ملحوظ.
هذا الأمر سيتغير في سنة 2017، ولكن بالنسبة لهذا الموسم فإن الأنظمة الميكانيكية في مقدمة المحرك خضعت لتعديلات من أجل إفساح مجال أكبر. وتأمل هوندا ألا تؤدي هذه التغييرات إلى مزيدٍ من مشاكل الموثوقية إضافةً إلى تحسين الأداء.
أما من ناحية الهيكل، فإن سيارة العام الماضي كانت عبارة عن تقاطع بين مفهوم ‘القياس 0’ لمؤخرة السيارة الضيقة وسيارة عام 2014، مع نظام التعليق الخلفي غير المعتاد. أما بالنسبة للسيارة الجديدة، فإنها تتركز على ثلاثة نقاط تقنية، إضافةً إلى التأثير الواضح لبيتر برودرومو الذي ينعكس على التصميم الانسيابي.
من الملاحظ بسهولة أن السيارة تتميز بزيادة فارق الارتفاع بين مقدمة السيارة ومؤخرتها، ما يؤدي إلى انخفاض المقدمة بشكلٍ كبير وارتفاع الجناح الخلفي. هذا الأمر يتيح استغلال نسب الارتكازية لأرضية السيارة بشكلٍ أفضل إضافةً إلى زيادة فعالية الجناح الأمامي.
لا يعني ذلك مجرد تعديل نظام التعليق، بل يجب تصميم السيارة بأكملها حول هذا المفهوم. إذ أنه يؤثر على تصميم علبة التروس وأنظمة التعليق والانسيابية.
ويبدو أن تطوير سيارة ماكلارين عبر سباقات العام الماضي كان مثمراً إذ أصبحت السيارة أعلى بكثير مما كان الحال عليه عام 2015.
أما بالنسبة لمقدمة سيارة ‘أم بي 4-31’، فإنها تعتبر نسخة تطويرية عن المقدمة القصيرة التي اعتمدها الفريق منتصف العام الماضي. الأمر المثير للاهتمام هو أن دعائم الجناح الأمامي تتمتع بشقوقٍ عمودية، وهو أمرٌ لم يلاحظ وجوده في سياراتٍ أخرى.
ونظراً لأن أعمدة الجناح الأمامي تعتبر أساسيةً في تهيئة تدفق التيارات الهوائية إلى زعانف الانعطاف، فإن وجود شقوق يعني أن فريق ماكلارين بذل مجهوداً كبيراً من أجل ضمان ارتباط التيارات الهوائية أثناء اجتياز الوجه الداخلي لزعانف الانعطاف.
ولكن هذه المنطقة ما زالت تخضع لقانون المقطع المغلق بشكلٍ مشابهٍ لمقدمة السيارة، وبالتالي فإن الفريق تمكن من التحايل من أجل ضمان عدم خرق القوانين.
كما تتضمن المقدمة القصيرة على فتحة بشكل حرف ‘S’، والتي اعتمدها فريق ماكلارين خلال منتصف موسم 2015 أيضاً. ولكن يبدو أن الضبط الجديد أصبح أفضل، أكثر اكتمالاً، وأكثر عدائيةً.
وتبقى الجوانب جزءاً رئيسياً من مفهوم ‘القياس 0’، ولكن الآن مع تصميم سيارات العديد من الفرق الأخرى بحيث تكون مؤخرة السيارة ضيقة، لا تبدو سيارة ماكلارين راديكاليةً للغاية. وتمكن فريق ماكلارين من المحافظة على هذه الجوانب الضيقة والصغيرة نظراً لأن الفتحة الرئيسية أعلى مقصورة القيادة تغذي أنظمة التبريد المتواجدة خلف المحرك، هذا ما يشير إليه الشق في الفتحة الرئيسية أنه، ومرةً أخرى، تتواجد أنظمة تبريد أعلى المحرك.
لعل التغيير الرئيسي عن سيارة ‘أم بي 4-30’ هو اعتماد نظام تعليق خلفي تقليدي. إذ أن التموضع المميزة لأذرع نظام العام الماضي جاءت نتيجة المحافظة على مفاهيم سيارة 2014.
ومن المفترض أن يكون هذا النظام أكثر فعالياً من الناحية الانسيابية والبنيوية مع المواقع الجديدة للأذرع.
ونجد أعلى علبة التروس نظام العوادم الجديد، وبحيث يحصل كل من الشاحن التوربيني وبوابة الطاقة المبددة على أنابيب منفصلة ما أدى إلى وجود أنبوب عادم رئيسي ضخم ويتواجد أسفله أنبوبان صغيران لبوابة الطاقة المبددة. هذا الأمر ناجم عن اعتماد قوانين تقنية جديدة تهدف إلى جعل أصوات المحركات أعلى.
ورغم عدم وضوحها في الصور التي نشرها الفريق، إلا أن فيديو الكشف عن السيارة الجديدة يشير إلى وجود فاصل عمودي في الأنبوب العادم المركزي، إذ اتبع فريق ماكلارين مبدأ تورو روسو الذي يقضي بتمرير عمود الجناح الخلفي عبر الأنبوب العادم. هذا الأمر يساهم في جعل مؤخرة السيارة ‘أنظف’ بدلاً عن وجود عمود يشبه حدوة الحصان كما هو الحال مع فيراري.
كما من المرجح أن أقساماً كبيرة من جسم السيارة، مثل الأجنحة والجوانب، ستخضع لتطويراتٍ خلال التجارب الشتوية، خصوصاً بالنسبة للأجنحة التي تكون بمواصفات مبدئية عند الكشف عن السيارة للمرة الأولى.
وبشكلٍ عام، أكمل فريق ماكلارين العمل البنيوي من أجل ضمان تحسين كل من وحدة الطاقة والهيكل. هذه التغييرات بحد ذاتها من شأنها تحسين المراكز في السباقات، ولكن الأجزاء غير الظاهرة هي التي تحدد في نهاية المطاف مدى تنافسية سيارة ‘أم بي 4-31’ على مدار الموسم بأكمله.
حيث مضى زمنٌ طويل منذ تصميم ماكلارين لهيكل سيارة من الطراز الرفيع، وعلى الفريق إثبات أن ما زال بإمكانه تحقيق ذلك. كما على هوندا إثبات قدرتها في تصنيع أنظمة استعادة طاقة ‘إي أر أس’ أقوى وأكثر موثوقية، فبدون هذه العملية لن يكون هيكل السيارة مجدياً.
حتى الآن، نتحفظ عن اتخاذ قرارات عن حظوظ فريق ماكلارين والتقدم الذي حققه خلال الفترة الشتوية، إذ أن الأهداف والتوقعات الجريئة من العام الماضي أثبتت أنه من غير العقلاني رفع سقف التوقعات.