انتهى الانتظار في الأسبوع الماضي. أنا متأكد أنكم تابعتم أحداث الكشف عن السيارات الجديدة ومجريات التجارب الشتوية بمختلف الطرق المتاحة. ولكن ماذا تعلمنا بعد نهاية الفترة الأولى من التجارب الشتوية لبطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد لموسم 2015؟
.
.
من دون شك، التفاصيل التي تمكنا من معرفتها ستكون صغيرة للغاية مقارنةً بتلك التي سيتم الكشف عنها خلال مجريات الجولة الافتتاحية للموسم في أستراليا. إذ تتيح لنا التجارب الشتوية إمكانية معرفة السيارات الجيدة والسيارات السيئة نوعاً ما، لكننا لن نحصل على فكرة واضحة عن مدى جودة كل فريق قبل انتهاء الحصة التأهيلية لجائزة أستراليا الكبرى في حلبة ملبورن.
في هذه السنة، واجهت الفرق مشكلةً كبيرةً للغاية. هذه المشكلة واجهت السائقين والمهندسين على وجه الخصوص. إذ تُقام كافة مجريات التجارب الشتوية في أوروبا وفي أجواءٍ باردة، وليس كما حصل العام الماضي عندما استضافت حلبة البحرين الدولية فترتَين من فترات التجارب الشتوية. إذ يُعتبر إجراء التجارب الشتوية في البحرين مثالياً لأن تجربة إطارات بيريللي في درجات حرارة مرتفعة تُعتبر أمراً ضرورياً للغاية. إذ يجب إيجاد معايير الضبط المثالية لهذه الإطارات نظراً للدور الأساسي الذي تلعبه الإطارات في السباقات والحصص التأهيلية.
وبكافة الأحوال، تُعتبر حلبة خيريز ممتازةً للتجارب. إذ تحتوي على مختلف أنواع المنعطفات التي يحتاج إليها المهندسين والسائقين في التجارب ؛ منعطفات بطيئة، سريعة، متدفقة، منعطفات سريعة متتالية مع تغير في الاتجاه إلخ…… ومن أهم عوامل النجاح مغادرة تجارب خيريز بعد إكمال أكبر عدد ممكن من اللفات وضمان عدم وجود أية مشاكل تقنية كبيرة في السيارات الجديدة. الأمر الذي لم يحصل مع فريق ماكلارين مع محركات هوندا الجديدة، إلى جانب فريق ريد بُل أيضاً ومحركات رينو.
إليكم أبرز النقاط التي تعلمناها من تجارب خيريز:
سرعة فيراري أفضل
بدا فريق فيراري في وضعٍ أفضل في تجارب خيريز. المظهر الخارجي للسيارة أجمل من سابقتها بالتأكيد، كما أن الفريق مختلف كلياً ويراودني إحساس أن سنة 2015 ستمثّل بداية جيل جديد وحقبة جديدة لفريق فيراري. بدءاً من رئيس الفريق ماوريزيو أريفابيني، مروراً باستقدام سيباستيان فيتيل وصولاً الى استلام جايمس أليسون إدارة القسم التقني في الفريق إلخ…
تمكن الفريق من تصدر جدول التواقيت المسجلة في ثلاثة أيام من التجارب من أصل أربعة، كما أن السيارة تبدو أكثر ثباتاً واستقراراً على الحلبة ويمكن السيطرة عليها أثناء القيادة بشكلٍ أفضل وهناك العديد من الدلائل المبشّرة بأن الفريق يتجه نحو الطريق الصحيح بعد معاناته الكبيرة في الموسم الفائت. يقوم الفريق بتنفيذ طلبات فيتيل كاملةً. هل رأيتم كيف قام الفريق بالتصفيق له بعد يومه الثاني في التجارب؟ من المؤكد أنهم سعداء لتواجده في صفوفهم، إذ يُعتبر انضمامه إلى فيراري أمراً رائعاً، فهو بحاجة لاستعادة ثقته بنفسه والشعور بالارتياح وسط فريقه الجديد، حيث يقوم الفريق الإيطالي بالعمل على تحقيق ذلك.
أهم ما يحتاجه السائق هو الثقة بالنفس، وتأتي هذه الثقة من خلال الشعور بثقة الفريق به وستأتي النتائج الإيجابية عاجلاً أم آجلاً. انتقال فيتيل لفيراري هو ما احتاجه تماماً، إذ يواجه تحدياً جديداً ومن الواضح أنه سعيد مع فريقه الجديد والفريق يعامله كما يحب. لن أستبق الأمور لأقول إن الفريق يعامله كسائق رقم واحد، ولكن من دون شك، المعاملة التي أظهرها الفريق الإيطالي لسائقه الألماني لغاية الآن هي معاملة خاصة ومثالية.
بالانتقال للفنلندي كيمي رايكونن، الذي أبدى سعادته بأداء السيارة الجديدة في المنعطفات، إذ أصبح للفريق خبرة أكبر بمتطلبات رايكونن في ما يتعلق بمعايير ضبط السيارة. ومن دون شك، هذه السيارة مختلفة في خصائصها عن تلك التي كانت تلائم أسلوب قيادة فرناندو ألونسو في السابق، إذ كان الأخير يفضل الانزلاق الأمامي و إجراء تصحيحات متواصلة عند دخوله المنعطفات وبذل مجهود كبير خلف المقود.
السؤال المطروح: هل سيتمكن رايكونن من التغلب على فيتيل؟ في حال لم يتمكن من ذلك، من المرجح أن يكون موسم 2015، الموسم الأخير للرجل الجليدي في الفئة الملكة.
فريق مرسيدس يُركز على إنجاز مهامه بعيداً عن تصدر العناوين
أنا واثق من أن سيارات مرسيدس الجديدة كانت مزودة بكميات كبيرة من الوقود طوال فترة التجارب. لم نتمكن من رؤية سرعتها الحقيقية، ونظراً للأفضلية الكبيرة التي كان يمتع بها أبطال العالم نهاية الموسم الماضي، من المتوقع أنهم ما زالوا في الصدارة وستحاول بقية الفرق اللحاق بهم.
وبالنظر للتواقيت الأسرع التي تمكن سائقا مرسيدس من تسجيلها، نلاحظ أن هذه الأزمنة جاءت خلال قيامهما بسلسلة طويلة من اللفات، ورغم ذلك كانت هذه الأزمنة تنافسيةً للغاية، هذا الأمر جدير بالذكر أليس كذلك؟
ولكن يبقى السؤال الأهم: لمن ستكون اليد العليا؟ هاميلتون أم روزبرغ؟
روزبرغ سائق قوي للغاية من الناحية الذهنية، وهو متعطش لنيل الألقاب بشكلٍ أكثر بعد معركة العام الماضي، كما أنه قادر على دراسة كافة المعطيات بتركيز،ويعرف جيداً أنه قادر على الفورز باللقب بعدما كان قريب جداً من تحقيق ذلك في موسم 2014. أما بالنسبة لهاميلتون، فله خصائص معينة يتميز بها عن باقي السائقين. هو سريعٌ للغاية، وفي بعض الأحيان تكون سرعته زائدة عن حدها. ولكن يجب عليه الاحتفاظ برباطة جأشه وعدم ارتكاب الأخطاء، كما عليه تأمل عدم مواجهة الحظ العاثر.
أما أنا، فآمل أن تكون المعركة على اللق ب في الموسم الجديد بحماسة معركة الموسم الماضي نفسها، وأكثر.
ماكلارين وريد بُل
من المؤكد أن الرياح لم تجرِ كما تشتهي السفن بالنسبة لهذين الفريقين. كان من المحتم مواجهة هوندا لبعض المشاكل في أولى أيام التجارب. هل تذكرون ما واجهته محركات رينو الجديدة في تجارب العام الماضي؟ الأمر مشابه نوعاً ما، وبالتالي يُرجح أن تقوم هوندا بإيجاد الحلول لمعظم مشاكل محركها الجديد مع بداية موسم 2015.
لا نملك فكرة واضحة حتى الآن عن قوة محركات هوندا الجديدة، لكنني أتوقع أن تكون تأديتها أفضل من تأدية محركات رينو العام الماضي.
أما بالنسبة لتصميم السيارة الانسيابي، فإن الشخص الذي استلم زمام الأمور في فريق ماكلارين كان من أبرز عوامل النجاح في فريق ريد بُل في السابق، ألا وهو بيتر برودرومو الذي كان اليد اليمنى لأدريان نيوي.
انضمام برودرومو إلى ماكلارين هو ما يحتاجه الفريق تماماً، ومن المؤكد أن الجميع ينتظر ما سيتمكن من القيام به مع الفريق المتمركز في مدينة ووكينغ.
على فرناندو ألونسو التحلي بالصبر لموسمٍ إضافي إن كان يريد المنافسة على اللقب، وسيكون من المثير للاهتمام مقارنة تأديته بتأدية جنسون باتون. حسناً، باتون سائق مخضرم مع فريق ماكلارين وسيشارك في موسمه السادس في صفوفه، لكننا نعلم كيف يتعامل ألونسو مع زملائه في الفريق.
بدوره، واجه فريق ريد بُل المزيد من المشاكل، خصوصاً مع المحركات، إلى جانب تعرض دانيل كفيات لحادث في اليوم الثاني أدى إلى تضرر الجناح الأمامي الوحيد الذي قام فريق ريد بُل بجلبه إلى تجارب خيريز. وبالتالي اضطر الفريق للانتظار حتى بداية اليوم التالي لحين وصول الجناح الأمامي الإضافي من مصنعه.
جميعنا نعلم قوّة فريق ريد بُل من الناحية الانسيابية، ومع تأديةٍ أفضل نوعاً ما لمحركات رينو في الموسم الجديد، هل سيتمكن الفريق من تحقيق نتائج قوية؟
كما أنني أتطلع قدماً لرؤية المعركة بين كل من كفيات وريكياردو، أنا واثق من أن هذه المعركة ستكون مثيرةً للغاية.
الفرق الأخرى
لا يمكن استخلاص العديد من المعلومات من بقية الفرق.
من المؤكد أن سيارة فريق لوتس الجديدة أفضل من سيارة العام الماضي، خصوصاً بعد انتقالهم للتزود بمحركات مرسيدس. إلا أن الفريق يواجه العديد من المشاكل المادية، وبالتالي قد يشكل هذا الأمر مشكلةً كبيرة. وهذا الأمر ينطبق على فريقي ساوبر وفورس إنديا.
تبدو سيارة ساوبر الجديدة جيدة نوعاً ما، ولكن هل يملك الفريق السويسري الأموال الكافية من أجل تطوير السيارة على مدار الموسم؟ لا أتوقع ذلك.
أما بالنسبة لفريق فورس إنديا، لا أستغرب أن يقوم مستثمر جديد بشراء الفريق بالكامل في وقتٍ قريب وتغيير اسمه. فهم يحتاجون لتمويل كبير بشكلٍ فوري. من ناحية السائقين، يضم الفريق سائقين جيدين، أحدهما سائق من طراز رفيع المستوى وممتاز. وبالتالي يجب على الفريق إنتاج سيارة جيدة مع ميزانية كفيلة بتطويرها طوال الموسم.
بالانتقال إلى فريق تورو روسو، سيزيد من ارتباطه بفريق ريد بُل الأساسي الآن، وذلك لأن الفريقَين أصبحا الوحيدين الذين يتزودان بمحركات رينو. جميعنا يعلم أن فريق تورو روسو يمثل بنيةً من أجل تطوير السائقين الشباب في برنامج ريد بُل، قبل ترقيتهم إلى الفريق الأم. وبالتالي ستكون زيادة التعاون بين الفريقين مثمرةً أكثر.
كانت السيارة جيدة نوعاً ما، خصوصاً من ناحية الموثوقية مع محركات رينو مقارنةً بسيارة فريق ريد بُل. أما من ناحية أدائها في المنعطفات، ومع مراقبة السيارة على الحلبة، كانت السيطرة عليها بالغة الصعوبة وبدت السيارة عصبيةً للغاية.
تشكيلة سائقَي تورو روسو مثيرة للاهتمام، كارلوس ساينز الابن وماكس فيرشتابن. السائقان يفتقران للخبرة، وبالتالي ستكون معرفة من سيتمكن من التغلب على الآخر مثيرةً للاهتمام.
بعيداً عن كل الضجة الإعلامية، كان فريق ويليامز يشارك بتجارب هادئة ويركز على القيام بعمله. كان الفريق من أقرب الفرق لمرسيدس نهاية الموسم الماضي، وأكد كل من السائقَين سعادتهما بالسيارة الجديدة وبأنها تمثل خطوةً في الاتجاه الصحيح.
سيارة العام الماضي كانت من أسرع السيارات في الخطوط المستقيمة، لكنها لم تكن مستقرة للغاية في المنعطفات، إلا أن السيارة الجديدة تبدو أفضل منذ الآن.
لننتظر تجارب برشلونة وما سينتج عنها، وما سنتمكن من استخلاصه من هذه التجارب. أرجو أن تشاركوني آراءكم هنا وعلى حسابي الخاص على موقع تويتر أيضاً.