تتجه بطولة العالم للفورمولا 1 إلى حلبة سيلفرستون التي تستضيف عاشر جولات موسم 2019 نهاية الأسبوع الحالي. وبعد سباق النمسا المثير، والذي يمكن وصفه بـ ‘الملحمي’، من الطبيعي وجود العديد من النقاط والتساؤلات التي ننتظر إجاباتها بفارغ الصبر في جائزة بريطانيا الكبرى.
فريق فيراري يريد إثبات تحقيقه لتقدم ملموس
جائزة النمسا الكبرى شهدت تمتع فريق فيراري بمستوى أداء جيد طوال مجريات التجارب والحصة التأهيلية، وحتى في السباق أيضاً. من المؤكد أن الفريق الإيطالي وجد أسلوباً للتعامل بشكلٍ أفضل مع الإطارات واستخلاص أقصى قدرات سيارة ‘أس أف 90’.
ولكن، هل كان ذلك ناجماً عن ظروف حلبة ريد بُل رينغ؟ أم أنه ناجم عن اتخاذ فريق فيراري لنهجٍ صحيح، أخيراً، مع التحديثات والقطع الجديدة ومعايير الضبط للسيارة؟
سنحصل على إجابةٍ عن هذا التساؤل في حلبة سيلفرستون التي تتميز بمزيجٍ من مختلف أنواع المنعطفات السريعة، متوسطة السرعة، والبطيئة.
وبالتالي، على مدار جائزة بريطانيا الكبرى، سيكون بإمكاننا، بسهولةٍ، تحديد الجوانب التي تعاني فيها سيارة فيراري ‘أس أف 90’، ومعرفة إن كان تحسن مستوى الأداء في الجولة الماضية ناجم عن تحقيق الفريق الإيطالي لتقدمٍ ملحوظ، قد يعد بمزيدٍ من المكاسب الضخمة على مدار الجولات المقبلة، أم أن الأداء في النمسا كان نتيجة الظروف الاستثنائية لحلبة ريد بُل رينغ.
فريق مرسيدس يسعى إلى تعويض خيبة أمل النمسا
هناك أمرٌ وحيد مؤكد: سرعة مرسيدس لم تتراجع بشكلٍ مفاجئ كما حصل في النمسا، ولكن تصميم سيارة ‘دبليو 10’ يعني مواجهة تحديات كبيرة في ما يتعلق بتبريد مختلف الأنظمة عند ارتفاع درجات الحرارة.
وعندما يندمج عامل ارتفاع درجات الحرارة بشكلٍ ملحوظ مع ارتفاع حلبة ريد بُل رينغ عن سطح البحر، نلاحظ معاناة فريق مرسيدس مع عدم القدرة على الضغط على السيارة بشكلٍ ملحوظ، واعتماد معايير ضبط للحد من الأضرار وضمان اجتياز السيارتين لخط النهاية.
ولكن في جائزة بريطانيا الكبرى، فإن الأسهم الفضية ستعود إلى اعتماد معايير الضبط المعتادة، وسيتمكن لويس هاميلتون وفالتيري بوتاس من الضغط إلى أقصى الحدود مجدداً وبنفس الأسلوب الذي ضمن فوز مرسيدس بالسباقات الثمانية الأولى من الموسم.
بالنسبة لـ هاميلتون، على وجه الخصوص، فإن البريطاني يريد تحقيق فوزٍ بمثابة ‘رد اعتبارٍ’ في جائزة بريطانيا الكبرى، وذلك بعدما خسر الصدارة عند انطلاق سباق العام الماضي لمصلحة منافسه في فيراري سيباستيان فيتيل الذي احتفل ‘بفوزٍ في أرض الأعداء’ بعد انتهاء السباق.
كما أن السباقات القليلة المقبلة قبل العطلة الصيفية تعتبر أساسيةً بالنسبة لـ هاميلتون لضمان إنهاء أية شكوك حول إمكانية بوتاس منافسته على اللقب.
إذ أن تفوق هاميلتون بشكلٍ ملحوظ على بوتاس على مدار الجولات المقبلة في بريطانيا، ألمانيا، والمجر، سيعني أن بوتاس سيتجه إلى العطلة الصيفية وهو يشعر بشكوكٍ كبيرة ومتأثر نفسياً بعدم قدرته على منافسة هاميلتون، ما سيعني نظرياً منح البريطاني أفضليةً كبيرةً في النصف الثاني من الموسم مع سيره بخطواتٍ ثابتة نحو التتويج بلقبه العالمي السادس.
فريق ريد بُل يريد المحافظة على وتيرته المذهلة مع الإطارات
منذ بداية موسم 2019، فإن فريق ريد بُل كان من أبرز المنتقدين لإطارات بيريللي في الموسم الحالي، وقاد حملةً، دون نجاح، للمطالبة بالعودة إلى استخدام إطارات العام الماضي في الجولات المتبقية من الموسم.
ولكن في جائزة النمسا الكبرى، كان تعامل ماكس فيرشتابن مع إطاراته مذهلاً بالفعل. إذ أن الهولندي تمكن من المحافظة على إطاراته وضمان عدم تآكلها بشكلٍ كبير، بالترافق مع ضغطه بشكلٍ كبير وتمتعه بوتيرةٍ عالية في النصف الثاني من السباق وحتى اجتيازه لخط النهاية.
هذه الوتيرة المذهلة لـ فيرشتابن في حلبة ريد بُل رينغ ضمن تقليصه للفارق إلى الصدارة بشكلٍ كبير، وليتمكن من تجاوز منافسيه سائقاً تلو الآخر لحين اجتيازه خط النهاية بالمركز الأول وفوزه بالسباق.
في بريطانيا، ستعود الأمور إلى مجراها بالنسبة لفريق مرسيدس، وبالتالي سيكون من المثير للاهتمام معرفة إن كان بإمكان فريق ريد بُل التعامل مع إطاراته بأفضليةٍ أكثر من مرسيدس وبالتالي المنافسة على الفوز باستمرار حتى نهاية الموسم الحالي.
معركة متوسط الترتيب والسعي لخطف نقاط حاسمة قبل العطلة
بعدما كانت هناك توقعات بأن معركة متوسط الترتيب في موسم 2019 لن تكون محتدمةً كما حصل في العام الماضي، نظراً لأنه كان من المتوقع تمتع فريق رينو بأفضليةٍ على منافسيه نظراً لاستثمارات الصانع الفرنسي، إلا أن الحكاية كانت مختلفة على مدار الجولات التسعة الأولى من الموسم.
الفريق الأبرز كان ماكلارين، الذي حقق تقدماً هائلاً في مستوى تأديته مقارنةً مع العام الماضي، كما أنه يتمكن من التعامل مع إطارات بيريللي بشكلٍ جيد مقارنةً مع منافسيه في منطقة متوسط الترتيب ليحصل على أفضلية 20 نقطة في المركز الرابع متفوقاً على رينو.
هناك تأكيدات من قِبل فريق رينو بأنهم يعملون على جلب المزيد من التحديثات، بعدما لم تثمر القطع الجديدة التي جلبها الفريق في جولة فرنسا، وأن بإمكانهم تقليص الفارق إلى ماكلارين.
ولكن على فريق رينو ألا يخشى من ماكلارين فقط، وإنما قد يواجه منافسةً شرسةً من فريق ألفا روميو الذي أكد بأنه سيجلب سلسلةً من التحديثات على مدار الجولات المقبلة لضمان تقليص الفارق ومنافسة ماكلارين على المركز الرابع في ترتيب بطولة العالم للصانعين، وذلك بعدما حقق فريق ألفا روميو أفضل نتيجةٍ له في الموسم في جولة النمسا الماضية.
ولكن الغموض يبقى محيطاً بفريق هاس في معركة متوسط الترتيب. ما يحصل مع الفريق الأميركي يعتبر غريباً جداً. في النمسا، تألق كيفن ماغنوسن مع تسجيله لخامس أسرع توقيتٍ في الحصة التأهيلية، علماً أنه كانت لديه عقوبة التراجع من مركز تأهله بسبب استخدام علبة تروس جديدة بالتالي انطلق من المركز العاشر.
ولكن رغم ذلك، فإن أداء فريق هاس كان كارثياً جداً في السباق. إذ أن وتيرة سيارة ‘في أف 19’ تتراجع بشكلٍ ملحوظ في السباق ومع كمية كبيرة من الوقود مقارنةً مع الأداء في الحصة التأهيلية، ويخاطر الفريق بتفوق معظم منافسيه عليه في حال عدم إيجاده لحلولٍ لتلك المشاكل الجذرية التي يواجهها.
جنون موسم الانتقالات
على مدار الأسبوع الذي سبق جائزة بريطانيا الكبرى، كانت هناك مختلف الشائعات في سوق الانتقالات، والعديد منها كانت شائعاتٍ غير منطقية إطلاقاً.
معظم هذه الشائعات ناجمة عن عدم سعادة فريق ريد بُل مع بيار غاسلي، والسعي إلى استبداله. مع طرح العديد من الأسماء المرشحة للحصول على مقعد الفرنسي.
كما أن فريق رينو يعتبر متواجداً في سوق الانتقالات مع استمرار الشكوك المحيطة بمصير نيكو هولكنبرغ مع الفريق، وإمكانية تجديد رينو لعقد الألماني، أو حتى إن كان هولكنبرغ يرغب بالاستمرار مع رينو أم التوجه إلى فريق آخر.
وكانت هناك بعض التقارير حول إمكانية تغيير بعض الفرق لمزود المحركات في الموسم المقبل، وكل ذلك سيتضح على مدار جائزة بريطانيا الكبرى مع تطرق المدراء والمسؤولين والسائقين إلى كافة تلك الشائعات.