يشرح آلان بروست لشارز برادلي عن سبب تحسّن علاقته بأفضل منافسيه آيرتون سينا ما إن اعتزل سباقات الفورمولا واحد.
يقول آلان بروست في ذكرى رحيل السائق البرازيلي آيرتون سينا في سباق إيمولا عام 1994: “لن أقوم بالاحتفال مثل بضعة أشخاص في ذكرى مرور عشرين عام. يمكنني أن أجيب على بضعة أسئلة متعلقة به، ما من مشكلة. إنه فتى استثنائي. لكني لا أراه كما يفعل الآخرون”.
لنفهم السبب الذي دفع بروست لقول هذا، علينا النظر إلى الخلفية التاريخية الذي تشاركها بروست و سينا: لقد تنافس الإثنان في حقبة عُرفت بأنها الأعظم في الفورمولا واحد. قبل أن يُصبحا زميلان في فريق ماكلارين عام 1988، اشتعلت الشرارة الأولى بينهما عندما قام سينا بدفع بروست إلى حائط خط الحظائر في إستوريل، ما دفع الأخير للقول لاحقاً: “علي الاعتراف بأني في بعض الأحيان تخوفت منه، كان مستعداً للقيام بأي شيء”.
بغض النظر عن بعض الإشاعات التي وردت في وسائل الإعلام حين توّج سينا بلقب البطولة عام 1988، كانت ذروة الخلاف بينهما في سباق إيمولا عام 1989. حيث تجاوز سينا بروست عند دخولهما منعطف توزا بعد اعادة انطلاقة السباق إثر حادث غيرهارد بيرغر، ليكسر سينا ما رآه بروست اتفاقية بينهما ألا يتجاوز أحدهما الآخر في ذلك المنعطف، لكن سينا رأى بأنه كان قد أكمل حركته قبل الوصول إلى المنعطف، ولم يدخل الاتفاق في حساباته.
في الوقت الذي كان فيه سينا يعدّل المنطق ليتناسب ومتطلباته، تخوّف بروست أن تستمر عداوتهما لتصبح أكبر فأكبر.
أدى إصطدامهما في سباق سوزوكا الحاسم للقب البطولة عامي 1989 و 1990 إلى تشويه صورة الفورمولا واحد.
رأى الإثنان أن الأمر صعباً. عندما قرر الاتحاد الدولي أن سينا مذنب في الحادثة 1989 وجاء القرار لمصلحة بروست، وبحسب ما قال: “إنها نتيجة السياسة التي لدينا”. في حين تساءل بروست عن أخلاق وتعقّل سينا.
لكن الكراهية التي استمرت لمدت ست سنوات، انتهت أواخر عام 1993 إثر اعتزال بروست بعد نجاحه مع ويليامز.
من هذه النقطة، أصبح هؤلاء العدوين اللدودين أبرز الأصدقاء. الأمر الذي يستحيل تصديقه، بالنظر إلى ما حدث بينهما في السابق لدرجة أن سينا رفض الإشارة إليه بإسم بروست، أو حتى مصافحته أو التكلم إليه مباشرةً.
يقول بروست في يومنا هذا: “لا احتفظ بأية ذكريات سيئة أو لحظات سيئة في ذاكرتي بما يتعلق به”.
“بل أبقي الأشهر الستة الأخيرة [من حياته] في ذاكرتي. وهي الفترة التي تعرفت فيها على آيرتون أكثر من أي وقت مضى”.
“لقد كان شخص مختلف كلياً، فهمت من كان ولماذا تصرف على هذا النحو في بعض الأحيان”.
في حال نظرتم إلى ضراوة منافستهما الثنائية، إضافة إلى وحشية الحركة التي قام بها سينا ليدفع بسيارته الماكلارين إلى سيارة بروست الفيراري عند المعطف الأول في سباق سوزوكا عام 1990، نرى صورة مغايرة كلياً لفهم علاقتهما.
يتابع بروست قائلاً: “أنظر إلى الوراء كيف كان يتصرف [عندما كانا يتنافسان] كنوع من الإطراء. توصلت إلى فهم حماسة سينا الأساسية، تكاد تكون حماسته الوحيدة، كانت بالتركيز علي والتغلب علي”.
“ولهذا السبب عندما كنا سوية على منصة التتويج في أستراليا عام 1993، حين اعتزلت، لقد كان شخص مختلف بعد لحظات معدودة [أصرّ حينها سينا أن يقف بروست إلى جانبه على عتبة منصة التتويج الأولى، بعد تلقي بروست كأس المركز الثاني، وقام بجذبه بيده ليقف إلى جانبه].
ويضيف بروست: “هذه ذكرى أحملها معي اليوم”.
يستذكر بروست اللحظات الأخيرة قبل اعتزاله مع سينا بحنين، ويعترف إن أغلب المحادثات التي تمت بينهما متعلقة بالسلامة العامة على الحلبات.
ويقول: “قرب النهاية، وحين كنا قريبين من بعضنا البعض، كان الأمر غريباً إذ غالباً ما كنا نتكلم عن عوامل الأمان السيئة في هكذا نوع من الأمور، وطلب مني مراراً وتكراراً أن أرأس منظمة سائقي الفورمولا واحد، أجبت بالرفض. اجرينا العديد من المحادثات الجانبية في ذلك الوقت. كان الأمر غريباً جداً”.
“أُبقي ذكراه من ذلك الوقت حتى يومه الأخير، لأني التقيته مرتين أو ثلاثة. وقبل سباق إيمولا مباشرةً. وبالطبع كان شخص مختلف بالنسبة لي. ولهذا السبب أفضل أن اتذكر هذه اللحظات وحيداً”.
خلال سباق إيمولا المشؤوم عام 1994، كان بروست يعلّق على السباق لصالح التلفزيون الفرنسي، تكلم إلى سينا في عدة مناسبات. مرتين في صبيحة يوم السباق: مرة حين بحث عنه سينا في مجمّع الوسائل الإعلامية؛ ومرة أخرى حين ذهب بروست ليلتقيه في مرآب فريق ويليامز.
ذُكر أيضاُ أن سينا قال عبر جهاز الاتصال بالفريق (“تحية مميزة لصديقي العزيز آلان. إشتقنا إليك آلان”) من داخل سيارته خلال لفة من التجارب.
ويؤكد بروست هذا قائلاً: “إتصل بي آيرتون يوم السبت، والتقيته يوم الأحد، التقيته يوم الأحد مرتين. تركز حديثنا عن عوامل السلامة وواقع عدم رضاه عن الوضع، معتقداً إن سيارة فريق بينيتون غير قانونية. لقد كان مركزاً على ذلك، لكن الأمر كان غريباً جداً… غريباً جداً”.