خرج الإسباني خايمي آلغيرسواري فجأة من عالم سباقات الفورمولا واحد. بعد خسارة مقعده لدى فريق تورو روسو في نهاية موسم 2011، وها هو الآن يعود للظُهور للعلن وعينه على السباق الأول لسلسلة سباقات فورمولا إي الجديدة، ويبدو أنه مُصمم على تحقيق نتيجةٍ طيبةٍ فيها حسب ما أخبرنا به في لقاءه مع مات بير.
“لن أكذب عليكم، لا أشعر بأن لدي الكثير لأظهره. أعتقد أنني أظهرت ما يُمكنني في الفورمولا واحد”.
هل خسرت الفورمولا واحد بعد مُغادرة خايمي آلغيرسواري لعالمها في نهاية موسم 2011؟، رُبما لم تخسر الكثير بقدر خسارته هو. ولا يُمكن أن لأية مشاعر أن تمسح الانتقادات التي ساهمت في خُروج كل من آلغيرسواري وسيباستيان بويمي من فريق تورو روسو لصالح دانيال ريكياردو وجان إريك فيرني وأن تُبدد حقيقة أن القادمين الجُدد قد أثبتا نفسيهما.
وقد خاض آلغيرسواري 46 سباق جائزة كُبرى – مثل تونيو لويزي، وسكوت سبيد وسيباستيان بورديه، ووصل بورديه إلى تورو روسو وفي جُعبته 4 ألقاب في بُطولة سباقات شامب كار الأميركية ولكنه غادر الفريق لاحقًا ليحل الإسباني مكانه، ويُمكننا أن نعتبر هذا الأمر كرمًا كبيرًا من جانب السائق الفرنسي.
وهذا تفسير عادي لمسيرة آلغيرسواري المهنية. ولكن يُمكنكم أيضًا أن تأخذوا في الاعتبار أنه كان أكثر سائق ظُلم من بين السائقين الذين كانوا يحظون برعاية ريد بُل.
وما يزال في سجله أنه أصغر سائق على الإطلاق يُشارك في سباقات الجوائز الكُبرى، حيث كان يبلغ من العُمر 19 عامًا وأربعة أشهر وثلاثة أيام فقط عندما اصطف بسيارته على شبكة الانطلاق على حلبة هنغارورينغ عندما حل بديلاً عن بورديه في شهر يوليو/ تموز 2009. وكان أيضًا أقل السائقين تحضيرًا في التاريخ، حيث لم يكن في رصيده أية تجارب مُناسبة عندما قامت شركة ريد بُل بوضعه في سيارة فريق الناشئين تورو روسو.
والنظرية كانت أنه سيُشارك للمرة الأولى من دون خبرة بسبب قانون حظر التجارب في مُنتصف الموسم الذي تم تطبيقه في ذلك الموسم، حيث يُمكنه أن يتعلم في الميدان. وارتفعت أصوات الانتقاد من السائقين والخُبراء والأبطال السابقين، وهي ردة الفعل التي رُبما صبغت وجهات النظر حول مسيرته المهنية في الفورمولا واحد.
وإذا كان توقيت انتقال آلغيرسواري إلى عالم الفورمولا واحد قابل للنقاش، ذلك أنه كان بحاجة لانطلاقة في عالم بُطولات العالم في مرحلةٍ أقل إثارةً للجدل. كما أنه حقق لقب بُطولة فورمولا 3 البريطانية بعد صراعٍ حتى الرمق الأخير مع زُملاءه في فريق كارلين، وهُما برندون هارتلي الذي أصبح سائق فريق بورشه (أل أم بي1)، وأوليفِر تورفي الذي أصبح ساق اختبارات لدى فريق مكلارِن في الفورمولا واحد. وحل خلف ثُلاثي المُقدمة في جدول النقاط كل من سائقي الفورمولا واحد الحاليين سيرجيو بيريز في المركز الرابع وماركوس إريكسون في المركز الخامس.
وشهدنا آخر ظُهور له في عالم سباقات الفورمولا واحد كان في عُمر 21 عامًّا وثمانية أشهر ، حيث سجل آلغيرسواري رقمًا جديدًا أيضًا في أصغر سائق يخرج من الفورمولا واحد، وإلى جانب إستيبان تويرو، فإن جميع السائقين الآخرين على هذه القائمة غير السعيدة دونوا اسمهم فيها بسبب حوادث مُؤلمة أدت لوفاتهم يافعين.
ومن الواضح بأن طريقة خُروج آلغيرسواري من الفورمولا واحد ما تزال مؤلمةً – حيث ما يزال يذكر تاريخ الهاتفية المُؤلمة (16 ديسمبر/ كانون الأول 2011) من دون تردد، وتضمنت قائمة العوامل المُخففة أمور ذات أولوية دفاعية: “لقد كان ذلك الموسم الثاني للسيارة التي صُنعت في إيطاليا، وكان الفريق ينمو وأصبح فريقًا مُختلفًا الآن”.
وأضاف: “أحرزت نقاطًا أكثر من زميلي. لقد خُضت سباقاتٍ رائعة بالنظر إلى المواد المُتاحة لدي. عرفت ما الذي يُمكنني فعله بتلك السيارة وأعرف بأن ما طلبوه لم يكُن مُستحيلاً”.
ويُمكنكم الآن أن تُصدقوه عندما أضاف: “لقد أصبح ذلك من الماضي، لقد تقدمت إلى الأمام” ونفى أية أفكار تتعلق بكون خوضه لسباقات فورمولا إي كطريق لعودته لسباقات الفورمولا واحد.
نعم، إنه يشعر بأنَّ الفورمولا واحد تخلت عنه بشكلٍ غير عادل، وهو ما أزعجه ويُريد الدفاع عن سجله. ولكن لديه حياة جديدة الآن، ويُمكنكم أن تشعروا بأن لديه شغف عميق بعض الشيء تجاه فورمولا إي عندما يتحدث عنها مما يُشير إلى ثقته والتزامه بها.
هذه ليست مُقابلةً مليئة بالمُجاملات، حيث اتسمت إجاباته بحدتها وسُرعتها ودقتها حول الأمور الجذابة في فورمولا إي (“صفر من الانبعاثات [الضارة بالبيئة] …. سباقات في المُدن … إطارات يُمكنكم استخدامها في سيارات الشوارع العادية … كهربائية بالكامل …”) أحب الرجل الذي يتكلم من أجل إقناع المُشككين، رغم أنه يعترف بأنه جاء إلى هذه البُطولة مُؤخرًا.
وقال: “إذا كان علي أن أقول لك الحقيقة، لم أرى هذه البُطولة قبل أربعة أشهر بالطريقة التي تبدو عليها الآن. حيث يُمكنها النمو. تحتاج رياضة السيارات لأن تكون أكثر صداقةً بالبيئة. ورُبما هذا هُو مُستقبل الحياة”.
وأضاف: “لا أعرف إذا كان الوقت مُبكرًّا جدًّا أو مُتأخرًّا جدًّا لعمل أي تغيير، ولكنه أمر كبير جدًّا“.
لم ترى الجماهير لغاية الآن التحولات البيئية في الفورمولا واحد، مثل التأكيد على الاحتقار الشديد لصوت مُحركات الفورمولا واحد الصديقة بالبيئة في موسم 2014. ما تزال فورمولا إي أكثر هُدوءًا، كما أنها خرجت عن المألوف حول جميع سباقاتها التي سُتقام على شوارع المُدن، والإطارات المُلائمة لجميع الأجواء واستبدال السيارة في مُنتصف السباق.
ولكن ردة الفعل السلبية تجاه موسم 2014 من فورمولا واحد لم تُثر أية مخاوف بُخصوص إدراك آلغيرسواري لفورمولا إي، إذ أنه مُتأكد من أن قلة الأفكار المُسبقة تعني أن صوتها سيكون مسموعًا بشكلٍ عادل.
وقال: “عندما نتحدث عن فورمولا إي، فإن علينا أن نفهم بأنه لا نقصد مُقارنتها بالفورمولا واحد. الفورمولا واحد عالم آخر؛ كوكب آخر. ولهذا يُمكن أن يُساء فهم المُقارنات”.
“أنا سعيدٌ جدًّا بأني جُزء من فورمولا إي لأنها جديدة. نحن نعرف الفورمولا واحد وعدد كبير من جوانبها الإيجابية والسلبية. هُنا لدينا بُطولة جديدة. ولا أحد يعرف أي شيء”.
“هُنالك احتمالية كبيرة لأن يقتنع عدد كبير جدًّا من المُشاهدين حول العالم حيث سيُساعد خوض السباقات في المُدن الجميع على فهم فكرة عدم وجود انبعاثات ضارة منها وسباقات السيارات الكهربائية”.
سلسلة غير تقليدية لسباقات السيارات ستستفيد من سفير غير تقليدي لها، وآلغيرسواري لم يكن شخصًا عاديًا على الإطلاق، حيث أثرت مهنته الجانبية كمُنسق للأغاني (دي جاي) بالاسم الفني (سكواير) على مسيرته في الفورمولا واحد.
كما أنَّ له مُقاربة غير اعتيادية بخُصوص مسيرته المهنية بعد الفورمولا واحد أيضًا. والشيء الوحيد الذي تسابق فيه طوال فترة السنوات الثلاث مُنذ آخر سباق جائزة كُبرى له هو سباقات الكارتينغ، بينما تعود المسافات التي اجتازهها في عالم رياضة السيارات إلى كونه سائق اختبارات لدى إطارات بيريللي.
ولم يكن على جدول أعماله فكرة خوض السباقات من أجل التسابق فقط، ولهذا يقول بأنه دقيقٌ جدًّا بخُصوص اختياره لفريق فورمولا إي الذي سيُشارك معه أيضًا، حيث يعود التزامه مع فريق فيرجين إلى تُراثها العريق في الإبداع في عدة صناعات.
حيث يقول عن ذلك: “بالتأكيد من المهم أن تكون نشيطًا وهو أمر مُهم للسباق، ولكن ليس على حساب أي شيء. ولهذا قضيت عامين مع بيريللي من أجل الاختبارات فقط”.
وأضاف: “هُنالك شيء ما يجري، وعلى وجه الخُصوص في الفورمولا واحد، ولكن ليس لدي الميزانية لكي أحصل على بعض الصفقات وبالتالي لم أتمكن من إيجاد مقعد. ومع ذلك لدي خبرة كبيرة في تطوير الإطارات وأنا فخورٌ بذلك”.
“لقد تعلمت الكثير وحافظت لياقتي البدنية. لم أخض سباقات، ولكن الاختبارات أبقتني حيًّا”.
“رفضت الانضمام إلى فئات أخرى في سباقات سيارات (جي تي) وفئات أخرى لعوامل خارجية. وكُنت الأول الذي أراد الذهاب لخوض السباقات؛ ولكن الفرص الكبيرة مثل هذه الفرص قليلةً جدًّا في سباقات السيارات الاحترافية”.
ونفى أية إشارة لأن فترة الرُكود الطويلة هذه قد أثرت عليه سلبًا، ويُصر على أن الفورمولا إي مُختلفةً جدًّا، حيث لن تكون أوقات الجُلوس الحالية هامةً كأساس مثل المعرفة المُمتازة التي اكتسبها من الفورمولا واحد.
التغيرات في مسير آلغيرسواري المهنية جعلته مُعتادًا على الأمور غير المُتوقعة – وهو أمر مثالي مع الكثير من الأمور المجهولة في فورمولا إي – ومُصممًّا بشدة. حيث أثار المقعد الذي حصل في صُفوف فريق فيرجين في الفورمولا إي الحماسة في نفسه بعيدًا عن الشُكوك الكبيرة التي قد تُثيرها عودته إلى سلسلة شهيرة.
لقد كان لدى آلغيرسواري الطُموح للفورمولا واحد، رعاية ريد بُل له وخُروجه من الفورمولا واحد. جميع هذه الأمور جعلت من خايمي آلغيرسواري بطل فورمولا إي، وهو مُقتنع بأنه جاهز من الناحية الجسدية لتحقيق ذلك.
“لم أعرف على الإطلاق بأنني سأستمر في الفورمولا واحد ولم أعرف على الإطلاق بأني كُنت على وشك الخُروج منها عندما اتصلوا بي في 16 من ديسمبر/ كانون الأول. أعتقد بأن الحياة هكذا. وهي تعمل بهذه الطريقة. عليك أن تكون جاهزًا لكل يوم ومن أجل أن تفهم كل من الفُرص الجيدة والأخبار السيئة جدًّا”.
“لقد نضجتُ كشخص لأني أعتقد بأنني أتعلم دائمًا من كل موقفٍ [أتعرض له]. وكانت طريقةً جيدةً لكي [أصبح] ما أنا عليه الآن في جميع المجالات، وليس كسائقٍ فقط”.
“لا أشعر بأنني رجل عجوز واعتقد بأني تعلمت الكثير في مسيرتي المهنية. أنا جاهز للمُشاركة في البُطولة. أنا هُنا لكي أحقق الانتصارات لأني فُزت ببُطولات أخرى خلال الفترات الماضية من مسيرتي المهنية. أنا أحتاج هذا بشدة، أنا أريد هذا حقًّا”.