بحلول 2026، سيارات الفورمولا 1 ستعتمد بشكل كامل على الوقود من مصادر مستدامة. وحاليًا هنالك 4 شركات تزوّد 20 سيارة على شبكة الانطلاق بالوقود، وشركات أخرى إضافية تعمل مع الفورمولا 1 لصياغة قوانين جديدة للوقود.
في الوقت الحالي، تزوّد شركة إكسون موبيل فريقي ريد بُل وألفا تاوري بالوقود، بينما تتولى شركة بيتروناس مهمة تزويد كل سيارات البطولة بمحرك مرسيدس، بينما يعمل فريق ألبين مع شركة كاسترول التابعة لـ “بريتش بتروليوم”. وتستخدم كل السيارات بمحركات فيراري وقود شركة “شل”.
من جانبها أصبحت شركة أرامكو الراعي الرسمي لفريق أستون مارتن والمزود الرئيسي بالوقود لبطولتي فورمولا 2 وفورمولا 3 هذه السنة مع 55% وقود من مصادر مستدامة. كما عملت الشركة السعودية بقرب مع الفورمولا 1 لتحديد الهدف النهائي فيما يتعلق بالوقود المستدام، كما تم تزويد البطولات المساندة بهذا الوقود لتجربته وذلك للمساعدة بتطوير هذه التقنية والاقتراب أكثر من الأهداف.
وبالاعتماد أكثر على الوقود المستدام في الفورمولا 1، سيكون هنالك تغييرات كثيرة لهذا العلم خلف هذه الرياضة. وفي حديث له مع وسائل الإعلام على هامش جائزة البحرين الكبرى، الجولة الأولى لموسم 2023 من بطولة العالم للفورمولا 1، شرح المدير التقني في الفورمولا 1 بات سيموندز التقنيات المختلفة خلف خطط الوقود المستدام.
بدأ سيموندز في شرحه أن الوقود الجديد مثل البنزين المستخدم حاليًا في الفورمولا 1 هو بالأساس مزيج هيدروكربوني. والمفتاح الرئيسي لكي يكون الوقود المستدام هو أن تكون عناصره من “مصادر مستدامة”.
وقال سيموندز: “الهيدروكربونات أساس هذا الوقود. وهذا ما نستخدمه لتصنيع وقود مستدام. مصدر الهيدروجين واضح بالطبع وهو من خلال التحليل الكهربائي للماء. وهي طريقة مشهورة تشتمل على تطبيق الكهرباء على الماء”.
وأكمل: “الجميع يعرف أن الصيغة الكيميائية للماء هي H2O. بالتالي أنت تقوم بفصل ذرة الهيدروجين عن الأوكسجين. بالتالي انت لديك الآن هيدروجين، وإذا كنت تستخدم الكهرباء من مصادرة متجددة، بالتالي فأن هذا الهيدروجين أخضر. أما طريقة الكربون فهي أكثر إثارة للاهتمام”.
طريقة الحصول على الكربون للوقود المستخدم في الفورمولا 1 والبطولات المساندة، حسب سيموندز، “ستساهم في فن وعلم ما يمكننا فعله” لجعل هذه التقنية أكثر استدامة.
“الطبيعة فعالة جدًا باستخراج غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء وفصل الكربون، لاستخدامه في نمو النباتات أو أي يكن، واطلاق الأوكسجين. لذا نحن بحاجة إلى محاكاة صناعية لهذه العملية. ويمكنن فعل ذلك من خلال النباتات، باستخدام الطحالب أو جمع (التقاط) الهواء بشكل مباشر، وهذه تقنية ناشئة جدًا، ومن الصعب القيام بها على نطاقٍ واسع”.
“هنالك نباتات [صناعية] يمكن لها استخراج الكربون مباشرة من الهواء. لكن عندما نتكلم عن التغير المناخي وتركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون في الهواء، فأننا نتحدث عن 400 جزء من المليون ونضفها بأنها كمية هائلة من غاز ثنائي أكسيد الكربون في الهواء. لكن بعبارة أخرى، هذه النسبة تبلغ 0.04%، لذا عندما تحاول استخراج الكربون من الهواء، فأنت تتعامل مع كمية صغيرة جدًا”.
باعتماد الطرق المستدامة للحصول على الهيدروجين والكربون، فأنه يمكن اعتبار الوقود في هذه الحالة محايدًا من الناحية الكربونية. كما لا يجب استخدام هذا الوقود فقط في حالة سيارات السباق على المسارات، بل أيضًا يجب أني يدخل في كل عمليات التصنيع والنقل، حسب سيموندز.
“عندما تنظر إلى البصمة الكربونية للفورمولا 1 كرياضة، فإنها تبلغ أكثر من ربع مليون طن. ومن هذه الكمية، 0.7% فقط سببها السيارات في الحلبات, بالتالي هي كمية صغيرة جدًا”.
وهنا أكد سموندز أن مستقبل الوقود المحايد هو أمر واقعي بالنسبة للفورمولا 1 كما للسيارات العادية، حيث “يمكننا استخراج طاقة من [الوقود المستدام] بالقدر المستخرج نفسه من الوقود العادي”.
مع ذلك، انتاج الوقود بهذه الطريقة لن يؤثر على انتاج الطعام. حيث قال سيموندز: “هل يمكن أن يتم صناعة الوقود من تركيبة من مصادر طعام غير حيوية ونفايات وجمع الهواء؟ في الحقيقة، أي طريقة للحصول على الوقود والهيدروجين بدون استخدام مصادر من الأرض، هي مناسبة لنا”.
“ما يمكن اعتباره خطًا أحمر صغير بالنسبة لنا هو أننا سنقوم باستخراج هذا الوقود من قشور البطاطا وليس من البطاطا، لا نريد أن نؤثر على مصادر الطعام . وتم تطوير القوانين بشكل حذر بحيث يمكننا التوصل إلى طرق مختلفة لإنتاج هذه الأصناف من الوقود”.
“هذه تقنية حديثة جدًا. وهنالك طرق مختلفة في إنتاج هذا الوقود، وما من أحد يضمن الطريقة الأفضل. لذا قمنا بكتابة القوانين بطريقة حذرة جدًا لكي نخلق منافسة لإنتاج الوقود بطرق مختلفة”.
أحد أهم الأمثلة حيال التفكير بكل تفاصيل القوانين الجديدة للوقود هو كيف سيكون معدل استهلاك الوقود، وكيف سيتم قياسه.
حيث قال سيموندز: ” في الوقت الحالي، يمكن ضخ 100 كلغ من الوقود إلى المحرك، بدءًا من 2026، يمكن ضخ 3000 ميغا جول من الوقود في الساعة. ما يعادل ثلاثة أرباع الطاقة الحالية التي لدينا الآن. وبالطبع سبب ذلك يعود إلى أننا قمنا بزيادة التهجين. وأننا نحصل على كهرباء أكثر من السيارات”.
إلا أن سيموندز اعترف أن عملية انتاج الوقود هي عملية مستهلكة بشكل كبير للطاقة، وشرح المدير التقني في البطولة: “إنها ليست مصادفة أننا قمنا بالحفر في الأرض لاستخراج الوقود وحرقه. السباق البشري لطالما تمحور حول إيجاد الطريقة الأفضل والأرخص للقيام بالأشياء. وإذا ما ابتعدت عن هذه الطريقة فأنت بالغالب تبتعد عن الطريقة الأرخص”.
“لكن ما كنا نفكر به حينها أنه لدينا الطريق الأفضل للقيام بهذه العملية. الآن نحن ندرك أنها ليست الطريقة الأفضل. لم نفهم الاحتباس الحراري العالمي في ذلك الوقت عندما بدأنا باستخدام الوقود للطاقة”.
وأشار إلى أن عملية إنتاج الوقود تستهلك 6 أضعاف الطاقة التي يولدها هذا الوقود.
“أنت تستهلك طاقة أكبر من الطاقة المستخرجة من كيلوجرام واحد من الوقود. لذا نحن نحصل على 43 ميغا جول من الطاقة من كيلو جرام من الوقود، لكننا استهلكنا ما يقارب 240 لإنتاج هذا الوقود”.
“لكن بالاعتماد على أن الطاقة متجددة لدينا بالأصل، فأنت سلكت أول طريق الحل لهذه المشكلة. ومثل كل ما يتعلق بتخفيض نسبة الكربون في الجو، فكل شيء يعتمد على توفر الطاقة المتجددة. وهذا بالطبع أساس مستقبلنا”.
لا شك أن إنتاج الوقود المستدام يشكل تحديًا كبيرً للفورمولا 1 في المستقبل، لكنها خيار لا بد منه يد ينعكس بالفائدة على مجالات إنتاج الوقود في العالم، حيث أن هذه البطولة لطالما كانت سباقة في ابتكار التقنيات الجديدة في عالم السيارات.